القولون العصبي والتهاب الأمعاء
عند الحديث عن اضطرابات الجهاز الهضمي فكثيرًا ما نسمع أسماء مثل القولون العصبي أو التهاب الأمعاء، وربما نرى أيضًا بعض الرموز مثل IBS أو IBD، فما هو معنى هذه الرموز؟ وما هو الفرق بين القولون العصبي والتهاب الأمعاء؟
في الحقيقة كثيرًا ما يتم الخلط بين مرض التهاب الأمعاء (بالإنجليزية:Inflammatory bowel disease) واختصاره IBD، وبين متلازمة القولون العصبي (بالإنجليزية: Irritable bowel syndrome) واختصارها IBS.
عمومًا، فالتهاب الأمعاء ناتج عن ردة فعل التهابية لممرض ما، أما القولون العصبي فهو لا يحدث نتيجة التهاب، وغالبًا ما يتشارك المرضان في الأعراض ذاتها، ولكن لكل منهما بعض الاختلافات الرئيسية.
فيما يلي الفرق بين القولون العصبي والتهاب الأمعاء وفق الأبحاث والدراسات الموثوقة علميًا وطبيًا.
الفرق بين القولون العصبي والتهاب الأمعاء
في بعض الأحيان تظهر على الشخص أعراض القولون العصبي، ولكن يتم تشخيصه بالتهاب الأمعاء، على الرغم من ذلك يوجد بعض النقاط التي تساعد على التمييز ينهما.
من الجدير بالذكر أن بعض الأشخاص يُصابون بالمرضين معًا، ويمكن للمرضين أن يكونا مزمنين.
مرض التهاب الأمعاء
والذي يتضمن التهاب القولون التقرحي (بالإنجليزية: Ulcerative colitis) واختصاره UC أو مرض كرون (بالإنجليزية: Crohn’s disease) واختصاره CD.
وفي بعض الأحيان يُشخصه الطبيب باسم التهاب القولون الغير محدد، وهذا لأن الاختبارات والتحاليل الطبية في البداية لا يمكنها التمييز بين شكلي التهاب الأمعاء، ثم تتطور الحالة حتى يُصبح من الممكن تشخيصها.
بالنسبة لالتهاب القولون التقرحي فهو حالة مزمنة تستمر مدى الحياة، وتتضمن نوبات متكررة من الالتهابات في الطبقة المخاطية من القولون، وعادة ما تبدأ الإصابة من المستقيم ثم تمتد لتشمل أجزاء أخرى من القولون.
أما مرض كرون فيصيب أي جزء في الجهاز الهضمي، ابتداء من الفم ووصولًا إلى فتحة الشرج، وتتضمن أعراضه الإسهال، تشنجات البطن والحُمّى.
لا يوجد علاج متاح حاليًا لالتهاب الأمعاء، ولكن يمكن للأدوية المساهمة في التحكم بأعراض الالتهاب.
متلازمة القولون العصبي
وهو اضطراب وظيفي مزمن في الجهاز الهضمي، والعارض الرئيسي فيه هو آلام البطن المزمنة، يتبعها تغيير في عادات الأمعاء.
علاوة على ذلك يتضمن القولون العصبي العديد من الأعراض الجسدية الأخرى، ولا تزال أسباب الإصابة به غير واضحة حتى الآن.
لا يزال العلماء يبحثون في الأسباب المؤدية إلى الإصابة بالقولون العصبي، ويمكن أن تتضمن عدم تحمل الطعام، مثل الفركتوز، اللاكتوز، السكروز أو الجلوتين، أو يمكن أن يحدث نتيجة عدوى سابقة، نمو زائد للبكتيريا النافعة في الأمعاء أو الإجهاد.
يُمكن أن يُطلق البعض على القولون العصبي اسم التهاب القولون المخاطي، أو التهاب القولون التشنجي، ولكن لا تعتبر هذه الأسماء صحيحة، فالقولون العصبي لا يتضمن التهابًا.
لا يُظهر مرضى القولون العصبي أي علامات سريرية يمكن فحصها بالتحاليل الطيبة التقليدية، ويمكن أن يُصاب به أي شخص في أي عمر، ولكن احتمال الإصابة به أعلى إذا كان منتشرًا في العائلات.
أعراض القولون العصبي والتهاب الأمعاء
تتضمن أعراض متلازمة القولون العصبي ما يلي:
- آلام في البطن.
- تشنجات في الأمعاء.
- الإمساك.
- الإسهال.
- حركات الأمعاء الغير منتظمة.
وأما مرض التهاب الأمعاء فيمكن أن يتسبب بأعراض القولون العصبي بالإضافة إلى احتمالية الإصابة بالأعراض الآتية:
- التهاب العين.
- التعب الشديد والإرهاق.
- مشاكل في التغذية.
- ألم المفاصل.
- التندب المعوي أو انسداد الأمعاء.
- نزيف في المستقيم.
- فقدان الوزن.
يمكن أن يعاني مرضى القولون العصبي من بعض الأعراض الأخرى مثل الرغبة المفاجئة في الذهاب إلى دورة المياه، أو عدم القدرة على تفريغ الأمعاء بالكامل.
