ما هي معركة اليرموك؟
هناك العديد من المعارك العظيمة التي خاضتها الأمة الإسلامية خلال تاريخ جهادها، ولكن تعتبر معركة اليرموك المعركة الأعظم على الإطلاق.
بدأت القصة عندما حاول هرقل أن يضع حد للتوغل الإسلامي القوي والشديد في أراضي بلاد الشام، حيث أنهم كانوا قد فتحوا مدن كثيرة منها.
نتيجة لذلك قام أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه بمشاورة قادة الجيش، وأيضًا استشار أبو بكر الصديق رضي الله عنه لأخذ قرار بهذا الشأن.
قام أبو بكر الصديق رضي الله عنه بعدها بإرسال خالد بن الوليد رضي الله عنه إلى ساحة المعركة لكي يتولى القيادة وعندها قال قوله المشهور: “والله لأُنسين الروم وساوس الشيطان بخالد بن الوليد”.
قام القائد خالد بن الوليد بتقسيم الجيش إلى عدة كراديس وهي مجموعة تتضمن ألف مقاتل وعلى رأس كل منها قائد.
كما قام بتقسيمه ايضا إلى قلب بقيادة أبي عبيدة وميسة بقيادة يزيد بن أبي سفيان وميمنة بقيادة عمرو بن العاص.
أحداث معركة اليرموك
في البداية قام أحد أفراد جيش المسلمين بالتعبير عن قلقه لأن عدد جيش الروم كبير جدًا بصوت عالي، فقام خالد بن الوليد بزجره، وبعدها حاول أن يحض المسلمين على الجهاد بكلمات مؤثرة كان لها دور كبير جدًا في النصر.
أمر خالد بالقتال عن طريق عكرمة والقعقاع رضي الله عنهما واشتدت المعركة بعدها لدرجة كبيرة.
حاول جيش الروم أن يزيلوا جيش المسلمين من بعض المواقع ولكن كان عكرمة رضي الله عنه لهم بالمرصاد حيث صاح بالمسلمين وقال “من يبايع على الموت”.
استجاب لندائه 400 مجاهد قدموا تضحية وبسالة كبيرة ضد الروم ونجحوا في أن يجبروهم على التراجع.
مجددًا عاود الروم الكرة وعاودوا الهجوم ولكن قام خالد بن الوليد رضي الله عنه مع مئة من أبطال المسلمين بالتصدي لهم حتى استطاعوا فض جموعهم بنجاح.
بعدها شن المسلمين حملة شرسة على الجيش بأكمله، كانت نتيجتها قيام الفرسان بالفرار وانتصار المسلمين.
برز أحد قادة الروم خلال المعركة لخالد بن الوليد وكان اسمه جرجه ودار بينهما حوار أسلم جرجه على أثره ولكنه استشهد بعدها في نفس المعركة.
ما هو سبب معركة اليرموك؟
كان وراء وقوع معركة اليرموك أسباب عديدة مهمة نذكرها فيما يلي:
- رغبة هرقل وتخطيطه بالقضاء على قادة الإسلام حيث أنه قد حشد جيش كبير من العرب النصارى والبيزنطيين وروج لهذا الحشد بقوة.
- رغبة الروم باستعادة السيطرة والهيمنة على الدولة الإسلامية وإذلال المسلمين لكي يستطيعوا إعادة نفوذ دولتهم.
- سماع أبو عبيدة عامر بن الجراح رضي الله عنه بخبر الجيوش التي قام الروم بحشدها لملاقاة المسلمين، وبعدها قاموا بعقد اجتماع طارئ للقادة وكانت النتيجة أخذ قرار بمغادرة المسلمين من حمص وإلى دمشق باعتبارها أقرب نقطة للحدود في جزيرة العرب.
- قيام المسلمين بالانسحاب من مواجهة الجيش البيزنطي بعد توجه من أنطاكية وحتى حمص ملاحقًا لجيش المسلمين لمحاولة حصاره وقطعه عن الاتصال ببقية الجيوش.
- سقوط عدة مدن وأماكن من تحت سيطرة الدولة البيزنطية ومنها حمص.
ما هي نتائج معركة اليرموك؟
إن لمعركة اليرموك نتائج قوية وحاسمة في تاريخ الأمة الإسلامية حيث أسفرت عن أحداث كثيرة وهي:
- انتصار المسلمين انتصار ساحق على الروم سطر في التاريخ الإسلامي حتى يومنا هذا وذلك بسبب كون جيش الروم من أقوى الجيوش في تلك المنطقة والفترة.
