ليلة الإسراء والمعراج

[faharasbio]

ليلة الإسراء والمعراج

معنى الإسراء والمعراج

ذكر القرآن الكريم حادثة الإسراء والمعراج، وتحدث عنها الرسول الكريم لقومه، فمنهم من كذبه، ومنهم من صدقه، فبعد فقدان الرسول عليه الصلاة والسلام لأغلى شخصين على قلبه، زوجته خديجة عليها السلام، وعمه أبو طالب رضي الله عنه، شعر بالحزن الشديد، وبعدها قرر الذهاب إلى الطائف لنشر الدعوة الإسلامية، فلم يجد هناك إلا الأذية، وتكذيب أهلها له، عندها توجه إلى ربه شاكيًا، فكرمه الله تعالى بحادثة الإسراء والمعراج.

فالإسراء: هو الرحلة الأرضية التي تم من خلالها انتقال الرسول عليه الصلاة والسلام برفقة جبريل عليه السلام ليلًا من المسجد الحرام، في مكة المكرمة، إلى المسجد الأقصى في بيت المقدس، على دابة اسمها البراق، وذكر ذلك في سورة الإسراء، في قولهِ -تعالى-: (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)، سورة الإسراء، آية 1.

أما المعراج: فهو الرحلة السماوية التي تم فيها ارتقاء الرسول الكريم مع جبريل عليهما السلام من بيت المقدس إلى سدرة المنتهى في السماوات العلى، في قوله تعالى: (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أخرى*عِندَ سِدْرَةِ المنتهى)، سورة النجم، آية 18.

أسباب حادثة الإسراء والمعراج

تعتبر حادثة الإسراء والمعراج معجزة إلهية كرم الله تعالى بها رسوله، تعويضًا له عما لقاه أثناء سنوات الدعوة الإسلامية من مضايقات أهل الطائف له، وما عاناه من حزن، وتعب، فقد قالت عائشة رضي الله عنها: (يا رسولَ اللهِ هل أتى عليك يومٌ كان أشدَّ من يومِ أُحُدٍ؟ فقال: لقد لقيتُ من قومِك، وكان أشدَّ ما لقِيتُ منهم يومَ العقبةِ، إذ عرضتُ نفسي على ابنِ عبدِ يا ليلِ بنِ عبدِ كلالٍ فلم يُجِبْني إلى ما أردتُ، فانطلقتُ وأنا مهمومٌ على وجهي، فلم أَستَفِقْ إلا بقرنِ الثعالبِ)،

وهي بمثابة رسالة ربانية لتوضيح منزلة النبي عليه الصلاة والسلام، وتكريمه، حيث شاهد في هذه الرحلة درجات الجنة، ومشاهد من النار، ورأى الأنبياء، وغير ذلك، قال تعالى: (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أخرى*عِندَ سِدْرَةِ المنتهى*عِندَهَا جَنَّةُ المأوى*إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يغشى*مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طغى*لَقَدْ رأى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الكبرى)، سورة النجم، آية 18.

تفصيل حادثة الإسراء والمعراج

بينما كان النبي عليه الصلاة والسلام نائمًا في بيت أم هانئ، انشق سقف البيت، ونزل عليه جبريل عليه السلام، واصطحبه إلى الخارج، حيث كان البراق، وهي دابة بيضاء بين الفرس والحمار، تضع حافرها فتصل خطواتها إلى مد بصرها، فتثبت عليها النبي مع جبريل، وهو يتصبب عرقًا، ثم انطلقا إلى بيت المقدس.

حيث كان الأنبياء مجتمعين هناك، فصلى بهم ركعتين إمامًا، وبعدها عرض عليه وعائين فيهما لبن وخمر، فاختار شرب اللبن بالفطرة،  ثم عرج البراق بهما إلى السماء الدنيا، وهناك رأى النبي عليه الصلاة والسلام سيدنا آدم عليه السلام، ثم انتقل إلى السماء الثانية، حيث وجد يحيى وعيسى عليهما السلام وسلم عليهما، ثم صعد إلى السماء الثالثة، حيث رأى يوسف عليه السلام.

وفي السماء الرابعة رأى إدريس عليه السلام، ووجد هارون عليه السلام في السماء الخامسة، وموسى عليه السلام في السماء السادسة، وعندما وصل إلى السماء السابعة رأى سيدنا إبراهيم عليه السلام، وكان كلما دخل إلى سماء يستأذن، فيؤذن له بدخولها، ويرحب به، وهكذا إلى أن وصل إلى سدرة المنتهى، فدخلها وحده، وكلم الله تعالى وهناك فرض عليه خمسين صلاة، وظل النبي يطلب من ربه إلى أن خففها إلى خمس صلوات، فقد ورد في الحديث القدسي: (يا مُحمَّدُ، إنَّهنَّ خمسُ صلواتٍ كلَّ يومٍ وليلةٍ، لكلِّ صلاةٍ عَشْرٌ، فذلكَ خمسونَ صلاةً).

