سيرة عمر الخيام

عمر الخيام
Share this post with friends!

من هو عمر الخيام

هو غياث الدين أبو الفتوح عمر بن إبراهيم الخَيّام نيسابوري، وُلد عام 1048م في نيسابور في خراسان، والتي تقع في إيران، وعُرف باسم عمر الخيام، وسمي بذلك نسبة إلى والده الذي لُقّب بالخياّم لعمله فيها.

يعتبر عمر الخيام عالمًا في الرياضيات، الفلك، الفلسفة والشعر الفارسي، وديانته الإسلام، وتوفي في عام 1131م، عن عمر يناهز 83 عامًا.

حياة عمر الخيام

درس عمر الخيام مع صديقين مقربين، وتعاهد الأصدقاء الثلاثة على أن يتعاونوا على النجاح، وأن يُساعد كل منهم الآخر، فأصبح صديقه وزيرًا للسلطان ألب أرسلان، ثم أصبح وزيرًا لابنه السلطان ملكشاه، فكان يُخصص لعمر الخيام مئتين وألف مثقال من بيت المال، وبذلك تفرغ عمر الخيام لدراسته وبحثه، ولم يقلق على أساسيات حياته.

عاش عمر الخيام معظم حياته متنقلًا بين نيسابور وسمرقند، وكان كثير الزيارة لعدة مراكز للعلم كبُخارى وأصفهان، وتبادل فيهم الآراء مع مجموعة من العلماء.

قام عمر الخيام بالعديد من الإنجازات في عدد من المجالات، وفي عام 1068م سافر إلى بُخارى، فتردد فيها على مكتبة الفلك المرموقة، وعُين في عام 1073م مستشارًا للسلطان ملك شاه الأول، وكان في السادسة والعشرين من عمره.

عمر الخيام والرياضيات

اشتهر عمر الخيام في شعره، ولكنه أيضًا كان عالمًا في الرياضيات، حيث قدم الكثير لعلم الجبر، وقام بتحديد التقويم السنوي للسلطان ملكشاه، وبذلك ابتكر التقويم الفارسي الذي يُستخدم حتى أيامنا هذه في بلاد فارس.

يعتبر عمر الخيام أول من ابتكر طريقة حساب المثلثات، وابتكر أيضًا المعادلات الجبرية من الدرجة الثالثة بواسطة قطع المخروط.

عمر الخيام هو أول من استخدم كلمة “شيء” للتعبير عن المجهول، وتُرجمت هذه الكلمة إلى البرتغالية بكلمة (Xay)، وبالتدريج تم استبدالها حتى عُبر عنها بالرمز x، وهو الرمز ذاته المتعارف عليه في أيامنا هذه للتعبير عن المجهول.

ليس هذا فحسب، بل اشتهر عن عمر الخيام أيضًا عبقريته في حل معادلات الدرجة الثانية بأساليب هندسية وجبرية، وقام أيضًا بتنظيم المعادلات التكعيبية وحاول حلها جميعها، واستطاع ابتكار حلول هندسية لمعظم المعادلات التكعيبية.

بحث عمر أيضًا في نظرية ذات الحدين، ووضع أيضًا عدة طرق لإيجاد الكثافة النوعية.

من القوانين المعروفة في علم الجبر والرياضيات مثلث باسكال، ومن الجدير بالذكر أنه يُطلق عليه أحيانًا اسم مثلث الخيام، وهذا لدوره الكبير في ابتكار نظرية ذات الحدين.

عمر الخيام والفلك

كان عمر أيضًا عبقري في علم الفلك، وطلب منه السلطان ملكشاه إنشاء مرصد في مدينة أصفهان، وقام بالفعل بذلك في عام 1074م.

تولى الخيّام الرصد في مرصد أصفهان، واستطاع حساب تقويم سنوي بدقة بالغة، حتى امتدحه المؤرخ جورج سارتن قائلًا إن تقويم الخيام أدق من التقويم الجريجوري.

أنهى الخيام مع مجموعة من العلماء في عام 1079م التقويم الفارسي، وقام بقياس طول السنة معبرًا عنها بأربعة عشرة خانة وهي: 365.24219858156 يومًا.

وفق الدراسات والقياسات الحديثة، وُجِد أن الرقم صحيح 100% في خاناته الثمانية الأولى، أما بقية الخانات فهي تختلف بشكل طبيعي من سنة لأخرى، وبهذا فإن الخيام استطاع حساب طول السنة بالنظام الأكثر دقة على الإطلاق.

اقرأ أيضًا: مسيرة الحياة الإنسانية – كتاب الإنسان سافك الدماء

عمر الخيام والأدب العربي

كان عمر الخيام شاعرًا فذًا، وكان أديبًا ومؤلفًا، حيث نشر مجموعة من المؤلفات وهي:

  • شرح ما أشكل من مصادرات كتاب أقليدس.
  • الاحتيال لمعرفة مقداري الذهب والفضة في جسم مركب منهما، وفيه طريقة قياس الكثافة النوعية.
  • رسالة في الموسيقى.

