اضطراب النوم القهري {أسبابه وعلاجه}
تُعتبر اضطرابات النوم شائعة عندَ العديد منَ الأفراد، فالشعور بالقلق والكوابيس الليلية وعدم انتظام الساعة البيولوجية للإنسان جميعها أمور طبيعية ويُمكن السيطرة عليها والتعامل معها، ولكن توجد حالة نادرة قد يُصاب بها الفرد يشعر من خلالها أنهُ غير قادر في السيطرة على نفسه فينام كثيراً في أوقات العمل والنهار، وقد تُؤثر هذه الحالة على حياته وعلاقاته الاجتماعية والمهنية، ولكنها عبارة عن نوع منَ الاضطرابات العصبية التي تُسمى بداء التغفيق أو النوم القهري، فما هوَ اضطراب النوم القهري؟ وما هيَ أعراضه؟ أسبابه؟ وطرق علاجه؟
ما هوَ اضطراب النوم القهري Narcolepsy؟
لهذا الاضطراب عدّة تسمياتٍ مختلفة مثل {الخدار، داء التغفيق، النوم القهري} جميعها لها معنى واحد وهوَ اضطراب عصبي يُصاب بهِ الشخص فيفقد السيطرة على نفسه، ومنَ المُمكن أن ينام بسرعة وهوَ في مكان العمل أو في زيارة أحد الأصدقاء أو حتى أثناءَ قيادته للسيارة، ومنَ المعروف أنَ الإنسان الطبيعي عندما ينام يمرّ بمراحلٍ متعددة منَ النوم حتى يصل إلى نوم حركة العين السريعة أي بعدَ حوالي ساعة منَ النوم، ولكن المُصاب بالنوم القهري ينام بشكلٍ مفاجئٍ وعميق دونَ أن يشعر بذلك أو يمرّ بمراحل النوم الطبيعية فيدخل في نوم الريم فوريّاً.
ومنَ الجدير بالذكر، أنَ هذا النوع يُعتبر منَ الحالات الدماغية نادرة الحدوث، ولكنها موجودة بالفعل، فالعقل البشري لا يستطيع تنظيم جدول نوم ثابت والاعتماد عليه، ويُكتشف هذا الاضطراب عادةً عندَ الأطفال من سن العاشرة حتى فئة الشباب إلى سن الخامسة والعشرين، وهذه النوبات تُصيب الشخص لفترة قصيرة ومن ثمَ يستيقظ من بعدها بأوّج نشاطه وحيويته، ولكنها تُعاود الظهور مرة أخرى بعدَ أقل من ساعة أو ساعتين.
كما أنَ المُصابين بهذا الاضطراب لا يُمكنهم القيام بأعمالهم أو مزاولة مهنتهم على الإطلاق، وخاصةً المهن الخطيرة والتي تحتاج للقيادة أو السفر، فربما تُؤدي هذه النوبات القصيرة لخسارتهم حياتهم والتسبب بوفاتهم، وعلينا الإشارة أنَ نوبات النوم العميقة تحدث نهاراً حتى لو كانَ الإنسان ينام 8 أو 9 ساعات ليلاً.
ما هيَ أعراض اضطراب النوم القهري؟
توجد عدّة علامات تظهر على الشخص تُنبهه بأنهُ مصاب بهذا الاضطراب، مثل:
- حدوث هلوسات: منَ المُمكن أن يشعر الإنسان أنهُ بحاجة للنوم العميق، ولكن قبلَ أن ينام قد يُهلوس بأسماء بعض الأشخاص أو يتكلم عباراتٍ غير مفهومة أو يشعر أنَ أشخاصاً غريبين ومخيفين بجانبه، وقد يشتدّ الأمر إلى القيام ببعض التصرفات اللاإرادية أو غير اللائقة إذا حاولَ المُصاب التغلب على النعاس، وأثناءَ استيقاظه لا يتذكر أي فعل أو إشارة أصدرها.
- الشعور بالتعب والإرهاق.
- تراجع الأداء المهني والعلاقات الاجتماعية.
- الخدر: يُصاب أيضاً بخدر في منطقة العضلات بحيث لا يمكنه تحريك أحد أطرافه أو جزء من جسمه خلالَ نوبة النوم العميق.
- صعوبة في التركيز وتشتت الانتباه.
- الانعزال عن الآخرين: خوفاً من حدوث هذه النوبة عندما يتواجد معهم.
- الشعور بالاكتئاب والعجز.
- الاستيقاظ المتكرر أثناءَ الليل.
- النسيان المتكرر.
- انخفاض الطاقة البدنية.
- سوء الحالة المزاجية.
