الإيجابية السامة وطرق التحرر منها

[faharasbio]

الإيجابية السامة وطرق التحرر منها

{تفاءلوا بالخير تجدوه} يا لها من عبارةٍ مميزة في حياتنا، إنها تُهوّن علينا مصاعب الحياة، ويجب التفكير بإيجابية وبالخير مهما كانت الحياة مؤلمة.

يظنّ معظم الأفراد أنَ الحياة وردية، يجب أن تتحقق أحلامنا وآمالنا دون أي عثراتٍ أو صعوبات نشعر بها، ولكن مواجهة الحياة الحقيقية سيصدم الكثيرين، لأنَ كل إنسانٍ منّا مهما بلغت ثروته ونجاحه، إلّا أنهُ ناضلَ وتخطّى عقبات عديدة في حياته، ولم يستسلم من بداية الأزمة التي واجهته، وهذا أمر طبيعي، فالحياة يوم لك ويوم عليك.

ومنَ الجدير بالذكر، أنَ التفكير بإيجابية أمر في غاية الأهمية، لأنهُ يُبرمج العقل الباطن على التفاؤل وإيجاد حلول للعقبات، كما أنهُ يُخفف من مستويات التوتر والقلق، ويُساعد على تحسين الحالة النفسية للإنسان، فلولا الإيجابية بحياتنا لم يستمر البشر في نجاحاتهم وتحقيق أهدافهم، ولكن هل الإيجابية مفيدة طوالَ الوقت؟ وهل يجب التفكير بها على الدوام؟

نوّد الإشارة، أنَ المشاعر الإنسانية متعددة ما بينَ {السعادة، الفرح، الحب، الحنين، الألم} ولأننا نمنح السعادة طاقة كبيرة ونعيش تفاصيلها ونتعمّق بجمالها، إلّا أنَ المشاعر السلبية تحتاج منّا بعض الوقت، فلا يُمكننا كبت المشاعر وتزييفها على حساب أنفسنا، فقد تتحوّل هذه الإيجابية المفيدة إلى حالة نكران للمشاعر الأخرى، وبالتالي تُؤثر على نفسية الإنسان معَ مرور الوقت، ولذلك ما المقصود بالإيجابية السامة؟ وما هيَ أفضل الطرق للتحرّر منها؟

ما المقصود بالإيجابية السامة Toxic Positivity؟

لا بدّ أنكَ مررتَ بوقتٍ عصيبٍ في السابق، قد خسرتَ شريك حياتك أو انفصلتَ عن صديقك المفضل أو عانيتَ من أزمةٍ مالية حادّة أو خسرتَ وظيفتك المرموقة أو تعرّضتَ للاستغلال والخيانة والخذلان، ومنَ الطبيعي في هذه المواقف أن تشعر بالإحباط والحالة النفسية السيئة، وقد يصل الأمر بكَ أن تدخل في حالة اكتئاب لفترة مؤقتة.

ولكن يأتي أحد أصدقائك وينتشلكَ من هذه الحالة المؤلمة قبلَ أن تُفرّغ طاقتك السلبية، ويُردّد أمامك العبارات الآتية {أنتَ جميل وتستحق الحياة، عليكَ الاستمتاع وتجاهل مشاعرك، لا تهتم بما يحصل} ومن ثمَ تبدأ روتينك اليومي بشكلٍ طبيعي وعلى وجهك ابتسامة مزيفة، ولكن داخل أعماقك تشعر بالألم والحزن.

برأيك هل هذا التصرف صحيح؟ بالتأكيد لا، فلا يُمكن أن نشعر بالإيجابية على مدار الساعة، أنتَ كائن حيّ، لديكَ مشاعر تستحق التفريغ، ومن هنا تتحوّل الإيجابية إلى شيءٍ سامّ يُهدّد حياتك النفسية.

يُقصد بالإيجابية السامة محاولة الإنسان كبت مشاعره الحقيقة والاستخفاف بالمواقف التي تحصل معه وتجاهلها، فلا يمنح مشاعره الحقيقة وقتاً كافياً لعيش تفاصيلها والتخلص منها، فكل فردٍ منّا بحاجة إلى وقت من أجل تفريغ شحناته السلبية بالبكاء والرياضة من أجل استقبال المشاعر الإيجابية بطاقة أكبر في المستقبل.

ما هي أبرز مخاطر الإيجابية السامة على الصحة Toxic Positivity؟

  • تُؤدي الإيجابية السامة إلى كبت المشاعر الحقيقية السلبية التي يمرّ بها الإنسان.
  • لها أثر سلبي على حياة الفرد، فلا يحصل على الدعم الذي يحتاجه كل إنسان، فهوَ بحاجة إلى تفريغ ما بداخله بالحديث عن الموقف السيء الذي حصلَ معه ومشاركة الآخرين لهُ والاستماع بدلاً من تجاهل الموقف.
  • تراكم المشاعر السلبية والانفجار في نهاية الأمر على أبسط المواقف اليومية.
  • نكران للحزن والاستخفاف بهِ، وكأنَ الإنسان لا يجب أن يشعر إلّا بالسعادة فقط.
  • الإصابة بالكبت العاطفي.
  • الإصابة بنوبات غضب هستيرية.
  • الإصابة بتبلّد المشاعر، فلا يشعر الفرد بأي حزن أو ألم لأنهُ اعتادَ على الكبت.

ما هي أفضل الطرق للتحرّر من الإيجابية السامة Toxic Positivity؟

عليكَ اتباع النصائح الآتية من أجل تجنب هذا النوع السامّ منَ الإيجابية:

  • الاعتراف بالمشاعر وتقبلّها: حسناً أنتَ الآن تشعر بشعورٍ سلبي، بدلاً من تجاهله عليكَ تفريغه والبحث عن حلول تُساعدك في التغلب عليه، يُمكنكَ أخذ استراحة مدتها يومان من أجل الجلوس معَ نفسك والتفكير بالموقف والبكاء قدر الإمكان، ومن ثمَ تفريغ طاقتك بالرياضة سواءً بالملاكمة أو السباحة أو الهواية التي تُفضّلها، عليكَ تقبل الشعور السيء بداخلك والاستعانة بأحد الأشخاص الذي تثق بهم والحديث عن همومك وآلامك والسماح لنفسك بالاعتراف بها.
  • لا تشعر بالنقص: منَ المُمكن أن تُلاحظ أنَ الجميع من حولك سعداء في حياتهم، وتلجأ لمواقع التواصل الاجتماعي وخاصةً الانستجرام، تبدأ برؤية إنجازات فلان وحياة فلان آخر مليئة بالسفر والسعادة، ومن ثمَ تشعر بالإحباط والنقص من نفسك، وتكتم مشاعرك وتتظاهر بالسعادة.

هذا تصرف خاطئ، لأنَ الواقعية أمر مهم في حياتنا، فهؤلاء الأفراد لا يُظهرون إلّا الجانب الإيجابي فقط من حياتهم، حاول تفريغ طاقتك أولاً ومن ثمَ التخطيط لأهدافك التي تجعلكَ سعيداً.

  • الاستماع والتعاطف مع من حولك: أنتَ أو غيرك أو كل إنسانٍ منّا بحاجة لطرف آخر أو لصديقٍ روحي يشعر بهِ ويستمع إليه، فإذا واجهَ أحد أصدقائك موقف عصيب، لا تُردّد امامه هذه العبارات {لم تخسر شيء، السعادة قرار داخلي نابع منك، ابقَ متفائلاً، الفشل غير مسموح لك}.

لأنكَ بهذه العبارات تُشجعه على كتمان مشاعره بدلاً من تفريغها، لذلك حاول ترديد هذه الجمل أمامه {أنا بجانبك ومستعد لسماع قصتك، أشعر بحالتك فالموقف الذي مررتَ بهِ مؤلم، كل إنسان منّا يتعرّض للفشل} فهذه الجمل تُهوّن على الفرد وتُساعده في تفريغ طاقته وفهم حالته النفسية.

هل تعلم أنَ الإيجابية السامة والتوّهم بالمشاعر المزيفة تُؤدي لأمراضٍ جسدية خطيرة؟ مثل اضطراب صحة الجهاز الهضمي والمعاناة من أمراض القلب وآلام العضلات والمفاصل، لأنَ كل شعور سلبي داخلك ينعكس على صحتّك الجسدية إن لم يتم تفريغه، وقد تطرّقنا للحديث عن هذا الجانب في مقالٍ سابقٍ لنا بعنوان العلاج الجشطالتي.

ومنَ المهم جداً التركيز على الدعم النفسي والإيجابية في الحياة والتفاؤل، ولكن دون التغاضي عن المشاعر السلبية وتجاهلها.

{{نأمل أن يعجبكم المقال أيها الرائعون}}.

[ppc_referral_link]