التلعثم في الكلام {الأسباب والعلاج}
يُحاول كل طفلٍ عندما يبدأ الكلام بقول كلماتٍ معينة وسهلة النطق عليه للتعبير عن ما بداخله أو ماذا يُريد من والدته، وبشكلٍ تدريجي يبدأ بتعلّم الكلمات الصعبة عليه ومن هنا يُلاحظ الوالدين أنَ طفلهم لا يُمكنهُ التكلم بشكلٍ طبيعي بل يقف أحياناً عندَ حروفٍ معينة أو يُكرر الكلمة أكثر من مرة أو يُطيل في إيصال معلومته لمن حوله، وهذا أمر طبيعي فكل إنسانٍ منّا قد عبرَ هذه المرحلة في طفولته لأنهُ لا يوجد أي فرد يستطيع التكلم بطلاقة من عمرٍ صغير فالبداية تحتاج للوقت والتعرّف على الكلمات الجديدة ونطقها بشكلٍ متدرج لسهولة تعلّمها.
ومنَ الجدير بالذكر، أنَ التلعثم عندَ الأطفال أمر شائع جداً، ولكن في أغلب الأحيان يستمر هذا الاضطراب في الكلام بالرغم من بلوغ الإنسان مرحلة الطفولة، ممّا يُسبب لهُ الكثير منَ الإحراج والمشاكل سواءً في الدراسة أو في التعامل معَ الآخرين، ولذلك ما المقصود بالتلعثم في الكلام؟ وما هيَ أعراض هذا الاضطراب؟ أسبابه؟ وطرق علاجه المتعددة؟
ما المقصود بالتلعثم في الكلام؟
يُقصد بالتلعثم أو التأتأة هوَ عبارة عن اضطرابٍ في الكلام بحيث يشعر المُصاب بهِ بأنهُ غير قادر على التكلم بطلاقة كباقي الأفراد الآخرين، بل إنَ أفكاره حاضرة في ذهنه ولكن التعبير عنها يحتاج لوقتٍ وجهدٍ منه في عملية إخراج الكلمات ونطقها، فأحياناً يُردد كل كلمة أكثر من مرة أو يُطيل الحروف أو يتوقف عندَ كلمةٍ يجد أنها صعبة النطق عليه.
ونوّد الإشارة، أنَ اضطراب النطق لا يُسبب أي ألمٍ أو أعراضٍ جانبية، وبالرغم من إصابة الكثير منَ الأشخاص بهِ إلّا أنَ بعضهم يتقبلون وضعهم وقد تميّزوا في مجال عملهم ونجحوا وأسسوا عالمهم الخاص دونَ الشعور بأنَ هذا الاضطراب عائق أمامَ أحلامهم وطموحاتهم، ولكن للأسف البعض الآخر منَ المُصابين يشعرون بالخوف والتوتر والرهاب منَ الاختلاط بالمجتمع كونهم يفقدون ثقتهم بأنفسهم ولا يستطيعون مواجهة الناس والتأتأة أمامهم.
علاوة على ذلك، قد يكون التلعثم خفيف جداً بحيث يُمكن للفرد التعبير عن ما بداخله بسهولة مقارنةً بالتلعثم الحادّ الذي يحتاج لوقتٍ حتى يتم تجميع الكلمة ونطقها، بالإضافة إلى أنهُ توجد عدّة أنواعٍ مختلفة للتلعثم في الكلام مثل:
- التلعثم الانفعالي: إنَ هذا النوع نادراً ما يُصاب بهِ الأفراد، ويحدث عادةً بسبب الضغوطات النفسية التي يُواجهها الفرد وتستمر معهُ لفتراتٍ طويلة مثل قلّة الثقة بالنفس والتفكير المستمر والقلق والاكتئاب أو من خلال الإصابة بالصدمات الحادّة التي تُؤثر على نفسيته وتُسبب لهُ تأتأة أثناءَ التكلم.
- التلعثم التنموي: إنهُ شائع بكثرة ويُصاب بهِ الكثير منَ الأطفال في بداية تعلّمهم للكلام، ولكن يُمكن حلّ هذه المشكلة بسرعة بعدَ أن يحصل الطفل على الكثير منَ المفردات اللغوية ويُتقنها ويُصبح قادراً على التكلم بها دونَ تلعثم.
- التلعثم العصبي: قد يُصاب الإنسان أحياناً بمرض التهاب السحايا أو بعض الأورام أو باركنسون أو السكتات التي تحصل في دماغهم، ممّا يُؤثر على عملية النطق لديهم.
ما هيَ أعراض الإصابة بتلعثم الكلام؟
توجد عدّة علاماتٍ محددة تظهر على الفرد المُصاب بهذا النوع منَ الاضطراب في النطق، وتتمثل في:
- الشعور بقلّة الثقة في النفس أثناءَ التحدث معَ عامّة الناس.
- مواجهة صعوبة في نطق أي كلمةٍ وتكرارها عدّة مرات لتأكيدها.
