الفرق بين غار حراء وغار ثور هي الفروقات المتمثلة بالدور الذي أداه كل منهما في حياة الرسول عليه الصلاة والسلام، وكذلك موقعهما، والمكانة الدينية التي يتمتع بها كل من الغارين. نقدم لكم من خلال مقالنا الفرق بين غار حراء وغار ثور، وأهم المعلومات عنهما.
الفرق بين غار حراء وغار ثور
يتمثل الفرق بين غار حراء وغار ثور هو أن غار حراء هو المكان الذي كان الرسول عليه الصلاة والسلام يلجأ إليه للهروب من الفساد الذي كانت تشهده أيام الجاهلية آنذاك، وكان يعتكف فيه النبي قبل نزول الوحي عليه، بينما غار ثور هو الغار الذي لجأ إليه الرسول عليه الصلاة والسلام للاختباء مع أبو بكر الصديق أثناء هجرتهما إلى المدينة المنورة.
“اقرأ أيضًا: الفرق بين النبي والرسول“
الفرق بين غار حراء وغار ثور من حيث المكانة الدينية
المكانة الدينية من أهم الفروقات بين الغارين، وإليكم الفرق بين غار حراء وغار ثور من حيث المكانة الدينية:
غار حراء
يعتبر غار حراء هو المكان الذي اعتاد النبي عليه الصلاة والسلام الذهاب إليه للاعتزال، والتفكر في خلق الكون، والبحث عن خالقه، حيث كان يقضي فيه العديد من الأيام المتواصلة، وكان يتزود بالطعام والشراب الذي يكفيه حتى لا يضطر للرجوع إلى مكة، واستمر النبي على هذا الحال لعدة سنوات قبل نزول الوحي عليه، وكان ينزل إلى مكة للتزود بالطعام والشراب، وليطمئن على أهله، ومن ثم يعود لخلوته في الغار.
في غار حراء نزل جبريل عليه السلام على الرسول، وطلب منه أن يقرأ أول سورة نزلت في القرآن، وهي سورة العلق فعن عائشة رضي الله عنها: (فقالَ: اقْرَأْ، قالَ: ما أنا بقارِئٍ، قالَ: فأخَذَنِي فَغَطَّنِي حتَّى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدَ ثُمَّ أرْسَلَنِي، فقالَ: اقْرَأْ، قُلتُ: ما أنا بقارِئٍ، فأخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حتَّى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدَ ثُمَّ أرْسَلَنِي، فقالَ: اقْرَأْ، فَقُلتُ: ما أنا بقارِئٍ، فأخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ ثُمَّ أرْسَلَنِي، فقالَ: {اقْرَأْ باسْمِ رَبِّكَ الذي خَلَقَ، خَلَقَ الإنْسانَ مِن عَلَقٍ، اقْرَأْ ورَبُّكَ الأكْرَمُ}، ومن الجدير بالذكر أن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يختلِ بنفسه مرة أخرى في غار حراء بعد نزول الوحي.
غار ثور
أثناء هجرة الرسول عليه الصلاة والسلام مع صاحبه أبو بكر الصديق من مكة إلى المدينة المنورة خوفًا من بطش قريش، تبع الكفار النبي وصاحبه أبو بكر، فاضطرا للاختباء في غار ثور، وقد أيد الله نبيه وصاحبه وحجبهما عن أعين الكفار، فلو أنهم نظروا أسفل قدميهم لوجدوهم لولا نصر الله تعالى لهم.
فعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: (نَظَرْتُ إلى أَقْدَامِ المُشْرِكِينَ علَى رُؤُوسِنَا وَنَحْنُ في الغَارِ، فَقُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، لو أنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ إلى قَدَمَيْهِ أَبْصَرَنَا تَحْتَ قَدَمَيْهِ، فَقالَ: يا أَبَا بَكْرٍ ما ظَنُّكَ باثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا)، ويتأكد نصر الله لهم في قوله تعالى: (إِلّا تَنصُروهُ فَقَد نَصَرَهُ اللَّـهُ إِذ أَخرَجَهُ الَّذينَ كَفَروا ثانِيَ اثنَينِ إِذ هُما فِي الغارِ إِذ يَقولُ لِصاحِبِهِ لا تَحزَن إِنَّ اللَّـهَ مَعَنا) سورة التوبة، آية رقم 40.
“شاهد أيضًا: فضل الصلاة على النبي محمد صلى الله عليه وسلم“
الفرق بين غار حراء وغار ثور من حيث الموقع
يعتبر الفرق بين غار حراء وغار ثور من حيث الموقع من أهم الفروقات بين الغارين، وذلك كما يلي:
موقع غار حراء
يقع غار حراء في أعلى جبل يدعى بجبل النور، أو جبل حراء يقع في شرق مدينة مكة، ويشرف عليها، وتحديدًا في الجهة الشمالية الشرقية من المسجد الحرام، ويبعد عنه مسافة 4 كيلو مترات، ويمكن مشاهدته من جبل عرفات، وداخل الغار يكون متجهًا نحو الكعبة المشرفة، ويتطلب الصعود إلى قمته الكثير من الجهد والوقت، كما أنه ضيق من الداخل، ولا يتسع لأكثر من أربعة أو خمسة أشخاص، حيث يصل طوله إلى أربعة أذرع، وعرضه حوالي ذراع وثلاثة أرباع.
