تقنية التزييف العميق Deep Fake: تعريفها، مساوئها وطرق الكشف عنها
هل سبقَ لكَ وشاهدتَ عدّة فيديوهات لمؤثرين ومشاهير عبرَ مواقع التواصل الاجتماعي ولكنهم قد توفوا منذ زمنٍ بعيد؟ انتشرت في الآونة الأخيرة فيديوهات للراحلة أم كلثوم وعبد الحليم حافظ ومشاهير منَ الزمن القديم وكأنهم أحياء في الوقت الحاضر، وحصدت هذه الفيديوهات إعجاب الكثيرين، وتساءلَ البعض كيفَ يُمكن إحياء شخصية قديمة عبرَ فيديو متحرك؟
يكمن السر في تقنيةٍ جديدة متطوّرة يُطلق عليها {التزييف العميق} فمنَ المعروف أنَ شبكة الإنترنت بقدر فائدتها على البشر، إلّا أنها مصدر للأخبار المزيفة، فلا يُمكننا تصديق أي فيديو نُشاهده أو أي نصٍ نقرأه أو أي تسجيلٍ نسمعه، لأنَ التزييف باتَ أمراً سهلاً، وخاصةً في ظلّ التطوّر التقني الذي طرأَ على عصرنا الحالي، فيُمكن إنتاج فيديو ضخم سواءً إباحي أو يتناول نقاط حساسة في الأمور السياسية لشخصيةٍ مشهورة أو لقائدٍ سياسي، ولكنه غير حقيقي.
ونوّد الإشارة، أن هذه التقنية غزت شبكة الإنترنت، وخاصةً تطبيق تيك توك الشهير، فقد انتشرَ فيديو لمؤسس فيس بوك مارك زوكربيرج وكأنهُ حقيقي، يُوّضح فيه التآمر على المستخدمين والتدخل بخصوصياتهم والتحكّم بها، وأثارَ غضب الكثير من مستخدمي التطبيق، ولذلك ما المقصود بتقنية التزييف العميق Deep Fake؟ وما هي أبرز مساوئها؟ وكيف يمكن كشف الفيديوهات غير الحقيقية على الإنترنت؟
ما المقصود بتقنية التزييف العميق Deep Fake؟
يُقصد بها إنتاج فيديوهات مزيفة تبدو وكأنها حقيقية، فلا يُمكن اكتشاف تزييفها بسهولة، يتم استخدامها من قِبَل أفراد لديهم خبرة في الذكاء الاصطناعي، هدفهم جمع صور أي شخصية يُريدونها والبدء بدمجها في فيديوهات إما سياسية أو إباحية أو مؤذية لسمعة الشخص، ويتم نشرها على تطبيقات التواصل الاجتماعي.
يعتبر البعض هذه التقنية بأنها من أخطر التقنيات المتطوّرة، فحتّى كبار الشخصيات تمَ استهدافهم، فالملكة إليزابيث أدّت رقصة شهيرة على تيك توك وكأنها حقيقية، وملايين البشر يُصدّقون هذه الفيديوهات ويتداولونها بشكلٍ واسع دون أي إدراكٍ منهم بأنها مزيفة، والغريب في الأمر أنَ التزييف العميق يصل لدرجةٍ مخيفة منَ الدقة، فيُظهر تفاصيل الوجه وتعبيراته وانفعالاته بشكلٍ واضح.
وهذه التقنية التي تهدف للتلاعب بصور الأفراد، استطاعت إحياء الموتى في فيديوهاتٍ حديثة، فانتشرَ فيديو لامرأة فقدت فتاتها الصغيرة ولكنها استطاعت رؤيتها وهيَ تلعب وتضحك من حولها، بالإضافة لانتشار فيديو لولدٍ صغير قد توفي في عام 2003 يُدعى {سيدار سواريس} حاولت الشرطة الهولندية إعادة إحياء شخصيته بهدف الحصول على أي أدلة تخدم قضيته.
ما هي أبرز مساوئ تقنية التزييف العميق Deep Fake؟
كما ذكرنا أنها تقنيةٍ خطيرة، ويُمكن أن تُلحق الأذى بالكثيرين، فمن أبرز مساوئها:
- يتم استهداف الأشخاص بهدف إساءة سمعتهم والتعدي على خصوصياتهم وإلحاق الضرر بهم.
