ما هو تعريف الحي العتيق
إن الحي العتيق هو مجموعة من البيوت المتقاربة مع بعضها ويقطنها ساكنون من ثقافات متشابهة جدًا أوديانات متسامحة أو حتى قد تجمعهم علاقة دم أو ينحدرون من نفس الأصول.
غالبًا ما يتواجد في هذا الحي مؤسسات خدمية توفر أسواق تجارية ومدارس ومراكز صحية مع بيوت عبادة وحدائق متنوعة.
مجموعة الحارات تشكل معا أحياء والأحياء مع بعضها تنتج لدينا الدول والمدن الكبرى.
الحيّ العتيق اصطلاحاً
هو الحي الذي مضى على بنائه فترة من الزمن، قبل أن تبنى مباني حديثة حوله، لكنه ما يزال يحتفظ ببعض من معالمه القديمة حتى الآن، أو أنّ هيئته البدائية الأولية بقيت على حالها.
مفهوم الحي العتيق
يعني الحي العتيق مجموعة من الأزقة الضيقة جدًا والمتقاربة فيما بينها حاملة معها الكثير من الذكريات والحب بسبب الجدران المتراصة والقلوب المجتمعة.
تكون الأروقة عديدة والدهاليز معقدة غالبًا، ولا يحفظها إلا من نشأ فيها وتربى ضمنها، وكما قال الشاعر أبو تمام:
كم منزل في الأرض يألفه الفتى.. وحنينه أبداً لأول منزل.
تحمل هذه الأزقة ذكريات أول خطوة وأول فشل وأول تعب وأول نجاح والكثير من الأحداث والتجارب الكثيرة.
أما بالنسبة لتعريف كلمة حي فهي كلمة جمعها أحياء، ويقصد بها المكان الذي تتجمع فيه البيوت والمدارس والشوارع ويسكن بها عامة الناس غالبًا.
تختلف الأحياء بين بعضها تبعًا لقيمة أرضها ومعيارها من مستوى الرقي وحسب سكانها.
كلمة عتيق هي اسم والفعل منه عتق، والمعنى المراد هو الشيء القديم الذي بلغ عمر كبير من الزمن، يكون جمعه عتاق والمؤنث منه عتيقة.
له صفة مشابهة تدل على فكرة الثبوت من العتق أي التحرر من العبودية، أما البيت العتيق فهو الكعبة المشرفة.
إذا أردنا أن نعرف الحي العتيق اصطلاحًا فهو أي حي مضى وقت طويل جدًا على بنائه أي بني قبل أن تبنى كل الأبنية الحديثة الحالية ولا زال يحتفظ بمعالمه الأولية حتى يومنا الحالي.
الحيّ العتيق من وجهةٍ إنسانية
إذا أردنا تعريف الحي العتيق بنظرة إنسانية فهو عبارة عن مجموعة كبيرة جدًا من الذكريات التي تنساب إلى خبايا الأيام وترسم بيوت بسيطة في البناء ولكنها عظيمة في الأثر لما تحتويه من حنان ودفء كبير ومشاعر حب ضخمة.
الجدران تكون ملونة بأزهى الألوان، وتكون غالبًا الأزقة مليئة بالباعة الجوالة المشهورون بكرمهم الكبير ولطفهم بالتعامل، مع سماع صوت الأطفال الذين يلعبون الكرة في الشارع بأمان كبير.
من الذكريات الأساسية التي تثبت في تاريخ كل من تربى بحي عتيق روائح الطعام الشهية التي يتداولها الجيران فيما بينهم، مع صوت ضحك النسوة المجتمعين على فنجان قهوة الصباح، والنقاش اليومي حول نوع الغداء الذي ستحضره كل واحدة، وبالطبع جلسات صناعة كعك وحلويات العيد الشهية.
تجد الرجال مجتمعين في أحد البيوت لمشاهدة مباراة كرة للفريق المفضل لديهم.
في الليل وسكونه لن ترى إلا أضواء الإنارة المستخدمة لإنارة الشارع ومساحات الأعراس التي يشارك بها سكان الحي كلهم صغيرًا وكبيرًا.
إيجابيات وسلبيات الحي العتيق
إن السكن ضمن الحي العتيق يتضمن إيجابيات وسلبيات عديدة كغيره من الأمور في الحياة.
