السلطان المجاهد تيبو الشهيد – صفحات من التاريخ – الصفحة الواحدة والعشرون

[faharasbio]

السلطان المجاهد تيبو الشهيد

آخر فرسان أندلس الشرق
نمر مايسـور أسـطورة الجهاد في الهند الإسلامية ضد الإنجليز

في هذه الحلقة سنتحدث عبر عدة أجزاء عن بطل منسي لا يعرفه أحد وكم كان له من أمجاد وإنجازات عظيمة.

هو السلطان العظيم والبطل المجاهد باد شاه نسيب الدولة فاتح علي خان بن الأمير الكبير حيدر علي خان، سلطان ميسور وآخر رجال الهند الأقوياء والذي دوخ الإنجليز وقهرهم لسنوات طويلة حتى لقبوه بنمر ميسور من شدة فتكه بالجيوش الإنجليزية خلال حكمه لجنوب شرق الهند.

ولد السلطان تيبو في ديفانهالي في منطقة بنغالور الهندية الحالية عام 1750م ، وكان الابن الأكبر للسلطان حيدر علي، وكان اسمه تيبو سلطان، فأبوه الأمير حيدرعلي خان كان قائداً عسكرياً في جيش ميسور، فلما ضعفت السلطة المركزية لدولة سلاطين المغول فكر الهندوس – وكانوا أغلبية في ميسور- في الاستقلال بميسور، ولكن قبل أن يضربوا ضربتهم أسرع أحد قادة المسلمين واسمه “حيدر علي خان”، واستلم السلطة بالقوة وقضى على معظم زعماء الهندوس، وأحكم قبضته على “ميسور”، وأخذ في توسيع بلاده حتى ضم معظم جنوب الهند، ووصلت حدود دولته إلى بلاد مدراس على ساحل خليج البنغال.

ولأن السلطان حيدر كان أميًا فقد حرص على أن يحصل ابنه البكر على أفضل تعليم يليق بأمير، كما حرص على تعليمه الشئون العسكرية والسياسية في سن مبكرة، وكان حيدر علي ضابطًا عسكريًا في خدمة مملكة ميسور الهندية ثم أصبح الحاكم الفعلي لميسور في عام 1761م ، لأن زوجته ووالدة تيبو السيدة فاطمة فخر أونسة كانت ابنة معين الدين حاكم ميسور من حصن كادابا، وبعد ذلك قام حيدر علي بتعيين مدرسين جيدين لتعليم تيبو اللغات الأوردو والفارسية والعربية والكانادا وأيضًا القرآن الكريم والفقه الإسلامي وركوب الخيل والمبارزة وإطلاق النار.

وعندما بلغ تيبو الخامسة عشر حرص والده على اصطحابه معه في حرب ميسور الأولى ضد البريطانيين عام 1766 والتي تحالف فيها السلطان حيدر علي مع الفرنسيين، وقد كان تيبو يحضر معهم أثناء وضع التكتيكات العسكرية للقتال، ثم قاد سلاح من الفرسان في غزو الكارناتيك عام 1767 وهو مازال في في السادسة عشر من عمره، وقد استطاع تيبو هزيمة البريطانيين هزيمة منكرة في عدة حروب واستطاع أن يكتسب خبرة عسكرية كبيرة حتى توفي والده في ديسمبر 1781م ، ثم عين نفسه حاكمًا لميسور في يوم الأحد 22 ديسمبر 1782م في احتفال بسيط، واستطاع أن يحقق تقدمًا على البريطانيين والهندوس من خلال تحالفه مع المغول والمراثا وانتهت حرب ميسور الثانية بمعاهدة مانجالور عام 1784م.

ولم يعجب السلطان تيبو أن تقع ميسور تحت سلطة مارثا الهندوسية بعد أن هزموا والده في حروب سابقة، وهذا أدى إلى حرب مارثا – ميسور، وقد دخل في عدة معارك فاز في معظمها وانتهى هذا الصراع بمعاهدة جاجندراجد في مارس عام 1787م.

مواهب “تيبو” واختراعاته وإصلاحاته:

كان “تيبو” بجانب جنديته وشجاعته وموهبته الفطرية في القيادة ومواجهة الخصوم، كان كما ذكرنا أديباً يحب الشعر، ويجيد عدة لغات منها الإنجليزية والفرنسية، مولعاً بالهندسة والاختراعات الحديثة خاصة في السلاح وفنون القتال، حتى أن “تيبو” يعتبر أول من اخترع واستخدم الصواريخ القتالية.

