السلام فـــي النفس البشرية

[faharasbio]

السلام فـــي النفس البشرية

قال تعالى {يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (16)} سورة المائدة.

وقال تعالى {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَىٰ دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (25)} سورة يونس.

وقال تعالى {وَعِبَادُ الرَّحْمَٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (63)} سورة الفرقان.

النفس البشرية كما ذكرنا وأكدنا سابقًا مخلوق غامض ليس من السهل على العقل استجلاء بواطن الخفاء والتعقيد فيها، ومع أن العقل معجز في ملكاته وقدراته، وهو مقر التدبير وفنون العلم والمعرفة والحكمة، ومحل التمييز والاختيار، وهو مفكر متوهم للأمور والأحداث ويتسع لما ضاقت به الأبصار ومفسر لأحوال النفس، ومع كل ذلك عاجز عن معرفة النفس، مُقرٌ بجهله في تفسير أحوالها وفهم أطوارها، ومنهج الله يتعرض دائمًا إلى مواجهة الإنسان بحقائق عن تكوينه النفسي خاصةً صفاته وطويته الخفية الكامنة في أعماقه الدفينة.

النفس هبة الله للإنسان وآية إعجاز ودليل قدرة وكمال صنعه. وقد كرم الله الإنسان حين أقسم بالنفس، فلا يليق بها أن تنسى المنعم الخالق وحريٌ بها أن لا تغفل عن واجب الشكر والطاعة لواهب الآلاء والمتفضل بالعطاء، وخالقها من الفناء، عليها أن تعلم أنها مكشوفة عارية لا يحجبها ستر عن خالقها وهي بين يدي رحمته ورقابته المباشرة، تلك حقائق إيمانية لا يدركها العقل لكنه يؤمن بها غيبًا.

وكان عدل الله تامًا حين خص كل نفس بحافظ ورقيب عتيد يكتب عليها حركة حياتها فعلًا وقولًا وكلٌ في كتاب محفوظ، يتسلمه العبد أمام الله يوم القيامة وعليه سوف يحاسب ويلقى الثواب أو العقاب، عدل الله حفظ أعمال كل عبدٍ في كتابه، ونفسه من سوف يحاسبه وجوارحه من سوف تشهد عليه أمام الله، فهل هناك أعظم هولًا وفزعًا وخوفًا من هذا الموقف العظيم، وسوف يقفه كل عبدٍ أمام الله خارًا جبهته منكسًا رأسه محنية قامته، في ذلك اليوم لا يضيع أجر سعي العبد أوعمل فعله، ثم توفى كل نفس بما كسبت ولا يظلم ربك أحدًا.

قال تعالى {وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ ۖ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا (13) * اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَىٰ بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا (14) مَّنِ اهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا ۚ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ۗ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولًا (15)} سورة الإسراء.

وقال تعالى {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ ۖ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16) إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17) مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18)} سورة ق.

هذه حقائق إيمانية وآيات ذكرى وتنبيه وموعظة على النفس أن تستحضرها في كل لحظة وحين، وأن تعيش في كنفها دومًا كي تبقى في الحضرة الإلهية وكلها توجس وخوف ووجل.

قال تعالى: {فَالْيَوْمَ لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (54)} سورة يس.

الإنسان مزدوج الطبيعة ومزدوج الاتجاه ومزود باستعدادات متساوية بين الخير والشر، وسلام النفس مشاعر إنسانية عناصرها الهداية والصلاح، وعلى الإنسان أن يحققها كى يبلغ مراتب الإيمان الصادق.

السلام في النفس البشرية ثمرة اختيار الخير منهج حياة وإتباع الطريق القويم سلوك وعمل، والالتزام الدائم بمبدأ البر والإحسان تطبيقًا ومعاملة، سلام النفس رسوخ الطمأنينة وصفاء السريرة وجلاء البصيرة، إنه تخليص النفس ونقائها من صفات الشر بالمجاهدة والتوبة والاستغفار والندم.

إن وجود النفس هو جوهر الإنسان وهي محل حركة حياته والموجه لسلوكه واختياره، وهي أية كبرى في خلق الإنسان وكل صفة من صفاتها آية، فالمشاعر والأخلاق والسلوك والإدراك والفهم والخيال وصفات الخير والشر كلها آيات عظمى فى النفس.

إن النفس عالم غامض لا نعرف عنه إلا آثاره التي نحس بها في أعماقنا ووجدننا وتظهر تارة انفعالًا وتارة أخرى مشاعر وأحاسيس نفسية وعضوية، وتظهر أحيانًا ملامح صامتة مرسومة فوق صفحة النفس بلا تفسير أو تأويل، وتكون أحيانًا تعبير لغة وبيان، وبلاغة قول ولفظ لسان، وتكون تارة حركة جوارح.