أهم الإيجابيات التي يمكن ذكرها العلاقات الإنسانية الصادقة والمترابطة بشكلها البسيط بعيدًا عن كل مظاهر الترف والتفاخر والتصنع.
كما نلاحظ أن العادات والتقاليد غالبًا لها حرمتها بدون أي تجاوز، ولا ننسى أن المساحة الجغرافية الضيقة تتيح الكثير من الأمان لكل عائلة تقطن في الحي غير موجودة في أي مكان سكني آخر.
للحي القديم دور كبير في بناء شخصيات الأفراد وخصوصًا الأطفال، لأنه يبث في النفوس لغة المحبة والتآلف والاستقرار والراحة مع الشعور بالطمأنينة والأمان، وهي أمور فطرية تظهر لدى الإنسان عندما يعيش مع مجموعة متحابة ومتعاونة.
بالنسبة للسلبيات فمن أهمها انعدام الخصوصية التي يتمتع بها الأفراد بسبب ضيق الشوارع وتراص الأبنية مع بعضها، وغالبًا ما تكون المؤسسات الخدماتية غير متوفرة.
مزايا الحي العتيق
من أهم المزايا التي تكتسب من السكن في حي عتيق نذكر ما يلي:
- تقوية أواصر المحبة والألفة بين كل الناس.
- تقوية علاقات التواصل الاجتماعي وخصوصًا أن النسيج الاجتماعي المتين يساعد على زيادة الزيارات ويشجع على طلب المساعدة والعون بأي ظرف وهو أمر لا ينتج إلا في جو حي صغير متماسك.
- يساعد الطفل على تعلم أولى العلاقات البسيطة والعفوية.
- المحافظة على التقاليد والعادات الموروثة والمهمة.
- قد تشكل هذه الأحياء في المستقبل مقصد سياحي مهم وأرث تاريخي هام.
- يحافظ على الصناعات القديمة والحرف اليدوية والتراث الشعبي.
- ينعم سكانه بحياة بسيطة وكرم كبير في النفوس مع حب عمل الخير وتفقد الجار في كل وقت.
- بناء شخصيات الأفراد والأطفال ويخلق مشاعر الأمان والحب عند سكانه.
خصائص الحي العتيق
هناك مجموعة من الخصائص التي غالبًا ما نجدها مجتمعة في كل الأحياء العتيقة ومن أهمها:
- يغلب على بناء أغلب منازل الأحياء القديمة استخدام الطوب أو اللبن بتصميم بسيط متكون من طابق أو طابقين كحد أقصى وتتخللها الشوارع والأزقة الضيقة غير المرصوفة بشكل جيد.
- يكون لون أغلب المنازل أصفر فاتح وعادة ما تحيط بها الأسوار والبوابات التي تشكل الدرع الواقي لكل من يعد غريب على الحي وساكنيه أي هي الوسيلة الوحيدة لتوفير الأمان.
- توجد علاقات صداقة ومحبة قوية بين كل السكان، ويظهر ذلك بشكل جلي عند المحافظة على العادات والروابط وظهور القيم الإنسانية المهمة في كل تعامل مثل الاحترام المتبادل وتبجيل الكبار في السن ومراعاة حقوق الجار وإغاثة الملهوف والمشاركة في الأفراح والأتراح.
إن هذه الميزة غير موجودة في الأحياء الحديثة بل على العكس تمامًا نجد أن العلاقات فيها تكون متخلخلة ومتباعدة بشكل كبير.
- نجد في الحي العتيق أسواق قديمة تنبض بروح التجارة وتنتشر بها الصناعات التقليدية القديمة والحرف البسيطة جدًا، وهي في أيامنا الحالية مقصد للسياح من كل مكان لكي تحاكي روح الماضي وذاكرة المكان.
تعد ملجأ حقيقي من ضجيج الحياة والتوتر والتلوث الذي انتشر في يومنا هذا.
في النهاية يمكن أن نقوم أن الأحياء العتيقة هي مثال نادر وحقيقي عن معاني الإنسانية التي فقدناها في وقتنا الحالي بسبب انتشار الحياة الزائفة في الأحياء الحديثة المبنية على أسس معمارية ومزودة بأحدث الخدمات.