ويعتبر كلاً من حيدر علي و”تيبو سلطان” روادًا في استخدام المدفعية كتقنية صاروخ وقود صلب أو كقذائف للاستخدام العسكري، حيث قام “تيبو” سلطان ووالده حيدر علي بتطوير تكتيكاً عسكرياً، حيث كان يستخدم الهجمات العشوائية بألوية الصواريخ على تشكيلات المشاة.

كتب “تيبو” سلطان كتيباً إرشادياً عسكرياً يسمى: فتح المجاهدين، والذي خُصص فيه 200 رجل صواريخ لكل كاشون -لواء بالجيش الميسوري-. كان لدى ميسور من 16 إلى 24 كاشون مدفعية.

المناطق التي كانت تصنع فيها الصواريخ والألعاب النارية من البلدة كانت تسمى: “تاراماندال پت” أو “سوق المجرة”، ولم تصل هذه التقنية إلى أوروبا إلى بعد وفاة “تيبو”. وكان بدء ترسانة وول‌ ويتش الملكية في برنامج بحث وتطوير الصواريخ العسكرية عام 1802 كان معتمداً على التقنية القادمة من ميسو.

كان رجال الصواريخ مدربين على إطلاق صواريخهم بزاوية محسوبة من قطر الإسطوانة وبعد الهدف. بالإضافة إلى ذلك كانت منصات إطلاق الصواريخ المثبتة على عجلات قادرة على إطلاق من خمس إلى عشر صواريخ في وقت واحد تقريباً عند استخدامها في الحرب.

كانت تلك الصواريخ مختلفة في الحجم، لكنها كانت عادةً ما تحتوي أنبوب من الحديد المطروق اللين بطول 8 بوصات تقريباً وقطر 1½ – 3 بوصة، قريبة من إحدى طرفي الأنبوب ومثبتة بعمود خيزران بطول 1 متر تقريباً. كان الأنبوب الحديدي يعمل كغرفة احتراق ويحتوي على مادة دافعة عبارة عن مسحوق أسود مغلف. يحمل الصاروخ ما يقارب طن من المسحوق، ويمكن أن يصل مداه إلى 1.000 ياردة. في المقابل لم تكن الصواريخ في أوروبا مغلفة بالحديد، ونتيجة لذلك، لم يكن في قدرتها الوصول لمسافات طويلة.

أما في المجالات الأخرى، فقد سعى “تيبو” لتأسيس مملكة على الطراز الحديث فأدخل إصلاحات إدارية وتنظيمية واسعة في المجال الاقتصادي والزراعي وأيضًا الاجتماعي، فقد كانت منطقة ملبار وجنوب شرق الهند مليئة بالبدع والخرافات والعادات الموروثة من الثقافة الهندوسية، فلما تولى “تيبو” وكان ذا عاطفة إسلامية جياشة قام بمحاربة هذه البدع والضلالات والشركيات ومنعها بقوة.

كما حارب الاستغلال الاقتصادي الذي انتشر في ربوع الهند كلها بسبب السياسات الاستعمارية للإنجليز وذراعها الاقتصادي الشهير: شركة الهند الشرقية.

قسّم “تيبو” إمارة ميسور لسبع أقاليم إدارية ووضع نظاماً مالياً مستقلاً، ونظّم الضرائب على الأراضي والتجارة بصورة قضت على احتكار كبار الملاك، وأنشأ شركة تجارية كبيرة لتنافس شركة الهند الشرقية الإنجليزية، وجعل هذه الشركة ملكاً وطنياً لعموم سكان ميسور بعد أن قسّم رأس مالها إلى أسهم وطرحها للاكتتاب كما يحدث في بورصات اليوم.

كما توسع في بناء المصانع خاصة مصانع النسيج والأخشاب للاستفادة من الثروة الطبيعة لهذه الخامات في بلاده، وشجع المواطنين على العمل بهذه المصانع، وكان يهدف من وراء ذلك تأسيس قاعدة شعبية منتجة وقادرة على التصنيع والابتكار، وسك العملة، حتى عمّ الرخاء في أيامه على الرغم من الحروب المستمرة بينه وبين الإنجليز والهندوس، وقد ترك ميسور وهي قوة اقتصادية كبيرة، مع أعلى معدلات للأجور في العالم في أواخر القرن الثامن عشر.