ما هيَ أسباب اضطراب النوم القهري؟
لم يكتشف الأطباء سبباً واضحاً للإصابة بهذا الاضطراب، ولكن توجد عدّة افتراضات وعوامل تُؤدي لزيادة خطر الإصابة بهِ، مثل:
- التاريخ العائلي: إذا كانَ أحد والديك أو أقربائك مُصابين بهذا الاضطراب فمنَ المرجح أن تُصاب بهِ، وخاصةً إذا كانَ عمرك يتراوح بينَ 10 و30 عاماً.
- نقص المواد الكيميائية: قد يُؤدي نقص إحدى المادتين {الأوركسين والهيبوكريتين} إلى الإصابة بهذا الاضطراب، فالأوركسين يُسهم في تحفيز اليقظة داخل الدماغ البشري أما الهيبوكريتين له دور مهم في تنظيم النوم عندَ الإنسان وتُنتج هذه المادة عن طريق منطقة ما تحت المهاد في الدماغ.
- الأورام الدماغية: منَ المُمكن الإصابة بالنوم القهري إذا كانَ الفرد مُصاباً من قبل بإحدى الأورام أو الإصابات العميقة في منطقة الرأس.
- السموم البيئية: إنَ التعرّض المستمر للمبيدات الحشرية والسموم المتواجدة في البيئة يُمكن أن يُؤثر سلباً على حالة الدماغ والنوم المنتظم.
ما هوَ علاج اضطراب النوم القهري؟
لأنَ السبب الرئيسي لم يُكتشف بعد، فحتماً لم يتم إيجاد علاج للتخلص من هذه الحالة، ولكن يُمكن لبعض الممارسات والعادات أن تُخفف من النوم القهري، وتتمثل في:
- تحسين عادات النوم: يُقدّم لكَ الطبيب الاختصاصي جدولاً ثابتاً ومريحاً يُساعدك على النوم والراحة، بالإضافة لوضع أوقاتٍ محددة منَ النهار لأخذ قيلولة، وسيكون الالتزام بهذا الجدول أمراً في غاية الصعوبة ولكنكَ ستعتاد عليه إذا كانت حالة النوم القهري في بدايتها ويُمكن السيطرة عليها.
- تناول الأدوية: يُمكن وصف بعض الأدوية من قِبَل الطبيب التي تُساعد في زيادة الاستيقاظ أثناءَ النهار والنوم المنتظم في الليل، وتكون على شكل حبوب أو كبسولاتٍ صغيرة.
- مضادّات الاكتئاب: في أغلب الأحيان يتم وصفها وذلكَ بهدف التقليل منَ الشعور بالهلوسات والخدر.
- نمط حياة صحيّ: يجب تغيير العادات والسلوكيات اليومية التي يتبعها المريض، عليهِ الابتعاد عن الكحوليات أو الوجبات الثقيلة على المعدة أو التدخين أو الأفكار السلبية التي تُؤثر على مزاجه وتُسبب لهُ الاكتئاب والهلاوس، ويُمكن إضافة تقنيات الاسترخاء قبلَ النوم ليلاً معَ حمام منعش وإغلاق الأضواء وضرورة تجنب الأجهزة الذكية، بهدف الحصول على نوم هادئ وصحيّ.
- ممارسة الرياضة: إنَ التمارين الرياضية يومياً لمدة نصف ساعة لها تأثير إيجابي على حياتك، فحاول أن تُخرج طاقتك عن طريق ممارسة رياضة ممتعة والاستمتاع بها حتى تشعر بالتعب منها، فهذه الطريقة ستُحسّن من جودة النوم وتجعلكَ منهكاً أثناءَ الليل وبحاجة للراحة، وتتمكّن منَ النوم بعمق دون الاستيقاظ المتكرر ليلاً، ومنَ المعروف أنَ المُصابين بالنوم القهري يُعانون فيما بعد منَ الوزن الزائد بسبب وضعهم،لذلك تغلب على هذه الحالة قبلَ أن تتغلب عليك.
إذا كنتَ تشعر بأيّاً من هذه الأعراض خلالَ النهار، ولا تستطيع السيطرة على نفسك فتخلد إلى النوم دون أي وعي منك، حاول أن تطلب الدعم وتُجري الفحوصات الطبيّة للاطمئنان على حالتك، فأي مرض أو اضطراب إذا تمَ تشخيصه في البداية يكون علاجه أسهل بكثير منَ الحالات المتفاقمة.
وعلينا بالذكر، أنَ عملية التشخيص لا تستغرق منكَ إلّا إجراء بعض الفحوصات البدنية ومنح المعلومات لطبيبك حول مواعيد نومك والأعراض التي تشعر بها، ولا تخجل من طلب الدعم والمساعدة من قِبَل الأصدقاء والعائلة سواءً في مساعدتك على إنجاز المهام أو حتى أثناءَ القيادة، وتجنب جميع المؤثرات التي تُشكّل خطر على حياتك إذا كنتَ تُعاني منَ النوم القهري.
{{نأمل أن يعجبكم المقال أيها الرائعون}}.