تتعدّد أنواع الشخصيات، فكل إنسان يمتلك شخصية تختلف عن الآخر وتميّزه عنه، فالشخصية ما هيَ إلّا عبارة عن طباعٍ وخصال تتواجد في كيان الإنسان، وتنبع شخصيته من خلال التفاعل معَ الآخرين من حوله أو أثناءَ تعرّضه للعديد منَ المواقف، وتتكوّن شخصية الإنسان من محيطه وخاصةً والديه ومن ثمَ يكتسب منَ العالم الخارجي طباعٍ جديدة ويُضيفها على شخصيته إما تكون سيئة أو جيدة لهُ، ومن أشهر أنواع الشخصيات هيَ الشخصية الشكاكة، هذه الشخصية في صراعٍ نفسي معَ ذاتها، فتعتقد أنَ كل من حولها يخدعها، فما هيَ الشخصية الشكاكة؟ وما هيَ أبرز صفاتها؟ وكيفَ يُمكن التعامل معها؟
ما المقصود بالشخصية الشكاكة؟
إنَ هذه الشخصية الشكاكة تختلف عن باقي الشخصيات، كونها تُعاني منَ التفكير الدائم بالآخرين، وتتخيل سيناريوهات غير حقيقية داخل عقلها، مثل أنَ شريك حياتها يخونها معَ امرأة أخرى أو رجل يشكّ بزوجته كُلّما أرادت الخروج وحدها منَ المنزل، ويصل بهِ الحدّ إلى مراقبتها أحياناً في مكان عملها ومراقبة هاتفها الذكي والتأكدّ منَ الرسائل والمكالمات التي تُجريها، وقد يصل الحدّ بهذه الشخصية إلى المرض وزيادة المشاكل معَ الطرف الآخر وأحياناً الانفصال.
ومنَ الجدير بالذكر، أنَ الشكاكين يميلون دائماً إلى سوء الظن بالآخرين، ولا يفترضون إلّا الأشياء السلبية التي تُعكر صفو حياتهم، ويُحضّرون أنفسهم للمواجهة البارزة معَ الطرف الآخر وخلق المشاكل من لا شيء، وقد يكون تصرفهم عدائياً ويُزعج الآخرين من حولهم، ولذلك نلاحظ أنهم منعزلين بسبب نفور الناس منهم ومن تصرفاتهم السيئة.
بالإضافة، أنَ هذا النوع منَ الشخصيات يُعتبر اضطراباً نفسياً يُسيطر على تفكير ونفسية الإنسان، فيفهم المواقف بطريقة مختلفة تماماً عن المقصود بها، ومشاعره تتراوح ما بينَ عدم الثقة والعناد والمواجهة، وأحياناً تتطوّر حالة الشخصية الشكاكة إذا لم يتم السيطرة عليها إلى تعنيف الابنة أو الزوجة أو الأخت.
ما هيَ صفات الشخصية الشكاكة؟
يُمكن التعرّف على هذه الشخصية من خلال عدّة صفات يتصف بها الفرد، وتتمثل في:
- انعدام الثقة بالآخرين.
- العصبية المفرطة.
- كثرة طرح الأسئلة.
- العناد الدائم.
- التمسك بالرأي.
- الثقة المفرطة بالنفس.
- إلقاء اللوم على الآخرين.
- إهانة الطرف الآخر.
- الوحدة والعزلة.
- حب التملك والسيطرة على الآخرين.
- صعوبة فهمه.
- تضخيم الأمور.
- الشك المستمر.
- الخوف من غدر الآخرين.
- الاكتئاب والتوتر والقلق.
- الخوف منَ العلاقات.
- الاعتقاد بأنَ الآخرين مصدر للأذى.
- حساس جداً.
ما هي أسباب اضطراب الشخصية الشكاكة؟
بالتأكيد إنَ لكل شخصية أسباب مؤثرة، فلا يُمكن للإنسان أن يكون بفطرته شكاكاً، بل توجد عدّة عوامل تُؤثر عليه وتجعلهُ يكتسب هذه الشخصية، ومن هذه العوامل:
- التنشئة الأسرية: تُعتبر من أهم العوامل التي تُؤثر على نفسية الطفل في الصغر، على سبيل المثال: كانَ الطفل يعيش في أسرةٍ مفككة ومليئة بالمشاكل، ووالده طوال الوقت يتهم والدته بالخيانة ويُلقي عليها الشتائم أمامَ الطفل، ومن هنا تلقائياً إذا لم تُعالج نفسية الطفل ستتوّلد بداخله مشاعر القسوة والحرمان العاطفي، وتزيد شكوكه بالفتاة التي سيرتبط بها.