يُصاب مرضى القولون العصبي أيضًا بالآلام في جميع أنحاء البطن، وغالبًا ما تكون في الجهة السفلى من اليمين أو اليسار، وفي بعض الأحيان يتركز الألم في الجانب الأيمن والعلوي من البطن.
من الجدير بالذكر أن متلازمة القولون العصبي تنقسم إلى ثلاثة أنواع وفق أعراض الإمساك أو الإسهال، وهذه الأنواع هي:
- القولون العصبي مع الإمساك.
- القولون العصبي مع الأسهال.
- القولون العصبي المختلط، وفيه يُصاب الشخص بالإمساك تارة وبالإسهال تارة أخرى.
موضع الألم في القولون العصبي والتهاب الأمعاء
من الشائع أن يُصاب مريض القولون العصبي أو التهاب الأمعاء بآلام البطن، ولكن مع التهاب الأمعاء يمكن أن يشعر المريض بالألم في أجزاء أخرى من الجسم.
تعد آلام البطن أكثر الأعراض شيوعًا، فوفق آخر الدراسات كل ثلاثة من بين أربعة أشخاص مصابين بالقولون العصبي يعانون من آلام متكررة في البطن.
غالبًا ما يشعر المريض بالألم في أسفل البطن، ويختلف نوع وشدة الألم حتى خلال اليوم الواحد للشخص ذاته، وفيما يلي أبرز أنواع ومواقع الألم لدى مرضى القولون العصبي:
- الجزء العلوي من الأمعاء: وغالبًا ما يزداد حدة بعد تناول الطعام، ويمكن أن يكون مصحوبًا بالانتفاخ.
- وسط البطن: ويتم الشعور بهذا الألم كأنه تقلصات.
- أسفل البطن: وينخفض هذا الألم في العادة بعد الذهاب إلى دورة المياه وتفريغ الأمعاء.
أما عن أشكال الألم فيبلغ كل شخص عن أشكال مختلفة، حيث يشعر البعض بتشنجات، شعور بالطعن أو الألم الحاد، تقلصات مؤلمة أو خفقان.
لهذا السبب يُصنف القولون العصبي على أنه متلازمة، وهذا لأنه ينطوي على تجربة مزمنة من الألم الحاد.
ولا تقل آلام البطن شيوعًا لدى المصابين بالتهاب الأمعاء، فمن بين 50- 70% من مصابي مرض كرون يعانون من آلام في الجهاز الهضمي حين يُصابون بالتهاب الأمعاء للمرة الأولى.
يشعر المصابين أيضًا مع تقدم المرض في آلام في مناطق أخرى من الجسم مثل:
- ألم المفاصل.
- حساسية الجلد وفي بعض الأحيان مع الحكة.
- انزعاج في العينين.
- تقرحات الفم.
- ألم حول المستقيم.
تشخيص القولون العصبي والتهاب الأمعاء
يتم تشخيص مرض التهاب الأمعاء عن طريق مجموعة من الاختبارات، أما القولون العصبي فيتم تشخيصه عن طريق استبعاد الأمراض والحالات الأخرى التي تتسبب بالأعراض ذاتها.
غالبًا ما يعتمد الأطباء عند تشخيص القولون العصبي على عدة عوامل كالتاريخ الطبي للشخص، تاريخ العائلة المرضي، الاختبارات البدنية، مجمل الأعراض ثم استبعاد الأمراض والحالات الطبية الأخرى.
وفق معايير روما، فتشخيص القولون العصبي لا يتم إلا بعد أن يشعر المريض بالأعراض ليوم واحد على الأقل أسبوعيًا ولمدة ثلاثة أشهر.
يمكن أيضًا أن يتم تشخيص القولون العصبي بعد معرفة أن أعراض مرضك مرتبطة بالتغوط، وأن يتغير سلوك التغوط باستمرار مع تغير مظهر البراز.
لهذا السبب يمكن أن يستهلك تشخيص القولون العصبي أسابيع أو أشهر.
أما التهاب الأمعاء فيحتاج تشخيصه إلى مجموعة من الفحوصات الطبية للدم والبراز، بالإضافة إلى تصوير للجهاز العضمي العلوي والسفلي، في هذه الحالة يتم تشخيص التهاب الأمعاء واستبعاد الحالات الطبية الأخرى.
يمكن أيضًا أن يطلب الطبيب الفحص بالمنظار، كتنظير المريء، المعدة والقولون، وهذا لتحديد مدى الالتهاب وشدته، ويرافق التنظير أخذ خزعة من الأنسجة للتمييز بين أنواع الالتهاب المختلفة.
لا تزال أسباب الإصابة بالمرضين غير معروفة تمامًا، ولكن يُمكن أن ينشأ التهاب الأمعاء نتيجة الوراثة، العوامل البيئية أو نتيجة مشاكل في البكتيريا المفيدة في الأمعاء.
يمكن أن يؤدي الإجهاد أو المشكلات النفسية إلى تفاقم أعراض القولون العصبي والتهاب الأمعاء، ولهذا ينصح الخبراء بممارسة اليوغا، التأمل، العلاج بالكلام أو التمارين الرياضية باستمرار للتقليل من القلق والاكتئاب.
المرجع: