معلومات عن الخط العربي وأشهر الخطاطين
تُعدّ اللغة العربية من أقدم اللغات في العالم، فهيَ لغة القرآن الكريم وتُسمى بلغة الضادّ، وهذه اللغة مهمة جداً عندَ كل عربي وخاصةً المسلمين فلا يُمكن العبادة أو الصلاة إلّا بإتقان حروفها وكلماتها، وبعدَ انتشار الإسلام ازدهرت اللغة العربية بشكلٍ كبير وتمتاز بنحوها وصرفها وأدبها وحروفها وتراكيبها، والتي ساهمت في نقل ثقافة كل حضارة عربية وتاريخها منذُ القدم.
ومنَ الجدير بالذكر، أنَ اللغة العربية تُعدّ لغة دائمة ولا يُمكن اختفائها أو اندثارها معَ الزمن، كما أنها تتميز بجمال وروعة كلماتها المتصلة والمرسومة وكثرة المفردات بها وثباتها بالرغم منَ التطوّر الكبير مقارنةً باللغات الأخرى وخاصةً اللغة الإنجليزية التي تغيّرت وتطوّرت عمّا كانت عليهِ سابقاً.
علاوة على ذلك، الكثير منَ الأفراد حاولوا إتقان هذه اللغة ولكنهم إما فشلوا أو واجهوا صعوبة بالغة في التحدث بها وإتقانها، فهيَ من أصعب اللغات في العالم والشخص الذي يُتقنها قادر على إتقان العديد منَ اللغات المختلفة، وتُعتبر الكتابة باللغة العربية من أهم الفنون التي استطاعَ من خلالها الإنسان أن يقوم بنسخ القرآن الكريم ونسخ الكتب والمخطوطات وزخرفة القصور وتزيين المساجد بها، فما هوَ الخط العربي؟ وما هيَ أنواعه؟ ومن هم أبرز 4 خطاطين في العالم العربي؟
صديقي القارئ،، إذا كنتَ مهتماً باللغة والخطوط العربية،، نُقدّم لكَ في هذا المقال معلومات شاملة عن الخط العربي وأنواعه وأبرز الخطاطين العرب:
ما هوَ الخط العربي؟
يُعتبر الخط العربي عبارة عن فن في رسم الأحرف وزخرفتها، فالعرب تفننوا في الكتابة منذُ القدم، حيثُ كانَ يُطلق على صاحب هذه المهنة {الخطاط}، وكانت الكتابة هيَ وسيلة للتعبير عن ما بداخل الإنسان ونقل المعارف والأفكار والأحداث والحفاظ على هذه اللغة منَ الاندثار، وانتشرَ الخط العربي على يد الرسول صلى الله عليه وسلم فقد كانَ يُعلّمه لجميع الأفراد نساءً ورجالاً.
أشكال الخط العربي
واهتمَ العرب بالخطوط وطوّروها وابتكروا أشكالاً جديدة ومميزة وذات رونق خاص أثناءَ قراءتها ورؤية جمال الفن في رسمها، ومن أبرز أشكال الخطوط العربية:
الخط الديواني:
تمَ ظهور الخط الديواني بعدَ فتح القسطنطينية، وقد سميَّ بالديواني كونهُ كانَ يُستخدم في كتابة العديد منَ النصوص والمراسلات للسلطان العثماني، وبعدَ ذلك تمَ تطويره واستخدامه في الكتابة الديوانية التي تتعلّق بالرسائل والأوامر، ويعود الفضل لإبراهيم منيف في وضع قوانين هذا الخط، حيثُ كانت تُستخدم الأقلام القصب لكتابته والأقلام الدقيقة لوضع التشكيل، ويتميز برتابته وأناقته لذلك كانَ الخط المفضل في كتابة الرسائل الرسمية والكتب للملوك.
الخط الأندلسي:
يُعتبر منَ الخطوط السهلة التي كانت تُستخدم في الأندلس، حيثُ يمتاز بوضوحه وحروفه المستديرة مثل أحرف السين واللام، وقد ظهرَ هذا الخط في العهد الأموي حيثُ كانَ يُعتبر رمز يُعبّر عن استقلالهم.
خط النسخ:
يُعتبر من أشهر الخطوط التي استخدمت، حيثُ يعمل الخطاط على نسخ القرآن الكريم والكتب والرسائل والصحف بيده، وكانَ كبار التجار يستعينون بالأشخاص الذينَ يتميزون بخطوطٍ واضحة في نسخ وكتابة الصحف المخطوطة بهدف التعرّف على آخر أخبار العالم وإرسال أخبارهم لهم، ويتميز بدّقته ووضوحه وبساطته أثناءَ القراءة، وقد مرَّ بالعديد منَ التطوّرات والتحسينات من قِبَل الأتراك والأتابكة.
