متلازمة بينوكيو

[faharasbio]

متلازمة بينوكيو، أتت تسميتها من شخصية بينوكيو الكرتونية. بالتأكيد كلنا قد سمعنا عن مفارقة الكذب التي قالها بينوكيو حيث قال (أنفي ينمو الآن)، وقد تم تعريف هذه المفارقة في علم الفلسفة على أنها عبارة خاطئة مئة في المئة.

إن أي محاولة لتعيين وتحديد الحقائق الكلاسيكية التي يقصدها بينوكيو ستكون بالنهاية مؤدية لتناقض حقيقي.

إن هذا يحدث لأنه على سبيل المثال إذا ذكرنا عبارة (هذه الجملة خاطئة) فهي خاطئة ولكن هي صحيحة تقنيًا وهكذا تستمر إلى اللانهاية.

على الرغم من كون مفارقة بينوكيو تنتمي بشكل فعلي إلى أنماط تقليد المفارقات الكاذبة إلا أنها تعد حالة خاصة مميزة وذلك لكونها لا تتضمن توقيع دلالي.

سنتحدث في هذا المقال عن متلازمة شهيرة تسمى بمتلازمة بينوكيو وهي من المتلازمات النفسية العصبية التي يتعمد المرضى المصابون بها الكذب بكل أوقات حياتهم حيث يفقدون السيطرة بشكل كامل على هذه العادة السيئة جدًا.

من هو بينوكيو

إن بينوكيو هو بطل روايات أطفال شهير جدًا وهو للكاتب الإيطالي كارلو كولودي الذي أصدر كتاب مغامرات بينوكيو.

يتحدث الكتاب عن بينوكيو الذي هو عبارة عن دمية متحركة تعاقب على كل كذبة تقولها عبر نمو الأنف إلى اللانهاية.

لا يوجد أي قيود على عملية نمو أنف بينوكيو حيث أن الأنف سيستمر بالنمو كلما روى الأكاذيب ولدرجة أنه في النهاية لا يستطيع الخروج من باب غرفته.

ظهرت هذه المفارقة الشهيرة في شهر فبراير عام 2001 من قبل الطفلة فيرونيك الدريدج سميث وهي بعمر 11 عام وابنة المتخصص بيتر الدريدج سميث في الفلسفلة وعلوم المنطق.

شرح بيتر بشكل كامل عن المفارقة الكاذبة الشهيرة لفيرونيك وأيضًا لأخوها الأكبر منها ومن ثم طلب منهم أن يحضروا نسختهم الخاصة عن هذه المفارقة.

لم تستغرق الطفلة سوى بضع دقائق لتقول بأن بينوكيو ذكر بأن أنفه سينمو ولذلك نال كلامها إعجاب والدها بشدة لدرجة أنه قام بكتابة مقال مهم حول هذا الموضوع ليتم نشره في مجلة أناليس وأصبحت بعدها من أشهر المفارقات على شبكات الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي.

العلامات الرئيسية المميزة لمتلازمة بينوكيو

كيف نستطيع تمييز المرضى بمتلازمة بينوكيو؟ حيث أنه سيكون من الصعب جدًا أن نقوم بالتمييز بين شخص يكذب بطريقة متقطعة ووفق إرادته الكاملة وشخص آخر يعاني من الكذب كحالة مرضية حقيقية.

هناك بعض الأدلة يمكن اختصارها في 3 علامات التي قد تكون مفيدة جدًا ومساعدة لنستطيع تمييز مرضى هذه المتلازمة وهي:

  • إن القصص التي يرويها لا تعد أوهام:

عندما يقوم المريض بالكذب واختراع القصص يقوم بتشويه الأحداث بشكل كامل ليسبب للآخرين الدهشة أو بهدف أن يظهر نفسه بدور الضحية أمام من حوله.

مع ذلك فإن كل مرضى متلازمة بينوكيو لا يمكن أن نعتبر كلامهم كله غير مؤكد حيث أنه يوجد العديد من أجزاء الحقيقة.

  • القيام بسرد الأكاذيب الطويلة في الوقت المناسب:

عندما يقوم المريض بالكذب فإن كل العملية تتم بلحظة معينة أي أنه ليس أمر عشوائي يتم تحت أي ظرف بدون وجود أسباب.

