اضطراب قلق الانفصال
لا بدَّ أنكَ تشعر بالتعلق حيالَ شخصٍ ما أو حيوانٍ أليفٍ لديك أو أحد أفراد عائلتك أو أصدقائك أو شريكة حياتك، فالتعلق منَ الحاجات المفرطة عندَ بعض الأفراد، فكل إنسانٍ منّا قد تعرّضَ للتعلق وخاصةً في مرحلة الطفولة بأحد والديه نظراً منَ الخوف والمواجهة في المدرسة والاختلاط بأفراد جدد، ولكن هذا التعلق يتناقص معَ مرور الأيام لأنَ الحياة تفرض علينا الاعتماد على النفس وفقدان الكثير منَ الأشخاص والاعتياد على سنّة الحياة في ولادة أرواحٍ جديدة وانتهاء أعمار المحيطين بها.
ومنَ الجدير بالذكر، أنَ الحب منَ المشاعر الرائعة التي يمنحها الإنسان لعائلته وشريكته وحتى أشيائه مثل غرفته وتفاصيله وكتبه، ولكن قد يصل هذا الحب إلى مرحلة عميقة وشديدة الخطورة مثل التعلق العاطفي والمرضي، فيُمكن ملاحظة أنَ انتشار اضطراب قلق الانفصال يُصاب بهِ الكثير منَ الأطفال الصغار وخاصةً في بداية دخولهم للروضة أو المدرسة بسبب تعلّقهم بوالدتهم.
ولكن الأمر لا يقتصر على الأطفال فقط فيُمكن للبالغين أيضاً الإصابة بهذا الاضطراب والمعاناة منهُ كونهُ يُؤثر على حياتهم بشكلٍ عام، ولذلك ما المقصود باضطراب قلق الانفصال SAD؟ وما هيَ أعراضه؟ أسبابه؟ وطرق علاجه المتعددة؟
ما المقصود باضطراب قلق الانفصال SAD؟
يُقصد بهذا الاضطراب Separation Anxiety Disorder عبارة عن شعور الإنسان بحالةٍ نفسية سيئة وشعور دائم بالخوف والقلق من فقدان أي شيء يحبه، فبعض الأفراد يشعرون بالدفء والطمأنينة والراحة في منزلهم ويُفكّرون بأفكارٍ سوداوية عنه ويقلقون إذا ابتعدوا عنه، والبعض الآخر يتعلّق بالأشخاص مثل أحمد لا يُمكنهُ الابتعاد عن شقيقه الأكبر أيمن، ومنَ المُمكن أن يخسر فرص الدراسة أو العمل في الخارج إذا لم يكن أيمن بجانبه.
علاوة على ذلك، يُمكن لهذا الاضطراب أن يُسيطر على الأطفال الذينَ يخسرون والديهم في الحروب أو الحوادث ويضطرون للرعاية في منزلٍ آخر، فردود أفعالهم غير طبيعية ولا يتمكنون منَ التكيف معَ الوضع الجديد.
ونوّد الإشارة، أنَ اضطراب قلق الانفصال لا يُعتبر خطيراً ولكنهُ يُسيطر على تفكير الإنسان وبدلاً منَ الاستمتاع بالشيء المتواجد لديه يُفكّر سلبياً ويُصيبه نوع منَ الصداع، وعلينا الذكر أنَ الفرد قد يتعلّق بوظيفةٍ يحبها ويخاف من خسارتها أو يُربي حيوان أليف ويعتاد عليه ويُفكّر {ماذا لو} فهذا الافتراض يُحوّل حياته إلى مأساة.
ما هيَ أعراض اضطراب قلق الانفصال SAD؟
توجد عدّة أعراض تظهر على المُصاب بهذا الاضطراب ويُمكن ملاحظة الأم لطفلها من خلال العلامات الآتية:
- الخوف الدائم منَ البقاء وحيداً.
- التفكير المستمر والمُرهق للعقل ويشتمل على افتراضاتٍ سلبية لخسارة الشيء الذي يحبه.
- الشعور بالقلق والتوتر والهلع إذا ابتعدَ الشيء المتعلق بهِ عنه.
- الإصابة بكوابيسٍ متكررة أثناءَ النوم.
- الإصابة بأرقٍ ليلي.
- الإصابة بآلامٍ معوية وصداع.
- التفكير بمخاوفٍ غير واقعية.
- الغيرة والتملك إذا كانَ الشخص المتعلق بهِ شريك الحياة.
