موضوع تعبير عن التسامح

[faharasbio]

ما هو التسامح (مقدمة)

إن التسامح هو من أجمل القيم الأخلاقية النبيلة التي حث الدين الإسلامي عليها لأنه ركن مهم لبناء الثقة بين الأفراد في المجتمع.

كما يعد واحد من عوامل توثيق الألفة والمحبة بين كل الناس لأنه يدعو إلى العفو عن كل إساءة وأيضًا عدم رد الإساءة بشبيهتها.

يمكن القول أنه الترفع عن كل خلق سيء وبالتالي الارتقاء بالنفس إلى درجات عالية من الخلق الحسن.

من أشهر العبارات التي تتحدث عن التسامح يوجد عبارة ( العفو عند المقدرة ) وهي تشير إلى ضرورة ضبط النفس وتمالك الأعصاب، وهذه الشيمة كانت موجودة عند الأنبياء والمرسلين.

نجده ينشر التقوى والطاعة وخصوصًا عندما نرى أن الله تعالى جل جلاله يغفر جميع الذنوب والخطايا ويتجاوز عن أخطاء العباد لذلك من المهم أن نتصف به.

يجب أن ينتشر هذا الخلق الكريم بين جميع الناس مع الاعتياد عليه بهدف أن يصبح خلق عام يتحلى به كل إنسان في جميع علاقاته.

هناك مقومات كثيرة للتسامح وأهمها معرفة تعاليم الدين الإسلامي التي حثت كثيرًا على التحلي بهذه القيمة ودعت إليها بأشكال كثيرة سواء بالقرآن الكريم أو السنة النبوية المشرفة.

يجب على الأسرة أن تزرع بذور هذه القيمة في أطفالها منذ الصغر مع التأكيد أن الكل متساوي مع غيره ولا يتم تفضيل أحد على الآخر إلا بخلقه الحسن.

في الحقيقة كان التسامح من الأساسات المتينة التي بنيت عليها الحضارات وتطورت بها باقي الشعوب.

من خلال التمسك بهذه الصفة ستلغى كل الطبقات والفروقات العنصرية والسياسية والاجتماعية، وأيضًا سيحل العدل والحب والتعاون والتسامح بين جميع الناس.

بعد انتشار التسامح وسيادته في المجتمعات سنجد أن البشرية كلها تعيش حالة من الأمان مع قدرة كل شخص في التعبير عن رأيه بأريحية.

بعد تحقيق كل ما سبق سنضمن أن المجتمعات كلها سترتقي وتعلو على أساسات ثابتة وقوية بسبب مفهوم التسامح الذي لا يمكن تبديله أو تغييره، كما سنلاحظ تراجع ظهور آفات المجتمع ومشاكله الكبيرة بل وربما قد تتراجع الحروب وتنتهي.

تغنى الشعراء بالتسامح لما له من أهمية عظيمة حيث قال أحمد شوقي:

تسامحُ النفس معنىً من مروءتها

 بل المروءةُ في أسمى معانيها

 تخلقِ الصفحَ تسعدْ في الحياةِ به

 فالنفسُ يسِعدُها خلقٌ ويشقيها

أنواع التسامح (عرض)

بالنسبة للأطفال يكون التسامح هو عبارة عن فض نزاعات وحل شجار بين الأصدقاء وبدء صفحة جديدة خالية من الحزن وهذا نوع بريء من التسامح.

يختلف مفهوم هذه الصفة بين الناس باختلاف تفكيرهم ووعيهم، وإذا فكرنا بطريقة عميقة سنجد أن هناك أنواع للتسامح.

أولها التسامح الديني، حيث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قدوتنا في هذا المجال حيث أنه على الرغم من كونه رسول رب العالمين لنشر الإسلام بين الناس، إلا أنه لم يجبر أحد على اعتناق الدين بل وسمح لليهود بالبقاء على دينهم وممارسة شعائره بأريحية.

ثاني نوع من أنواع التسامح هو التسامح الثقافي، الذي ينص على احترام الرأي الآخر وقبوله مهما كان، وخصوصًا أننا نجد مرض التعصب للرأي قد انتشر وتفشى في المجتمعات في الآونة الأخيرة.

يؤدي هذا المرض إلى ظن كل شخص أن رأيه هو الأصح والأفضل بشكل دائم، وأن كل من لم يتبع رأيه هو مخطئ.

هذا التفكير المتعصب بعيد كل البعد عن مفهوم التسامح الحقيقي الذي ينص على أن كل شخص يحق له أن يفكر بالطريقة التي يرغب بها.

لدينا أيضًا التسامح السياسي الذي ينطوي تحته كل الشعارات الديمقراطية التي تنادي بها كل شعوب العالم، وهي تعني ضمان حرية كل شخص بالعمل والتفكير والتعبير عن الآراء والمعتقدات بأريحية كبرى وبدون أي خوف.

لذلك نؤكد على فكرة أن الاختلاف لا يؤدي إلى خلاف حيث أنه لولا الحزن لما عرفنا الطعم الحقيقي للسعادة، ولولا الليل لما عرفنا عظمة النهار.

النوع الأخير الذي سنتحدث عنه هو التسامح العرقي، وهو أهم نوع يجب أن ينتشر بين الناس لكي تحل أغلب الأزمات الموجودة بالعالم، وهو يعني أن نبتعد عن كل النظرات العنصرية للطرف المقابل بسبب كونه ينتمي لبلد مختلف أو يمتلك لون بشرة مختلفة.

الإنسان لم يختار أصله أو عرقه أو لونه، لذلك يعد عدم التسامح العرقي هو خطأ كبير وإجحاف عظيم بحق الناس ويعتبر سبب شائع للحروب والنزاعات حول العالم كله.

أهمية التسامح (خاتمة)

هناك أهمية كبيرة للتسامح في الدين الإسلامي لأن فيه مرضاة لله تعالى بالإضافة إلى السعي للتخلق بأخلاق القرآن الكريم، وخصوصًا أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد ذكر أن التسامح والعفو من أسباب نيل الشرف والعزة والمكانة العالية بين الناس وعند الله.

قال الله تعالى في كتابه الكريم عن التسامح:

(وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيم)ٌ.

وأيضًا قال:
(وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا ۖ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ* وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَٰئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ* إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ ۚ أُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ* وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَٰلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ).

كما قال في سورة التغابن:

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ۚ وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ).

بالنسبة للصعيد الإنساني فإن الإنسان المتسامح يشعر بالسلام الداخلي ويحقق الرضا عن ذاته عندما يعفو عن من أخطأ بحقه أو عندما يتسامح مع أحد آخر يختلف معه فكريًا أو سياسيًا أو دينيًا.

لا يمكن تجاهل الأثر الكبير والجميل في نفوس من يحيط به، كما أنه سيصبح قدوة مهمة يحتذي بها الناس كلهم.

في النهاية نجد أنه أينما يحل التسامح يجلب معه الحب والسلام والخير، وبالتالي تزدهر المجتمعات وتملأ السعادة كل القلوب وتتلاشى كل مشاعر الحقد والكراهية والغضب.

[ppc_referral_link]