الابتلاء سنة من سنن الله في الحياة الدنيا

[faharasbio]

الابتلاء سنة من سنن الله

الابتلاء سنة من سنن الله في حياة البشر ليس للعبد أن يسأل الله عن هذا الابتلاء ساخطًا أو مضجرًا، أو أن يتمناه فقد علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا نفعل ذلك و في الحديث الصحيح: “كتَبَ إلَيْهِ عبدُ اللَّهِ بنُ أبِي أوْفَى، حِينَ خَرَجَ إلى الحَرُورِيَّةِ، فَقَرَأْتُهُ، فَإِذَا فِيهِ: إنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في بَعْضِ أيَّامِهِ الَّتي لَقِيَ فِيهَا العَدُوَّ، انْتَظَرَ حتَّى مَالَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ قَامَ في النَّاسِ فَقَالَ: أيُّها النَّاسُ، لا تَمَنَّوْا لِقَاءَ العَدُوِّ، وسَلُوا اللَّهَ العَافِيَةَ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا، واعْلَمُوا أنَّ الجَنَّةَ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الكِتَابِ، ومُجْرِيَ السَّحَابِ، وهَازِمَ الأحْزَابِ، اهْزِمْهُمْ وانْصُرْنَا عليهم” رواه البخاري.

لذا جعل الله عز وجل الابتلاء والمحن سنة في حياة الناس، قال تعالى: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۖ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3)} سورة العنكبوت.

والفتنة في إيمان العبد حقيقة ثابتة يبتلي الله بها عباده ليمييز الخبيث من الطيب وليمحص المؤمن الصادق في ايمانه من الكاذب، والابتلاء هو الطريق للجنة، إنها سنة جارية على كل عباد الله وحقيقة وناموس إلهي، سنة الله على عباده، وهو معيار تفاضل في ميزان تمييزالله بين عباده سبحانه، فلا بد من ابتلاء من الله للعبد في الأموال والأنفس وفي كل شيء، وعلى العبد الصادق في إيمانه والمتيقن من رسوخ عقيدته الإيمانة من الصبر والاحتساب والتوكل على الله، فالمؤمن أمره كله بين يدي الله، فلا يجزع ولا يسخط ولا يحزن في كل ما أصابه، والمؤمن لسان حاله يلهج دائمًا لا حول ولا قوة إلا بالله وإنا لله وإنا إليه راجعون.

ونفس المؤمن لا ترى غير الفضيلة مبدأ ولا تختار غير الخير بديلًا، فأملها بالله خالقها وهاديها يقين راسخ، لا تعرف السخط ولا الجزع وهي متوكلة عليه أبدًا راضية بما يرزقها من خير أو شر، تجاهد أبدًا في طاعة الله ورضوانه وعملها الدءوب العمل الصالح والبر والإحسان، وهي قانعة ترضى، حامدة وشاكرة بما أعطاها الله من نعم، لا تعرف التأفف ولا تجنح نحو الغضب على ما يصيبها من ابتلاء وما يحل بها من نوائب ومحنن، وتسعى دائمًا أن تحظى بالمقامات العلى فى مراتب الإيمان ومدارج التقوى، والإحسان حالها دائمًا ظاهرًا وباطنًا الطمأنينة والوقار ومستقرها فى مقام السكينة، وهي تسترشد دائمًا بنور الهدى في ظلمات النفس لا تكل ولا تمل من العبادة والشكر والتقرب لله والاستغفار.

نفس المؤمن خائفة وجلة من الله وخاشعة متبتلة طائعة لله، المؤمن صفاته الصبر والجد والجلد والتواضع والتسامح والحياء، لأن نفس المؤمن لا ترى في ماديات الكون سوى أنها مادة زوال وفناء لا معنى لها، فالشغل الشاغل للمؤمن السعي لرضى الله وعبادته، يسارع في أعماله لينال الثواب والمغفرة، وطاعته يقين راسخ وعقيدته صلبة، وهو يعلم أن الطريق إلى الجنة قد حُفت بالمكاره، بينما حُفت النار بالشهوات.

وبعض العباد يظنون أنهم إذا قالوا: آمنا، تُرِكُوا وأدخلوا الجنة بأمانيهم وقولهم، لكن سنة الله في خلقه جعل دخول الجنة يمر من خلال طريق تحفه المكاره والابتلاءات، وهي الاختبار للعبد وتمييز درجة إيمانه، وقضت إرادة الله وفق المنهاج الذي ارتضاه وفرضه على عباده أن لا يدخل الجنة العبد إلا بعد أن يجتاز اختبار الابتلاء والشامل لكل شيء في حياة الأنسان، ولقد امتحن الله الأقوام السابقة بإرسال الرسل إليهم، فمييز سبحانه بين أفراد تلك الأمم بكفرهم أو بإيمانهم برسلهم، وحق عليهم من الله العذاب وأهلكهم بأنواع العقاب الذي اجتثهم به، إن ناموس الابتلاء قائم منذ خلق الله خلقه وحتى يرث الله الأرض ومن عليها ولا تبديل لسنة الله في خلقه، والأمر ما زال وسيبقى قائمًا ينزله الله كيف يشاء ومتى يشاء.

[ppc_referral_link]