ولا ألف ليلة وليلة – الليلة الخامسة

[faharasbio]

قصص ولا ألف ليلة وليلة – الليلة الخامسة

ضمن سلسلة قصص ولا ألف ليلة وليلة بالاشتراك مع الأديبة المصرية ربا أحمد

على مائدة العشاء.. كانت شهرزاد تخفض وجهها بكل
حياء.. حين سمعت صوته سرقت من تحت أهدابها النظر
فتأملت اقترابه بكل خيلاء!. جلس شهريار أمام المائدة وبعدها أمرها برفع
رأسها.. ففعلت، و بعد أن تأكدت بأنه بدأ بتناول الطعام
شرعت هي الأخرى في الحال …! بعد وقت ليس بالقصير، كانت شهرزاد تروي لملكها
حكاية الأمير.. وتكشف له الأسرار دون أن تعبث بالنار …!

بلغني أيها الملك السعيد.. ذو الرأي الرشيد.. أن حسن
القبطان أكمل سرد الحكاية للأمير نوران:

غادرت أنا وشقيقي حسين مدينتنا – مدينة الياسمين بعد الدمار الذي
حل بها وبعد فقد أحبتنا، وفي الطريق مر بنا اللصوص
ولم يكن معنا ما يمكن سلبه فقرروا أخذنا معهم وبيعنا في
سوق النخاسة كعبيد أرقاء..

وقد عانينا الذل والهوان في طريقنا.. حيث كان يتم ضربنا وجلدنا وتجويعنا.. حتى حط
بنا الترحال في مدينة السلام.. وتم عرضنا للبيع
كعبيد.. وكأن الله قد استجاب لدعواتنا.. ورحم مر
أناتنا.. فقد أرسل إلينا شيخًا وقورًا تبدو عليه سيم الوقار،
فاشترانا من اللصوص وضمنا إلى حاشيته وخدمه..

كان الرجل وأسمه “بهاء الدين” قبطانًا لسفينة بضائع.. وبالرغم
من ثرائه الفاحش لم يرزقه الله بولد، بل كان عنده ابنة
23 وحيدة حباها الله بالجمال.. وكان يدللها كل الدلال.. تفانينا
في خدمته وكنا له كولدين، حتى كان ذات يوم سمعته
يتحدث عن مجموعة من القراصنة يغزون البلاد
ويزهقون أرواح العباد

لم أتمالك نفسي حين سمعت ذلك
وانهمرت الدموع من عيني وتذكرت كل ما فات.. لاحظ
القبطان بهاء الدين حزني وبكائي ليسألني عما دهاني
فقصصت عليه القصة والحكاية.. وكانت أبلغ من كل
رواية.. رق قلبه لما سمعه من خبر ودعاني أنا وأخي وخيرنا
بين أن نبقى في خدمته معززين مكرمين أو أن يطلق
سراحنا.

قلنا له مسرعين: بل نريد أن نبقى معك ولكن….. نريد أن
نرافقك في رحلاتك البحرية نريد أن نصبح بحارين وقتها حك لحيته.. وقال وقد اتسعت ابتسامته: حسنا أيها
البحارين الصغيرين.. جهزا نفسيكما وسأجعل منكما
قبطانين..

سررنا لذلك أيما سرور.. وملأت أنفسنا الغبطة والحبور وصرنا بحارين.. وأخذت الأيام بنا تدور.. وعلمنا أصول
الإبحار وخفاياه والأسرار، وكنا ننوب عنه في أحيان
كثيرة في رحلاته والأسفار.. وخبرنا طرق البحر كلها..

وبعد عشر سنوات.. توفي القبطان بهاء الدين، وباعت
ابنته السفينة وكان مالكها الجديد رجل فظ غليظ.. لم نطق
العمل معه؛ فطردنا من سفينته وغادرناها من غير رجعة
وقتها راودنا حلمنا القديم بالانتقام، وللحقيقة لم نكن قد
غادرنا، فاشترينا قاربًا صغيرًا بما توفر لدينا من مال
وقررنا.. أن نصبح قرصاني بحر ننتقم من كل ظالم

وبدأنا ببعض الغارات الصغيرة التي نهاجم بها سفن التجار، واستولينا
في إحدى غاراتنا على إحدى السفن الكبيرة وبدأ الرجال
والعاطلين عن العمل بالتوافد إلينا للعمل معنا، ووضعنا
ميثاق شرف بيننا بأن لا نهاجم الصيادين أو المسالمين
ولا نعتدي على الأبرياء أو النساء

وكنا طوال تلك الفترة نتتبع أخبار العصابة التي أغارت على مدينتنا وقتلت
أهلنا وخطفت أخواتنا، وسيطرنا سيطرة كبيرة على
البحر وأصبح يحسب لنا ألف حساب..

اتخذنا من جزيرة الشيطان مقرًا وقاعدة ننطلق منها
وحصناها جيدًا.. وبالطبع كثرت الشكاوى من التجار ضدنا فأرسل لنا
الملك النعمان رسولًا يدعونا إليه فرددناه أسوأ رد ولم
نستجب له..

بعدها جرد لنا الملك حملة بحرية للقضاء علينا.. ولكننا
تمكنا من دحرها وإغراق معظم سفنها..
وتوالى إرسال الحملات إلينا.. وكنا ننهزم أحيانا وننتصر
أحيانا أخرى.. وحين طال الأمر بيننا.. أرسل الملك رسالة مع حاجبه
يطلب فيها لقاءنا.. لأمر يسره ويسرنا.. وأنه يعطينا على
أنفسنا الأمان.. حتى نسمع منه ونغادر قصره بسلام..

أبلغنا الرسول بموافقتنا على عرض الملك وأننا سنرسل
له رسولين من قبلنا يستمعان لعرضه وينقلانه لنا.. وبعد يومين كان الرجلان في طريقهما إلى مقابلة الملك
النعمان.. الذي أحسن وفادتهما واستقبلهما أحسن
استقبال.. ثم قال لهما أبلغا الشاطر حسن وأخيه عرضي
لهما..

تنهد الشاطر حسن وأكمل مستطردًا : لا أخفيك يا نوران فمعنى كلمة الشاطر تعني اللص الحاذق، المهم كان عرض الملك يتضمن العفو عنا وعن
رجالنا، وإيجاد وظائف مناسبة لنا في البحرية الملكية إن
توقفنا عن قرصنتنا وسطونا على المراكب التجارية..

طلب الرجلان مهلة من الملك لإبلاغ الأخوين بعرض
الملك، فودعهما الملك وسارا في طريقهما.. وفي الطريق جلس الرجلان ليستريحا فنظر أحدهما إلى
الآخر قائلًا :………

تنهدت شهرزاد قائلة بصوت ناعس:

مولاي.. لقد صاح الديك..

فرك شهريار كفيه بعصبية قائلًا:

وكأني أراه محشوًا على مائدتي بالتوابل والفريك.

إقرأ أيضًا الليلة الأولى من كتاب ولا ألف ليلة وليلة

[ppc_referral_link]