تعريف البيروقراطية
يمكن تعريف البيروقراطية على أنها مفهوم اجتماعي وسياسي يعتمد على الحكم بواسطة المكاتب أو سلطة المكاتب، وذلك وفق تسلسل هرمي يقوم بتوزيع المسؤوليات واتخاذ الإجراءات الموحدة، وبالتالي فإن البيروقراطية هي من أفضل الطرق لتنظيم الأعداد الكبيرة من الناس التي تعمل على هدف واحد بشكل إداري من خلال تطبيق القوانين.
تتألف كلمة البيروقراطية من كلمتين وهما بيرو وهي كلمة ألمانية وتعني المكتب أو الشركة، وكلمة قراطية وتعني السلطة أو الحكم، وهي مشتقة من أصل إغريقي، وبالتالي فإن معنى كلمة بيروقراطية تعني سلطة أو حكم المكاتب، ويعتمد القطاعين الخاص والعام على البيروقراطية في عملهم بما في ذلك المؤسسات الحكومية والجامعات والمستشفيات وغيرها.
مهمة البيروقراطيين هي تنفيذ القوانين والقرارات الصادرة عن المسؤولين المنتخبين والإشراف على تنفيذها، ويتم تعيينهم بناءً على مؤهلاتهم العلمية، وبدوام كامل أو جزئي، ويتقاضون مقابل عملهم رواتب منتظمة.
يمكن للموظف البيروقراطي أن يمارس عمله ويقدم مهاراته ولكن ليس ليطور نفسه بل ليضعها في خدمة السلطة الأعلى منه، لذلك هو مسؤول فقط عن تنفيذ المهام الموكلة إليه، وقد يضطر إلى تغيير قناعته في بعض الأحيان في حال تعارضها مع الأهداف العامة.
أسس عالم الاجتماع (ماكس فيبر) النظرية البيروقراطية متجهًا في نظريته إلى المشاريع الفردية، والمنظمات الكبيرة في الحجم على اعتبارها نوع من أنواع التنظيمات الإدارية التي تتميز بمجموعة من الخصائص والمميزات التي يمكن اتباعها لتنظيم العمل داخل المكاتب، وعلى الرغم من الاتهامات الموجهة نحو البيروقراطية، إلا أن البيروقراطية الصحيحة تعتبر بمثابة الحل الرشيد للأخطاء التي يقع فيها المدراء والإداريين، فهي أداة يتم من خلالها تحديد المسؤوليات، وتقسيم العمل لتنظيمه وإتقانه.
خصائص البيروقراطية
تتمتع البيروقراطية بمجموعة من الخصائص ومن أهمها:
التسلسل الهرمي:
من أهم العوامل التي تميز البيروقراطية هي تتبعها لتسلسل هرمي في الوظائف، ولكل شخص في هذا الهرم مكانه الخاص، ووظيفته المحددة التي يجب عليه القيام بها، وتتدرج الصلاحيات في الهرم الوظيفي بحيث تكون الصلاحيات أكبر في أعلى السلسلة، وعادةً يقوم الأشخاص في أعلى الهرم بمراقبة تنفيذ الأعمال الموكلة إلى الأشخاص ذو الصلاحيات الأقل، وتبدأ هذه الصلاحيات بالتناقص عند اقترابها من أسفل الهرم.
تقسيم المهام والتخصص:
يعمل الأشخاص على تنفيذ المهام في البيروقراطية بحيث ينفذ كل منهم جزءًا من المهمة، وهكذا حتى يتم تنفيذها بشكل كامل، كما يكون لكل شخص وظيفة محددة يقوم بها بحسب مؤهلاته وخبرته.
القواعد في العمل:
حيث يحدد سير العمل داخل المؤسسة مجموعة من القواعد والتعليمات التي تسمى بنظام المؤسسة والذي يتحدد بروتين خاص بالعمل، يعمل هذا الروتين على تحديد أداء العمل وتوزيع الأدوار على العاملين فيها بحسب مؤهلات الموظفين، أو بحسب خبرتهم في العمل.
التعيين والترقية:
بحيث يتم تعيين الموظفين في المواقع التنظيمية وفقًا لمجموعة من المعايير تعتمد على مؤهلات هؤلاء الأشخاص والخبرات المكتسبة، ولا يجب أن تتم وفقًا لرأي رئيس التنظيم أو لاعتبارات شخصية، كما أن الترقية يجب أن تتم على مبدأ الإنجاز والأقدمية والكفاءة والمؤهلات العلمية، ولا يجب تركها للصدفة أو لاعتبارات أخرى.
