إن متلازمة كورنيليا دي لانج Cornelia de Lange syndrome من أشهر الأمراض الجينية التي قد تحدث لدى الرجال والنساء من كل الأعراق تقريبًا. هي من الأمراض الوراثية التي قد تنتقل من الوالدين في بعض الحالات، وفي أحيان أخرى تحدث طفرات جينية شاذة لدى الجنين في رحم أمه.
نتحدث في هذه المقالة عن هذه المتلازمة وعن أسباب الإصابة بها وأشهر أعراضها وأيضًا عن طرق علاجها لتجنب المضاعفات المحتملة.
ما هي متلازمة كورنيليا دي لانج؟
تحدث متلازمة كورنيليا دي لانج بسبب حدوث طفرة جينية معينة في المراحل المبكرة في رحم الأم ضمن جين واحد أو أكثر من الجينات المسؤولة عن تصنيع البروتينات المرتبطة مع التطور البنيوي والوظيفي للجنين خلال الحياة الرحمية. يكون الطفل المصاب بهذه المتلازمة حامل لخصائص عقلية وشكلية مميزة تختلف عن كل الأطفال الطبيعيين من حوله.
تنتج الإصابة بكورنيليا غالبًا عن حدوث طفرات جينية عشوائية، وفي بعض الأحيان قد تكون هذه الطفرات قد انتقلت وراثيًا من أحد الوالدين عبر الجينات الجسدية وبصفة سائدة أيضًا. ومن الجدير بالذكر أن انتقال طفرة جينية واحدة من أحد الوالدين إلى الأبناء كفيل بحدوث المتلازمة وظهور العلامات والأعراض.
تشخيص متلازمة كورنيليا دي لانج
بالنسبة للحالات الخفيفة للإصابة بهذه المتلازمة فهي تحدث في مرحلة الطفولة بظهور علامات مميزة جدًا في وجه المريض مع سلوك عدواني لاحق بالفترة القادمة مما يسبب مشاكل كبيرة جدًا من ضمنها إيذاء النفس بصورة واضحة.
فيما بعد قد تصبح الإعاقات الذهنية واضحة أكثر حيث يجدر بنا الذكر أنه من الممكن أن يتم تشخيص الإصابة بالمتلازمة في أعمار متباينة. من الممكن أن يتم اكتشاف بعض هذه الأعراض عبر التصوير بالموجات فوق الصوتية التي تجرى للجنين.
من أهم الأعراض التي تكتشف بهذه الطريقة نذكر التأخر في النمو أو ملاحظة أشكال غير طبيعية لوجه المريض مع تشوهات في الأطراف وشفة مشقوقة في بعض الأحيان. من المهم جدًا أن يتم تقييم شدة التشوهات أثناء تأكيد إصابة المتلازمة لأنها قد تسبب الكثير من المشاكل الصحية.
“اقرأ أيضًا: معلومات عن فحص الإيكو“
الأعراض التي تظهر لدى المصابين بمتلازمة كورنيليا دي لانج
إن كل المرضى المصابون بكورنيليا دي لانج يمتازون ببعض العلامات والخصائص الجسدية التي تختلف عن من حولهم من الناس. لكن تكون هذه الخصائص متباينة في الحدة من شخص لآخر فهي تتعلق بالجينات المتحولة وأيضًا درجة الطفرات الجينية الموجودة.
من أهم الخصائص والأعراض نذكر ما يلي:
الخصائص الجسدية
تتضمن الخصائص الجسدية التابعة لهذه المتلازمة:
- ولادة الجنين بحجم صغير ووزن أقل بكثير من المعدل الطبيعي وأيضًا بمحيط رأس صغير نوعًا ما وذلك بسبب تأثر مجموعة الجينات المسؤولة عن عملية نمو الطفل وتطوره بشكل طبيعي.
- وجود حواجب مقوسة الشكل وأيضًا متصلة من المنتصف.
- توضع الاذنين بمستوى منخفض عن الطبيعي.
- أنف صغير الحجم ذو طرف مرتفع.
- أسنان صغيرة الحجم ومتفرقة التوضع.
- مشاكل حادة في الرؤية والسمع قد تصل أحيانًا إلى الطرش.