- الشعور بحالةٍ منَ القلق والتوتر أثناءَ بدء الحديث معَ الطرف الآخر.
- ظهور بعض الحركات اللاإرادية في وجه المُصاب مثل هزّ الرأس أو رفع الحاجبين أو ارتعاش اليدين والفك والشفاه والجفون.
- محاولة الانعزال عن المحيط الخارجي لتجنب إجراء المحادثات الشفهية.
ما هيَ أسباب الإصابة بالتلعثم في الكلام؟
إنَ الإصابة بعسر التلفظ أو التأتأة قد يكون ناتجاً عن عدّة عواملٍ مختلفة، فإلى هذه اللحظة لم يكتشف الخبراء سبباً رئيسياً للإصابة بهذا النوع منَ الاضطراب، ولذلك من هذه العوامل:
- الأمراض التنكسية العصبية: بالرغم من أنَ الفرد قد لا يُعاني في مرحلة مراهقته وطفولته من أي اضطرابٍ في الكلام، ولكن قد يُصاب بالتأتأة المفاجئة نتيجة الإصابة بمرض التصلب اللويحي أو غيرها منَ الأمراض التي تتعلّق بالجهاز العصبي.
- الإصابات المفاجئة: أيضاً يُمكن لبعض الضربات الأليمة على رضحية الدماغ أو على جوانب الرأس أو ظهور بعض الأورام إلى الإصابة بدون سابق إنذار بتلعثمٍ في الكلام وصعوبة نطق بعضها.
- الوراثة: إذا استمرَ هذا الاضطراب بعدَ مرحلة الطفولة ولم يتمكّن الطفل منَ التغلّب عليه بشكلٍ طبيعي، على الأرجح يكون ناتج عن الجينات الوراثية التي انتقلت من أحد الوالدين الذي يُعاني منَ التأتأة إلى الطفل.
- ارتخاء اللسان: أحياناً يُصاب بعض الأطفال بارتخاءٍ في لسانهم ممّا يُؤثر على عملية نطقهم للأحرف ومواجهتهم صعوبة في نطق الكثير منَ الكلمات.
- العنف: هل تعلم أنَ العنف الذي يُمارس على الأطفال وتخويفهم وترهيبهم من أشياء ليست موجودة لهُ دور فعّال في زيادة خطر إصابتهم بمشاكلٍ في النطق؟ ممّا يُؤثر على طريقتهم في الكلام.
ما هيَ طرق علاج التلعثم في الكلام؟
تمَ التوصل إلى عدّة علاجاتٍ مختلفة تُسهم في التخفيف منَ التأتأة والتقليل من هذه المشكلة، ومن أبرز العلاجات:
- العلاج السلوكي المعرفي: يُمكن للمُصاب باضطرابٍ في النطق أن يلجأ إلى مختصٍ بهذا النوع منَ العلاج، لأنهُ سيُساعده في التغلّب على الصعوبة التي يُواجهها في نطق أغلب الكلمات ويُدربه عليها ويزيد من ثقته بنفسه أكثر من خلال تواصله معَ أفراد آخرين خلالَ الجلسة وتشجيع المختص لنطق الكلمات بجانبه وتغيير طريقة تفكيره وحثّه على الشعور بالإيجابية من خلال التمارين التي يمنحها لهُ والتي تتمثل في تمارين التنفس العميق وإطالة الصوت.
- الأدوية: منَ المُمكن أن يصف لكَ الطبيب المختص إحدى مضادّات القلق أو الاكتئاب إلى جانب التدريب من أجل التخلص من هذه المشكلة.
- التفاعل: إذا كانَ طفلك يُعاني من مشكلة النطق فيجب عليكَ مساعدته بشكلٍ يومي من خلال الجلوس معه وتدريبه وتشجيعه على نطق الكلمات التي يُواجه صعوبة بها، فمساندته من قِبَل الوالدين ستأتي بنتيجةٍ مذهلة أثناءَ العلاج.
- الاستعانة بجهازٍ إلكتروني: هل تعلم أنهُ توجد العديد منَ الأجهزة التي تهدف إلى تحسين النطق عندَ الإنسان وتمَ تصميمها خصيصاً للمساعدة في نطق الكلمات الصعبة والتشجيع على ممارستها وتطوير الأداء من خلالها، ولذلك إنها خيار رائع لمن يُريد العلاج بها.
إذا صادفتَ إنساناً في الطريق العام أو في مكان العمل يُعاني منَ التأتأة، فحاول أن لا تشعرهُ بالخجل ولاتسألهُ عن السبب في بطء حديثه، بل امنحهُ الوقت الكافي لاستجماع قوّته من أجل إكمال الحديث بأريحية، فكُلّما شعرَ بالراحة معك ازدادت ثقته بالحديث دونَ خجلٍ أو تردد، وحاول أن تهتم لكل كلمة يقولها ولا تُقاطعه بسرعة أو تُحاول تصحيح جمله لأنكَ ستتسبب ي إحراجه.
{{نأمل أن يعجبكم المقال أيها الرائعون}}.