قبائل الشركس
كثير منا لا يعرف عن قبائل الشركس رغم وجودهم في مجتمعاتنا وعيشهم معنا في أوساطنا، سنعرض في هذا المقال بعض المعلومات التي تخص الشراكسة وعن تاريخهم وعاداتهم وتقاليدهم.
من هم قبائل الشركس؟
الشركس هم شعوب تسكن شمال القوقاز أو القفقاس أو القفقاز أو بلاد القَبْق وهي منطقة جغرافية سياسية تقع عند حدود آسيا وأوروبا، وهم قبائل تتكون من 12 قبيلة، ثلاث منها من القبائل الديمقراطية وتسع منها من القبائل الأرستقراطية.
كلمة شركس
هي كلمة أطلقت على إحدى قبائل شعب الأديغا ثم أصبحت مع الزمن شاملة كل الشعوب التي تستوطن شمال القوقاز من سكانها الأصليين وأيضًا الوافدين، الشركس هي تسمية لقبهم بها قدماء اليونان وجيرانهم الفرس.
تاريخ قبائل الشركس
اعتنق الشراكسة الدين الإسلامي تدريجيًا منذ فتح بلاد الخزر وانتشاره بين شعوب القوقاز، أصبح اسمهم (الشركس) متداولًا وبشكل واسع في الأوساط الإسلامية في عهد السلاطين الأيوبيين حيث كان الشركسيين يُستجلبون كمقاتلين محترفين للانضمام إلى الجيوش.
لمع نجمهم بعد الانتصارات التي حققوها منذ بداية دولة المماليك خصوصًا في عهد الظاهر بيبرس وتحديدًا في معركة عين جالوت والتي كانت مفصلية في تاريخ المنطقة، حيث يتحدث الشركس بفخر عن انتساب هذا القائد وعدد من الشخصيات المحورية في تلك المرحلة إلى شعبهم، لكن احتدام حمى الأطماع التوسعية للإمبراطورية الروسية ورغبتها في الوصول إلى المياه الدافئة شكلت مأساتهم لشنها حربًا شرسة على أرضهم امتدت مئة سنة وأكثر.
قاوم قبائل الشركس ببسالة عن أرضهم حتى انهزامهم في المعركة الأخيرة قرب مدينة سوتشي المطلة على البحر الأسود وكانت بداية النهاية للشركس وشعوب شمال القوقاز المسلمة على أرضهم.
سقط مئات الآلاف من القتلى ومليون ونصف المليون هُجّروا من موطنهم الأصلي، أو تم نفيهم بعيدًا، وصل ما تبقى منهم إلى منطقة الأناضول والأجزاء الأوروبية الخاضعة لسيطرة العثمانيين، كان الأردن محطة استقرارهم الأساسية، عمّروا مناطق من العاصمة عمّان، ثم انتشروا في محافظات أخرى.
بدأوا في تنظيم حياتهم بعيدًا عن أوطانهم واندمجوا مع محيطهم الجديد وتآلفوا مع أهل البلد، والتحقوا بالوظائف العامة خصوصًا في الجيش والشرطة مستفيدين من مهاراتهم وكونهم مدربين على فنون الدفاع والقتال، وكانوا إحدى ركائز حرس الملك وقادة في جيشه منذ تأسيس المملكة الأردنية الهاشمية.
بالرغم من استقرارهم في أوطانهم الجديدة ما تزال قبائل الشركس يستذكرون سنويًا ذكرى يوم الحداد والمأساة التي تعرضوا لها في وطنهم الأم، مأساة الأديغا 21 من شهر مايو/أيار والتي مات فيها الكثير من الضحايا في مجزرة جماعية وإبادة جماعية على يد روسيا، وينقل الشراكسة لأبنائهم جوانب من تراثهم وإرثهم الحضاري.
كما يحتفلون سنويًا بيوم العلم الشركسي 25 أبريل/نيسان ذي النجوم وعددها 12 نجمة ذهبية وذلك بناء على عدد القبائل الشركسية، والتي ترمز لوحدة قبائلهم وهي موجودة على خلفية خضراء والتي ترمز لأرضهم (القفقاس) مع ثلاثة أسهم وهي عدد الأسهم التي كان يحملها الفارس الشركسي أثناء السلم.
ملامح الشركسيين
يمتاز الشراكسة بعيونهم الزرقاء الجميلة وشعرهم الأشقر وبعضهم يمتاز بالشعر الأسود.
لغة قبائل الشركس
لغتهم الأساسية هي الغة الشركسية والتي تتكون من ثلاث لغات رئيسية بجانب بعض اللغات الفرعية الأخرى.
زي الشركسيين التقليدي المميز
يتميز الشركس بلباسهم التقليدي الأنيق، عادة ما يرتدي الرجل قبعة صوفية دائرية سوداء (القلبق)، والمرأة ترتدي لباسًا يغطي كافة جسدها وهو ثوب طويل فضفاض تتوسطه زخارف خفيفة مع قبعة طويلة يتدلى من أعلاها منديل شفاف.