- تم تقرير مصير بلاد الشام المستقبلي حيث أنها نتيجة لهذه المعركة قد شهدت انتصارات كثيرة وعظيمة بعدها.
- بعد خسارة الروم القاسية وخروجهم من أرض المعركة بالخذلان قام المسلمون بأسر عدد كبير جدًا منهم والاستفادة من غنائم كثيرة.
أنهى المسلمون الجيش الذي جمعه هرقل مبالغ طائلة لكي يستطيع تجهيزه، وخصوصًا أنه قد تدين أموال الكنيسة لكي يستطيع دعم الجيش وبذلك تم إنهاء أطماع هرقل كلها في أراضي المسلمين.
خطبة خالد بن الوليد في معركة اليرموك
قام خالد بن الوليد بإلقاء خطبة حماسية ومشجعة على الجيش الإسلامي لدعمهم وتشجيعهم على القتال.
وهي:
“إنَّ هذا يومٌ من أيام الله، لا ينبغي فيه الفخرُ ولا البغيُ، أخلِصوا جهادَكم، وأريدوا اللهَ بعملكم، فإنَّ هذا يومٌ له ما بعدَه، ولا تُقاتِلوا قوماً على نظامٍ وتعبئة، على تساندٍ وانتشارٍ، فإنَّ ذلك لا يَحِلُّ ولا ينبغي. وإنَّ مَنْ وراءَكم لو يعلمُ علمَكم حالَ بينكم وبين هذا، فاعملوا فيما لم تُؤمَروا به بالذي تَرَوْنَ أنّه الرأيُ من واليكم ومحبّته”.
قالوا له: “فهات فما الرأي؟”.
قال:
إنَّ أبا بكرٍ لم يبعثْنا إلاّ وهو يرى أنّا سنتياسَرُ، ولو عَلِمَ بالذي كانَ ويكون لَمَا جَمَعَكُم. إنَّ الذي أنتم فيه أشدُّ على المسلمينَ مما قد غَشِيَهُم، وأرفَعُ للمشركينَ من أمدادهم، ولقد علمتُ أنَّ الدنيا فرَّقَتْ بينكم، فاللهَ اللهَ، فقد أُفرِدَ كُلُّ رجلٍ منكم ببلدٍ من البلدان، لا ينتقصُ منه أنْ دانَ لأحدٍ من أُمراءِ الجُنود، ولا يزيده عليه أنْ دانوا له، إنَّ تأميرَ بعضكم لا ينقصُكم عندَ الله، ولا عندَ خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلّم.
هلمُّوا، فإنَّ هؤلاء قد تهيَّؤوا. وهذا يومٌ له ما بعدَه إنْ رددناهم إلى خندقهم اليومَ لم نزلْ نردُّهم، وإنْ هزمونا لم نُفلِح بعدَها. فهلمُّوا فلنَتَعاوَرِ الإمارةَ، فليكنْ عليها بعضنا اليومَ، والآخرُ غداً، والآخرُ بعدَ غدٍ، حتَّى يتأمَّرَ كُلُّكُم، ودعوني أتأمَّرُ اليومَ.
تاريخ الطبري والكامل لابن الأثير.
عوامل النصر في معركة اليرموك
إن النصر الساحق الذي حققه المسلمون على الروم في معركة اليرموك لم يكن من فراغ بالتأكيد، حيث أن توفيق الله عز وجل وايضًا حسن الإدارة والتخطيط من قبل القائد خالد بن الوليد رضي الله عنه كانا العاملين الرئيسيين في هذا النصر.
ولا ننسى أن خالد بن الوليد قد رفع معنويات الجنود حيث أنه يحكى أن أحد رجال الجيش الإسلامي قال “ما أكثر الروم وما أقل المسلمين”.
أجابه القائد خالد بن الوليد بمقولته الشهيرة: “ما أقل الروم وما أكثر المسلمين، إنما تكثر الجنود بالنصر وتقل بالخذلان لا بعدد الرجال”.
شكل خوف جيش الروم والرعب الذي دب في أوصالهم بعد رؤيتهم لشدة قتال الجيش الإسلامي أيضًا عامل مهم جدًا في تحقيق هذا النصر.
في الختام نذكر أن معركة اليرموك ساهمت في تحطيم أسطورة الجيش البيزنطي على أنه لا يقهر وغير قابل للهزيمة، حيث أن جيش المسلمين قام بتحطيم كل قدراته العسكرية، وبذلك شكلت هذه المعركة منعطف مهم ورئيسي في تاريخ هذا الجيش.