حمى البحر الأبيض المتوسط

حمى البحر الأبيض المتوسط
شارك هذه المقالة مع أصدقائك!

ما هي حمى البحر الأبيض المتوسط؟

تُعتبر حمى البحر الأبيض المتوسط (Mediterranean fever) من الاضطرابات الوراثية الالتهابية التي تنتشر بين سُكّان المناطق المُحيطة بحوض البحر الأبيض المتوسط ومناطق الشرق الأوسط، كما أنّه قد يوجد حالات إصابة قليلة جدًّا في باقي أجزاء العالم.

وممّا يجدر الإشارة إليه أنّ ما يُقارب 90% من المصابين بحمى البحر الأبيض المتوسط تظهر عليهم أولى أعراض الإصابة به قبل بلوغهم سنّ العشرين، وتتمثّل هذه الأعراض بحدوث نوبات متكررة من الحُمّى والالتهابات الشديدة، والتي تُؤدّي إلى حدوث آلام في البطن، والمفاصل، والرئتين، وغالبًا ما يتمّ تشخيص هذا المرض في المراحل المبكرة من سنّ الطفولة.

كما وتجدر الإشارة إلى أنّ حمى البحر الأبيض المتوسط تصيب الذكور والإناث على حدٍ سواء، وتُعدّ من الأمراض الوراثية المتنحية؛ أيّ أنّها تتطلّب وراثة الشخص لنسختين من الجين المسؤول عن الإصابة بالمرض حتى يُصاب به، إحداهما من الأب والأخرى من الأم، وهذا يعني أنّ كلا والديه يجب أن يكونا مصابين بالمرض أو حاملين لجيناته حتى يُصاب به.

أعراض حمى البحر الأبيض المُتوسط

تستمرّ نوبة حمى البحر الأبيض المتوسط غالبًا لمدة يوم إلى ثلاثة أيام، ثم يتعافى المصاب بعد ذلك دون تدخل علاجي في كثير من الحالات، وبين كل نوبة والأخرى يوجد فترة تختفي فيها الأعراض نهائيًّا ويبدو فيها المصاب سليمًا، ومن الجدير ذكره أنّ أعراض هذا الاضطراب تختلف من شخص لآخر، وتتفاوت في شدّتها وتسبّبها بالألم.

ومن أعراض الإصابة بحمى البحر الأبيض المتوسط ما يلي:-

  • ألم البطن: يختلف ألم البطن في شِدّته بين المصابين، فقد يكون الألم شديدًا في بعض الحالات لدرجة أنّه يتم الخلط بينه وبين أعراض التهاب الزائدة الدوديّة.
  • ألم الصدر: في بعض الحالات الشديدة قد يتسبّب ألم الصدر بصعوبة في التنفس.
  • ألم المفاصل: يُعتبر ألم المفاصل من أكثر أعراض حمى البحر الأبيض المتوسط شيوعًا بين المصابين، ويتمثّل بألم شديد يُعيق المشي؛ نتيجةً لالتهاب أحد المفاصل وانتفاخه، خاصّةً وأنّ مِفصليّ الركبة والكاحل تُعتبر أكثر المفاصل عُرضةً للإصابة.

وتجدر الإشارة إلى أنّ الالتهاب يُصيب مفصلًا واحدًا في العادة، ولا يؤثر على أكثر من مفصل في النوبة ذاتها.

  • آلام العضلات: يترافق هذا الألم الذي غالبًا ما يُؤثّر في عضلات الساقين مع بذل المجهود البدني.
  • الطفح الجلدي: حيث أنّ ما يقرُب من ثُلث المصابين بحمى البحر الأبيض المتوسط يظهر على أطرافهم السفليّة طفح جلدي أحمر اللون.
  • إمساك: وعادةً ما يكون متبوعًا بالإصابة بالإسهال.
  • أعراض أخرى: يوجد مجموعة من الأعراض التي تتمثّل باضطرابات وحالات مرضية نادرة، والتي تظهر على بعض المصابين دون غيرهم، ومنها: التهاب العضلات، والتهاب التامور، والتهاب السحايا، والتهاب الخصية.

أسباب حمى البحر الأبيض المتوسط

تحدث حمى البحر الأبيض المتوسط بسبب وجود طفرة جينية، وتحدث هذه الطفرة في جين يُسمّى MEFV، ويكون كلا الأبوين حاملين لنسخ غير طبيعيّة من هذا الجين ويورّثانها إلى الطفل المُصاب، وتُسبِّب هذه الطفرة الجينية مشكلات في تعديل الالتهابات التي تصيب الجسم.

عوامل خطر الإصابة بحمى البحر الأبيض المتوسط

من العوامل التي قد تزيد من خطر الإصابة بحمى البحر المتوسط ما يلي:-

  • وجود تاريخ عائلي للمرض: إذا كان للشخص تاريخ عائلي لحمى البحر الأبيض المتوسط فإنّ نسبة إصابته تزداد.
  • كون الشخص من أصول البحر الأبيض المتوسط: يمكن أن تُؤثّر حمى البحر الأبيض المتوسط على الأشخاص في أيّ مجموعة عرقيّة، ولكن من المحتمل أن يكون الأشخاص ذوو الأصول العربية أو الأفريقية أو الأرمنية أو التركية أو الإيطالية أو اليونانية أكثر عرضةً للإصابة.