عاداتهم وتقاليدهم
حافظ الشركس حيثما حلوا على عاداتهم وتقاليدهم تحديدًا أديغا خابزة – وهي منظومة متكاملة توثق العادات والتقاليد القديمة التي يقدسها الشركس، فهي من الناحية الاجتماعية تنظم حياة الإنسان منذ ولادته إلى أمور الزواج والعائلة.
والمرأة الشركسية لدى قومها أميرة متوجة لاعتبارها عنصرًا محوريًا في المجتمع يجب احترامها من الجميع.
اشتهر الشراكسة بزواج الخطيفة وهو اتفاق مسبق بين الفتاة والشاب، يخطفها وتودع ببيت الأقارب معززة مصانة حتى يتم تحديد موعد الزفاف مع الأهل.
يقدس الشراكسة ثلاثة أشياء وهي الأخلاق والقوة والوطن، فهم يعتبرون أن من فقد أخلاقه فقد قوته، ومن فقد قوته فقد وطنه.
إذ كانت أخلاقهم هي مصدر قوتهم أمام المستعمرين والغزاة منذ آلاف السنين.
ومن عادات قبائل الشركس أيضًا:-
- أن الأب يبتعد عن أبنائه في الصغر ويتركهم عند أمهاتهم، وذلك اعتقادًا منهم بأن الرجولة والعاطفة لا يمكن أن يجتمعا سويًا.
- تقوم النساء المرضعات من الشراكسة بإرضاع كل الأطفال في القرية مما يجعل جميع أهل هذه القرية مثل العائلة الواحدة تربطهم رابطة قرب قوية ومتينة، وعن الزواج فإن أهل هذه القرية يقومون بالزواج من القرية المجاورة لهم حيث أنه لا يجوز زواج الأقارب.
- وأيضًا من عاداتهم أنه لا يقوم أهل العروس بالحضور إلى حفل زفاف ابنتهم.
- لا يوجد تعدد الزوجات عند قبائل الشركس إلا في بعض الظروف والحالات مثل أن الزوجة مريضة مرض شديد أو لا تستطيع الإنجاب.
- لا يفضل الشراكسة الطلاق ويعتبرون ذلك أنه نقص عقل وقلة رجولة.
- يتميز الرقص الشركسي بأنه يقارب الرقص الأوروبي في الحركات والشكل، ومن أشهر رقصات الشركس هي رقصة القافا ورقصة الموج ورقصة الششن حيث يقوم الشباب والفتيات بالرقص معًا.
- التدخين يعتبر معيبًا جدًا أمام كبار السن ويعتبر الابتعاد عن التدخين أمام كبار السن نوع من أنواع الاحترام والاجلال لهم.
- عند دخول ضيف غريب عليهم يقوم جميع الجالسين بدون استثناء بالنهوض واستقبال الضيف وذلك دلالة على إظهار الاحترام والإجلال للضيف.
الموسيقى عند الشراكسة
للموسيقى دور بارز ورئيسي في الغناء عند الشركسيين، والموسيقى التي يتم عزفها على آلة الأكورديون تحظى باهتمام كبير، حيث تعتبر من أهم الفنون الرائعة والتي يلجؤون إليها ويعتمدون عليها في حفلاتهم الموسيقية والغنائية.
من أشهر آلاتهم الموسيقية وأكثرها استخدامًا هي: الأكورديون والكمان والبجمي وهو مزمار يستعمله الرعاة، وآلة الأبخيارستا والناي والشيكابشنه والقيثارة.
أهم الحرف التي يقومون بها
يهتم الشراكسة بتربية الحيوانات والزراعة بجانب بعض الصناعات والحرف اليدوية والحرف المنزلية.
مشاهير لهم أصول شركسية
بعض الشخصيات الفنية المشهورة لها أصول شركسية منهم مصطفى فهمي، حسين فهمي، رشدي أباظه، شويكار، وغيرهم من الفنانين والممثلين الذين اشتهروا على الشاشة المصرية، وأسماء أخرى لمعت في سماء الأدب لها أصول شركسية، وحازوا على جوائز عالمية في المسرح والقصة والشعر.
واشتهرت أيضًا شخصيات أخرى في السياسة والفن والأدب في مختلف الدول التي عاشوا فيها (العراق، سوريا، تركيا، لبنان، فلسطين، الأردن، مصر، ليبيا، تونس).
الأمثال المشهورة عند قبائل الشركس
يوجد العديد من الأقوال المأثورة والمحببة لدى الشراكسة والتي يستخدمونها بكثرة في حياتهم، ومن هذه الأمثال:-
- الرجل المؤدب الخلوق ليس بفقير أبدًا.
- البيت الذي يخلو من الضيف ليس ببيت سعيد.
- ابذل حياتك في سبيل الشرف.
- الضيف واحد من أفراد الأسرة.
- من يهين المرأة لا يكّن لنفسه الاحترام.
- النبل في ذات الرجل، وليس في أصله.
- البيت الذي يخلو من النساء شبيه بالحقل غير المزروع.
- اليأس يمنع الفرس من الركض السريع.
اقرأ أيضًا: ما هو أصل العرب؟