حدثني الزعفران بن العطار قائلًا: أنه في أيام النبي سليمان كانت الأقداح كبيرة وضخمة فلم
يستسغ شرب مشروب القهوة فيها فأمر الجن المسخرين له والذين يعملون عنده بالتفكير في
شئ أجمل وأصغر لشرب القهوة فيه حتى أهتدى أحد علماء الجن لصنع قدح صغير من البلور
عرضه على سليمان فأعجبه وكان كل من يشاهده يبهر به ويسأله عنه فيقول هذا فن الجان
وبعدها تم اختصار الاسم ليصبح فن جان.
والآن أسألك أنا عن أبيات الشعر التي كنت ترددها من أين عرفتها فقلت هي أبيات مشهورة
لعنترة بن شداد العبسي وأحفظها كلها فقال والله لولا (جالد بن ظل) لما قال أخا عبس الشعر
وما وعاه فرفعت حاجبي ولويت شفتي غير مصدق، فقال يا فتى كل شاعر من شعرائكم
المبرزين له قرين منا ألقى الشعر في روعه فألقاه واشتهر به فمن هو أشهر شعراء العرب
عندكم؟
قلت : امرؤ القيس الكندي حسب علمي فقال لولا كبير شعراءنا لافظ بن لاحظ ما قال الشعر
أبدًا فاستغربت من كلامه وقلت له أحقا ما تقول؟
قال: نعم هو الحق وكل شعرائكم لهم قرائن منا
فهبيد بن الصلادم صاحب عبيد بن الأبرص وبشر بن أبي خازم الأسدي
وهاذر بن ماذر صاحب النابغة الذبياني وكان بخيلًا في شعره فلذلك لا ترى للذبياني شعرًا
كثيرًا
و مدرك بن واغم صاحب الكميت بن زيد. ومسحل السكران بن جندل صاحب الأعشى وجالد
بن ظل صاحب عنترة بن شداد كما قلت لك آنفًا.
والآن قم بنا لنمشي قبل أن تطلع الشمس حتى نصل الى مبتغانا قبل أن تشتد حرارتها
وسنواصل حديثنا فجهزت راحلتي وقدتها خلفي ونحن نقطع الطريق مشيًا فقال حدثني عن
نفسك ولما يطلبك ملك الوادي فقلت أما لماذا يطلبني فهذا مالا علم لي به أبدًا أما عن نفسي
فماذا تريد أن تعرف؟
فسألني عن صنعتي فقلت أنني أعمل بالكيمياء ونظرت إليه معابثًا ربما يريد زعيمكم أن أحل
له مشكلة كيميائية فقهقه ضاحكًا وقال:
مازلتم يا فتى أطفالًا في هذا المجال وسألني عن سكني فقلت له أسكن في مدينة الورد وسط
قلوب كلها ود، فتوقف محملقًا فيّ بغرابة وقال هل أنت فعلًا من سكان مدينة الورد؟
فأجبته باستغراب نعم هل تعرفها؟
فقال: ربما هذا ما جعلني بداخلي أرق لك وآلفك مذ رأيتك ولم أشأ أن أرعبك ….. فزاد كلامه
من استغرابي ما شأنه بمدينة الورد وهل يعرفها؟
فابتسم قائلًا:
لي قصة مع مدينة الورد سأرويها لك حتى نقطع الطريق بالحديث.
قلت له هات ما عندك فقد شوقتني، يقول:
كنت ذات يوم قائدًا لفرسان الوادي وكنت مسؤولًا عن مجموعة كبيرة من الأفراد نعمل على
اختطاف البشر وتسخيرهم للعمل في خدمتنا حتى يكون عندنا جن يتعلم من البشر ويستطيع
أن يجاري الإنس في ذكاءه وكنا قد وضعنا خطتنا للسيطرة على مدينتكم مدينة الورد وبالتالي
جلب بعض أفرادها هنا ويظل الباقين تحت سيطرتنا ومن الأسماء التي رشحناها ……
وهنا سكت فجأة وأطال النظر أمامه والتفت لي وقال:
لقد وصلنا جهز نفسك للقاء السيسبان ملك وادي عبقر.
يتبع في المقال القادمة – قصة السيسبان.
من كتاب رحلة إلى وادي عبقر وقصص أخرى.