فن الحوار والاقناع

فن الحوار والاقناع
شارك هذه المقالة مع أصدقائك!

فن الحوار والاقناع

الحوار أصله من الحَوْر وهو الرجوع عن الشيء وإلى الشيء.

والمحاورة: هي مراجعة الكلام والمنطق في المخاطبة، قال تعالى: “قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ” (الكهف: 37)، أي يراجعه الكلام مع عدم التسليم بكل ما يقوله الطرف الآخر.

والحوار هو: تبادل الحديث بين طرفين أو أكثر، يريد كل منهما الوصول إلى أهدافه في أي مجال دينيًا أو تربويًا أو سياسيًا أو فكريًا.

وبمنظور علم الاتصال يمكن القول أن الحوار:

“هو تلك العملية الاتصالية التي يتفاعل خلالها طرفا عملية الحوار (المرسل والمستقبل) أو (المحاوِر والمحاوَر)، ذهنيًا ونفسيًا، وسلوكيًا، من خلال تبادل الحديث، أو طرح التساؤلات وتقديم إجابات عليها لتحقيق أهداف محددة”.

مصطلحات ترتبط بالحوار

1. الجدل

هو دفع المرء خصمه عن طريق إفساد قوله بحجة أو شُبهة، أو تصحيح كلامه، أو هو إلزام الخصم والتغلب عليه عن طريق إقامة الحجة والإتيان بالدليل.

والحوار والجدل يلتقيان في أنهما حديث أو مناقشة بين طرفين، لكنهما يفترقان بعد ذلك، فالجدل قد يتضمن اللدد في الخصومة وما يتصل بذلك ولكن في إطار التخاصم بالكلام.

ينقسم الجدل إلى نوعين:

  • الجدل الممدوح

وهو جدال أيَّد الحق أو أفضى إليه بنية خالصة وطريق صحيح، كما في قوله تعالى: “ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ”.(النحل:125)

  • الجدل المذموم

وفيه يتعصب المجادل لرأيه ولا يتنازل عنه وإن تبين صواب غيره، وهو كل جدال بالباطل أو أَفضى إلى باطل. كما في قوله تعالى” وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ ۚ وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ ۖ وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا أُنذِرُوا هُزُوًا” (الكهف:56).

2. المناظرة

قريبة من معنى الحوار وأصلها من النظر، والنظير هو المثل والند. يُقال: (ناظرت فلانًا) أي صرت له نظيرًا في التحدث والمخاطبة.

ومن معانيها: الوصول إلى الحق والصواب في الموضوع الذي اختلفت أنظار المتناقشين فيه.

3. الاختلاف

آية من آيات الله، وقد يكون في الألوان، والألسن، والنوع، وهذا الاختلاف والتباين لا يكون داعيًا للتباعد، ولا حافزًا للتعارك والنزاع والصراع، وإنما هو أدعى للتعاون، الذي يتم بالحوار.

أهمية الحوار

1. الحوار وسيلة لتبادل الآراء للوصول إلى الحق

من خلال الحوار يمكن الوصول للرؤى المشتركة، وإقناع الآخرين بالحق، وتبادل الآراء والمعارف والخبرات.

والحوار من أنجح أساليب الدعوة إلى الإسلام وتبيينه للناس، والحوار غالبًا ما ينتهي إلى أحد هذه الأمور الثلاثة:

  • التقبل والاعتراف بصحة الرأي الآخر.
  • التقارب في وجهات النظر.
  • الاختلاف والعداء.

2. تقوية الروابط الاجتماعية

فالمتأمل في أسباب تفكك كثير من الروابط والعلاقات الاجتماعية والأسرية والزوجية، يجد أن السبب الرئيسي فيها هو الافتقار إلى الحوار والمناقشة والمراجعة، وفقدان التعبير اللفظي المناسب.

والتمكن من الحوار يساعد على تعميق العلاقات الاجتماعية، والثقة بالآخرين، وتحقيق التعارف والتآلف والتعاون بين الناس.

3. الحوار ضرورة تربوية

فالحوار من أحسن الوسائل الموصلة إلى الإقناع، وتغيير الاتجاهات والسلوك إلى الأحسن؛ لأن الحوار ترويض للنفوس على قبول النقد، واحترام أراء الآخرين، واذكاء روح الشورى، وقول الحق وتتجلى أهميته أيضًا في دعم النمو النفسي، والتخفيف من مشاعر الكبت، وتحرير النفس من الصراعات والمشاعر العدائية والمخاوف والقلق.

4. الحوار طريق آمن لإيجاد الحلول للقضايا المختلفة

فهو وسيلة للاعتصام من الفتن، وممارسة حضارية تعصم الأفراد والجماعات من الصراعات والحروب والنزاعات، ويبرز أنقى وأذكى ما تنتجه العقول من آراء وتصورات لحل القضايا والمشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتعليمية.

