انتشرت التربية الرقمية مؤخراً بشكلٍ واسع، وذلك في ظلّ التطورات التكنولوجية وسيطرتها على حياتنا اليومية، فلا يمكن العيش ومواكبة آخر الأخبار بدون اللجوء إلى شبكة الإنترنت واستخدام التقنيات المتطورة من أجهزة وحواسيب وآلات، ومن هنا يسود المجتمع الرقمي وتتخلّله العشوائية والضياع والإدمان إن لم يتم السيطرة عليه.
ومن الجدير بالذكر، ظهر مصطلح المواطنة الرقمية أو مدارس التعليم الرقمي education في العالم بهدف قلّة الجرائم الإلكترونية وزيادة الوعي أكثر من خلال قوانين رقمية وقواعد سلوكية يتم الالتزام بها، فهي تشبه التربية الاجتماعية ولكنها تقتصر في التعامل مع التكنولوجيات المختلفة والتعليم أكثر، فهي ركيزة أساسية في المجتمع الرقمي لا يمكن التخلي عنها.
ونوّد الإشارة، أن هذا المصطلح عبارة عن الاستخدام الصحيح والآمن والأخلاقي لأي معلومة في المجتمع الرقمي، بهدف إعداد جيل واعي لا يستخدم التكنولوجيا إلّا بأهداف أخلاقية، ولذلك ما هو مفهوم التربية الرقمية؟ وما هي أهدافه ومميزاته؟
مفهوم التربية الرقمية
يقصد بها استخدام التكنولوجيا وفق قواعد وأسس أخلاقية من خلال المشاركة الإيجابية في إبداء الرأي والنقد بشكلٍ محترم والاستفادة منها قدر الإمكان، فيهدف الطلاب إلى استخدامها لإبداء أي رأي لهم أو ملاحظة، وذلك لتحفيزهم على الانخراط في المجتمع وتشجيعهم على أن يكونوا أفراد فاعلين.
فيمكن ملاحظة انتشار الكثير من السلوكيات غير الأخلاقية واستخدام التكنولوجيا لإلحاق الأذى بالأشخاص أو المؤسسات أو الشخصيات البارزة، ومن خلال مدارس التربية الرقمية، يمكن أن تقلل من خطر هذا الفايروس المنتشر والذي يتمثل في الابتزاز والجرائم الإلكترونية والتنمر والقرصنة وغيرها من السلوكيات السيئة.
فهذه الضوابط والمعايير تساعد في إنشاء جيل مثقف، ولا تقتصر على الطلاب فقط، فحتى المعلمين لهم دروس خاصة في كيفية مشاركتهم الصحيحة بها، وخاصةً بعدَ جائحة فايروس كورونا وانتشار التعليم عن بعد من منصات ومدارس افتراضية.
ما هي مميزات وأهداف التربية الرقمية؟
توجد 8 مميزات للتربية الرقمية، تتمثل في:
- مراعاة قواعد وتقاليد المجتمع: لا يقتصر الأمر على مجتمع محدد دون غيره، ولكن على سبيل المثال في المجتمعات الشرقية لا يمكن تقبل فضائح أي شخصية أو ابتزاز الفتيات أو الإساءة لهم، فقد يتحول الأمر إلى كارثة وجريمة حقيقية.
ومن هنا يمكن إدراك التربية والتعليم بشكلٍ صحيح من خلال هذا المصطلح، فيوضح للطلاب في عمرٍ مبكر مخاطر استخدام التكنولوجيا وأثرها على الحياة النفسية للبشر واحترام قواعد المجتمع الذي يعيش به الإنسان بدون التعدي على الحقوق أو العادات.
- حماية الأفراد: من خلال تعزيز مفهوم التربية الرقمية digital يمكن حماية الأشخاص من التنمر عليهم، وخاصةً الأطفال لأن التنمر منتشر بينهم في وسائل التواصل الاجتماعي، وترسيخ فكرة التنمر ومساوئها في المدارس، له أثر إيجابي على حياة الأطفال فيما بعد وتقليلهم من التنمر على الآخرين أو تعرضهم له.
