هل يجب عليك الثقة بمشاعر أمعائك؟
الحاسة السادسة، أو ربما الحدس، تختلف الأسماء ولكنها جميعًا تعني تلك الأفكار والمشاعر المفاجئة والتي يشعر الشخص بأنها صحيحة بغض النظر عن المنطق أو العقل، وغالبًا ما نسمع العديد من النصائح مثل “ثق بحدسك” أو ” قلبك يعرف الحقيقة” وما شابه من العبارات التي تدفعنا لتصديق حاستنا السادسة.
لكن ربما استطاع العلم اثبات بعض الجوانب التي تثبت صحة حدسك في بعض الأحيان، ويمكن أن يساعدك حدسك في بعض الأحيان على فهم بعض الأمور، كيف ذلك؟
هل شعرت فجأة بعدم الراحة تجاه أحدهم؟ وتشعر أن شعورك منطقي على الرغم من عدم وجود أي دليل على ذلك؟
أو هل اندفعت إلى أمر ما وأنت تشعر أنك متأكد من صحته، ولكن عقلك يرى عكس ذلك؟
في الحقيقة ما دفعنا لكتابة هذا المقال هو أن القناة الهضمية يمكنها دعم بعض المشاعر، وغالبًا ما تكون المشاعر ذاتها المرتبطة بالقلق، وتشعر القناة الهضمية بالحدس بشكل أكبر مقارنة مع بقية أعضاء الجسم، فكيف ذلك؟
من أين أتت مشاعر الحدس؟
تبدو مشاعر الحدس وكأنها أتت من العدم، ولكن هذا ليس بصحيح، فهي ليست عشوائية أبدًا، فمشاعر الحدس هي مشاعر غريزية تنشأ نتيجة وجود اتصال بين الأمعاء والدماغ، فيبعث الدماغ ببعض الإشارات إلى الجهاز الهضمي، وبذلك تبدأ مشاعر الغثيان أو الألم في المعدة والجهاز الهضمي.
وقد يرشدك حدسك عن طريق جهازك الهضمي إلى مشاعر إيجابية، فتشعر وكأن الفراشات ترفرف في معدتك، أو كأن معدتك ترقص من الحماسة، هذا الشعور دليل على حدسك وتوقعك بأن سعادة ضخمة في طريقها إليك.
وقدم العلماء عددًا من التفسيرات التي تجيب على سؤال” هل يجب عليك الثقة بمشاعر أمعائك؟”، وفيما يلي معظمها.
العمليات الطبيعية للدماغ
يستطيع الدماغ ترجمة لغات الجسد بطريقة مبهرة، ويقوم بتقييم الإشارات العاطفية المحيطة به وفك ألغازها، وغالبًا ما يقوم الدماغ بمعالجة العديد من المعلومات من البيئة المحيطة، وبعض هذه المعلومات يمكنك إدراكها، بينما تقبع العديد من المعلومات في أعماق العقل الباطن.
فمثلًا، حين ملاحظة شخصان يصرخان أو يتدافعان خارج متجر أمامك مباشرة، فغالبًا ستقوم بعبور الشارع إلى الجهة المقابلة، أو سلك طريق آخر والابتعاد عنهما، ولكنك إن فكرت بالأمر لن تنتبه مباشرة إلى أن حدسك هو من أخبرك بذلك، لكن اتخذ جسدك القرار المنطقي بدون أن تدرك الأمر.
على النقيض من ذلك ربما تشعر برغبة كبيرة بعبور الشارع من غير أي سبب يذكر، وما إن تقوم بقطع الشارع حتى تنهار لافتة المبنى الذي أمامك، وتشعر بالصدمة من حدسك الذي ساهم بحمايتك من الخطر، ولكن كيف حصل ذلك؟
يستطيع جسدك رصد إشارات لا تتوقعها، حيث يمكن أن يلاحظ أن إحدى زوايا اللافتة ليست مثبتة كما يجب، أو يستمع إلى أصوات تنذر بوقوعها، أو ربما يسلك الآخرين سلوكًا مشابهًا ويبتعدون عن اللافتة فتقوم بدورك بالفعل ذاته دون أن تدرك ذلك.
التنبؤ المعتمد على الخبرة
في بعض الأحيان لا يمكنك تذكر المواقف البسيطة التي عشتها خلال طفولتك، أو التجارب التي تعلمتها تدريجيًا، ولكن عقلك يتذكرها ويتذكر الخبرات المكتسبة منها.
على سبيل المثال يطلب منك بعض الأصدقاء تناول العشاء معًا في مطعم ما، ولكنك تشعر بأنك غير مرتاح تجاه هذا المطعم، فتعتذر عن الدعوة، وبعد أيام يصلك خبر إصابة أصدقائك بتسمم غذائي، وتتذكر أنك بالفعل قرأت مقالًا سابقًا يتضمن اسم هذا المطعم.
يركز الدماغ على العديد من الأمور المحيطة بنا، ويعالجها ويتركها في الذاكرة الاحتياطية، وحين نتعرض لموقف ما ينذر بالخطر، نبدأ بالشعور باضطرابات في الجهاز الهضمي أو الأمعاء، وتحذرنا هذه المشاعر مما هو قادم بناء على خبرات اكتسبناها دون إدراكنا.