عداء “تيبو” للهندوس والإنجليز:

كما قلنا من قبل كان “تيبو” يتمتع بعاطفة إسلامية جياشة وقوية، وكان ينظر للاحتلال الإنجليزي على أنه احتلال صليبي يستهدف المسلمين في المقام الأول، فلقد كان السلطان “تيبو” مجاهدًا باسلاً مخلصًا يبتغي من جهاده وجه الله -عز وجل- ويخطط لطرد الإنجليز من عموم البلاد ليس من البنغال وميسور فقط، ولكنه كان أمام واقع قائم في ميسور شديد الالتباس، فكثير من سكان ميسور من الهندوس أعوان الإنجليز وأعداء المسلمين، وكانوا شديدي العداوة ل”تيبو” بسبب حماسته الدينية ومحاربته لبدع وضلالات البراهمة، وإبطاله لكثير من عاداتهم وطقوسهم، فثاروا عليه عدة مرات، وقام هندوس البيهار في جنوب الهند بمحاربته عدة مرات، وكانوا يمثلون مع الإنجليز فكي الكماشة ضد “تيبو” وميسور.

لذلك كله ولخيانات الهندوس المتتالية، وقبل أن يتحرك “تيبو” نحو محاربة الإنجليز ألزم الهندوس في بلاده الإسلام وإلا الطرد أو القتل.

جهاد “تيبو” ضد الإنجليز:

ميسور كانت تمثل في أواخر القرن الثامن العشر العقبة الكؤود أمام الاحتلال الإنجليزي لبلا الهند، فقد كانت معقل الثورة وموئل المسلمين المجاهدين، وحصن الإسلام الأخير في بلاد طالما حكمها المسلمون وأقاموا على أرضها حضارة عظيمة، لذلك اختص الإنجليز ميسور بحروب متتالية عرفت تاريخياً باسم “حروب ميسور”، وكانت ثلاثة حروب استمرت أكثر من عشرين سنة متصلة من أيام الأمير حيدر خان والد “تيبو” حتى استشهاد البطل المغوار “تيبو”.

بعد انتصار الإنجليز في حربهم الأولى ضد ميسور سنة 1782 م / 1196 هـ، ظن الإنجليز أن الساحة قد خلت لهم لتوغلهم داخل مملكة ميسور الواسعة، ولكنهم اصطدموا بنمر ميسور الجديد “تيبو” الذي قرر مواصلة الجهاد ضد المحتل الإنجليزي، فشن حرباً ضارية ضد معسكرات الإنجليز في الأماكن التي احتلوها من مملكة ميسور، فهاجم قلعة سيرا، وانتصر على حاكم مالابار المتحالف مع الإنجليز، واستعاد مدن كورج وبدنور وكرناتيك وترافنكور، ونجح بفضل الله -عز وجل- ثم صواريخه الجديدة أن يطرد الإنجليز من كل البقاع التي احتلها الإنجليز.

وقد عرفت هذه الحرب باسم حرب الانجلو ميسور الثانية، وذلك سنة 1784 م، وأجبر الإنجليز على توقيع معاهدة صلح مذلة مع السلطان “تيبو” الذي رفض التصالح معهم في بادئ الأمر، وعندما وردت عليه رسل الإنجليز للتصالح بعد الحرب الثانية رد عليهم رداً تاريخياً يعتز به كل مسلم على مر العصور حيث قال: “والله لا أصالحهم أبداً حتى يخرجوا من الهند كلها، وتعود بلاد الهند إلى سالف عهدها، كلها لله خالصة”.

والأكثر من ذلك أن السلطان “تيبو” فكر في التحالف مع إمارة حيدر آباد وكانت إمارة كبيرة وقوية وثرية وحاكمها مسلم، ولكنه من طراز حكام اليوم يؤثر التحالف مع الإنجليز على التحالف مع جيرانهم المسلمين، ورسالته إلى نظام علي خان حاكم حيدر آباد تكشف عن نفسية مؤمنة صادقة، إذ قال له محفزاً له على الاشتراك معه في قتال الإنجليز: “إني أريد أن تكون للمسلمين قوة وغلبة في الهند، وأريد أن أضحي بنفسي ومالي في سبيل الله وفي سبيل الإسلام، وأقصى غايتي أن أجمع شمل المسلمين، فيجب على المسلمين أن يعاونوني في هذا دون أن يكونوا ظهيرًا للكفار”، ولكن هيهات هيهات أن تؤثر مثل هذه الكلمات البليغة في قلوب ملئت بحب الدنيا وكراهية الموت.