بدلاً من هدر الوقت على الجانب السيء من التكنولوجيا، يمكن تشجيع الأفراد في التعرف على أنفسهم أكثر وتعزيز ثقتهم من خلال التعلم يومياً والاستفادة من مواقع التعليم والتطوير وخلق فرص أفضل لهم تساعدهم في بناء مستقبلهم، لأن أغلب شبان الجيل الحالي يهدر أوقاته في التعارف أو العمل على برامج غير أخلاقية أو ممارسة ألعاب ليس لها أي فائدة.
- الاستفادة من تجارب الآخرين: من المهم أن تدرك وزارة التربية الفائدة العظمى من التربية الرقمية، لأنها تساعد في إنشاء جيل قوي ومتين، فمن مميزاتها أنها تساعدهم في الاستفادة من تجارب الأشخاص والتعلم من أخطائهم وتوسيع أفق الدراسة وحماية الهوية الشخصية والمعلومات الخاصة بكل فرد.
- تقليل الانخداع: يصدق أغلب الأشخاص على مواقع التواصل الاجتماعي أي خبر ينشر على صفحاتٍ وهمية بدون التفكير بصحتّه أو الكشف عن ملابساته وحقائقه، ولذلك يتعرض بعضهم للخداع وتصديق أخبار كاذبة لا تمت للحقيقة بصلة.
- محو الأمية: تهدف هذه البرامج إلى زيادة ثقافة الأفراد وخاصةً في الدول التي تعاني من الجهل وقلة المعرفة في زيادة وعيهم واحترافهم للعمل على هذه التكنولوجيا من دون أي خداع أو ابتزاز، وتطوير مهاراتهم العملية وتنمية تفكيرهم النقدي لخلق بيئة افتراضية فعالة.
- تنمية ذكاء الطفل: إذا تم الاهتمام داخل المدارس بهذه الفكرة وتطويرها داخل عقل الطفل، لها أثر إيجابي على حياته الشخصية والعملية في المستقبل، فيمكنه التعامل مع التكنولوجيا والاتصال بها بسهولة وخلق فرص مثالية له من خلال تقديم نفسه ومهاراته وجذب أرباب العمل بطريقةٍ آمنة وذكية.
- تربية إنسان رقمي: من أهداف هذا المصطلح والعمل عليه هو تربية إنسان له خبرة واسعة في الأمور التكنولوجية بشكل يهدف ذاته ووطنه ومجتمعه إيجابياً، كما أنها تعمل على تطوير مهارات الاتصال ورفع مستوى الإنتاجية وإعداد طلبة مثقفين لا يمكنهم الانجرار نحو السلوكيات غير الأخلاقية، بالإضافة لأهميتها في تطوير نمط حياة حديث وغير تقليدي خالٍ من الجهل وقلة المعرفة.
لا يمكن تجاهل التربية الرقمية في العصر الحالي، فهي ضرورية لزيادة الوعي والأمن والأمان وحماية الخصوصيات وقلّة الجرائم الإلكترونية التي يعاني منها البشر بسبب قلة الوعي في حماية هويتهم ومعلوماتهم وتعرضها للسرقة.
ويمكن تعزيز هذا المفهوم أكثر من خلال إجراء تطوير شامل للمناهج التعليمية وإدخالها إلى المدارس من عمرٍ مبكر، فيمكن دمج التعليم بالتقدم التقني لمواكبة التطورات والعمل على فهمها وحل أي مشكلة تواجه الفرد، كما أن المقررات الإلكترونية لها أثر إيجابي في اعتياد الطفل عليها وتسهيل دخول المعلومة بأسلوب تشويقي.
ولا يمكننا إنكار دور الوالدين في تعزيز الثقافة الرقمية عند الأطفال وزيادة وعيهم ومراقبتهم لأفعالهم وسلوكياتهم لحماية أطفالهم من أي تنمر وابتزاز.
{{نأمل أن يعجبكم المقال أيها الرائعون}}.