العوامل التي أدت إلى ظهور البيروقراطية
هناك مجموعة من العوامل أدت إلى ظهور البيروقراطية في التنظيمات، ولعل من أهمها:
الرأسمالية:
ساهمت الرأسمالية في ظهور البيروقراطية من خلال ظهور الشركات الكبرى في الاقتصادات الرأسمالية، وجذب الكثير من العمال من خلال نظام الحوافز، الأمر الذي تطلب وجود تنظيم بيروقراطي في هذه المؤسسات لتنظيم العمل فيها.
النمو السكاني:
حيث أن هذا النمو أدى إلى ضرورة وجود البيروقراطية لتنظيم العمل، ولتلبية مطالب هذه الأعداد الكبيرة، وللتعامل بكفاءة أكثر مع المشاكل التي يمكن أن تظهر في تنظيم العمل بين هذه الأعداد، وبالتالي حل مشكلة الاستيعاب الاجتماعي للأعداد المتزايدة من الناس من حيث توفير الوظائف والإمدادات الغذائية.
نشوء الاقتصاد النقدي:
أدى تطور الاقتصاد واستخدام المال على نطاق واسع في الاقتصاد إلى ضرورة وجود البيروقراطية لتنفيذ المهام المعقدة بكفاءة أكثر.
الابتعاد عن التعقيد:
حيث تسمح البيروقراطية بأداء المهام على نطاق واسع، والابتعاد عن التعقيد في المعاملات، والاختصار من الوقت في تنفيذ المهام.
تحقيق الكفاءة في العمل:
حيث أن كثرة المهام في العمل والأعداد الكبيرة للعمال جعل من الديمقراطية ضرورة لتنظيم الأدوار بين العمال، وتوزيع المهام بينهم بشكل هرمي لتنفيذها على أكمل وجه.
التنظيمات العسكرية:
كان لابد من البيروقراطية داخل التنظيمات العسكرية لتنظيم وتنسيق القوات العسكرية، والتخلص من الأنظمة التعسفية والأوامر الصارمة.
عيوب الديمقراطية
- تقوم البيروقراطية على مبدأ الروتين الذي تحكمه مجموعة من القواعد والتعليمات، الأمر الذي يؤدي إلى نقص المرونة، وعادةً ما ينتج عن ذلك بعض المشاكل الإدارية.
- تهتم البيروقراطية بتنفيذ القواعد والتعليمات دون الاكتراث للنتائج النهائية التي يقدمها العمل المنجز، أو الاهتمام بمشاعر الأشخاص المطلوب منهم تنفيذ هذه القوانين في الوقت المحدد والجودة المطلوبة.
- تؤدي البيروقراطية إلى استغلال السلطة، التي يتم حصرها بأشخاص معينين، واستعمالها بشكل يسيء للأشخاص الأقل مرتبة.
- من عيوب البيروقراطية كثرة الأعمال الورقية سواء كانت بسيطة أو معقدة.
- قد تظهر المحسوبية في أنظمة البيروقراطية والتي تؤدي إلى إهمال الأشخاص الأكثر استحقاقًا.
- الإفراط في البيروقراطية أو استخدامها بشكل خاطئ يؤدي إلى التعقيد الإداري، وظهور مشاكل في العمل الإداري، وأحيانًا الوصول إلى نتائج مأساوية.
- قد تؤدي البيروقراطية إلى الفساد الإداري من خلال التقيد الحرفي بالتعليمات، وتجنب المسؤولية والوساطات واستغلال النفوذ والرشوة.
إقرأ أيضًا: ما هي أنواع رأس المال؟
ومن هنا نجد أن التنظيم البيروقراطي هو تنظيم رشيد، ويجب أن يتبع في جميع المؤسسات، فقد أثبت فعاليته في الحضارات القديمة، وفي التنظيمات البيروقراطية في أوروبا، وأن نجاح البيروقراطية يعتمد على الاختيار الصحيح للأفراد بناءً على الكفاءات، والمهارات بعيدًا عن المحسوبية، والاستغلال الخاطئ للسلطة.