الكثير من الأشخاص حول العالم لا يعيشون في دولتهم الأم، لأن نسب كبيرة منهم يقصدون دولاً أخرى بهدف البحث عن فرص عمل أفضل أو بهدف الدراسة وتطوير الذات، وهذا أمر طبيعي، لأن بعض الدول تعاني من حروب وصراعات أو من سوء الحالة الاقتصادية وارتفاع السلع، وقبل أن يقصد الإنسان أي وجهة للسفر، يحاول قراءة معلومات عن الدولة المراد زيارتها لفهم عاداتها وتقاليدها وثقافة المجتمع بها لتجنب الوقوع في الصدمة الثقافية.
فكم مرة صادفت مقالاً على محرك البحث جوجل يتحدث عن {أشياء لا تفعلها في دولة اليابان، أو احذر من هذه الممارسات في دولة تركيا} توجد مئات المقالات حول وجهات السفر ومعلومات عن كل دولة قبل اللجوء إليها، ولكن مهما جمع الفرد من معلومات والتزم بها، إلّا أنه لا بدّ أن يعاني من صدمة ثقافية عند وصوله إليها والعيش بها.
ونوّد الإشارة، أنه لا تستدعي هذه الصدمة الخوف أو الرهاب من الانتقال لدولة أخرى، بل إنها حالة مؤقتة ريثما يعتاد الشخص على البلد المتواجد بها، فبداية كل شيء صعب، وبالتأكيد الانتقال من دولة ولدت بها وترعرعت وتعلمت حتى وصلت لسن البلوغ إلى دولة جديدة سيؤثر على حالتك النفسية، ولذلك ما المقصود بالصدمة الثقافية؟ وما هي أفضل 6 طرق للتعامل معها؟
ما المقصود بالصدمة الثقافية؟
وهي عبارة عن حالة من الصدمة تطرأ على الإنسان الذي ينتقل إلى دولة أو بلد آخر مختلف عن بلده، فيجد نفسه في الهاوية، وخاصة إذا قصد إحدى الدول الغربية وهو عربي، سيجد اختلافات جمّة في الثقافة والعادات واللباس والمأكل والمسكن وغيرها العديد، وهذه الصعوبات تسبب له شعور بالخوف والارتباك وعدم القدرة على التأقلم في الأشهر الأولى.
ومن الجدير بالذكر، أنه يلاحظ الفرد أنه قليل الاستيعاب لما يجري حوله، ولذلك وجدت الكثير من المقالات عبر شبكة الإنترنت وساهمت الشركات في زيادة ثقافة الفرد وتعليمه أساليب العيش في المدينة الجديدة واحترام قواعدها والالتزام بها.
وتم وصف هذه الصدمة للمرة الأولى عام 1954 من قبل كلفيرو أوبيرج، وتنقسم هذه الصدمة لمراحل متتالية:
- مرحلة الإثارة: حيث ينجذب المسافر إلى الدولة الجديدة ولا يستطيع النوم بها، ويحاول استغلال لحظاته في استكشافها وتجربة طعامها ومشروباتها وارتداء ملابس منها، ويجري مقارنات بينها وبين دولته الأم، وغالباً يصاب بها الفرد في الشهر الأول من الوصول للدولة.
- مرحلة القلق: يواجه الإنسان في هذه المرحلة ضغط نفسي وقلق وحزن وشوق لبلده، وخاصة إذا وجد صعوبة في التعامل مع أبناء الدولة، فينعزل في منزله ويواصل مهامه اليومية دون شغف، وعادة تبدأ هذه المرحلة بعد مرور 3 إلى 4 أشهر من السفر.
- مرحلة التأقلم: وهي الخضوع للأمر الواقع، فلا يوجد أي مهرب عند الإنسان سوى التأقلم والتكيّف مع الدولة، ومحاولة استرجاع شغفه بها والالتزام بمبادئها وعاداتها، وخاصة إذا حصل على فرصة عمل ضمن فريق.
