الشخصية السفسطائية وكيفية التعامل معها

الشخصية السفسطائية وكيفية التعامل معها
شارك هذه المقالة مع أصدقائك!

الشخصية السفسطائية وكيفية التعامل معها

لا بدَّ أنكَ تعاملتَ خلالَ حياتك معَ شخصياتٍ مختلفة عن شخصيتك، شخصيات تكاد تكون طيبة أو نرجسية أو حنونة أو عميقة أو حتى كتومة، ولكن يوجد نوع منَ الشخصيات فظّ إلى حدٍ كبير يجعلكَ تتمنى لو أنكَ لم تصادفه من قبل أو تتحدث معه، هذه الشخصية تُسمى {بالشخصية السفسطائية} فالأفراد الذينَ يتسمون بها لهم قدرة كبيرة على الإقناع ولو كنتَ على حق وكلامهم مليء بالأخطاء ولكنهم بواسطة كلماتهم وأسلوبهم اللغوي يجعلونكَ تعتقد أنكَ أنتَ المخطئ وهم الصواب في كل شيء.

ومنَ الجدير بالذكر، أنَ التعامل معَ هذه الشخصية المعقدة يُعتبر نوعاً من جلد الذات أو الأذى النفسي، لأنكَ ستشعر بالإحباط بعدَ الانتهاء من حديثهم وانتصارهم عليك، ستعتقد أنكَ تقف أمامَ فيلسوف لا يهمه تقدير قيمة الشيء الذي يتحدث بهِ أو احترام مشاعر الغير بل الأهم لديه أن يعرف كيفَ ينتصر عليك بفلسفته الزائدة، وبالرغم من انتشار هذا المصطلح منذُ القدم أي في حوالي القرن السادس قبلَ الميلاد ولكنهُ تغيّرَ كثيراً معَ مرور الزمن وأخذَ اتجاهاً سلبياً بحيث يتصف بهِ البعض ولكنهم لا يهتمون للغير بل فقط جلّ اهتمامهم إلى تأكيد كلامهم والتغلّب على الطرف الآخر مهما كلّفهم الأمر، ولذلك ما هيَ الشخصية السفسطائية؟ وما هيَ سماتها؟ وكيفَ يُمكن التعامل معَ أصحاب هذه الشخصية المعقدة؟

ما المقصود بالشخصية السفسطائية؟

في البداية نوّد القول أنَ الشخصية السفسطائية بمعناها العام تعني {الحكمة} ولكن للأسف تمَ تغيير معناها بواسطة العديد منَ الأفراد الذينَ يدّعوا السفسطائية ولكنهم لا ينتمون لها بأي صلة، فهم فقط يتخذون الشكل العام للحكماء دونَ التطلّع إلى الحكمة فقط التركيز على كيفية الجدال من أجل إظهار ثقتهم وقوّتهم أمامَ الآخرين.

وأثناءَ الحديث معَ هذه الشخصية ستتفاجأ أنكَ أنتَ المخطئ وهم على صواب في أي حديثٍ معهم، وحتى أنَ بعضهم يلجأ إلى الحجج والبراهين الكاذبة من أجل تأكيد صحة نظريته وعندما تتجادل معه سيتغيّر تلقائياً ويُقنعك بأسلوبٍ احترافي، وأحياناً يتسم بعض المحاميين أو العاملين في هذا المجال بالسفسطائية فهم قادرون على قلب الحوار لصالحهم وكسب القضية بسبب أسلوبهم وحوارهم الذي يعتمدونه.

وعلينا القول أنَ هؤلاء الأفراد يتسمون بمعدل ذكاءٍ أقل من باقي الشخصيات ولكنهم بارعون في استخدام الكلمات والإقناع، فعندما تُوّجه لهُ سؤالاً معيناً سيُجيب عليكَ بسؤال آخر بحيث يجعلكَ ترتبك من سرعة أجوبته ودّقتها في الوقت ذاته.

ما هيَ أبرز صفات الشخصية السفسطائية؟

إذا كنتَ تُريد التعرّف على الشخصية السفسطائية أكثر، فتوجد العديد منَ الصفات التي يُمكن ملاحظتها على الفرد الذي تُقابله بحيث يُمكنكَ التأكدّ من أنهُ يتسم بها، من أبرزها:

قلب الحوار لصالحه:

إذا كنتما تتحدثان في أي مشكلة أو موقف ستجد أنهُ لا يستمع لكَ أبداً ولا تهمه معتقداتك أو آرائك الشخصية حولَ الموضوع، بل يبدأ بالحديث عن أفكاره واستنتاجاته بشكلٍ سريع بحيث تتفاجأ داخل نفسك من إتقانه للكلام ومن أنكَ ضعيف أمامه لا تستطيع قلب الحوار لصالحك وإظهار وجهة نظرك، وحتى لو أنهُ لم يصل لأي نتيجة بل سيستمر في الكلام حتى تقتنع أنت وتقول لهُ حسناً توقف أنتَ الصح وأنا المخطئ.

