دور الأسرة في غرس القيم الأخلاقية في الأبناء
الأسرة هي اللبنة الأولى لبناء المجتمع وهي الأساس الذي يبني النسيج الأخلاقي والقيم الاجتماعية للفرد والمجتمع ككل.
الأسرة هي المؤسسة الأولى التي يتعامل معها الطفل حيث تقوم بتحضيره وغرس القيم الأخلاقية والدينية فيه وتعزيزها خلال مراحل نموه من الطفولة مرورًا بالمراهقة وصولاً إلى مرحلة الشباب.
وتعد التنشئة السليمة والتي تقوم الأسرة بالجزء الأكبر والأهم منها مهمة لنمو أفراد خاليين من الاضطرابات النفسية والشخصية، ومتكيفين بشكل سليم مع محيطهم ومنسجمين مع القيم والمعايير الأخلاقية والمجتمعية.
إن أسلوب التربية المتبع داخل الأسرة له انعكاساته سلبًا أو إيجابًا على سلوك الفرد وقيمه وطرق تعامله مع الأفراد والمجتمع وتفاعله معهم.
إيمانًا منا بدور الأسرة الرئيسي في غرس القيم الأخلاقية لدى الأبناء سنتحدث عن دور الأسرة في غرس القيم الأخلاقية في الأبناء وأهم الطرق والأساليب التي تمكن الأبوين من تنشئة أبنائهم تنشئة سليمة وكذلك أهم العوائق والأخطاء المرتكبة.
كيف تتحدد القيم التي تنميها الأسرة في الأبناء
تعد الأسرة دعامة لغرس الأخلاق وضبط سلوك الأفراد، وتختلف المجتمعات فيما بينها في الأساليب التي تتبعها وكذلك في القيم التي تتبناها، وكذلك تختلف تلك الأساليب بين أسرة وأخرى تبعًا لعدة عوامل أهمها:
- الموروثات الموجودة لدى الأبوين والمكتسبة منذ الطفولة.
- المستوى الاقتصادي والاجتماعي للأسرة.
- المستوى التعليمي والثقافي للوالدين.
- الديانة والقيم التي يتبناها المجتمع الذي تعيش فيه الأسرة.
- الخبرات التي اكتسبها الأبوين أثناء حياتهم العلمية والاجتماعية.
أهم القيم الأخلاقية في الدين الإسلامي
تستقي الأسر المسلمة القيم التي تعلمها لأبنائها من الدين الإسلامي الحنيف وتشريعاته وآدابه، حيث أعطى الدين الإسلامي الأسرة قدرًا كبيرًا من العناية والاهتمام واعتبرها نواة المجتمع وقاعدته الأساسية، وحث على بر الوالدين والإحسان لهما واحترامها، وكذلك أمر الأبوين بالإحسان إلى الأبناء وتربيتهم على أخلاق وقيم الدين السمحة والتي تتضمن:
- الأمانة: يحض الإسلام على الأمانة، ولقد كان الرسول الكريم يلقب بالصادق الأمين، وعلى الآباء حث أبنائهم على الأمانة لما لها من أثر إيجابي في حفظ المال والنفس، وذلك لضمان إخلاصهم في عملهم وفي تفاعلهم مع الآخرين.
- الصدق: من المهم تنشئة الأبناء على الصدق منذ الطفولة لكي يصبح ركيزة في خلقهم وصيغة ثابتة في سلوكهم.
- التسامح: وهو قيمة أخلاقية عظيمة تعني الصفح عن الأخطاء وهو يعزز أواصر العلاقات الاجتماعية ويحسن تعايش الأفراد مع بعضهم.
- الكفاءة والمسؤولية: وذلك بتعويد الأبناء على تنمية قدراتهم والاعتماد على كفاءتهم ومعارفهم لإيجاد الحلول لمشاكلهم والتغلب عليها.
- العدل: يجب تحقيق العدل بين الأبناء وتعويدهم على تبني مواقف العدل والعدالة في تفكيرهم وسلوكهم وذلك لترسيخ علاقة صحية بين الأفراد والآخرين تكون الميزان الحاكم والموجه لسلوكهم.
- الصبر: من القيم العظيمة التي حث عليها الإسلام ووعد صاحبها أجرًا عظيمًا لأنها تعود على تأجيل الشهوات والتأني في كل الأمور وتزيد الأفراد حكمة ووعيًا.
أساليب عملية لغرس القيم في الأبناء
لكي تقوم الأسرة بدور فعال في غرس القيم الإيجابية لدى الأبناء يجب أن تقدم لأبنائها مناخًا أسريًا حاضنًا يتبنى النقاش الموضوعي والتعامل عن طريق الحوار وتصحيح الأخطاء باحترام ومحبة وتقدير، ونقترح لتحقيق ذلك الأساليب التالية:
- إعطاء الأبناء الثقة وتعليمهم تحمل المسؤولية وذلك بترك مساحة حرية لهم في العمل والتحرك واتخاذ القرارات، وإشراكهم في حل العقبات والمشاكل التي تواجه الأسرة.
- تعليم الأبناء حسن إدارة الوقت وتوجيههم لاستثمار وقتهم في الأعمال والنشاطات البناءة التي تفيدهم شخصيًا وتنمي مهاراتهم ومعارفهم التي تفيد المجتمع ككل.
- متابعتهم ومحاورتهم والاهتمام بمشاكلهم واستفساراتهم وكذلك متابعة برامج الإنترنت التي يستخدمونها والقنوات التي يتابعونها وإرشادهم للقيم والأخلاق.
- الإبتعاد عن النقد اللاذع واللوم المستمر وتجنب العقاب الشديد واتباع أسلوب الحوار لحل المشاكل.
- حثهم على التمسك بالقيم والمبادئ المجتمعية أو الدينية واختيار الأسلوب المناسب لفئتهم العمرية ومناقشتهم وتعريفهم بقيمهم ومبادئهم.
- تشجيعهم على حسن اختيار الأصدقاء على أساس التقوى والإيمان والأخلاق الحميدة والإبتعاد عن التأثير السلبي لرفاق السوء.
- الاهتمام بعقولهم وتفكيرهم وحثهم على الإبداع وإتاحة الفرصة لهم للتعبير عن آرائهم وأفكارهم ضمن ضوابط القيم والدين.
العوائق التي تمنع الأسرة من القيام بدورها
- العائق الأهم هو تحدي العولمة حيث تنتشر الأفكار الغربية والدخيلة على مجتمعنا نتيجة انتشار وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت مما أوجد تحديات كبيرة في مجال التربية الأخلاقية وصعوبة مسؤولية التربية على الأهل.
- الدور السلبي لوسائل الإعلام حيث من المفترض أن تقوم وسائل الإعلام بدورها في التوعية السلوكية والمحافظة على القيم إلا أن العولمة والانفتاح جعل ضعاف النفوس يستغلون هذه الوسائل كسلاح لحرف الجيل الصاعد عن الطريق القويم بإشاعة الفوضى وبث قيم المجتمعات الغربية لتأجيج صراع القيم عند الأبناء.
- ضعف دور المؤسسة التعليمية، حيث أن تضاؤل دور المدارس وأماكن التعلم وابتعادها التدريجي عن مسؤوليتها التوعية والتربوية أدى إلى وقوع العبء الأكبر على عاتق الأهل في عملية التربية.
- التأثير السلبي لرفاق السوء حيث أنه للأصدقاء الدور الأكبر في حياة الفرد في مختلف المراحل العمرية ولا يخفى على أحد دور رفاق السوء في انحراف الأبناء عن الطريق القويم الذي نشؤوا عليه منذ الطفولة.
الأخطاء التي ترتكبها الأسرة في تربية الأبناء
هناك أخطاء تربوية يرتكبها الأبوان تؤثر سلبًا على غرس القيم والمفاهيم الصحيحة في الأبناء نذكر منها:
- الغضب: ينبغي دائمًا أن نعتمد أسلوب الحوار والتفاهم وألا نسمح لضغوط الحياة أن تجعلنا نغضب على أبنائنا لأتفه الأسباب.
- التجسس عليهم: يؤدي التجسس على الأبناء إلى انعدام الثقة بينهم وبين الأهل ويضعف العلاقة بينهم.
- التدخل الدائم وعدم إعطائهم الثقة: وهذا من شأنه أن ينشئ أفرادها ضعيفي الشخصية.
- كثرة الانتقاد والاتهام: ينشئ الأبناء على الشك بقراراتهم وطريقة تفكيرهم.
- التدخل في مستقبلهم: حيث يجب على الأهل ترك مساحة حرية للأولاد لاختيار مهنتهم بما يتناسب مع ميولهم ومواهبهم.
- استخدام الألفاظ النابية والعبارات السلبية: يجعل الأبناء عدوانيين ومتقلبي الشخصية.
- عدم وضع قوانين في المنزل: يجب الحزم بتطبيق القوانين المنزلية لكي ننشئ أفرادًا منظمين بعيدين عن الفوضى.
- الحماية الزائدة: إن الإفراط في حماية الأبناء من شأنه إنتاج شخصية غير ناضجة وغير قادرة على تحمل المسؤولية.
ختامًا يجب على الأسرة الاهتمام بأبنائها ورعايتهم ومتابعة نشاطاتهم وإعطائهم الوقت الكافي والرعاية اللازمة لتنشئة جيل فعال في المجتمع يحمل قيمًا أخلاقية تنعكس على سلوكه ودوره في بناء وطنه.
اقرأ أيضًا: ما هو الألم الاجتماعي، وكيف تتخلص منه؟