- وجود اضطرابات وعيوب خلقية في القلب.
- تعرض المريض في بعض الأحيان إلى نوبات صرع حادة.
- زيادة في معدلات نمو شعر الجسم بشكل كبير بما فيه شعر الوجه وأيضًا رموش العينين.
- مشاكل في النمو والتطور حيث تنمو العظام بمعدل أقل بكثير من المعدل الطبيعي.
- اضطرابات هضمية حادة تتعلق بصعوبات الأكل مثل فتق الحجاب الحاجز وأيضًا الارتداد المريئي المعدي.
- الإصابة بشقوق قبة الحنك Cleft palate.
“قد يهمك أيضًا: ما هو الارتجاع المريئي“
الخصائص العقلية
إن أهم الخصائص العقلية المرتبطة بهذه المتلازمة هي:
- خلل في عملية تطور الدماغ ونموه حيث يكون الطفل مصاب بإعاقة ذهنية واضحة تجعله غير قادر نهائيًا على التعلم.
- تظهر تصرفات عدوانية لدى الطفل مع خصائص مشابهة لتلك الموجودة عند أطفال التوحد.
- عدم القدرة على تمييز التصرفات والممارسات الصحيحة.
- معاناة مستمرة من نقص حاد في الانتباه.
- فرط نشاط لدى الطفل.
- قد يؤذي نفسه في بعض الأحيان إذا ترك بدون مراقبة.
“اطلع أيضًا على: متلازمة مانشهاوزن {الاضطراب المفتعل}“
ما هو علاج متلازمة كورنيليا دي لانج
مع الأسف لا يوجد علاج فعال معين لمرضى متلازمة كورنيليا دي لانج ولكن يمكن أن تتم السيطرة على الأعراض التي تترافق معها عبر 6 إجراءات علاجية مثل:
- القيام بإجراء عمليات جراحية بهدف علاج الشقوق بمنطقة قبة الحنك.
- إجراء جراحات للعيوب القلبية.
- علاج الفتق الموجود بالحجاب الحاجز.
- محاولة السيطرة على نوبات الصرع عند بعض المصابين من خلال إعطائهم أدوية خاصة.
- يتم إخضاع الطفل لنظام علاجي وظيفي خاص بالتصرف والحركة وأيضًا النطق والسمع.
- يتم تركيب أنبوب أنفي معدي أو أنبوب معدي عند بعض المرضى بهدف الحصول على التغذية الضرورية اللازمة للنمو وخصوصًا في الحالات التي لا يستطيع فيها الشخص المصاب تناول الطعام بسهولة.
مضاعفات متلازمة كورنيليا دي لانج
من الطبيعي جدًا أن تظهر بعض المضاعفات المتعلقة بمتلازمة كورنيليا دي لانج في حال تركها بدون علاج، وذلك لأنها تمتلك تأثيرات خاصة جدًا على عدد مهم من أعضاء الجسم.
فيما يلي سنذكر أهم هذه المضاعفات:
- مشاكل واضطرابات في الجهاز البولي: نلاحظ عند مرضى متلازمة كورنيليا دي لانج عدم اكتمال في نمو أعضاء الجهاز التناسلي وهي خاصية تشاهد بالتساوي لدى كل من الذكور والإناث.
- أمراض واضطرابات الجهاز الهضمي: ومن أهمها الإصابة بالفتق الحجابي الخلقي وأيضًا سوء في استدارة الأمعاء والتفاف القولون أو تضيق البواب أحيانًا.
- مشاكل واضطرابات كلوية: من أهمها نذكر الكيس الكلوي ونقص في تنسج الكلى.
- علامات الشيخوخة بوقت مبكر: مثل هشاشة العظام أو الإصابة بشيب الشعر بوقت مبكر جدًا من العمر.
يمكن لأغلبية مرضى متلازمة كورنيليا دي لانج عيش حياة طبيعية إلى حد ما حتى عمر الخمسين، وخصوصًا عند المرضى الذين ظهرت لديهم أعراض خفيفة. عمومًا يعتمد ظهور الأعراض على نسب الطفرات الجينية التي قد حصلت وحدتها ومدى السيطرة الطبية عليها.