يوجد أكثر من 130 تقرير حول أشخاص حول العالم أصيبوا بمتلازمة هافانا وذلك على مدار الخمس سنوات الماضية وفق ما تحدثت عنه صحيفة نيويورك تايمز الأميركية.
في مايو الماضي أفاد مجموعة أعضاء في مجلس الشيوخ الأمريكي بأن الحكومة قامت بفتح تحقيق حول زيادة هجمات الطاقة الغامضة في وسط تقارير جديدة عن حوادث تضرر واضح للدماغ في أراضي الولايات المتحدة.
تسببت هذه الهجمات الواضحة في إصابة دبلوماسيين أمريكيين ورجال مخابرات بأمراض خطيرة أو تلف بالدماغ وذلك حتى في الصين وروسيا وكوبا ودول أخرى أيضًا.
يوجد شكوك حول أن موسكو هي السبب في هذا الأمر على الرغم من أنه لم يتم توضيح الآلية التي تحدث بها هذه الهجمات.
سنتحدث في هذا المقال عن متلازمة هافانا وعن أسباب حدوثها وأعراضها المترافقة مع الإصابة.
ما هي متلازمة هافانا
إن متلازمة هافانا هي عبارة عن مرض غامض تم اكتشافه لأول مرة ضمن سفارة الولايات المتحدة الأمريكية في هافانا وذلك في عام 2016.
لاحقًا في هذا العام وفي العام الذي يليه ظهر على الموظفين والدبلوماسيين أعراض غامضة ومفاجئة مثل فقدان السمع ومشاكل عصبية عديدة.
نتيجة لذلك قامت الحكومة الأمريكية بفتح تحقيق بهذه الواقعة واتهم يعض المسؤولين الأمريكيين الحكومة الكوبية بأنها تنفذ اعتداءات صوتية ولكن هافانا أنكرت الأمر تمامًا.
في الواقع لم تكن المتلازمة مرتبطة فقط بالسفارة الأمريكية بل أيضًا ظهرت نفس الأعراض على 14 موظف ضمن السفارة الكندية الموجودة في كوبا وذلك وفق تقرير للبي بي سي.
بمرور الوقت زادت الإبلاغات حول المزيد من الحالات في كل أنحاء العالم حتى قامت مجلة جاما العلمية بنشر دراسة في عام 2019 حول أحتمالية وجود 40 شخص قد أصيبوا بمتلازمة هافانا وكل أعراضها العصبية مع وجود حجم المادة البيضاء لديهم بحجم أصغر من المعتاد بكثير، حيث تكون هذه المادة مسؤولة عن نقل الإشارات العصبية وسرعتها في الدماغ.
أوضحت الدراسة أيضًا حول وجود اختلافات ضمن بنية الدماغ لدى المصابين وبالتالي برزت الضرورة لإجراء المزيد من الدراسات والفحوصات.
ما هي أعراض متلازمة هافانا
قامت الأكاديمية الوطنية للعلوم في العام الماضي بنشر تقرير حول عرض جديد يشعر به المرضى المصابين بهذه المتلازمة وهو سماع ضوضاء عالية جدًا مع ضغط واهتزاز في الرأس وألم في الأذن ودوخة مستمرة.
بالنسبة لرئيس قسم الأعصاب أميت ساشديف في جامعة ولاية ميشيغن الأميركية فإن أغلبية الأعراض العصبية التي ظهرت لدى مرضى متلازمة هافانا تترافق بشكل شائع مع حالة ارتجاج الدماغ.
أوفدت بعض التقارير الخاصة أن هناك مرضى أصيبوا بهذه المتلازمة ولاحظوا أن كل الأعراض المعتادة تتوقف عند انتقالهم لغرفة أخرى ومن ثم تعود لترجع مرة أخرى في الغرفة التي رصدوا بها الأعراض لأول مرة.
من أهم الأعراض التي تترافق مع هذه الحالة نذكر الأرق المزمن والصداع المستمر وحتى تلف الدماغ والتهاب الأذن الداخلية.