والنفس بوتقة تجمع بين الأضداد فهي مقر للخير والشر، والكفر والإيمان، والحب والكره، والخوف والرجاء، والعدل والظلم، والحرب والسلام، والجبن والإقدام، والتواضع والكبرياء، والرحمة والطغيان، والهداية والضلال، والطمأنينة والهلع. إنها جملة مشاعر فياضة تتلاطم بين شد وجزر وثورة وهدوء وصمت وسكينة وغضب وطمأنينة وسلام، إنها النفس أجمل ما في الإنسان.

قال تعالى {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا} سورة الشمس.

قال تعالى {وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ (20) وَفِي أَنفُسِكُمْ ۚ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (21)} سورة الذاريات.

قال تعالى {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ۖ وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (35)} سورة الأنبياء.

إنها النفس المطمئنة وهي النفس الأمارة بالسوء وهي النفس اللوامة. إنها قبس من أمر الله وأهم ما في النفس صفاتها الأساسية العلم والإرادة والقدرة. والإرادة في النفس عنصر سلام وصمام أمان ودفة توجيه، إنها هبة من الله للإنسان بها يرجح بين المتقابلين ويختار بين الضدين، إنها سلطان العقل وكل ما في النفس مرهون بالإرادة، كلام الإنسان بإرادة وحركته بإرادة وعمله بإرادة وعلمه بإرادة ، إنها طاقة فاعلة ترافقها طاقة هائلة من القدرة.

إن سلام النفس رهن بهذه الإرادة وأسير للقدرة المصاحبة، بدونها يفلت الزمام ويضل التوجيه وتنحرف السفينة، وسلام النفس في صون الإرادة وشحذها، وسلامها في تسخير القدرة للعمل الصالح وأوجه الخير والصلاح، والإيمان بالله هو صيانة دائمة متواصلة للإرادة وهو أداة التوجيه للقدرة فهو يجلي الإرادة ويقوي عزيمتها ويشد من أزرها، وهو الحصن الذي يحمي النفس من الشر والهوى، ويقيها من دوافع الشهوات والنزوات، الإيمان ينقي القلوب ويطهرها من رجس الكفر والعصيان فلا تصدأ وتهتري، ويصقلها فلا تخبو شعلة الخير ولا تنطفئ، وحين تعلو الإرادة يزول الشر ويطهر الوجدان ويصفو الضمير وتسمو النفس ويسود الحب والوئام ويعم الخير والسلام وينتشر البر والإحسان ويتحقق الأمن والأمان ويزول القتل ويختفي بالإرادة العدوان.

بالإرادة الخيرة تتحقق المعجزات وتقهر النزوات وتقاوم الرغبات وتستكين الأهواء والشهوات، بها تروض النفس على الصبر والجلد وتوطد على الصلاح وترسخ العقيدة ويرقى الإيمان إلى مراتب التقوى والأحسان، وتسمو النفس فوق زبد الكفر والبهتان الذى يطفو فوق بحر الضلال الهادر في كل مكان، بها تتخلص النفس من أدران الفساد والفسوق، بها يعلو الإنسان إلى أسباب السماء حيث طهارة المظهر والمخبر ونور الحضرة الإلهية.

بالإرادة الصادقة النقية ينفض الإنسان عنه غبار الضلال القاتم فى الزمان وتبرأ النفس من أدران الرذيلة والبهتان فيصفو وجدان النفس ويصقل جوهرها ويلمع بريق عنصرها الطاهر، وبها تصبح النفس نقية تعكس أنوار الحق، ساطعة تنير درب الهداية نحو الهدى والخير والسلام والإيمان ويعلو منهج الله.

قال تعالى {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (72)} سورة الأحزاب.

قال تعالى {وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُم بِآيَةٍ ۚ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَىٰ ۚ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ (35)} سورة الأنعام.

قال تعالى {وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَىٰ وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَّا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ (111)} سورة الأنعام.

الجهل من أشد آفات النفس، إنه ظلام العقل وتعطيل طاقاته وقدراته، إنه عدو النفس وقالوا “الجاهل عدو نفسه”، ومن جهل نفسه جهل معرفة ربه، ومنهج الله يأبى الجهل ويرفضه ويجل العلم والعلماء ويبجلهم ويرفع قدرهم ويعلي من شأنهم، وخصهم بمكانة رفيعة عالية وجعل لهم منزلة مرموقة في الدنيا والآخرة، الجهل يولد الحماقة، إنه وبال على الفرد والمجتمع.

السلام في النفس قواعده مكارم الأخلاق وأعمدة بنائه تمسك بتعاليم الله وإتباع منهج الله القويم، ذلك المنهج الذي يصارح النفس البشرية بحقيقتها ويزكيها ويطهرها ويجنبها الموبقات، فلا تهن إرادتها ولا تتحطم دعائم ثباتها ولا تتصدع أركان عزتها، ونقيض سلام النفس اضطرابها وانحرافها وعدوانيتها وإجرامها، ولا يحدث ذلك إلا حين يدب الخوف والرعب وينتابها قلق وهلع، إنها حالة تفقد فيها النفس الأمن والأمان والاطمئنان، لتصبح في وهم وتعيش في كبر وخيلاء، تائهة في دروب من الظلمات، غائصة في وحل الفساد، غارقة في مستنقع الشهوات والرذيلة.