سمات المحاوِر المقنع

  • العلم: فالمحاور الجيد يجب أن يكون على علم بموضوع الحوار، فيستطيع الدفاع عن فكرته، والدعوة إليها أو الإقناع بها.
  • الصدق: فالمحاور الناجح يتسم بالصدق، مما يجعله جديرًا بثقة الجمهور، وبالتالي تتكون اتجاهات إيجابية نحوه، وتزداد قدرته على الإقناع وتعديل اتجاهات من يحاوره وتغييرها أو تدعيمها، وكذلك تعديل سلوكه أو تغييره أو تدعيمه.
  • الدقة: وتعني أن يكون المحاور قادرًا على اختيار الكلمات المعبرة عن المعنى المقصود، وأن يبعد عن الكلمات الكاذبة الدلالة، وكذلك دقة معلومات المحاور وصحتها، فلا يقدم إلا ما هو دقيق وصحيح.
  • الموضوعية: وتعني البعد عن الهوى، والعدل في الحكم على الأشخاص والأحداث والأشياء، والوقوف إلى جانب الحق، فلا يتعصب لرأيه، ويسلم بخطئه ويعترف به.
  • الأمانة: بمعنى أن يكون المحاور أمينًا في عرض موضوعه، والأمانة تقتضي عدة أمور مهمة منها: إرجاع الأفكار أو إسناد الآراء إلى مصادرها، وترك الحجج الواهية، وعدم الاستشهاد بآراء وأقوال من لا يُطمأن إلى علمه أو أمانته.
  • التواضع واحترام الطرف الآخر: إذ يجب أن يتسم المحاور بالتواضع، وأن يبتعد عن كل ما من شأنه أن يحقر الطرف الآخر أو يقلل من شأنه.
  • التمتع بقدرات عقلية جيدة
  • الحماسة: إذ يجب أن يكون المحاور متحمسًا لموضوع الحوار وتوّاقًا للحديث عنه.
  • الاتزان الانفعالي: ويقصد به أن يظهر المحاور انفعاله بالقدر الذي يتناسب مع الموقف، وأن يتحكم في انفعالاته.
  • المظهر: ويعكس المظهر رؤية المحاور لنفسه، ويحدد الطريقة التي ينظر بها الآخرون إليه قبل أن يتحدث.
  • القدرة على التعبير الحركي وتوظيف لغة الجسد: فالحركات الجسمية والإيماءات المصاحبة للحديث المنطوق تدعم الحوار، وتؤمن له نظامه وتحفظ له إيجابياته.

تنقسم مهارات الحوار إلى قسمين:-

1. الإعداد للحوار

فالإعداد قبل إجراء الحوار مسألة مهمة ونقطة البدء لعمل حوارات جيدة، ويجب:-

  • إخلاص النية لله.
  • تحديد ومعرفة موضوع الحوار والهدف منه.
  • التفكير في نوع الأسئلة التي قد يواجهها المحاوِر مقدمًا.
  • الإعداد الجيد للحوار، أي يجب أن يعد المحاور مادته إعدادًا جيدًا، وأن يحضر لها تحضيرًا شاملًا.

2. تنفيذ الحوار

إن أردت أن تقدم حوارًا فعالًا عليك أن تراعي ما يلي عند تنفيذه:-

  • دع الخوف جانبًا
  • أحسن استهلال الحوار وختامه
  • لا تبدأ بالقضايا موضع الاختلاف
  • جامل الناس وتلطف معهم
  • أحسن التعامل مع أسئلة المشاركين في الحوار والجمهور
  • تجنب الأسئلة الغامضة والمحرجة
  • لا تقاطع المتحدث
  • اعترف بالخطأ
  • استخدم اللغة المناسبة
  • أحسن توظيف لغة جسدك
  • أحسن إغلاق المناقشة
  • تخيّر النهايات المؤثرة للحوار

مفهوم الإقناع وأساليبه

الإقناع يُعرّف بأنه الجهد المنظم الذي يستعمل وسائل مختلفة للتأثير في آراء الآخرين وأفكارهم في موضوع معين.

أساليب الإقناع

  • الأساليب العقلية للتأثير في الطرف الآخر للحوار: المناقشة المنطقية، والطرق العلمية، والبراهين.
  • الأساليب العاطفية للتأثير في الطرف الآخر للحوار: الإعلان، والخيال، والدعاية، والإغراء، والبلاغة.

أدوات الإقناع

تتنوع أدوات الإقناع فقد يتم الإقناع بضرب الأمثلة، أو بالاستفهام، أو بالقصة، أو بالمقارنة، أو بالصور الذهنية، أو بالنقل المؤثر للمعلومات، أو بعرض القضية مباشرة، أو ببيان المزايا والعيوب، أو بالإلقاء المتقن، أو بالبدء بالأهم.

مهارات الإقناع ومتطلباته

الإقناع يستلزم المهارات والمتطلبات الآتية:-

  • ينبغي أن ينطلق الإقناع من المشتركات؛ لتشجيع غيرك على توسيع تلك المشتركات إلى الحد الذي يعين على إنهاء المشكلات التي سببها الاختلاف، وصولًا إلى توطيد أواصر العلاقات معهم.
  • الابتعاد عن الجدل والتحدي واتهام نيات الآخرين.
  • توظيف جميع الوسائل الممكنة للترويج للأفكار الجديدة قبل مباشرة الإقناع بها.
  • التركيز على توضيح الأفكار الأساسية في الإقناع بدقة ووضوح وموضوعية.
  • الاهتمام بآراء المتلقي وملاحظاته ومنحه الفرصة الكافية لعرض أفكاره بالطريقة الملائمة له.
  • التعبير عن الإعجاب بالأفكار والأدلة والمعلومات التي يقدمها الطرف الآخر.
  • تحليل المعارضة والإعداد لمواجهتها مواجهة متمكنة، والإجابة عن أسئلتها إجابة دقيقة وواضحة.

إقرأ أيضًا: كيف تكتب تقريراً صحفياً؟

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!

منصة الكترونية لنشر المقالات باللغة العربية. يسعى موقع فنجان الى اثراء المحتوى العربي على الانترنت وتشجيع الناس على القراءة

‫0 تعليق