قصص ولا ألف ليلة وليلة – الليلة السابعة
ضمن سلسلة قصص ولا ألف ليلة وليلة بالاشتراك مع الأديبة المصرية ربا أحمد
كان وجه الملك شهريار مكفهرًا متحفزًا مما أثار
الريبة في صدر شهرزاد ..!
هل هناك من خطب يا مولاي؟
لا، ليس هناك من شيء يا شهرزاد.. هيا.. هيا لتروي لي
ما الذي رآه نوران.. حدسي يخبرني بأن هناك أهوال
وأخطار..
حدسك في محله يا مولاي… كان البحر عاصفًا، وطيور
غريبة الشكل وضخمة وقبيحة الوجه تهاجم السفينة،
تتخاطف الرجال بمخالبها ثم تلقي بهم في البحر..!
كانت تحملهم كأنها تحمل رجالًا من ورق، وكان الشاطر
حسن يقف بين رجاله يقاتل تلك الطيور المتوحشة
ببسالة، فما كان من نوران إلا أن وقف إلى جانبه يُقطع
بسيفه من يقترب من تلك الطيور منهم.
صاح به حسن: ما الذي أتى بك يا نوران؟.. انزل إلى
الأسفل في الحال.
بغضب زمجر نوران: ما كنت بالذي يهرب من معركة
ويتخلى عن رفاقه يا قبطان.
ولكن سلامتك أهم.
دعك من سلامتي ولنقاتل أو لنمت كالرجال.
كانت أعينهما تتابع ذلك الطائر الجارح الذي انقض
عليهما بسرعة البرق، إلا أن سيفيهما كانا أسرع إلى
جسد ذلك الطائر الذي سقط تحت أقدامهما مقطع
الأوصال مضرج بدمائه.
مر وقت ليس بالقصير، كان القتال خلاله شرس وخطير،
انتهى بعد أن خف الهجوم، وبدأت الطيور القبيحة
بالتراجع والانسحاب، وبدا كأنها تختفي خلف السحاب…! بدت السفينة كأنها ساحة حرب حقيقية؛ الدماء تغطي
المكان، وأشلاء الطيور الممزقة متناثرة بكل الزوايا
والأركان…!
وكان العديد من الرجال جرحى، يئنون تحت وطأة
جراحهم العميقة.. صاح حسن بالرجال أن يتفقدوا
جرحاهم، و يتفقدوا الغائبين، ثم أمرهم أن يضيئوا كل
المشاعل؛ ليروا إن كان هناك ناجين من الذين سقطوا في
البحر، كما أمرهم بتكثيف الحراسة والانتباه جيدًا؛ فربما
تعود تلك الطيور للهجوم ثانية.
بعد أن تأمل كل ما حوله وانتهى من مراقبة السماء، سأل
نوران حسن: ما الذي حدث؟ وما تلك الطيور الغريبة
القبيحة؟!
تنهد حسن قائلًا: هذه المرة الثانية التي أواجه بها مثل
هذا الأمر، وهو من فعل تلك الساحرة اللعينة “مارية”…!
نظر إليه نوران قائلًا باهتمام: من هي مارية وما
قصتها؟!
نفث الشاطر حسن زفيرًا غاضبًا ثم قال: هيا بنا لنتفقد الخسائر والأضرار، وسأروي لك كامل الحكاية والخفايا
والأسرار.
سارا معًا على ظهر السفينة وكان الدمار هائلًا
وبحاجة لإصلاح كبير، وكانت أنات الجرحى تتعالى
وتزداد، وجاء أحد الرجال ليبلغ القبطان أنه تم إنقاذ
بعض البحارة، وأنه مازال هناك ثلاثة في عداد
المفقودين، وعشرين جريحًا بينهم اثنين في حالة حرجة.
استمع الربان لحديث الرجل ثم أصدر أوامره بمداواة
الجرحى والاعتناء بهم، بعدها التفت إلى نوران قائلًا:
اسمع يا أمير … ذات إبحار كنا في بحر الظلمات، وكان
البحر غاضبًا وعاصفًا، والسماء ملبدة بغيوم سوداء
كثيفة، ولم ندر بأننا في الصباح الباكر..!
وفجأة ودون سابق إنذار هاجمتنا مخلوقات غريبة
وطيور قبيحة كالتي رأيتها قبل قليل، وكأن السماء كانت
تقذفنا بها بكميات كبيرة.
استمتنا في الدفاع و استماتت هي في الهجوم، ولم
تفارقنا إلا بعد أن أوقعت بنا ضرر كبير ومنيت بخسائر
كثيرة، ويومها تمكنا من القبض على أحدها حيًا ولكن
كانت جراحه بليغة، وجناحه مقصوص إثر ضربة
سيف.
حاولنا معالجته من جراحه حتى استفاق وكان
واهنًا جدًا وقد نزف الكثير من الدماء، ولشدة دهشتنا
بدء بالتحول إلى صورة أقرب ما تكون إلى الآدمية ولكنه
لم يكن آدمي مثلنا.
كان يهذي ويتمتم بكلمات كثيرة فهمنا
منها “.. ستنتقم منكم أمي الساحرة مارية، وستنغص
عيشكم إن مت، ولن يهدأ لكم بال”…!
تنهد حسن ثم أكمل: لم تمض عدة ساعات حتى أسلم
الروح، وتلاشى من أمامنا ولا نعرف كيف حدث ذلك،
وحدثت معنا متاعب كثيرة أثناء الرحلة فقدنا خلالها
الكثير من الرجال، وكانت تتراءى لنا الساحرة مارية
كأنها تقف فوق الماء تصرخ بصوت عال كريه:
“سأنتقم منك ياحسن، سأنتقم منكم جميعًا فقد قتلتم ولدي”..
وتلك الطيور المتوحشة التي هاجمتنا، هي جنودها الذين
أرسلتهم للإنتقام.. تلك هي كل القصة، والآن… اذهب
لترتاح يا نوران، وسوف نجد جزيرة نرسو على
شواطئها ونعالج رجالنا الجرحى، ونرمم ما تلف من
سفينتنا ثم سنواصل بعدها الإبحار.
هم نوران بالاعتراض لولا إشارة من يد حسن وهو
يقول: نفذ الأمر أيها البحار وقد قالها حسن بجدية
جعلت نوران يحبس كلماته قائلًا بإذعان:
أمرك سيدي القبطان.
مولاي لقد أدركنا الصباح وها هو الديك قد صاح
تبا لهذا الديك الذي لا يكف أبدًا عن الصياح
موعدنا الليلة إذا ما ضوء القمر بان ولاح
إقرأ أيضًا: الليلة الأولى من كتاب ولا ألف ليلة وليلة