ولا ألف ليلة وليلة – الليلة الثانية والعشرون

[faharasbio]

ولا ألف ليلة وليلة – الليلة الثانية والعشرون

ضمن سلسلة قصص ولا ألف ليلة وليلة بالاشتراك مع الأديبة المصرية ربا أحمد

بعد أن انتهى اجتماع شهريار مع السادة والأشراف
والأعيان الكبار، خرج من قاعة الاجتماعات، متوجهًا
بسرعة إلى القاعة الملكية التي تقطن بها زوجته
صاحبة أجمل الحكايات.

انتبهت شهرزاد لوصول زوجها، وعلى الفور نهضت
من مكانها . . وانحنت في تحية إجلال أمام شهريار ملكها.

بعد عدة دقائق شرعت شهرزاد في استكمال الحكاية
التي قال عنها زوجها بامتعاض أشعر بأنها اقتربت من
النهاية:

بلغني أيها الملك السعيد . . ذو الرأي الرشيد أنهم حين
اقتربوا سمعوا أصواتًا ولغطا يدور، وميزوا ثلاثة
أصوات للحرس.

كان التفاهم بينهم يتم بلغة الإشارة وبلا
صوت، وتركوا أحد الرجال للحراسة في الخلف،
وتقدموا يحملون بأيديهم خناجرهم الذين كانوا يبرعون
في استعمالها ورشقها عن بعد

وما هي إلا لحظات حتى كان الحراس الثلاثة
مجندلين برشقات خناجر ثلاث أصابتهم في مقتل.
فتشوا جيوب الحراس وأخرجوا مفاتيح الزنزانة
منها، وحين دخلوها وجدوا المنظر البشع ..!

كان القائد سمحان معلق من قدميه وآثار التعذيب
بادية عليه، وقد نال منه التعب والجوع والعطش ..!
أنزلوه برفق وسقوه شربة ماء، ففتح عينيه بوهن
وأجالهما فيما بينهم، فطمأنوه قائلين: لا ترع أيها القائد
سمحان فقد جئنا لإنقاذك.

حمله أحد الرجال على كتفيه وساروا بحذر حتى
وصلوا إلى الكوة ففتحوها وأعادوا إغلاقها كما كانت
وقفلوا عائدين إلى حيث يربض قاربهم على الشاطئ
وأخذوا يجدفون مبتعدين.

جدفوا بهدوء وعزم حتى وصلوا إلى المركب في
عرض البحر.

رفعوا القائد سمحان ومددوه على فراش في قمرة
السفينة وحين رأي القبطان حسين جروحه وتقرحاته
قال لا بد لنا من حكيم وإلا فقدنا القائد سمحان، لا بد من
احضار صديقنا الحكيم جبران إلى هنا.

فتطوع اثنان من الرجال لإحضار الحكيم من البلدة بكل سرية، وما هي إلا
ساعتان من الزمن وكان الحكيم جبران معهما وهما
يجدفان باتجاه المركب الراسي في عرض البحر.

وصلوا إلى سفينة القبطان حسين وتعانق الرجلان
اللذان يعرفان بعضهما البعض منذ سنوات طويلة،
وقاده القبطان حسين إلى حيث يرقد القائد سمحان ممدًا
على بطنه، وظهره يحمل خارطة التعذيب والجلد بكل
وجعها، تأوه الحكيم جبران مما يراه قائلًا بأسى: أوووه
يا إلهي ..! أي وحوش فعلوا بك ذلك أيها المسكين؟!..

ثم التفت إلى حسين قائلًا: المسكين قد عانى الكثير وأعجب
من بقاءه حيًا حتى الآن، سأحاول تنظيف جروحه
ومداواتها وأسأل الله أن يبقى صامدًا يقاوم.

أخرج من حقيبته مجموعة من الأدوات والأكياس
القماشية التي كان يتفقدها ويضع بعضًا منها على
الطاولة أمامه ويعيد بعضها إلى حقيبته، ثم شمر عن
ذراعيه النحيلتين قائلًا: سأصنع له إكسيرًا مخدرًا يجعله
لا يفيق قبل أن أشرع في تنظيف جراحه وإلا ملأ الأرجاء
صراخًا.

سقاه بضع حسيات من ذلك الشراب وكان يمسك
بذراعه يقيس نبضه بيده، وما هي إلا لحظات حتى سكن
أنينه واستسلم لرقاد عميق.

