السيطرة على النفس
توجد الكثير منَ الضغوطات اليومية التي يشعر بها الإنسان في الحياة، ومن أهم المشاكل الشخصية التي تُواجه كلَ فردٍ منّا هيَ الانفعال الزائد على أتفه الأمور التي نواجهها سواءً في العمل أو في العلاقات الاجتماعية، وذلكَ نظراً للكبت المستمر والحياة الصعبة التي تشهدها الكثير منَ الدول وتؤثر على أفراد المجتمع الموجودين بها، فكل إنسان يتعرّض للعديد منَ المواقف التي تجعلهُ يغضب ولا يُمكنهُ السيطرة على نفسه وبالتالي يُعبّر عن ما بداخله للآخرين من عيوب تبدو واضحة لهم كالشمس، فما هوَ فن السيطرة على النفس؟ وكيفَ يُمكن إتقانه؟
صديقي القارئ،، إذا كنتَ تُعاني من مشكلة الانفعال الزائد وعدم القدرة في السيطرة على ذاتك، نُقدّم لكَ عدّة خطوات فعّالة تُساعدك في حلّ هذه المشكلة:
ما هوَ فن السيطرة على النفس؟
قد سمعتَ من قبل عن فن السيطرة على العقول وعلى الآخرين، ولكنكَ لم تُحاول دراسة فن السيطرة على ذاتك الإنسانية والتحكّم بها، ولذلك تنفعل دائماً وتواجه العديد منَ الصعوبات التي تؤدي إلى عدّة مشكلات نفسية وصحيّة لك.
يُعدّ فن السيطرة على النفس Art of Self Control من أهم الرياضات الذهنية التي عليكَ التدرب عليها وإتقانها بشكلٍ يومي، على سبيل المثال: صديقك يُحاول استفزازك بشتّى الطرق للخسارة في لعبة الشطرنج، ويُحاول أن يجعلكَ تغضب وترتبك حتى تنال الخسارة بالفعل وتنزعج، وأنتَ لديكَ خيارين إما الانفعال ومضايقة ذاتك والخسارة والشعور بالقهر، أو السيطرة على ذاتك والوقوف ثابتاً بوجهٍ مبتسم ابتسامة تدّل على ثقتك بنفسك، وأنتَ بالتأكيد ستختار الخيار الثاني.
وعلينا بالذكر، أنَ الإنسان المتدرب على التحكّم بنفسه هوَ شخص واثق من نفسه ومتقبل شخصيته بعيوبها ومحاسنها، وبالتالي من خلال دراسة فن السيطرة على النفس يُحاول رفع قدراته الذهنية وإصلاح عيوبه والمشاكل التي تُسبب له التوتر والغضب، فهذا الفن يُساعدك على كشف الطاقات المدفونة بداخلك واستغلالها لصالحك في الأوقات الحرجة، بالإضافة لتقبّل ذاتك واحترامها والالتزام بالهدوء مهما كلّفكَ الأمر.
علاوة على ذلك، الإنسان الهادئ والمتمكّن من نفسه وقدراته ويبتسم في وجه الجميع يدّل على أنه شخص متماسك الكيان ويعلم ما يريد من هذه الحياة، لذلك هذه المهارة ستُساعدك في النجاح ضمن المجالات المهنية والاجتماعية، فبالتأكيد مدير الشركة لن يؤهلك لمنصبٍ أعلى إذا كنتَ متوتر بشكلٍ دائم وتنفعل بسرعة.
ما هيَ أفضل 7 خطوات تُساعدك في السيطرة على نفسك؟
إذا كنتَ تُريد اكتساب مهارة جديدة كفن السيطرة على النفس، فعليكَ الالتزام بهذه الخطوات يومياً وبشكلٍ مستمر للحصول على أفضل النتائج لصالحك:
1. التدوين:
واحدة منَ الخطوات المهمة التي عليكَ اتباعها، ولذلك نوّد الإشارة إلى أنَ فن السيطرة على النفس لا يشمل فقط التحكّم في الأعصاب بل يشمل أي عادة سيئة تتبعها في حياتك اليومية ولا يُمكنكَ السيطرة على نفسك تجاهها {كتناول الكحوليات، التدخين} أو أي عادة أخرى تجذبك إليها دائماً، لذلك حاول شراء دفتر ملاحظات صغير واذهب إلى الطبيعة أو إلى أي مكانٍ هادئ وراجع شخصيتك منَ الداخل وعيوبك وعاداتك السيئة التي تُريد السيطرة عليها ومن ثمَ تدوينها وقراءتها ووضعها في غرفتك أو أمامَ مكتبك لتتذكر دائماً بضرورة التحكّم بأعصابك تجاهها.