- تجربة سيئة: أيضاً منَ العوامل المؤثرة، فالإنسان في بداياته يكون نقي منَ الداخل، ولكن العوامل الخارجية قد تُؤثر عليه وتصفعه بقوة، فمنَ المُمكن أن تكون الفتاة أو الشاب قد وثقوا بطرفٍ آخر وشعروا بالحب والأمان تجاهه، ولكن بلمح البصر تلقوا صفعةً قوية بالخيانة والغدر والكذب عليهم، ومن ثمَ شعروا بعدم الاستقرار النفسي أو الأمان، وأصبحت علاقاتهم معَ الآخرين مصدر للشك بهم وبأفعالهم، حتى لا يقعوا في ذات الخطأ مرة أخرى.
- الجينات الوراثية: إذا كانَ أحد أفراد العائلة يُعاني منَ الفصام أو الاضطراب الوهمي أو انفصام الشخصية أو بعض الاضطرابات، يُمكن أن تنتقل إلى الطفل عن طريق الوراثة وتتطوّر معه إلى حالة الشك المستمر.
ما هو علاج الشخصية الشكاكة؟
في البداية أثناءَ الذهاب إلى الطبيب النفسي، سيقوم بإجراء بعض الفحوصات عليك، ومن أهمها طرح الأسئلة عن تجاربك في الحياة والصدمات التي تعرّضتَ لها، وعن عائلتك وتعاملهم معَ بعضهم، ومن ثمَ سيلجأ إلى عدّة علاجات للتخفيف منَ الشك بداخلك، ومنها:
- العلاج النفسي: إنهُ من أصعب العلاجات وأفضلها، فهوَ صعب جداً لإقناع المريض بحضور الجلسات معَ الطبيب، ولكنهُ مهم في تغيير أفكار المريض وسلوكياته، ونزع الأفكار السلبية والتشاؤمية عن الآخرين، وزرع الكلام الإيجابي في داخل الفرد، وذلكَ بأنَ الحياة جميلة ويوجد أشخاص يُمكن الوثوق بهم، وتغيير نظرة الشك عن الحياة.
- العلاج بالأدوية: إذا كانت حالة المريض متفاقمة جداً من حيث القلق والتفكير الدائم، فيُمكن للطبيب أن يصف بعض مضادات الذهان والقلق، بهدف التخفيف منَ الشعور بالوهم والقضاء على الأفكار الوهمية السيئة عن الآخرين.
كيف أتعامل مع الشخصية الشكاكة؟
منَ المحتمل أن نتعرّض لهذه الشخصية في حياتنا، وقد تكون من أفراد عائلتنا سواءً الأب أو الأم أو الأخ أو الزوج أو شريك الحياة، فإذا كنت لا تستطيع التخلي عنه بسهولة، فيُمكنكَ مساعدته على نشل هذه الأفكار من مخيلته، وزرع الأمان داخل قلبه، من خلال عدّة خطوات:
- التعامل بحذر: إذا دخلتَ في أي حوارٍ معَ هذه الشخصية، تجنب النقاش الحادّ وإلقاء اللوم عليه، بل حاول إجراء الحوار بكل هدوء واحترام حتى لا تسمح له الفرصة بأن يُلقي اللوم عليك أو يتهمك باتهاماتٍ كاذبة، وحاول توضيح الأمور له بدّقةٍ متناهية وبالأدلة حتى لا يشغل تفكيره بالتخيلات السيئة عنك.
- كن صريحاً: إنَ الصراحة الدائمة لن تمنحه الفرصة حتى يُفكّر بكَ بشكلٍ سيء، فإذا وقعتَ بأي مشكلة تحدث معه عنها واطلب منهُ المساعدة وكن صريح في كلامك دون لفٍ أو دوران، فهذه الخطوة ستجعلهُ يشعر بأنَ له أهمية كبيرة لديك كونكَ تطلب مساعدته، وتدريجياً سيعتاد على صدقك وصراحتك.
- كن لطيفاً: إذا أردتَ التحدث إليه حاول التكلم بكل حنية ورقة، فإذا كانَ زوجك يُعاني من هذه المشكلة، حاولي التقرّب منه بالكلمات الرومانسية والتركيز على الأشياء التي يحبها ومن ثمَ افعليها، وحاولي التغيير في روتين حياتك معه، فمثلاً اخرجا معاً أو شاهدا فيلماً أو اضحكا معاً، وحاولي إظهار حبك لهُ قدر الإمكان، والعكس صحيح على الزوج أن يفعل ذات الأمور إذا كانت زوجته منَ النوع الشكاك.
بكل صراحة يُمكننا القول أنَ العيش معَ هذه الشخصية هوَ عبارة عن ألم نفسي ومعاناة كبيرة، وقد يشعر الطرف الذي يتعامل معَ الشكاك أنهُ بدأَ بفقدان الثقة بنفسه تدريجياً، وقد يتعرّض للإصابة بالاكتئاب والخوف، لذلك نصيحتنا الهامة إذا لم يكن هذا الإنسان قريباً منك إلى حدٍ كبير مثل الأب أو الأم، فحاول الابتعاد عنه قدر الإمكان وإنهاء هذه العلاقة السامة إذا كانت تُهدّد حياتك وتُقيّد حريتك.
{{نأمل أن يعجبكم المقال أيها الرائعون}}.