- يتم إنتاج فيديوهات إباحية لأي مؤثرٍ أو شخصيةٍ مشهورة بهدف نشر الفضيحة والإساءة له.
- يتم نشر معلوماتٍ سياسية أو فضائح أو أسرار دولية على لسان شخصية قيادية أو مؤثر، ممّا يُؤدي لإثارة البلبلة والضجة الإعلامية.
- تفكير البعض بالانتحار أو نبذ المجتمع لهُ بسبب الفضيحة المزيفة.
- انتشار القتل والجرائم بسبب تصديق الفضائح، وخاصةً من قِبَل أسرة الضحية التي تعرّضت للابتزاز والتزييف.
- انتحال هوية مسؤول كبير أو أي إنسان بهدف تزوير أقواله أو ابتزازه.
كيف يمكنني اكتشاف فيديوهات تقنية التزييف العميق Deep Fake؟
لا تكن ضحية لهذه الفيديوهات، ولا تُصدّق أي خبر أو صورة أو نص أو فيديو على شبكة الإنترنت دون التحقق من مصدره، فتوجد عدّة طرق تُساعدك على كشف هذه التقنية، مثل:
- البحث بدقة: أثناءَ انتشار أي فيديو مثير للغرابة، حاول أن تبدأ بالبحث عن صاحب الفيديو وتتأكدّ من حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، وتستمع إلى وجهة نظره، وتقرأ عن القصة أكثر من مرة من مصادرٍ مختلفة، فلا تعتمد على مصدر واحد فقط.
- التركيز على تعابير الوجه: صحيح أننا ذكرنا أنَ هذه التقنية دقيقة في نسخ تعابير الوجه، ولكن بإمكانك التركيز عن طريق تشغيل الفيديو على شاشة واضحة وكبيرة الحجم، والتدقيق على تعابير الوجه وحركاته، مثل التركيز على الذقن والخدين وزوايا الفم، سيتّضح لكَ أنها جامدة، وخاصةً أثناءَ الابتسام أو الضحك.
- التركيز في العينين: إنها طريقة مميزة لكشف فيديوهات التزييف العميق، فالانتباه على رمش العينين كل 10 ثوانٍ كحدٍ أقصى، وتأكدّ من أنَ حركة الرمش طبيعية دون أي بطء أو سرعة بها.
- هيشان الشعر: نعم إنها دلالة مميزة على كشف الفيديوهات المزيفة، فالتقنية مهما كانت متطورة لن تستطع إبراز الشعر بشكلٍ حقيقي، وبذلك يتّضح أنهُ مزيف، لذلك حاول التركيز على هيشان الشعر وتموّجاته.
- مراقبة ألوان الجسد: إذا انتشرت فضيحة لشخصٍ ما أو فيديو مزيف، حاول التركيز على ذراعيه أو قدميه أو عنقه أو أي جزءٍ من جسده، سيتّضح لكَ أنهُ بلونٍ مغاير للون بشرة وجهه، ويعود السبب إلى صعوبة دمج الألوان ذاتها على الجسد بأكمله.
- مراقبة الأسنان: أيضاً منَ الطرق المهمة للكشف، فالأسنان الطبيعية تختلف عن أسنان الشخص الذي يظهر في الفيديوهات المزيفة، إنها أسنان جامدة بلا لمعان أو لون طبيعي، كما أنها مصفوفة بشكلٍ غريب وكأنها أسنان لعبة وليست أسنان بشرية.
للأسف هذه التقنية مرعبة للغاية، إنها تُشكّل خطورة كبيرة على حياة الكثيرين إن أساءَ الأفراد استخدامها، فالفيديوهات الإباحية وإساءة السمعة هيَ الهدف الأكبر لتقنية التزييف العميق، فهل لكَ أن تتخيل إعادة إحياء سلفادور دالي الذي توفي في عام 1989 من قِبَل متحف دالي المتواجد في فلوريدا، والغاية من ذلك هيَ التقاط صور معَ معجبيه ومحبيه للذكرى.
فالأفضل لكَ البحث بشكلٍ دائم والتأكدّ من أي محتوى يتم نشره على الإنترنت، لكي لا تقع ضحية لخططهم المؤذية.
{{نأمل أن يعجبكم المقال أيها الرائعون}}.