العلاقة بين مشاعرك وأمعائك
يترجم الجسد بعض المشاعر النفسية كالقلق على شكل ألم في الأمعاء، ولكن كيف يمكن التفريق بين القلق، التوتر، جنون الارتياب أو ما يعرف بالبارانويا، وبين الحدس أو الحاسة السادسة؟
فيما يلي عدد من الإرشادات التي تمنحك الإجابة الدقيقة على سؤال:”هل يجب عليك الثقة بمشاعر أمعائك؟”.
تقودك مشاعر الحدس إلى فعل واضح
يسعى الحدس لدعمنا على التصرف بطريقة محددة في موقف محدد، وحين يظهر فجأة فهو بالتأكيد سيقود إلى القيام بإجراء ملموس، ولكن مع القلق، ستكون قلقًا من جميع المخاوف، وحتى الأمور التي لا يمكنك تغييرها، وبهذا فهو مجرد قلق من دون أي يقين أو منطق.
البارانويا لا تستند إلى الحقيقة
البارانويا أو جنون الارتياب هو اضطراب نفسي ينتج عنه الشك المفرط في أقوال وأفعال الآخرين، ويقتنع مريض البارانويا بأن الشخص الذي أمامه شخص مؤذٍ ويخطط لمؤامرة ضده، على الرغم من عدم وجود أي سبب لذلك.
يشك مصاب البارانويا في شخص واحد أو في العديد من الأشخاص، ويمكنه أن يدرك مرضه عن طريق سؤال نفسه لماذا ينزعج من هذا الشخص بالذات، أو من هذا الموقف، وهل هذه أول مرة يشعر بهذا الشك أو القلق أم أن هذا متكرر مع العديد من الأشخاص والمواقف؟
القلق المستمر
غالبًا ما تؤدي الحاسة السادسة أو الحدس إلى اتخاذ ردة فعل عاجلًا أم آجلًا، وحين القيام بردة الفعل ستلاحظ الشعور بالراحة.
أما القلق سيتركك في حالة تأهب دائمة، وهو أكثر من مجرد شعور عابر، وحين تحل بك مشكلة واحدة ستبدأ بالقلق من مشكلة أخرى، ثم يتضاعف قلقك وتشك في قراراتك.
القلق يولد سلسلة متتالية من المشاعر الغير مدروسة، أما الحدس سيقودك إلى الحل مباشرة.
كيف تستفيد من حدسك لاتخاذ القرارات؟
لنفترض أنك تهم بشراء شقة جديدة، ونظرت حول الشقة فوجدت أنها في حي آمن، هادئ، وبناء الشقة ملائم للعيش، وسعرها مناسب، وهي بالفعل مثالية، وأخبرك البائع أن عليك أن تقرر هل تريد شراءها أم لا خلال 10 دقائق.
يمكنك حينها سؤال معدتك، هل تشعر بأنها مرتاحة؟
إذًا قم بشراء الشقة على الفور، ولكن من المهم أن تمتلك الخبرة المناسبة، فإذا كانت هذه أول مرة تبحث فيها عن شقة، وكنت تفتقر إلى الخبرة والمعرفة بأوضاع الشقق الجيدة، فإن عليك حينها التروي وتطوير خبرتك، وبذلك يكتسب حدسك الخبرة اللازمة لاتخاذ القرارات بسرعة.
افصل الحدس عن التمني
إذا كنت تحلم بأن تكون كاتبًا محترفًا، وتثق في حدسك الذي يخبرك بأنك كاتب مبدع، ومع ذلك لم تكتب حتى الآن سوى بضع صفحات، فتتمنى أن تصبح غنيًا حين ينشر كتابك، وتتوقع أن يتسبب بضجة كبيرة.
ثم مع هذه الأمنيات تنهي كتابك وتسلمه لدار النشر، وتكتب أيضًا خطاب استقالتك لأنك ستصبح كاتبًا مشهورًا يملك الكثير من المال من غير أن يعمل، فهنا اعتمادك الكلي على أمنياتك، وتوظيف حدسك لخدمة أمنياتك مع خبرتك الغير كافية ستجعلك تسير في الاتجاه الخاطئ.
لا تنسى احتياجاتك
يستطيع حدسك إرشادك إلى ما هو مفيد لك، ويعلم بديهيًا ما تحتاجه، لذلك إن أرشدك حدسك إلى حاجة لك فصدقه واتبعه على الفور.
فعلى سبيل المثال، دُعيت اليوم إلى حفلة ما، وتشعر بالإرهاق ولكنك تريد الذهاب لتطوير علاقاتك الاجتماعية والتواصل مع الآخرين، ويخبرك حدسك بالتغاضي عن تعبك للقيام بما يفيدك، ففي هذه الحالة استمع لحدسك على الفور.
في النهاية، أدرس حدسك، وتعلم كيف تشحذ خبرتك لأقصر قدر ممكن، وبذلك يستطيع حدسك إدراك علامات الخطر المحيطة، أو الفرص الذهبية، وبذلك تتعلم أنت أيضًا الاستماع إلى حدسك بشكل أفضل، وتذكر أنك تشعر بحدسك غالبًا عن طريق جهازك الهضمي.
إذا لم تمتلك القدرة على التمييز بين حدسك وقلقك، فلا بأس من التواصل مع المعالج المختص، وسيساعدك بالتأكيد على تنمية قدراتك والتحكم في قلقك.
المرجع: