أبرز شعراء العصر الجاهلي

[faharasbio]

أبرز شعراء العصر الجاهلي

عرَّفَ ابن طباطبا الشعر بأنهُ {كلام موزون ومرتب ومقفى}، وبالفعل فإنَ الشعر هوَ أحد الفنون الأدبية المنتشرة منذ القدم، يُعبّر الإنسان من خلاله عن أحاسيسه ومشاعره التي تملأ قلبه، والشعر لا يقوله أي إنسان في العالم، بل يُبدع بهِ فرد موهوب ويدرس كل كلمة ويتعمق بها بحيث عندما ينطقها تسري الرعشة في بدن السامعين، وفي العصر الحديث بسبب الانفتاح على المجتمع وظهور شبكات التواصل الاجتماعي أصبحَ كل فرد يُطلق على نفسه شاعراً، ولذلك يُحاول الفرد الشغوف بقراءة الشعر أن يبحث مطولاً عن شاعرٍ عظيم في ظل تعدّد الشعراء بالاسم فقط ووجود آلاف القصائد والدواوين التي تُصيب الرأس بصداعٍ شديد ولا علاقة لها بالشعر.

ومنَ الجدير بالذكر، أنَ الشعر في العصر الجاهلي قد أُطلقَ عليه هذا الاسم بسبب أنهُ كانَ قبلَ الإسلام، فكل فرد كانَ يُعبّر عن أفكاره ومشاعره ووجهات نظره للحياة من حوله والوجود من خلال الشعر، ويتميز هذا الشعر بغنىً فني بسبب جمال وروعة كلماته ومعانيها، وبرزَ عدّة شعراء في هذا العصر ما زالوا إلى يومنا هذا أفضل الشعراء فلا يُمكن نسيان قصائدهم التي تُعبّر عن الفخر والمديح والغزل والاعتذار وغيرها منَ المعاني الأخرى، فمن هم أبرز شعراء العصر الجاهلي؟

صديقي القارئ،، إذا كنتَ عاشق للقصائد الشعرية والشعر القديم، نُقدّم لكَ في هذا المقال معلومات عن أبرز شعراء العصر الجاهلي:

عمرو بن كلثوم:

يُعدّ عمرو واحداً من أفضل الشعراء في العصر الجاهلي، فقد ولدَ سنة 526 وتوفيَ 584 عن عمر يُناهز 58 عاماً،ولدَ في نجد ضمن جزيرة العرب وكانَ بارعاً في الشعر من سنٍ صغيرة، فكانَ عزيز النفس وشجاع ومن عائلة عريقة، فأمه هيَ ليلى بنت المهلهل ووالده كلثوم بن مالك، كانت حياة والدته صعبة إلى حدٍ ما، فوالدها أرادَ التخلص منها كونها كانت فتاة، ولكن جاءته رؤية في المنام تُشير أنَ من نسل هذه الفتاة سيأتي شاب شجاع يسود قومه، وبالفعل لم يقتلها وتزوجت فيما بعد وأنجبت عمرو الذي كانَ سائد قومه من صغر سنه، إنَ هذا الشاعر يتميز بفصاحة لسانه حتى أنه ألقى أبياته في معلقة عكاز أمامَ العامة وكانت ومازالت من أفضل الأبيات الشعرية العالقة في أذهاننا.

امرؤ القيس:

من منّا لا يعلم الكثير عن امرؤ القيس، كانَ من أبرز شعراء العصر الجاهلي، فهوَ من قبيلة كندة اليمنية، ولدَ 496 وتوفيَ 544، وله العديد منَ الألقاب التي اشتهرَ بها منذ القدم مثل {ذو القروح و الملك الضليل} ولم تأتي هذه الألقاب عن عبث، فتوفيَ والده بعدَ أن اغتالته قبيلة بنو أسد وكانَ امرؤ القيس في سنٍ صغيرة.

 ولمّا علمَ بوفاة والده قرّرَ أن يأخذ بتاره فحاولَ أن يجمع جيش كبير منَ الحشود التي تضم عدّة قبائل مثل قبيلة تغلب وبكر، ولكن للأسف تخلوا عنه ولذلك أسميَ بالملك الضليل، أما عن لقب ذو القروح فقد لجأَ إلى امبراطور الروم بعدَ محاولته الفرار من المنذر بن ماء السماء اللحمي الذي قرَرَ القضاء عليه خوفاً من أن يستعيد قوّته على بني أسد، ولكن بحسب الأقاويل أنَ امرؤ توفيَ وهوَ في طريقه للعودة بعدَ أن أهداه هذا الامبراطور وشاح مسموم تغلغلَ في جسد الشاعر وسببَ له تقرحاتٍ كثيرة حتى توفي، ولكنها مجرد أساطير فلا أحد يعلم الحقيقة الكاملة، كما أنَ البعض الآخر يقول أنَ سبب وفاته هوَ مرض الجدري.

  ولكن بالرغم من حياته القاسية التي كانت تملؤها المتاعب بعدَ وفاة والده، إلّا أنهُ كانَ فصيح اللسان ويتميز بشعره الذي يُعبّر عن الوصف الجمالي والغزل وعن حياته الرائعة التي كانَ يعيشها أثناءَ فترة شبابه.