مضاعفات حمى البحر الأبيض المتوسط

قد تُؤدّي حمى البحر الأبيض المتوسط إلى حدوث العديد من المضاعفات في حال عدم تلقّي المصاب للعلاج المناسب، وفيما يلي بيان أهم هذه المضاعفات:-

  • المتلازمة الكلوية: تحدث المتلازمة الكلوية نتيجة حدوث اضطرابات في الكبيبات الكلوية المسؤولة عن عمليّة الفلترة في الكليتين، ممّا قد يُسبِّب بعض الحالات المرضية، مثل: فقدان البروتين عن طريق البول، وتخثّر الوريد الكلوي، والفشل الكلوي.
  • العقم: قد تُسبِّب حمى البحر الأبيض المتوسط العقم عند النساء؛ نتيجة تأثير الالتهاب المصاحب لها في الأعضاء التناسليّة للمرأة.
  • الداء النشواني: يحدث هذا الداء نتيجة إفراز نخاع العظم لنوع من البروتينات غير الطبيعيّة، التي تُعرَف ببروتين أميلويد أ (Amyloid A Protein)؛ وذلك بسبب التعرّض لنوبات حمى البحر الأبيض المتوسط، وقد يُسبِّب هذا الفرط في إفراز بروتين الأميلويد أ إلى تراكمه في كثير من أعضاء وأنسجة الجسم، مثل: القلب، والكلى، والكبد، والطحال، والقناة الهضمية، والجهاز العصبي، ممّا يُؤدِّي إلى احتماليّة تعرّضها للفشل.

تشخيص حمى البحر الأبيض المتوسط

يوجد العديد من الفحوصات التي تُساعد في تشخيص مرض حمى البحر الأبيض المتوسط، منها ما يلي:-

  • الفحص البدني: حيث يقوم الطبيب بملاحظة وتدوين الأعراض والعلامات التي يُعاني منها الشخص، ويقوم بإجراء بعض الفحوصات البدنية له؛ لجمع أكبر قدر مُمكن من المعلومات عن حالته.
  • الاختبار الجيني: يُساعد هذا الاختبار في الكشف عن وجود الطفرات الجينية المُصاحبة لحمى البحر الأبيض المتوسط، ولكنّ محدوديّة هذا الاختبار، وعدم فاعليّته في الكشف عن جميع الطفرات الجينيّة التي ترافق المرض، جعل نتائجه غير جازمة في الحُكم بالإصابة بحمى البحر الأبيض المتوسط.
  • اختبار الدم: حيث أنّ ارتفاع بعض المُؤشِّرات في نتائج فحوصات الدَّم يُعتبر دلالة على وجود التهاب في مكان ما من الجسم، ومن المُؤشِّرات التي تُساعد على تشخيص حمى البحر الأبيض المتوسط:-
    • ارتفاع عدد كريات الدَّم البيضاء: حيث يدلّ ارتفاعها على وجود استجابة مناعيّة في الجسم.
    • زيادة سرعة ترسّب الدَّم أو سرعة ترسّب كريات الدَّم: حيث يُعتبر هذا دلالة على وجود التهاب في الجسم.
    • ارتفاع نسبة البروتين المتفاعل C: وهو من البروتينات التي يقوم الكبد بتصنيعها، وارتفاع نسبته دليل على وجود التهاب حادّ في الجسم.
    • ارتفاع الفيبرينوجين: وهو من مكوّنات بلازما الدَّم التي ترتفع في الجسم في محاولة لإيقاف النزيف، وارتفاع مُستواه في بلازما الدَّم دليل على وجود خلل ما في الجسم.
    • ارتفاع نسبة الهابتوجلوبين: ويُعزى هذا إلى تحطّم كريات الدَّم الحمراء بشكل أكبر، الأمر الذي قد يحدث في حال الإصابة بمرض حمى البحر الأبيض المتوسط.

علاج حمى البحر الأبيض المتوسط

حمى البحر الأبيض المتوسط هو مرض يمكن علاجه ولا يمكن شِفاؤه إلى الآن، إلّا أنّ العلاجات الدوائيّة المُتوفّرة تُساعد على الوقاية منه وعلى السيطرة على الأعراض والعلامات المُصاحبة له، وفيما يلي ذكر لبعض العلاجات المُستخدمة:-

  • الكولشيسين:(Colchicine) عادةً ما يقوم علاج حمى البحر الأبيض المتوسط على تناول دواء الكولشيسين مرةً أو مرتين يوميًّا عن طريق الفم؛ وذلك للتخفيف من الالتهاب ونوبات الحمى.

وقد يُؤدّي تناول دواء الكولشيسين إلى ظهور بعض الأعراض الجانبيّة على المريض، مثل: الانتفاخ، والإسهال، وألم البطن، وفي حال ظهورها يُمكن أن يتم خفض جرعة الدواء، ثمّ زيادتها تدريجيًّا تِبعًا لتحمّل المريض للأعراض، كما وقد يُساعد الحدّ من تناول منتجات الحليب والألبان على التخفيف من الآثار الجانبيّة للكولشيسين.

وتجدر الإشارة إلى أنّ ظهور نوبات حمى البحر الأبيض المتوسط لا يستدعي زيادة الجرعة؛ حيث أنّ الكولشيسين يَقي من حدوث النوبات، ولكنّ تأثيره لا يشمل التخفيف من حدّة النوبة عند بدئها.

  • أدوية للوقاية من الالتهاب: وهي أدوية تقوم بتثبيط عمل بروتين الإنترلوكين-1 (Interleukin-1) الذي يلعب دورًا أساسيًّا في عملية الالتهاب، ومن الأمثلة على هذه الأدوية: كاناكينوماب، ورينولاسيبت، والأناكينرا، وعادةً ما يُنصَح بأخذ هذه الأدوية عند عدم استجابة المريض للكولشيسين أو في حال عدم تحمّله لتأثيراته.

المراجع

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!

منصة الكترونية لنشر المقالات باللغة العربية. يسعى موقع فنجان الى اثراء المحتوى العربي على الانترنت وتشجيع الناس على القراءة

‫0 تعليق