عند ذلك قام “تيبو” بغزو الولايات المجاورة، كما أنهى التمرد الذي كان يحدث في مقاطعاته واضعًا السكان كافة في الحبس في منطقة سيرنجاباتام، وظل جيشه صامدًا أمام جيش البريطانيين حتى تجدد التصادم مرة أخرى؛ فأقدم “تيبو” على غزو حلفاء البريطانيين في مدينة ترافنكور في عام 1798 م.

كان هذا الهجوم إيذاناً باندلاع الحرب الانجلو ميسوري الثالثة، فحشد الإنجليز أمهر قادتهم وتحالفوا مع نظام علي خان أمير حيدر آباد الخائن لدينه ووطنه، والهندوس في مليبار والبنغال للهجوم المشترك على “تيبو” وجيوشه من الشمال والجنوب، وبالفعل أثمر تحالف الغدر والخيانة عن هزيمة كبيرة ل”تيبو” واضطر للانسحاب من نصف أراضيه.

العلاقة بين نابليون بونابرت والسلطان “تيبو”:

انتصارات “تيبو” الساحقة ضد الإنجليز وابتكاراته القتالية وصواريخه المرعبة دفعت نابليون بونابرت للتفكير في التحالف معه لطرد الإنجليز من الهند. فقد كانت أحد دوافع نابليون لغزو مصر كان إنشاء ارتباط مع الهند ضد البريطانيين.

طمح نابليون لتأسيس وجود فرنسي في الشرق الأوسط، وكان حلمه الأقصى هو الارتباط مع السلطان “تيبو”، فقد جاء في مذكرات نابليون قوله: “أنه بمجرد فتحه مصر، فسوف يقيم العلاقات مع الأمراء الهنود، ومعهم سوف يهاجم الإنجليز في ممتلكاتهم”.

وحسب تقرير في 13 فبراير 1798 منه: “أما وقد احتللنا مصر وحصناها، فسوف نرسل قوة من 15,000 رجل من السويس إلى الهند، لتنضم لقوات “تيبو” – صاحب ويطرد الإنجليز”.

إلا أن طموحات نابليون ذهبت أدراج الرياح بعد هزيمته في مصر والشام.

استشهاد السلطان “تيبو”:

بعد الانتصارات الكبيرة التي حققها الإنجليز وحلفاؤهم من خونة المسلمين وكفار الهندوس، وفقدان “تيبو” لكثير من أراضيه قرر الإنجليز القضاء نهائياً على السلطان وتصفية مركز المقاومة في ميسور ولكنهم فوجئوا بكثافة جيوش “تيبو” واستعداده الدائم لمواجهتهم إضافة لتطويره صواريخ جديدة أوقعت خسائر كبيرة بالهندوس عند تمردهم ضد “تيبو” آخر مرة.

فقرر الإنجليز اللجوء إلى سلاحهم المفضل الذي يجيدونه أكثر من غيرهم؛ سلاح الغدر والخيانة والعمالة.
فبعد حرب الانجلو ميسور الثالثة انصرف “تيبو” إلى تدبير أمور دولته ومعالجة مواطن الخلل فيها، أمر أن اللغة الفارسية اللغة الرسمية في مملكته، وبنيت المساجد في كل قرية ومدينة في حكمه وعين المؤذن والقاضي، كما أن السلطان أقبل على تعليم المسلمين، فعين المدرسين في المساجد لتعليم أطفال المسلمين، وكان السلطان يصل ليله بنهاره في العبادة وفي تلاوة كلام الله، وكان يؤم المصلين في الصلوات الخمس، وكان يكره الذين يخالفون تعاليم الإسلام، ويقترفون الذنوب، ولم تفته صلاة الجماعة ولا مرة واحدة خلال السبع سنوات الأخيرة لحياته.