ولست أعني هنا الجهل العلمي أو الثقافي، لكني أعني هنا بصفة خاصة الجهل الأمر والأدهى، جهل الإنسان بغاية خلقه وواجب الفطرة الإيمانية في كيانه، فالكفر جهل أو جحود بهذه الحقيقة، والجاهل بها لا لوم عليه إن كان حقًا يجهل غاية الوجود ويجب دعوته للحظيرة الإيمانية، أما الجاحد الملحد فهو من ينكر ويأبى سماع صوت الحق ويعصب عينيه عن رؤية نور الأيمان، هذا هو الجهل الأعظم الذي يتوارثه بعض من أبناء آدم.

قال تعالى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21)} سورة البقرة.

قال تعالى {وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَىٰ آمَنَّا بِهِ ۖ فَمَن يُؤْمِن بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ بَخْسًا وَلَا رَهَقًا (13)} سورة الجن.

قال تعالى {قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا ۖ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (38)} سورة البقرة.

قال تعالى {وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ ۖ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (48)} سورة الأنعام.

قال تعالى {يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي ۙ فَمَنِ اتَّقَىٰ وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (35)} سورة الأعراف.

الكـبـر هي صفة في النفس يكرهها الله في العبد، وتوعد من يتصف بها ويمتطي صهوتها عليه اللعنة، صفة تصيب الفرد بالغرور والتعالي وتشعره كذبًا بالتميز والرفعة، الكبرياء صفة تبث الكره وتذكي نار الحقد والضغينة بين البشر وتنشر البغضاء وتفرق النفوس، الكبرياء رداء من فقد أصالة جوهره وتواضعه، وغطاء من تعطل وذهب عقله وطمس على فكره وسلب ادراكه وفقد عقله. والكبر إزار من ضعف إيمانه.

التكبر مبعث شر وفساد ومرض إذا حل بالنفس أعطبها، ودمر أركان فطرتها السليمة، وآفة تنخرها، إنها صفة ذميمة صاحبها مكروه منبوذ وهي التي بسببها طرد إبليس من الجنة ورحمة الله.

قال تعالى {الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ ۖ كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ وَعِندَ الَّذِينَ آمَنُوا ۚ كَذَٰلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ (35)} سورة غافر.

قال تعالى {فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا ۖ فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (29)} سورة النحل.

قال تعالى {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (34)} سورة البقرة.

قال تعالى {وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُم بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَفْسُقُونَ (20)} سورة الأحقاف.

قال تعالى {وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنتُمْ قَوْمًا مُّجْرِمِينَ (31)} سورة الجاثية.

وفي الحديث الشريف عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم “قال الله عز وجل: الكبرياء ردائي، والعظمة إزاري، فمن نازعني واحداً منهما قذفته في النار”، وروي بألفاظ مختلفة منها “عذبته” و و”قصمته”، و”ألقيته في جهنم”، و “أدخلته جهنم”، و”ألقيته في النار”، الحديث أصله في صحيح مسلم وأخرجه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجة وابن حبان في صحيحه وغيرهم وصححه الألباني.

انحراف النفس عن طريق الحق والصواب وإتباع سبيل الضلال من أهم أسباب فساد الحياة الإنسانية نفسيًا واجتماعيًا، والانحراف سلوك يغاير حقيقة الفطرة الإيمانية، وأوجه الانحراف متعددة الأغراض متشكلة الأنماط، ولا يقتصر على مقصد واحد بل تتنوع، فذاك انحراف أخلاق وسلوك، وتلك انحراف عقيدة وفساد فطرة وطويه، وهذا انحراف ثقافي واجتماعي، كلها أنماط انحراف تطرأ على النفس وتتأثر بها بفعل البيئة والثقافة والمعتقدات والتقاليد، وكلها معاول هدم ودمار لمقومات النفس

أما السلام في النفس البشرية فهو موافقة لفطرة الإنسان وجوهره الأصيل، والإرادة والإيمان هما عناصر ضبط ذاتي لإعادة الإنسان دومًا إلى جادة الحق ونور الهداية. والحياة الدنيا تضل الفرد أو تهديه، فهي دار ابتلاء واخيتار، وهي مبعث غوايته وانحرافه وضلاله.

قال تعالى {مَّنِ اهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا ۚ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ۗ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولًا (15)} سورة الإسراء.

قال تعالى {وَاخْتَارَ مُوسَىٰ قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِّمِيقَاتِنَا ۖ فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُم مِّن قَبْلُ وَإِيَّايَ ۖ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا ۖ إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَاءُ وَتَهْدِي مَن تَشَاءُ ۖ أَنتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا ۖ وَأَنتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ (155)} سورة الأعراف.

قال تعالى {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَىٰ فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ (26)} سورة ص.

قال تعالى {وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ ۗ وَإِنَّ كَثِيرًا لَّيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِم بِغَيْرِ عِلْمٍ ۗ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ (119)} سورة الأنعام.

[ppc_referral_link]