2. القراءة يومياً:
تُعدّ القراءة واحدة منَ الأساسيات اليومية التي تنمّي ذهنك وتثريه بالمعارف والتجارب وخبرات الآخرين، لذلك حاول اختيار الكتب التي تتحدّث عن التحكّم بالذات البشرية وكيفية العيش بسعادة، ومن هنا ننصحك بقراءة كتاب {فن السيطرة على النفس والجسد} للكاتب الدكتور أحمد توفيق حجازي، وكتاب {السيطرة على الأحاسيس والمشاعر وإدارتها} للكاتب الدكتور كلير بانر، وكتاب {قوّة التحكم في الذات} للدكتور ابراهيم الفقي، حاول تخصيص ساعة يومياً في فترة الصباح الباكر أو قبلَ النوم وقراءة هذه الكتب بتمعن، بالإضافة لمشاهدة الفيديوهات التي تتعلّق بالسيطرة على النفس.
3. التنفس ببطء:
قبلَ التحدث معَ أي شخص أو الرد على إجابته، حاول التفكير قليلاً بكلامه وصيغته، فإذا كانَ سؤال طبيعي حاول الرد بسلاسة وبطريقة راقية، أما إذا كانَ يُحاول إثارة غضبك أو استفزازك، عدّ إلى الرقم 3 بعدَ التفكير بكلامه ومن ثمَ خُذ شهيق عميق منَ البطن وأغلق عينيك واملأ رئتيك بالهواء ومن ثمَ أطلق الزفير منَ الأنف وابتسم في وجه الشخص المقابل لكَ، هذه الطريقة التي يُطلق عليها {بتقنيات التنفس} تُمكّنك منَ السيطرة على مشاعرك وانفعالاتك والتفكير في كلام الطرف الآخر دون إطلاق الأجوبة المتسرعة التي تندم عليها لاحقاً، فالطرف الذي يُحاول استفزازك سترعبه تصرفاتك الهادئة والباردة، لذلك تمالك أعصابك في كل خطوة من حياتك.
4. التفكير المنطقي:
حاول أن تُسيطر على مشاعرك وأفكارك دون السماح لها بالسيطرة عليك، فإذا تعرّضتَ لمشكلة ما في مكان العمل أو المنزل، أو وبخكَ مديرك أو أحد من أفراد عائلتك، حاول معرفة المشكلة الرئيسية التي سببت لكَ هذا الجدال وفكّر منطقياً بأسبابها وطرق حلولها بطريقة ذكية تُفيد الطرفين، فأحياناً يكون السبب أنت، ولكنكَ تُدافع عن نفسك بطريقة استفزازية تجعل الطرف الآخر ينفر من تصرفاتك، لذلك فكّر بعقلانية واتخذ الحلول المناسبة، وإذا كنتَ على حق حاول تجاهل الطرف الآخر ورّكز على نجاحاتك وعملك فقط دون الدخول في نقاشات وجدال عميق يُؤثر على صحتّك النفسية.
5. التدريب اليومي:
من أفضل الطرق التي تُساعدك في تدريب ذاتك الداخلية على الـتأقلم والتحكّم بمشاعرك، مثال على ذلك: أنتَ مدمن على الكافيين أو التدخين أو الكحوليات حاول وضعها أمامك وتدريب نفسك أنها سيئة لصحتّك يومياً، وإذا فقدتَ السيطرة على نفسك حاول رميها في الخارج بدلاً من تناولها، وهكذا درب نفسك يومياً لمدة قصيرة، وحاول إجبار نفسك على إنجاز المهمات التي تراها صعبة خلالَ مدة زمنية معينة.
6. الترويح عن النفس:
الحرمان من شيء معيّن كالطعام أو التدخين أو الانفعال الزائد يُوّلد بداخلك شعور لا يُمكن التعبير عنه وأحياناً شعور بالاكتئاب والتوتر، لذلك حاول الترويح عن نفسك يومياً منَ الضغوطات الحياتية كالخروج معَ أفراد عائلتك في نزهة أو ممارسة التمرينات الرياضية لتفريغ الطاقة أو المشي لمدة ساعة يومياً معَ الاستماع إلى الموسيقى في الطبيعة، فهذه الخطوة ستُجدّد طاقتك للحياة وتُعيد تركيزك في السيطرة على نفسك.
7. رّكز على الإيجابيات:
بعدَ ممارسة ضبط النفس لعدّة أيام أو أسابيع حاول التركيز على النجاح والراحة النفسية التي حققتها لنفسك، فقد واجهتَ الكثير منَ الصعوبات بالتأكيد للتدرب على التحكّم بالذات، لذلك حاول مراجعة النتائج المرضية والإيجابية التي حصلتَ عليها ومكافأة نفسك كل مرة، وذلكَ لتشجيع ذاتك على المواصلة دائماً.
الحياة تستحق منكَ أن تكون مرتاحاً نفسياً وجسدياً، لذلك لا تدع أي عائق يقف في وجهك وحاول السيطرة على نفسك تجنباً لإدمان شيء ما أو الانفعال الزائد الذي يُسبب خسارة الآخرين والفرص من حولك، وتذّكر دائماً أنَ الشخص الهادئ والمبتسم والصبور يلفت انتباه من حوله بثقته الزائدة بنفسه.
{{ نأمل أن يعجبكم المقال أيها الرائعون }}.