ومن المشاهد التي وجدها في رحلته، الجنة بما فيها من نعيم، ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (بيْنَما أنا أسِيرُ في الجَنَّةِ، إذا أنا بنَهَرٍ، حافَتاهُ قِبابُ الدُّرِّ المُجَوَّفِ، قُلتُ: ما هذا يا جِبْرِيلُ؟ قالَ: هذا الكَوْثَرُ)، رواه البخاري في صحيح البخاري.

ورأى في رحلته أيضًا النار وأصناف الناس التي يدخلونها، وشيئًا من عذابها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لما عُرِجَ بي مررتُ بقومٍ لهم أظفارٌ من نُحاسٍ يخْمِشون وجوهَهم وصدورَهم، فقلتُ: من هؤلاء يا جبريلُ؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحومِ الناسِ)، رواه الألباني.

وعن أنس بن مالك قال: قال صلى الله عليه وسلم: (مرَرْتُ ليلةَ أُسرِيَ بي على قومٍ تُقرَضُ شِفاهُهم بمَقاريضَ مِن نارٍ، قال: قلتُ: (مَن هؤلاءِ؟ قالوا: خُطَباءُ أمَّتِكَ).

صلى الله عليه وسلم: (رَأَيتُ لَيلةَ أُسريَ بي رَجُلًا يَسبَحُ في نَهرٍ ويُلقَمُ الحِجارةَ، فسَأَلتُ: ما هذا؟ فقِيلَ لي: آكِلُ الرِّبا).

فضل حادثة الإسراء والمعراج

نجد الكثير من العبر والدروس من هذه الحادثة، ومن أهمها:

  • مواساة الرسول صلى الله عليه وسلم: حيث عوض الله تعالى رسوله الكريم بحادثة الإسراء والمعراج بعد عدة أمور حصلت له، ومنها: وفاة زوجته خديجة رضي الله عنها، وعمه أبو طالب، ومنعه من دخول المسجد الحرام، فكافأه برؤية آياته، وفتح أبواب السماء له.
  • رفع مكانة النبي عليه السلام، وإظهار صدقه للناس، وخصوصًا بعد وصفه للناس ما رآه، حيث كان تكذيب قومه له من أكثر الأمور التي آذت الرسول.
  • بيان أهمية الصلاة ومكانتها في الإسلام.
  • تشريف السماوات بنور سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، ليس فقط على الأرض.
  • يجب على المؤمن عدم اليأس، فبعد المحن والشدائد هناك منح ومكافآت من الله تعالى.
  • بيان أهمية كل من المسجد الأقصى والمسجد الحرام في الإسلام.

أفضل أدعية الإسراء والمعراج

هناك الكثير من الأدعية التي يقولها المؤمن في ليلة الإسراء والمعراج، ونذكر منها:

  • “اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس، أنت رب المستضعفين وأنت ربي إلى من تكلني إلى بعيد يتجهمني أم إلى قريب ملّكته أمري إن لم يكن بك غضب عليّ فلا أبالي ولكن عافيتك أوسع لي أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت به الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن تنزل بي غضبك أو يحل عليّ سخطك لك الحمد حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلى بك”.
  • “ياحي يا قيوم برحمتك أستغيث أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين”.
  • “اللهم إني أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك والغنيمة من كل بر والسلامة من كل أثم والفوز بالجنة والنجاة من النار لا تدع لي ذنبًا إلا غفرته ولا همًا إلا فرجته ولا حاجة من حوائج الدنيا هي لك رضا إلا قضيتها برحمتك يا أرحم الراحمين”.
  • “اللهم فوضت أمري كله، فجمّله خيرًا بما شئت، واجعلني يا رب ممن نظرت إليه فرحمته، وسمعت دعاءه فأجبته”.
  • “اللهم سخر لي جميع خلقك كما سخرت البحر لسيدنا موسى عليه السلام، وألِن لي قلوبهم كما ألنت الحديد لداود عليه السلام، فإنهم لا ينطقون إلا بإذنك، نواصيهم في قبضتك، وقلوبهم في يديك تصرفها كيف شئت، يا مقلب القلوب، ثبت قلبي على دينك”.
  • “اللهم لا تشمت أعدائي بدائي، واجعل القرآن العظيم دوائي وشفائي، أنت ثقتي ورجائي واجعل حسن ظني بك شفائي، اللهم ثبت على عقلي وديني، وبك يا رب ثبت لي يقيني وارزقني رزقاً حلالاً يكفيني وأبعد عني شر من يؤذيني”.

حادثة الإسراء والمعراج معجزة إلهية، حدثت ليلًا في السنة الثانية من البعثة النبوية، وعلى الأرجح في السابع والعشرين من شهر رجب، وهو موعد سنوي يحتفل فيه المسلمون في جميع أنحاء العالم، تخليدًا لهذه الذكرى العظيمة.

[ppc_referral_link]