ما هو سبب متلازمة هافانا
ليس من الواضح نهائيًا ما هو سبب متلازمة هافانا على المرضى المصابين إلا أن الأكاديمية الوطنية للعلوم تشير إلى وجود بحث تابع للاتحاد السوفيتي حول تأثيرات الطاقة الخاصة بالراديو النبضي وذلك من أكثر من 50 عام ولكن مع الأسف لم يذكر البحث أن سبب المرض هو هذه الطاقة.
لذلك فإن الأكاديمية رجحت كون سبب المتلازمة هو على الأغلب سلاح المايكرويف أو جهاز الطاقة الموجه.
من جهة أخرى قام العلماء بالتأكيد على أن القيام بإرسال طاقة تردد راديو للدماغ والأذن سوف تقوم بتغيير وظائفهما لذلك من الصعب جدًا أن يتم رصد ومعرفة نمط الإصابة الناتجة عن التعرض لترددات الراديو.
أين تم تسجيل هذه الحالات
بدايةً في أواخر عام 2016 تم التوثيق في السفارة الأمريكية في هافانا بكوبا، ومن ثم في عام 2017 قام موظفون تابعون للقنصلية الأمريكية في قوانغتشو بالصين بالإبلاغ عن علامات وأعراض مماثلة ولكن بدرجات متفاوتة.
وفق التقرير فإنه بالاعتبار من حزيران يونيو في عام 2020 ظل هؤلاء المرضى يعانون من الكثير من المشاكل الصحية الناتجة عن هذه المتلازمة.
في البداية كانت الجوانب السريرية المميزة للمرض تتعلق بطبيعة بعض السمات الأولية مثل الظهور المفاجئ جدًا للأصوات العالية المحسوسة مع إحساس بالضغط القوي والشديد بالإضافة لاهتزاز بالرأس وألم في الأذن.
وفق إفادات المرضى فإن هذه الأصوات والأحاسيس غالبًا ما تنشأ باتجاه معين وذلك عندما يكون الفرد في موقع مادي محدد مع ظهور مفاجئ للطنين في الأذن والدوخة والمشية الغير مستقرة بالإضافة للكثير من الاضطرابات البصرية.
من وجهة نظر عصبية فإن هذا مزيج ما بين الأعراض الدهليزية السمعية auditory-vestibular symptoms مع التأثير الموضعي في التيه العظمي Bony labyrinth.
داخل الأذن يوجد ما يسمى بالجهاز الدهليزي Vestibular system وهو عبارة عن جهاز للتوازن يقوم بالحفاظ عليه بشكل صحيح ويتضمن مجموعة من القنوات الهلالية.
المعالجة الدهليزية
إن مجموعة الأعراض المزمنة التي يعاني منها المصابين تشير إلى مشاكل حقيقية في المعالجة الدهليزية وعلى الإدراك بالإضافة للصداع والأرق ليلًا.
أضافت التقارير أن الأعراض الغير معتادة التي أبلغ عنها موظفو وزارة الخارجية قد توافقت مع تأثيرات طاقة التردد اللاسلكي النبضي الموجه أو ما يسمى pulsed radio frequency.
كما نلاحظ أن العديد من الأعراض المزمنة والغير محددة تتوافق مع تأثيرات ترددية لاسلكية معروفة مثل التعب والغثيان والصداع والدوخة مع عجز معرفي وفقدان في الذاكرة.
تم تأكيد الإصابة عند أكثر من 20 عامل أمريكي قاموا بالخدمة سابقًا في كوبا مع عدد أقل نوعًا ما لدى الكنديين.
كما تم تأكيد إصابة موظف حكومي أمريكي في الصين قد حكم عليه في عام 2018 بنفس الأعراض مع نفي كوبا بشكل مستمر وبإصرار عظيم تورطها بأي من هذه الحوادث.
فيما بعد قامت شبكة أن بي سي نيوز NBC News بالتأكيد على فكرة أن التقرير لم يستنتج وجود أي طاقة موجهة سلمت عن قصد على هيئة سلاح كما يظن بعض المسؤولين الأمريكيين منذ فترة طويلة.