السنة النبوية وصحة الأحاديث
السنة النبوية هي كل ما أضيف إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم من قول، فعل أو تقرير، وهي القسم الثاني من الوحي الإلهي الذي أنزل على الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، حيث إن القسم الأول هو القرآن الكريم.
قال الله تعالى في سورة النجم في الآيات ٣-٤ (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى. إِن هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى)، وفي حديث نبوي عن المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ القُرآنَ وَمِثلَهُ مَعَهُ، أَلَا يُوشِكُ رَجُلٌ شَبعَان عَلَى أَرِيكَتِهِ يَقُولُ: عَلَيكُم بِهَذَا القُرآنِ، فَمَا وَجَدتُم فِيهِ مِن حَلَالٍ فَأَحِلُّوهُ، وَمَا وَجَدتُم فِيهِ مِن حَرَامٍ فَحَرِّمُوهُ، أَلَا وَإِنَّ مَا حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ كَمَا حَرَّمَ اللَّهُ» (الترمذي:٢٦٦٤، وقال: حسن غريب من هذا الوجه، وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة:٢٨٧٠).
وفسر ذلك ابن القيم رحمه الله تعالى: “والذي يجب على كل مسلم اعتقاده: أنه ليس في سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحيحة سنَّة واحدة تخالف كتاب الله تعالى، بل السنن مع كتاب الله تعالى على ثلاث منازل:
- المنزلة الأولى: سنَّة موافقة شاهدة بنفس ما شهد به الكتاب المنزل.
- المنزلة الثانية: سنَّة تفسر الكتاب، وتبين مراد الله تعالى منه، وتقيد مطلقه.
- المنزلة الثالثة: سنَّة متضمنة لحكم سكت عنه الكتاب، فتبيِّنه بياناً مبتدأً.
ولا يجوز رد واحدة من هذه الأقسام الثلاثة، وليس للسنة مع كتاب الله تعالى منزلة رابعة.(١)
علم الحديث
علم الحديث هو العلم الذي يعرف به أحوال السند والمتن، وذلك للتوصل إلى معرفة المقبول والمردود من الأحاديث والآثار النبوية.
وبالتالي تُحفظ الأحاديث النبوية التي رواها النبي محمد صلى الله عليه وسلم من الكذب والموضوعات، ويقوم المحدث بوضع منهج دقيق لدراسة سند الأحاديث، وبعد ذلك يبدأ بمعرفة الرواة وعلومهم التاريخية بالإضافة إلى علوم أسمائهم.
وينمتي إليه أيضًا علم الجرح والتعديل، علم رجال الحديث أو علم الرجال، وهو من أشرف العلوم والذي يبحث في مدوني الحديث الشريف وفي سير رواة الأحاديث النبوية، وذلك بغرض الحكم على سندها.(٢)
أهمية الأحاديث النبوية
تكمن أهمية الأحاديث النبوية في أنها تبين وتشرح القرآن الكريم وعدد من الأحكام المذكورة به، وتفصل عدد من الأحكام الأخرى تفصيلًا دقيقًا.
قال الله تعالى في سورة النحل في الآية ٤٤ (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ).
وبذلك أخبر الله تعالى أن كلام النبي محمد صلى الله عليه وسلم كله وحي، وأن كلام الرسوم محمد صلى الله عليه وسلم كله محفوظ بحفظ الله عز وجل له.
وتبين السنة النبوية المجمل في القرآن الكريم كالصلوات الخمس وتحديد مواقيتها، سجودها، ركوعها وكافة الأحكام المتعلقة بها.
بالإضافة إلى ذلك قد تزيد السنة النبوية على أحكام القرآن الكريم، ومثال ذلك حكم تحريم نكاح المرأة على عمتها وخالتها، وفيما يلي سيهتم المقال بتوضيح تعريف صحة الأحاديث.(١)
تعريف صحة الأحاديث
يستطيع جميع المسلمون معرفة تعاليم دين الإسلام الحنيف من مصدرين رئيسيين، وهما القرآن الكريم والسنة النبوية.
وكانت السنة النبوية مفسرة لما في القرآن الكريم وموضحة لكافة تعاليم الدين الإسلامي معه، ولذلك أصبح من الضروري دراسة الأحاديث النبوية، واهتم علم الحديث بتوضيح ما هو صحيح منها، بالإضافة إلى تقسيم الأحاديث النبوية إلى عدة أقسام، وستذكر النقاط التالية هذه الأقسام والحكم الشرعي لكل منها.
