ولا ألف ليلة وليلة – الليلة الثالثة عشرة

[faharasbio]

قصص ولا ألف ليلة وليلة – الليلة الثالثة عشرة

ضمن سلسلة قصص ولا ألف ليلة وليلة بالاشتراك مع الأديبة المصرية ربا أحمد

تحت مظلة السماء السوداء .. المرصعة بالنجوم كحبات
لؤلؤ تلقي على الأرض الأضواء .. كانت شهرزاد تجلس
بجوار شهريار صامتة، يخيل للناظر إليها أنها خرساء
بكماء ..!

-هل مازلت غاضبة يا شهرزاد؟

نظرت إليه نظرة عاتبة ثم خفضت رأسها دون كلمة فقال
بتأفف:

أنت السبب .. تعلمين بأنني أكره العناد .. ولقد توقفت
ليلة قبل أمس عند أمر لم أستطع فهمه .. ما الذي حدث
لمرجانه وأفزع نوران؟!!

حسنًا يا مولاي .. سأحكي لك الآن .. ماذا حدث وماذا كان ..

بينما كانت مرجانة تتحدث بسرعة وهي تركض في الماء
وقعت على وجهها وكانت هناك صيحة ألم قد أطلقها
فمها .. وفجأة اتسعت عينا الأمير وهو يتأمل ذاك الذيل
الطويل .. الذي انبثق من ساقيها فظهرت بحالة ما كانت
عليها ..!

تسمر نوران بمكانه وقد ظهرت على ملامحه علامات
الذهول وعدم التصديق .. وما أثار توجسه أن مرجانة لم
تتحرك منذ وقعت.

نحى عنه الذهول .. وتشجع وهو يقترب منها بحذر شديد. انحنى وهو يمد كفه يهز جسدها .. وبعد عدة محاولات
تململت في مكانها.

مرجانة !!
قالها نوران بنبرة مهتمة فأجابته بصوت هاديء يتخلله
التعب:

ساعدني كي أتحرك تجاه المياه العميقة .. بسرعة
أيها الأمير.

نفذ طلبها بلا إبطاء .. فالحورية في حالة إعياء. بعد أن سحبها إلى المياه العميقة .. تركها تسحب أنفاسها
لمدة دقيقة قبل أن تودعه على وعد بلقائه في الغد عند
الغروب وتقبل نوران ما قالته رغم توتره وحالته
المزرية..!

نوران !! التفت الأمير على صوت يناديه .. ولم يكن سوى القبطان
حسن الذي اقترب من الشاطئ وأشار لنوران أن يخرج
بسرعة من الماء.

ما الذي تفعله في الماء في مثل هذا الوقت يا أمير؟ .. ألا
تعلم بأن الوضع هنا خطير؟!

لا تُضخم الأمور أيها القبطان .. كنت أشعر بقليل من
الضيق وأفرغت ضيقي في السباحة.

حسنًا يا نوران .. في المرة القادمة سأكون معك .. فكما
تعلم .. أنا هنا من أجل سلامتك.

حسنًا .. والآن ماذا سنفعل؟

أعتقد بأنك يجب أن تخلد إلى النوم .. فغدًا سيكون يومًا
شاقًا .. سنقوم فيه برحلة بحث واستكشاف لأمر النسر
الذهبي .. مكانه .. ومدى الخطورة في الاقتراب منه للحصول
على ما نريد.

فهمت .. والآن دعنا نذهب للنوم فأنا بحاجة شديدة لراحة
الجسد والعقل.

فلنذهب .

إياك والتوقف هنا يا شهرزاد .. أريد أن أعلم ماذا حدث مع
مرجانة .. وهل صاحبتها السلامة؟

ابتسمت شهرزاد .. وتخلت عن العناد . . فما زال الوقت
باكرًا .. وملكها يشك بأن الديك الذي تحتمي به ديك ماكر.!

أكملي .. هذا أمر.

حسنًا يا ملك الزمان … كانت مرجانة تجاهد في التعمق
تجاه الأسفل .. لكنها كانت تشعر بالإعياء الشديد .. وبينما
هي تتحرك علا صوت بكائها وفجأة .. ظهر أصفهان
أمامها..!

أصفهان؟!! نطقتها بنبرة استغاثة قبل أن تلقي بنفسها على صدره
فاحتواها بين ذراعيه وحاول تهدأئتها وبعد وقت شعر فيه
بهدوئها فسألها:

تلك ستكون أخر مرة لك على الجزيرة يا مرجانة .. من
المستحيل أن أسمح لك بإيذاء نفسك.

-كيف علمت؟ .. ومتى أتيت؟!! سألته بوهن متعجبة ..

فأجابها وهو يتأملها وقد مر اليوم
بأصعب تجربة..! أطال النظر إليها وكأنه غير مصدق بأنها معه .. وأنها الآن بخير .. فمنذ أن وصلته إشارة النسر الذهبي بأن الأميرة في
خطر .. أو ربما هي تحتضر .. وهو لم يكذب الخبر .. بل ترك
ميدان المعركة وعلى الفور أتى إلى المملكة.

تعلمين بأن عيني عليكِ .. وقد بلغني بأن أمر جلل يحدث
معكِ .. تركت كل شيء وأتيت إليكِ.

ترقرقت في عينيها الدموع .. لكنها تذكرت بأن قلبها منه
مازال موجوع .. فابتعدت عنه وقالت مغيرة الموضوع: هل
انتصرت في معركتك؟

بابتسامة خطيرة، كان يجيب سؤال الأميرة: مبهرة أنت
في تغيير مجرى الحديث .. وأعلم أنك تتقربين مما تريدين
معرفته بخطى حثيثة.

كلماته أثارت غضبها .. وتحدثت وقد أعربت عن أسفها: أنا
المخطئة لأنني أريد الاطمئنان .. اذهب واتركني الآن.

لا .. لا يا مرجانة .. عليك تنفيذ ما أقوله .. لن أسمح لك
بالصعود إلى الجزيرة .. وسوف أبطل مفعول السحر يا
أميرة.

هذا ليس من شأنك .. اتركني واذهب لفتيات
مملكتك .. جواريك اللائي تأخذهن معك في كل
رحلة .. تستمتع وأنت توهم الجميع بأنك تحارب من أجل
أمان المملكة.

اتسعت ابتسامته .. وهو يعلم بأن الغيرة تأكل قلب حبيبته:
شرحت لك كثيرًا بأن وجودهن معي لأسباب سرية .. هن
من يقمن بجلب أخبار الأعداء بمنتهى الحرفية .. هذا هو
عملهن في كل حملاتي أيتها الجنية الشقية.

نظرت إليه نظرة متفحصة .. فكل مرة يجيبها بنفس الكلمات
ولكنها تشعر بأنها مجرد حكايات: لا يهمني ما
تقوله .. جنود هن في جيشك .. أو جواري يلتففن حول
عرشك .. كل ذلك لا يهمني .. ولكي تعلم سوف أستمر في
الصعود إلى جزيرتي فهي هديتي ولن أرضخ لأوامر
تصدرها ..

حسنًا يا مرجانة .. ولكن اعلمي بأنك إذا صعدت نحو
السطح سأقتل ذاك المعتوه الذي قضيت الليل في الحديث
معه …

ارهف شهرزاد أذنيه مصيخًا السمع ليطرقهما صوت
صياح الديك.

فضحكت ضحكة مكتومة وقالت:

مولااااي الديك صاح والفجر لاح

إقرأ أيضًا: الليلة الأولى من كتاب ولا ألف ليلة وليلة

[ppc_referral_link]