في الحقيقة أغلب الكذبات يكون لها سبب هام كما ذكرنا سابقًا أي بالتالي في حال لم يوجد غرض من الكذب فلا داعي له.

من ناحية أخرى يمكن القول أن أصحاب متلازمة بينوكيو يكذبون بشكل لا يمكن السيطرة عليه نهائيًا بغض النظر عن البيئة أو السياق أي سواء كان الشخص الذي يكذب عليه من عائلته أو أحد لا يعرفه وغير معتاد عليه.

  • القدرة على اختراع الأكاذيب الخاصة:

إن الشخص المصاب بمتلازمة بينوكيو على العكس من الكذاب العادي يعتقد أن كل التفاصيل مهمة وصادقة أي أنه غير قادر على التمييز بين الخيال والحقيقة ضمن عقله وتفكيره.

هذا الأمر يعد مهم جدًا وذلك لأنه يسبب للمريض صراعات ومشاكل عديدة في علاقاته الاجتماعية مع الآخرين.

نلاحظ أن أغلب القصص والأكاذيب تميل إلى وصف الكذاب بصورة إيجابية بشدة وهو أمر مشترك بين الكذبات العادية وكذبات مرضى بينوكيو.

“اقرأ أيضًا: متلازمة كلاينفلتر: الأعراض، الأسباب والعلاج

مضاعفات متلازمة بينوكيو

إن هذه المتلازمة لا تعبر ضارة بشكل كبير ولكنها تمتلك بعض الآثار الجانبية المختلفة على بعض المستويات مثل المستوى الاجتماعي حيث يفقد هؤلاء المرضى مصداقيتهم ويطلق عليهم حكوات القصص بين أفراد العائلة والأصدقاء.

كما يتم تعريفهم غالبًا على أنهم اشخاص غير مستحسنين وغير جديرين بالثقة وخصوصًا بين الأصدقاء والمعارف، حيث يميل الجميع إلى محاولة الابتعاد عنهم لينتهي بهم الأمر خارج المجموعة دائمًا.

إن العلاج الوحيد الذي يمكن تقديمه لمرضى هذه المتلازمة هو العلاج النفسي الداعم، على الرغم من أنه في الوقت الحالي لا تتوفر لدينا أي تحقيقات في هذا المجال.

تنتمي هذه الحالة إلى علم أمراض كبير ومهم جدًا يجب مراقبته باستمرار ومحاولة اللجوء لجلسات العلاج النفسي بأسرع وقت ممكن.

هل كل الكذابين يعانون من متلازمة بينوكيو

ليس أي شخص كاذب يعاني من هذه المتلازمة حيث أن هناك فئة كبيرة من الناس يكذبون بهدف الحصول على منفعة معينة أو التهرب من بعض المسؤوليات.

إن مرضى المتلازمة يكذبون بشكل عفوي تمامًا بدون أي تخطيط حيث أنهم بمجرد دخولهم في دوامة الخداع والكذب لا يستطيعون التوقف أبدًا.

بالإضافة إلى ذلك فإن مرضى متلازمة بينوكيو يحافظون على أكاذيبهم نفسها وبكل المناسبات على مدار السنين.

من المهم أن نقوم بالتأكيد على فكرة أن الكذاب المرضي يكون على دراية بأنه يكذب ولكن لا يستطيع أحد مساعدته لأنه ليس شيء يمكنه أن يقرره أو يتبعه بل هو مجرد عمل غير واعي ومرضي بشكل كامل يفعله بدون أي قصد.

ينتهي الأمر بكل مرضى متلازمة بينوكيو إلى تصديق أكاذيبهم ويصبحون غير قادرين على تمييز الواقع عن بقية الأكاذيب وهو موقف خطير جدًا يحتاج إلى تدبير وعلاج فوري.

“قد يهمك أيضًا: متلازمة كوشينغ: الأسباب والأعراض

ينصح كل مرضى هذه المتلازمة بضرورة اللجوء للعلاج النفسي وجلسات الطب النفسي بصورة سريعة لحل هذه المشكلة التي تمتلك تأثيرات مدمرة لكل أصحابها وذلك لأنهم يفقدون مصداقيتهم أمام كل الناس ويصبحون منبوذين اجتماعيًا وحتى في العائلة الخاصة بهم.

[ppc_referral_link]