ما هي أفضل 6 طرق للتعامل مع الصدمة الثقافية؟
إذا كنت على وشك الوصول إلى دولة جديدة، عليك الالتزام بهذه النصائح حتى لا تشعر بالإحباط والملل:
- زيادة ثقافتك قبل السفر: لا بدّ أنك تخطط للسفر إلى أي دولة حول العالم، وإن لم تتّبع هذه النصيحة ستواجه صعوبات عديدة أثناء وصولك إليها، فلا تجعل الحماس يسيطر عليك والمغريات من مال ووظيفة بها.
لذلك في البداية عليك تخصيص حوالي أسبوعين للبحث عنها والقراءة عن قواعدها وعاداتها وتقاليدها، ومشاهدة فيديوهات عديدة عنها ومحاولة تخيّل العيش بها قبل السفر إليها لزيادة معلوماتك.
- البحث عن أشخاص متواجدين بها: يمكنك كتابة بوست على الفيس بوك الخاص بك في إحدى مجموعات العرب المتواجدين في الدولة المراد السفر إليها، واطلب منهم الحديث عنها وعن الصعوبات التي اعترضت طريقهم.
ويمكنك إرسال طلبات صداقة إليهم وطلب المساعدة منهم إن احتجت ذلك، فهذه الطريقة ستساعدك في الشعور بالاطمئنان وبأن أبناء بلدك بجانبك.
- تقبّل التغيير: قبل السفر إلى أي وجهة تريدها، يجب أن تمتلك عقلية منفتحة على الآخرين، عليك الالتزام بمبادئك لنفسك وعدم فرضها على أبناء الدولة، لأنك ستواجه مشاكل معهم.
ومن الضروري أن تتقبل فكرة التغيير والتجديد في حياتك حتى تستطيع التأقلم مع البلد.
- أتقن لغة البلد مع تجهيز سيرتك الذاتية: بالتأكيد لن تسافر إلّا إذا حصلت على وظيفة مرموقة أو إذا كنت تملك الكثير من المال، لأنك ستهدر أوقاتك في البحث عن عمل، ممّا يزيد من شعورك بالإحباط والحزن.
فمن الأفضل لك إتقان لغة البلد الجديد مما يساعد على تجاوز الصدمة الثقافية، على سبيل المثال تساعدك اللغة الإنجليزية في فهم أغلب الأشخاص من مختلف دول العالم، ولكن إن أردت السفر إلى دولة ألمانيا أو تركيا، فمن الأفضل لك إتقان لغة البلد.
ومن ثم تجهيز سيرة ذاتية غنية بخبراتك ومهاراتك التي عملت بها في السابق، حتى تساعدك في الوصول إلى الشركات التي تتطلّب عمال وموظفين لديهم.
- كن اجتماعياً: من مظاهر الصدمة الثقافية الانغلاق والانعزال على نفسك، ولكن ذلك لن يجدي نفعاً، عليك إدراك أهمية تكوين علاقات في البلد المراد السفر إليها، لأن الأشخاص الجدد قد يقدّمون لك يد العون والمساعدة، وتشعر بالارتياح معهم وتمارس أنشطة تحبّها بجانبهم، ممّا يقلّل من شعورك بالحزن والحنين لبلدك.
- الصبر وتطوير النفس: لتقليل شعورك بالغربة والصدمة الثقافية، يجب استغلال أوقاتك والتركيز على نفسك، لأن كل دقيقة لديك قيمتها ذهب، وربما لن تحصل على هذه الفرصة مرة أخرى، فمن المهم تطوير مهاراتك وقدراتك بالورشات التدريبية للحدّ من المشاعر السلبية التي تراود عقلك.
لا تقلق، إن الصدمة الثقافية أمر طبيعي عند كل إنسان ينتقل من مكان لآخر، وإن لم تحسن التعامل معها واستغلال أوقاتك في الغربة، ستفشل في تحقيق أهدافك وتعود لوطنك وأنت خائب الأمل.
{{نأمل أن يعجبكم المقال أيها الرائعون}}.