أخرج الحكيم مجموعة من الأعشاب من أكياسها
وبدأ بدقها في هاون صغير معه، ثم خلطها وصنع منها
ما يشبه المرهم، وبدأ ينظف جراح القائد بها.

مر الوقت بطيئًا والجميع في حالة ترقب، وعند
منتصف الليل تقريبًا بعد ثلاثة أيام دخل حسين إلى
القمرة فوجد الحكيم جبران جالسًا على كرسي يمد
رجليه أمامه يقرأ في كتاب مهترئ قديم فبادره بالقول:
ألم تنم بعد ياحكيم؟

وكيف أنام ومريضي في حالة مزرية ولا بد من
السهر ومداواته
نظر حسين إلى القائد سمحان بإشفاق قبل أن يقول:
وكيف حاله الآن؟

بدأ القائد يئن ويتململ في فراشه ليجس الحكيم
خافقه ويتحسس جبينه قائلًا: سيتجاوز المرحلة ويعود
كما كان مع قليل من الرعاية والتغذية الجيدة.

أين أنا وما الذي أتى بي إلى هنا قالها القائد سمحان
بصوت واهن.
فربت حسين على كتفه بود قائلًا: لاتخش شيئ يا
صديقي فأنت معي وعندي ولن يجرؤ أحد على أن
يمسك بسوء.

شكرًا لك يا صديقي فقد انقذتم حياتي

لا عليك يا صديقي فلهذا وجد الأصدقاء قالها حسين
بود، فقط ارتح الآن فلدينا عمل كثير في قادم الأيام.

طمأنه الحكيم جبران بأنه سيصبح على مايرام وأنه
سيستعيد صحته خلال عدة أيام وأعطى كمية من المرهم
للقبطان حسين وأرشده إلى طريقة استعمالها ثم استأذن
بأنه يجب أن يغادر في التو.

ودعه القبطان حسين شاكرًا له حسن صنيعه
وموصيًا إياه بكتم الخبر وأن يبقى سرًا بينهم.

على الجانب الآخر كانت الأحداث متسارعة والمملكة
في حالة حداد حزنًا على موت نوران، فقد قام شعلان
بسجن الملك النعمان وتجريده من الملك والسلطان،

وحين وصلته الأنباء بفرار القائد سمحان،
طار صوابه وجن جنونه، وحين عاين السجن وجثث
الحراس المقتولين أيقن أنه من فعل هؤلاء القراصنة
السابقين فلا أحد يستطيع إصابة الهدف بخنجره عن بعد
مثلهم، أمر شعلان وزيره الجديد فضلان بالبحث عن
السجين الفار في كل مكان، وان تفتش بيوت البلدة بيتًا بيتًا.

وبالطبع لم يجدوا فيها أي أثر، أمر شعلان باستدعاء
قادة البحر إلى القصر وكان ينوي القبض عليهم
واستجوابهم

رفض قادة البحر إطاعة أوامر شعلان
لعلمهم بما بيته لهم من غدر واتفقوا فيما بينهم على
التزام سفنهم والبقاء في عرض البحر حتى يستطيعوا
التواصل مع الناقمين على تسلط شعلان مما أثار غيظ
شعلان وتوعد بالانتقام من قادة البحر ورجالهم جميعًا
وأصدر فرمانًا اعتبرهم فيه قراصنة متمردين يجب
القبض عليهم ومحاكمتهم.

وفي المقابل قام قادة البحر ورجالهم بالتجمع على
مسافات قريبة في البحر وقاموا بأمر غريب جدًا، قاموا
فيه باتخاذ خطوة جريئة وخطيرة جدًا حيث قاموا بقلب
أعلام المملكة المرفرفة على صواري سفنهم.
واتصلوا بكل مناصري الملك النعمان ليكونوا جيشًا
على الأرض ينتظر إشارة البدء بالهجوم.

يا إلهي . . يومًا ما سأعدم هذا الديك . إنه يصيح كل
مرة عند أهم جزء ..

قالها شهريار بغضب ….

فردت شهرزاد بابتسامة ملاطفة:

لأجلي أنا يا مولاي لا تؤذيه . . أنت تعلم كم أحبه وأتفاءل به.

وهذا داعي أكبر لقتله . والتلذذ بطري لحمه

إقرأ أيضًا: الليلة الأولى من كتاب ولا ألف ليلة وليلة

[ppc_referral_link]