زهير بن أبي سلمى:

ولدَ هذا الشاعر 520 وتوفيَ 609، وقد ترعرعَ في بيئةٍ شاعرية فكل من حوله كانَ يتقن الشعر سواءً من أقرباء والده أو والدته، حتى زوج شقيقته كانَ شاعراً، فنشأَ زهير على حب الشعر والتعمّق فيه حتى أصبحَ من أفضل شعراء العصر الجاهلي، فكانَ عمر بن الخطاب رضي الله عنه أول من عدّه في صفوف أفضل الشعراء، وكانَ إلى جانب فصاحته وشعره الجميل، يتميز بأخلاقه التي كانت تُعبّر عن صدقه ووفائه وطيبة قلبه، فقد كانَ مبتعداً تماماً عن أي فاحشة أو منكر، وكانَ شعره يتحدث عن السلام في الحياة والخير وعن حياته وعن المدح، فكانت الحكمة تترأس في أشعاره، فحكمه الرائعة كانت تنتج عن تجارب حياته التي عاشها، وكانَ يبتعد عن التصنع فقد تميّزَ بأشعاره البسيطة التي تحتوي على المعاني المفهومة والصادقة.

عنترة بن شداد:

لا بدَّ أنكَ سمعتَ من قبل عن قصة الحب الأسطورية بينَ عنتر وعبلة، فهذا الشاعر ولدَ 525 وتوفيَ 601، اشتهرَ بأنه من أفضل شعراء ما قبلَ الإسلام، فكانَ يتميز بأشعاره التي تجذب القلوب بسبب بساطتها وروعة حروفها على مسامع الأذن، فهوَ عنترة بن شداد بن معاوية بن ربيعة العبسي، أمه كانت حبشية وكانَ مغروماً بعبلة ابنة عمه فكتبَ العديد من أشعار الغزل وكانت الظروف القاسية تُعيق حبهما، ولكن يُقال أنهُ تزوجها فيما بعد.

بالإضافة إلى ذلك، كانَ يتميز بشجاعته وله عدّة معلقاتٍ مشهورة، وكانَ مختلفاً عن باقي اخوته فقد كانَ عبوس الوجه وبنيته ضخمة وطويل القامة.

النابغة الذبياني:

وهوَ زياد بن معاوية الذبياني، ولدَ 535 في الحجاز وتوفيَ 604، كانَ يتميز بشعره العميق حيثُ يُعدّ من أشهر شعراء عصره، ولقبَّ بالنابغة كونهُ أبدعَ في أشعاره، وكانت حياته مستقرة بعض الشيء، فقد ترعرعَ بينَ الملوك وكانَ الناس يحترمونه وله العديد منَ العلاقات الوطيدة معَ الحكام والأمراء وكبار الرجال، وكانَ متميزاً جداً بسبب التشويق في أشعاره واستخدام العبارات الرقيقة والسهلة، وله ديوان شعري نشرَ حديثاً على عدّة طبعات، وكانَ هذا الشاعر متزوج ورزقَ ابنتان ثمامة وأمامة.

الخنساء:

وهيَ تماضر بنت عمرو بن الحارث السلمية، عندما نتحدث عن الخنساء يجب أن نتحدث أيضاً عن جمالها وشجاعتها وكرمها وأخلاقها الحميدة، فهيَ عاشت في عصرين عصر ما قبل الإسلام وعصر الإسلام، وعلينا بالذكر أنها أسلمت وكانت تتميز بقوّة شخصيتها وسيطرتها على المكان الذي تتواجد فيه، كما أنها كانت تُعبّر عن رأيها بكل ثقة، ولكن حياتها قاسية فشقيقها صخر الذي كانت تعتبره سندها في الحياة وتحبه كثيراً قد توفي، ولذلك نلاحظ أنَ أغلب أشعارها تتضمن الرثاء والحزن وتُعبّر عن فقدانها لشقيقها.

كما أنها اتصفت بالخنساء كونها كانت تتميز بأنفها القصير وأرنبتيه المرتفعة، وتميّزت بتضحيتها وخاصةً في يوم القادسية عندما استشهدَ أولادها، فأول كلمة نطقتها الحمدلله على شرف الشهادة الذي ناله أولادي، وكانت قبلَ دخولها للإسلام تُعاني منَ الحزن الشديد واليأس والضياع، ولكنها بعدَ أن دخلت الإسلام لاحظت تغيير كبير في حياتها من حيث الرضا وحب الحياة.

إقرأ أيضًا: أشهر 7 رسامين في العالم

لا يُمكننا نسيان هؤلاء الشعراء الذينَ أضافوا بصمتهم الخاصة في عالم الشعر، فبالرغم من وجود الكثير منَ القصائد الشعرية حالياً من قِبَل الشعراء الحديثين، إلّا أنَ الشعر الجاهلي له حروفه العميقة والمشوّقة والجاذبة للأذن والقلب، وهذه الجولة كانت تعريفية فقط بأبرز شعراء العصر الجاهلي وحياتهم.

{{نأمل أن يعجبكم المقال أيها الرائعون}}.

[ppc_referral_link]