ما هيَ أبرز أسباب الإصابة باضطراب قلق الانفصال SAD؟
يُمكن لبعض الأسباب والعوامل أن تُؤثر على حالة الإنسان وتُفاقم شعوره بالقلق حيالَ الانفصال عن شيءٍ يحبه، ومن أبرز هذه الأسباب:
- العوامل الوراثية: منَ المُمكن أنَ يكون أحد الوالدين يُعاني من قلق الانفصال تجاهَ شيءٍ يُحبه أو أنَ الأم تشعر بالتعلق تجاهَ طفلها، والطفل تلقائياً سيعتاد هذا الأمر ويتأثر بأي مثيرٍ خارجي يقترب من والدته، كما أنَ الوالدين الذينَ يُعبّرون عن قلقهم وتوترهم الدائم أمامَ أطفالهم، فإن أطفالهم سيُحاكون تصرفاتهم ويكتسبون هذه العادة.
- الصدمات النفسية: أيضاً صدمة موت أحد الوالدين أو شريك الحياة قد يجعل الإنسان في حالةٍ صعبة ويبدأ بالتخوّف من أي شيءٍ يحدث للأشخاص القريبين منه.
- أسبابٍ شخصية: كما ذكرنا أنَ التعلق قد يكون بعملٍ يحبه الإنسان أو وظيفةٍ أخذت منهُ الكثير منَ التعب حتى حصلَ عليها، وأثناءَ حصوله يبدأ بالتفكير بسوداوية ماذا لو لم يتمكّن منَ النجاح بها أو الاستمرارية.
ما هيَ طرق علاج اضطراب قلق الانفصال SAD؟
في البداية أثناءَ ظهور تلكَ الأعراض المذكورة في الأعلى، يجب توّجه الفرد إلى الطبيب المختص من أجل الاستشارة والبدء بالعلاج عن طريق:
- العلاج الدوائي: قد يصف لكَ الطبيب بعض الأدوية التي تُساعد على الشعور بالهدوء والتخفيف من حالة القلق التي تشعر بها مثل مضادّات القلق، ولكنها لن تفي بالغرض إذا لم تُمنح إلى جانب العلاجات الأخرى.
- المحيط الإيجابي الداعم: إذا كانَ طفلك أو أحد أفراد عائلتك يُعاني من هذا الاضطراب، يجب تقديم الدعم الاجتماعي والنفسي لهُ وزيادة شعوره بالاطمئنان بأنَ من حوله أصدقاء حقيقيين وعائلة مساندة لهُ ولن تخذله.
- العلاج السلوكي المعرفي: في هذه الطريقة سيلجأ الطبيب إلى معرفة الأفكار والسلوكيات التي يُفكّر بها المُصاب ويعمل بها، ومن ثمَ يُغيّر تفكيره من خلال التعديل على عقله الباطن في زرع أفكار جديدة وإيجابية وتخفيف التعلق بالأشياء من حوله وزيادة ثقته بنفسه.
- العلاج بالتعرّض: إنها طريقة فعّالة يستخدمها الطبيب من أجل إزالة الخوف بشكلٍ تدريجي من داخل المُصاب، فتهدف إلى جعل المريض يتعرّض لما يخشى فقدانه ويُحاول التعامل معَ حالة الفقد بطرقٍ صحيحة تحتَ إشراف المعالج.
- تجربة أشياء جديدة: شعور الخوف والفقدان لا يتوّلد داخل الإنسان إذا كانَ على وتيرةٍ واحدة منَ الحياة الروتينية التي يعيشها، ولكسر حاجز الخوف تجاهَ التجربة يجب البحث عن أنشطةٍ تُساعد على الاسترخاء وإشغال الذات والاستمتاع بها من أجل تخفيف التفكير داخل العقل حولَ افتراضاتٍ غير حقيقية.
هل تعلم أنَ اضطراب قلق الانفصال يُحدث نوباتٍ منَ الهلع تُسيطر على الإنسان، وأنتَ في هذه الحالة يجب أن تعتمد على نفسك وتبدأ بالتفكير بطرقٍ جديدة تُساعدك في الخروج من هذه الحالة، لأنَ الحياة ليست جميلة ووردية في جميع أوقاتها، بل تحدث بعض الأشياء السلبية في حياة كل إنسانٍ منّا ويتعرّض لتجاربٍ قاسية قد تكون بداية لمرحلة جديدة في حياته.
{{نأمل أن يعجبكم المقال أيها الرائعون}}.