موقع غار ثور
يقع غار ثور في الجهة الجنوبية من مدينة مكة المكرمة، وهو أكثر اتساعًا من غار حراء، وهو تجويف في صخرة مجوفة أعلى الجبل يبلغ ارتفاعها نحو 1.25 متر، وله فتحتان إحداهما في مقدمة الغار أي من جهة الغرب، والأخرى في الجهة المقابلة أي من جهة الشرق.
“قد يهمك أيضًا: من هم الأنبياء والرسل بالترتيب“
الفرق بين غار حراء وغار ثور من حيث سبب التسمية
يمكن للتسمية أن تكون من الفروقات بين الغارين، وإليكم الفرق بين غار حراء وغار ثور من حيث التسمية:
سبب تسمية غار حراء
يعتبر غار حراء هو الغار الذي شهد نزول الوحي جبريل عليه السلام على النبي عليه الصلاة والسلام، وقد تم تسميته بهذا الاسم بسبب وجوده في جبل كان يعرف باسم جبل حراء، وبعد نزول الوحي تمت إعادة تسميته بجبل النور، كما أن الحجارة الأولى التي بنيت منها الكعبة كانت من هذا الجبل.
سبب تسمية غار ثور
يقع غار ثور في جبل في مكة المكرمة يدعى بجبل ثور أطحل، حيث سمي الغار نسبةً إليه، كما يقال أنه سمي بهذا الاسم نسبة إلى رجل نزل فيه يسمى ثور بن عبد مناة.
قصة غار ثور
عندما قرر النبي عليه الصلاة والسلام الهجرة من مكة، اتجه مع صاحبه أبو بكر إلى المدينة المنورة، فعلمت قريش بالأمر، ولحقت بهما، فاضطر النبي للجوء مع صاحبه أبو بكر في الغار للتواري عن الأنظار، ولما وصل الكفار إلى الغار أعمى الله أبصارهم، كما يقال أن عنكبوتًا نسجت خيوطها على باب الغار ليوحي بأنه مهجور، واستمرت إقامتهم في الغار لمدة ثلاثة أيام، وكان النبي يدعو الله أن يصرف عنهم أذى قريش، في حين كان أبو بكر خائفًا على النبي من مكر قريش.
كانت أسماء بنت أبي بكر تزودهم بالطعام مع أخوها عبد الله، ومن ورائهم عامر بن أبي فهيرة ليطمس آثار أقدامهم حتى لا يتمكن الكفار من الوصول إلى مكان اختباء النبي.
قصة غار حراء
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب أن يختلي بنفسه ليبتعد عن أهل الباطل، وعبادة الأوثان، فقد ظهرت على النبي قبل البعثة علامات تدل على نبوته، وهذا ما جاء عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (أوَّلُ ما بُدِئَ به رَسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- مِنَ الوَحْيِ الرُّؤْيا الصَّالِحَةُ في النَّوْمِ، فَكانَ لا يَرَى رُؤْيا إلَّا جاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ، ثُمَّ حُبِّبَ إلَيْهِ الخَلاءُ، وكانَ يَخْلُو بغارِ حِراءٍ فَيَتَحَنَّثُ فيه -وهو التَّعَبُّدُ- اللَّيالِيَ ذَواتِ العَدَدِ قَبْلَ أنْ يَنْزِعَ إلى أهْلِهِ).
كان يلجأ إلى غار حراء ليتفكر في خلق الكون، فعند بلوغه الأربعين عامًا، وبينما هو في الغار، نزل عليه جبريل عليه السلام، فقال له: “اقرأ”، فأجابه الرسول: (ما أنا بقارئ)، وكررها عليه عدة مرات، ونزلت أول سورة في القرآن الكريم.
خاف الرسول عليه الصلاة والسلام من هول ما شاهده خوفًا شديدًا، فسارع إلى زوجته يرتجف، فقال لها: زملوني، وروى لزوجته ما رأى، فهدأته، وطمأنته، وأخبرته بأن الله لن يخذله أبدًا، فأخذته إلى ابن عمها ورقة بن نوفل، فأكد له أنه نبي مرسل.
في الختام نجد أن غار حراء هو الغار الذي كان الرسول يعتاد البقاء فيه لأيام طويلة للتعبد والتأمل، ومنه انطلقت الرسالة الإسلامية، في حين أن غار ثور هو الغار الذي لجأ إليه النبي عليه الصلاة والسلام مع صاحبه أبو بكر الصديق للاختباء من بطش الكافرين، وهذا هو الفرق بين غار حراء وغار ثور، بالإضافة إلى فروقات أخرى عديدة.