أشهر مؤلفات الخيام ما يُطلق عليه برباعيات الخيام، وهي مقطوعة شعرية باللغة الفارسية، ومكونة من أربعة أشطر، حيث أن الشطر الثالث فيها مطلق، أما الأشطر الثلاثة الأخرى فهي مقيدة.

أول من أطلق على عمر الخيام لقب الشاعر هو المؤرخ عماد الدين الأصفهاني، وكان الخيام يتغنى برباعياته في أوقات فراغه، وبذلك عرفها أصدقاؤه ونشروها عنه.

تعرضت رباعيات الخيام إلى ترجمات عديدة، وأثارت الكثير من الجدل، فظن البعض أنها تدعو إلى الرضا والتمتع بالحياة، وأما البعض الآخر فرأى أنها تدعو إلى اليأس.

يُقال أن السبب في إثارة الجدل قد يكون في عدم دقة بعض الترجمات أو كثرتها، بالإضافة إلى ضياع أغلبها مما جعلها غير كاملة أو معروفة بشكل صحيح في وقتنا الحالي.

كان الخيام عالمًا مسلمًا جليلًا يشهد الجميع بأخلاقه السامية، ولكن الرباعيات تدعو إلى اللهو واغتنام فرص الحياة الفانية، ولهذا السبب شكك بعض المؤرخين فيما إن كانت هذه الرباعيات تعود فعلًا إلى الخيام أم لا.

وكان المستشرق الروسي زوكوفسكي واحدًا من هؤلاء المؤرخين المشككين، حيث قام برد 82 رباعية إلى أصحابها، وبقي القليل ممن لم يُعرف له صاحب.

حققت الترجمة الإنجليزية للرباعية نجاحًا باهرًا لدى مستشرقي نهاية القرن، وقد ترجمها إدوارد فتزجيرالد في عام 1859م.

اقرأ أيضًا: سيرة الصحابي خالد بن الوليد

بعض أقوال عمر الخيام

قال الخيام العديد من الأشعار والعبر، وأثار العديد منها الجدل، حتى أن بعضها جذب تهمة الإلحاد إلى الخيّام، ومع ذلك فجميع المؤرخين يشهدون بوفاته مسلمًا، وفيما يلي أبرز أقوال الخيام:

  • أفنيتُ عمري في اكتناه القضاء                     وكشف ما يحجبه في الخفاء
    فلم أجد أسراره وانقضى                            عمري وأحسستُ دَبيب الفناء
  • وقال في رباعيته:
    لبست ثوب العم لم أُستَشَر                          وحرتُ فيه بين شتى الفكر
    وسوف أنضو الثوبَ عني ولم                      أدرِك لماذا جئت أين المقر؟
    لم يبرح الداءُ فؤادي العليل                         ولم أنل قصدي وحان الرحيل
    وفات عمري وأنا جاهل                            كتاب هذا العمر حسم الفصولِ
  • وقال الخيام ذات مرة متعجبًا من الفناء السريع للشباب ومن مضي الحياة بسرعة فقال:
    تناثرت أيام هذا العمر                               تناثر الأوراق حول الشجر
    فانعم من الدنيا بلذاتها                               من قبل أن تسقيكَ كفَّ القدر
    أطفئ لظى القلب ببرد الشراب                     فإنما الأيام مثل السحاب
  • ثم يتبع ما سبق بمجموعة من الأبيات، ويقول في موضع آخر:
    يا عالم الأسرار علم اليقين                          يا كاشف الضر عن البائسين
    يا قابل الأعذار فإنا إلى                             ظلك فاقبَل توبة التائبين
  • دعا الخيام أيضًا في رباعيته إلى الإصلاح الاجتماعي فقال:
    صاحِب من الناس كبار العقول                     واترك الجهال أهل الفضول
    واشرب من نقيع السم من عاقل                     واسكب على الأرض دواء الجهول
  • وقال أيضًا عن اتجاهه الديني الأبيات الآتية:
    إن لم أكن أخلصت في طاعتك                     فإني أطمع في رحمتك
    وإنما يشفع لي أنني                                 قد عشت لا أشرك في وحدتك

ولهذا السبب أثارت رباعيات الخيام الجدل، فتارة يدعو إلى الشرب، اللهو، الجنون وضياع الوقت وتارة يطلب رضا الله وعفوه، ولهذا السبب اختلف علماء الدين الإسلامي في تصنيفه، ولكنهم ثبتوا على أن ما قاله كان بمثابة صرعة في وجه الظلم والأفعال التي لا تمت للإسلام بصلة.

في البداية كانت رباعيات الخيام متفرقة، ولم يُفكر أحد في جمعها حتى بعد رحيله بثلاثة قرون ونصف، وترجمت إلى الإنجليزية، ثم ترجمها كل من الشاعر المصري أحمد رامي والشاعر العراقي أحمد الصافي النجفي والشاعر الأردني عرار إلى العربية،

وفي نهاية حياة الخيام، بدأت صحته تزداد سوءًا، وكان حينها يعمل في مدينة مرو الشاهجان لدى السلطان سنجار، وسُمح له حينها بالعودة إلى مسقط رأسه في نيسابور، واعتزل فيها البشر حتى وافته المنية.

المرجع:

اقرأ أيضًا: رحلة إلى وادي عبقر – قصة لقاء السيسبان

0 thoughts