الغرور:

إنهُ من أكثر الشخصيات التي تتسم بالغرور، فأثناءَ الجلوس معه ستلاحظ أنكَ تُريد التهرب بأي طريقة من أجل تجنب التحدث إليه لأنهُ متمسك بآرائه إلى أقصى حد، ويعتقد أنَ الجميع على خطأ وهوَ الصواب الوحيد بينهم، وقد يصل الأمر إلى خلق المشكلات والإزعاج للطرف الآخر من شدّة غروره، فيعيش ضمنَ يقينٍ تام بكل فكرة مزروعة داخل رأسه ويُهاجم الآخرين لتأكيدها والدفاع عن صحتّها.

التسرع:

من أبرز صفاته أنهُ متسرع كثيراً ويُطلق الأحكام على الآخرين دونَ فهم الموضوع، ممّا يُسبب لهم الإهانة أو الشعور بالضعف أو التقليل من شأنهم.

الإقناع:

إنهم من أكثر الأفراد الذينَ يمتلكون قدرة رهيبة على إقناع الطرف الآخر بأفكارهم حتى ولو كانت مغلوطة، فشخصياتهم عنيدة وتظل وراء الشخص حتى تُعزّز الفكرة في رأسه وتتحايل عليه ليقتنع ويُؤمن بها، فالعناد وسيلتهم الوحيدة من أجل المقاومة وتجنب الاستسلام فتُبيّن للإنسان أنهم أفراد صادقون وجديون في التعامل معهم وصارمون ويختارون كلماتهم بعناية، ويُمكن تذكر هذا الأمر في أغلب الذينَ يعملون في المحاماة والذينَ يُدافعون بثقة عن تجار المخدرات أو المجرمين أو المتحرشين.

كيفَ يُمكن التعامل معَ أصحاب الشخصية السفسطائية؟

حسناً قد تعترض طريقك الشخصية السفسطائية سواءً في مكان العمل أو أحد أفراد عائلتك وأصدقائك، ولذلك توجد 4 طرق فعّالة عليكَ اتباعها عندما تتعامل معهم لتجنب إزعاجك وإلحاق الأذى بنفسيتك، منها:

لا تكن بسيطاً:

إنَ السفسطائيون يعشقون الأشخاص الضعفاء والبسطاء، فيجدونهم لقمة سائغة للتحكّم بهم وزرع أفكارهم داخلهم ورؤية ضعفهم وقلّة حيلتهم، ولذلك كن العكس تماماً فحاول أن تُنصت إلى كلامهم بطريقةٍ مملة حتى يشعروا أنكَ لا تهتم لما يقولونه، وعندما يسألونك عن سبب صمتك المفاجئ قل لهم أنني لم أقتنع بعد، وابدأ بطرح أفكارك بطريقةٍ واثقة بحيث تُعبّر عن رأيك لهم بكل جديّة من أجل تجنب سيطرتهم عليك.

تمسك بآرائك:

مهما فعلتَ أمامَ هذا الفرد لن تستطيع تغيير أفكاره ومعتقداته المتشبث بها، ولذلك لتفادي الوقوع في أي مشاكلٍ معه وخاصةً إذا كنتَ مضطراً على رؤيته في العمل أو أي مكان، وضّح لهُ أنَ لكل إنسان آرائه الخاصة ويجب احترام آراء الأطراف الأخرى، فقل لهُ أنا احترم وجهة نظرك ولكنني متمسك بأفكاري ولن أستغني عنها، وفي هذه الحالة حاول أن تُشغل نفسك بأي شيءٍ أمامك فسيشعر تلقائياً باليأس من إقناعك ويتوّجه لفردٍ آخر غيرك.

تجنب الحوار معه:

إذا كنتَ تنزعج في كل مرة تراه بها، فلا داعي لأن تخوض تجربة النقاش معه أو طرح الأسئلة عليه في أي مجال لأنهُ شخصية مجادلة وسيظل يتكلم حتى تقتنع بأفكاره، فإذا لاحظتَ أنَ الجدال عقيم حاول أن تُجامله واقطع الحديث وتجنب الاختلاط معه مرةً أخرى، فالتعامل برسمية هيَ الطريقة الأفضل للحفاظ على صحتّك النفسية.

الانسحاب التكتيكي من حياته:

للأسف إذا كانَ شريك حياتك ذو شخصيةٍ سفسطائية فستشعر بالألم النفسي والتعب والحياة القاسية في كل لحظة تمرّ بينكما، لأنَ الحياة الزوجية تحتاج للصبر وتقبل الطرف الآخر وليسَ فرض الرأي والتسرع والانفعال في كل حديث، ولذلك لضمان صحتّك النفسية وتجنب الشعور بتدني الذات أو قلّة ثقتك بنفسك انسحب تكتيكياً من حياة شريكك أو صديقك أو أي فردٍ قريبٍ منك، وإن كانَ من أفراد عائلتك فالتجاهل والتركيز على ذاتك هوَ أفضل حلّ.

ندعو الله دائماً وأبداً أن يُبعد عنّا هذا النوع المعقد منَ الشخصيات، لأنَ التعامل معه أشبه بسكب الزيت على النار لزيادة توّهجه واندلاعه، فلن تشعر بأنكَ سليم نفسياً أو معافى إذا كانَ يتواجد في حياتك، لأنَ كلماته التي يتلاعب بها وأسلوبه الفظّ وخطابه في كل حديث وقدرته على الإقناع ستهزمك لا محال مهما كنتَ مثقفاً وعلى دراية بأفكارك.

{{نأمل أن يعجبكم المقال أيها الرائعون}}.

‫0 تعليق