خط الرقعة:
تمَ ابتكار هذا الخط من قِبَل العثمانيين فهوَ سهل القراءة وشائع بكثرة في العديد منَ الدول العربية، وسميَّ بالرقعة كونهُ كانَ يُكتب على الرقاع القديم، ويُمكن إتقان هذا الخط بالتدريب المستمر فهوَ ليسَ شديد الصعوبة بل يتميز بالكتابة الواضحة ويُمكنكَ عدم التشكيل إلّا في أوقات الحاجة، ويُستخدم بشكلٍ كبير في كتابة الإعلانات وعناوين الصحف ويُسمى بالرقعة الفني، أما بالحديث عن خط الرقعة العادي فهوَ الخط الذي نستخدمه في كتاباتنا على الدفاتر والأوراق.
خط الثلث:
لهذا الخط ثلاثة أنواع رئيسية {ثلث وسط، ثلث مفرق، ثلث مشبك} ويُعتبر من أصعب الخطوط فأثناءَ كتابته يحتاج الخطاط إلى استخدام قلم سميك، ويحتاج إلى التركيز الشديد على الموازين والقواعد والدّقة في رسم كل حرف، والنظر إليه يجعلكَ تشعر بالارتياح من شدّة جماله وتصميمه الاحترافي، فلا يتقنه إلّا المبدعين.
الخط الكوفي:
تمَ استخدام هذا الخط بشكلٍ رئيسي لنسخ القرآن الكريم، فهوَ من أقدم الخطوط العربية، وسميَّ بالكوفي كونهُ تمَ التركيز عليه وتطويره في الكوفة ولذلك نسبَ إليها، وكانَ يستخدمه المسلمون أيضاً للزخرفة على المباني، فيتميز بخطوطه الصلبة والواضحة ولهُ عدّة أنواعٍ مختلفة مثل {الكوفي المشرفي، الكوفي الخراساني، الكوفي المغربي، الكوفي المزخرف، الكوفي الفاطمي} وعدّة أنواعٍ أخرى.
من هم أشهر 4 خطاطين في العالم العربي؟
بما أننا نتحدث عن تاريخ وجمال الخط العربي، فلا بدَّ لنا من ذكر أشهر الخطاطين الذينَ اشتهروا بأعمالهم الإبداعية والفنية في الخط العربي منذُ القدم:
ابن البواب:
وهوَ أبو الحسن علي بن عبد العزيز من أشهر الخطاطين المبدعين الذي اشتهرَ بقوّة وجمال خطه، فكانَ العديد من أبناء جيله أو من زملائه في هذه المهنة معجبون في خطه العربي الأصيل، ومن أهم أعماله منظومة في فن الخط ومصحف تمت كتابته في بغداد عام 391 هجري، وكانَ يُطلق عليه ابن البواب نسبةً لأبيه الذي كانَ يعمل بواباً، وإلى جانب إبداعه في الخط أبدعَ في الكتابة أيضاً.
ابن مقلة:
إنَ الرائع ابن البواب كانَ متأثراً بابن مقلة وخطه الجميل، فهوَ من أهم الخطاطين في العصر العباسي، ومن شدّة جمال خطه تمَ إطلاق لقب مهندس الخط العربي عليه، فهوَ أبو علي بن الحسين بن مقلة، بَرَعَ في هذا المجال وتعمّقَ بهِ حتى وضعَ العديد منَ الأسس المكتوبة للخط، وعَمِلَ على ضبط الحروف العربية.
ياقوت الرومي:
يُعتبر من أشهر الأدباء والمؤلفين والخطاطين، فقد درسَ الأدب وتعمّقَ باللغة العربية وله العديد منَ المؤلفات التي ترجمت مثل {معجم البلدان} ومؤلفاتٍ أخرى مثل {أخبار المتنبي، أنساب العرب، معجم الأدباء} وهوَ شهاب الدين بن عبد الله الحموي الرومي، كانَ يعمل كشاعر وخطاط وأديب في الوقت ذاته، ولدَ في مدينة حماة وعاشَ في بغداد لذلك لقبَ بالحموي والبغدادي، وله بصمة كبيرة في إثراء الخط العربي.
محمد طاهر الكردي:
ولدَ محمد في مكة عام 1321 هجري، وكانَ يشتهر بخطه المميز، فقد أتقنَ العديد من أنواع الخطوط العربية واشتهرَ بها، وقد عملَ مدرساً في مدارس مكة لتعليم فن الخط العربي، ومن أبرز أعماله هوَ نسخ القرآن الكريم وألفَ حوالي أربعين مؤلفاً في الأدب والعلوم والتاريخ، ومن أبرز تلاميذه الخطاط وليد الأعظمي.
لا يُمكننا تجاهل أهمية اللغة العربية في حياتنا، فهيَ تُعبّر عن ثقافتنا وعاداتنا وتاريخنا والقيم الحضارية، ونلاحظ في العصر الحالي أنَ بعض الأطفال وشباب المستقبل يتحدثون أكثر من لغة ويعتبرون لغتهم الثنائية هيَ اللغة الأساسية، وللأسف يُهملون جمال وروعة اللغة العربية في معانيها وحروفها، وإتقان الخط العربي الأصيل من أكثر المهارات التي تُميّز الإنسان عن الآخرين فيُمكنهُ التعّمق بكل حرف والتفنن في رسمه، لذلك علينا أن نعتزّ بلغتنا وثقافتنا أينما كنا في هذا العالم الواسع.
{{نأمل أن يعجبكم المقال أيها الرائعون}}.