الحديث المتواتر:
تعني كلمة المتواتر المتتابع، والحديث المتواتر هو الحديث الذي تتابع رواة الأحاديث في سنده، وذلك لأن كل راوي أخذ الحديث عن الراوي الذي قبله.
ومن شروط الحديث المتواتر أن يكون عدد الرواة كثير بحيث يثبت استحالة تجمعهم وتواطؤهم على الكذب، وهذا النوع من الأحاديث يصدقها المسلم تصديقًا جازمًا ويؤخذ بها بشكل مطلق.(٣)
الحديث الموضوع:
وهو الحديث المكذوب عن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، ومن غير المعروف أي رواة له.
وهذا الحديث لا يجب على المسلم الأخذ به مطلقًا، بالإضافة إلى ذلك لا يجوز تناقله بين الأفراد، وتنتشر الكثير من هذه الأحاديث الموضوعة على وسائل التواصل الاجتماعي، ولذلك يجب على المسلم التحري من صحة الأحاديث قبل نقلها.(٣)
حديث الآحاد:
وهو الحديث الذي سقطت فيه أحد شروط الحديث المتواتر، ويقسم حديث الآحاد إلى ثلاثة أقسام وهي الحديث الصحيح، الحديث الحسن والحديث الضعيف.(٣)
الحديث القدسي:
الحديث القدسي هو حديث شريف يأتي معناه من الله تعالى، ويلفظه الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وفي الغالب يبدأ الرسول محمد صلى الله عليه وسلم الحديث القدسي بقوله قال الله تعالى.(٤)
الحديث الصحيح
وهو الحديث الذي رواه عدل تام الضبط عن عدل تام الضبط، وبسند غير منقطع، ومعنى هذا أن يروى الحديث عن مسلم عدل وتام الضبط أو ثقة حافظ.
ويشترط أن يكون جميع رواة الحديث ثقة حافظين، ويعني السند الغير منقطع أن يقوم راوي الحديث برواية الحديث عن ما قبله، فعلى سبيل المثال لا يجوز أن يكون أخر رواة الحديث قد نقل الحديث وقد توفي مثلًا الراوي الذي يسبقه في غير فترة حياته.
بالإضافة إلى ذلك يشترط أن يكون الحديث الصحيح خالٍ من الشذوذ، وذلك يعني ألا يعارض حديثًا متواترًا آخر، ولا يعارض آية محددة من القرآن الكريم.(٣)
الحديث الحسن
الحديث الحسن هو ما رواه عدل ضعيف الضبط عن عدل ضعيف الضبط أو عدل تام الضبط، وبسند غير منقطع، بالإضافة إلى كونه خالٍ من أي شذوذ.
وبذلك فإن الحديث الحسن هو نفسه الحديث الصحيح، ولكن باختلاف شرط واحد فقط وهو شرط أن العدل ضعيف الضبط وليس تام الضبط، وهذا يجعله أقل ثقة من تام الضبط، أو دون الثقة، وفي المقابل يمكن الاحتجاج والعمل به.(٣)
الحديث الضعيف
الحديث الضعيف هو الحديث الذي لا يشمل على واحدة أو أكثر من الشروط التالية: (٣)
- العدالة في الراوي.
- الضبط.
- الاتّصال: وذلك يعني أن كل واحد من الرواة قد نقل عن الراوي الذي يسبقه بتواتر ودون انقطاع.
- عدم وجود العلة القادحة: والتي تعني سلامة الحديث من وصف خفي قادح في صحة الحديث والظاهر السلامة منه.
- عدم الشذوذ: وذلك يعني عدم مخالفة الحديث لحديث متواتر أو لآية قرآنية.
وقد اختلف الفقهاء في حكم العمل به من عدمه، فمنهم من أقروا بالعمل به إن كان الحديث في الفضائل، ومنهم من قالوا بعدم جواز العمل به مطلقاً، وقام فقهاء آخرون بوضع شروط للعمل به في فضائل الأعمال.
كيفية التأكد من صحة الحديث
يمكن التأكد من صحة الأحاديث النبوية عن طريق الرجوع إلى عدد من المصادر الورقية، أو يمكن الاستعانة بأحد المواقع الموثوقة على شبكة الإنترنت، والتي تقدم خاصية تحديد سند الحديث ونوعه، عن طريق كتابة نص الحديث أو جزء منه، والبحث حتى تظهر التفاصيل المتعلقة بهذا الحديث النبوي.
ومن أشهر هذه المواقع وأكثرها ثقة لدى العديد من الفقهاء موقع الدرر السَنيّة على الرابط التالي(٥) : https://www.dorar.net/hadith
المراجع:
١- طريق الأسلام – دليل السنة النبوية.