بداية الخلل حدث عندما جعل السلطان “تيبو” “مير صادق” وزيره بل رئيس الوزراء والمسيطر على الأمر كله، وكان مير صادق رجلًا خائنًا غدارًا يعمل لحساب الإنجليز في الخفاء، وكان أحد أسباب الهزيمة الأخيرة التي لحقت ب”تيبو”، وقد كلفه الإنجليز بالعمل على تخريب الجبهة الداخلية للسلطان “تيبو”، فكانت مشورة مير صادق واقتراحاته وقراراته كلها تصب ضد مصلحة “تيبو” وميسور.

فقد اقترح على السلطان أن يخرج جماعة المهدويين الذين لم يزالوا يجاهدون مع السلطان، وكان لهم أيادي بيضاء في قتال الإنجليز، كما اقترح عليه عزل أكثر الأمراء القدماء دون تفكير، وقررالوظائف والمناصب للأمراء الذين قد عزلوا من قبل، أما أبوه حيدرعلي فإنه كان إذا عزل أحدًا لم يعطه منصبًا قط، ولكن “تيبو” كان يسخط على أمير ويعزله، ثم إذا ذهب عنه السخط أعاده إلى منصبه، وهكذا كانت مشورة الخائن واقتراحاته السيئة.

ومن ثمار الخيانة: أن مير صادق قد تمكن في الحكومة من تنظيم جماعة كبيرة من الخونة فأحلهم مناصب كبيرة ومنحهم أموالاً كثيرة، فقد كان مير ميران، قمر الدين، ومير صادق هم أكبر سبب لهزيمة سلطان “تيبو” وقتله بأيدي الإنجليز.

فقد اقترح الفرنسيون على السلطان أن يحول عاصمته إلى مدينة أخرى في مملكته، وكان السلطان مستعدًا لذلك ولكن مير صادق الخائن حال دون ذلك، وقال هذا ما يسبب للعسكر الجبن والخور ويذهب بحماستهم فامتنع السلطان عن هذا.

وفي النهاية عثر السلطان على خيانة مير صادق وغدره لكن بعد فوات الأوان وفي وقت لم يكن له حيلة بتدبيره؛ لأن الأعداء قد أحاطوا بقاعته من كل مكان بعد أن أخبرهم مير صادق بوجوده في هذه القلعة.

فهاجم الإنجليز سور القلعة حتى هدموه بنيران المدفعية، ولما أخبر السلطان بأن الإنجليز دخلوا إلى القلعة نفسها، أمر السلطان عساكره للجهاد، وأراد أن يخرج من بعض أبواب القلعة، ولكن مير صادق ذهب وأغلق الباب بنفسه؛ كي لا تنجح حيلة السلطان في الهرب، فلو هرب السلطان لكان له نجاح باهر؛ لأن كثيرًا من عساكره كانت في مدن أخرى، وكانت رقعة مملكته واسعة تحتوي كثيرًا من المدن والقرى.

أما “تيبو” سلطان فإنه لما رأى عسكر الإنجليز قادمًا نحوه هجم عليهم وقتل اثنين أو ثلاثة منهم وظل يقاتلهم وهم لا يعرفون أنه السلطان من ضراوة قتاله حتى سقط شهيدًا رحمه الله، بعد أن أبت عليه كرامته وعقيدته أن يقع أسيراً بيد الإنجليز، واستشهد رحمه الله في سبيل الإسلام، والتمس الإنجليز جثته وجمعوا أسرته فتبينوا أن هذا هو جثمان السلطان ودفنوه بكل كرامة إلى جانب قبر أبيه حيدر علي.

كان قتله يرادف القضاء على حكم المسلمين في الهند كلها، وكان السلطان يرى أن الواجب على المسلمين في الوقت الحاضر أن يجمعوا أمرهم ويجاهدوا لإعلاء كلمة الله في هذه الأرض، وكتب كتابًا إلى محمد بيك الهمداني قال فيه: “على المسلمين أن يتحدوا في هذا الوقت على جند الكفار والمشركين، ويجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم حتى يكون الدين كله لله، إن حكومة دهلي قد اضمحلت وذهبت قوتها وروعتها، فلو اتحد المسلمون للجهاد في سبيل الإسلام لم يندم المسلمون على ما فرطوه في جنب الله أمام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم القيامة”

ويظل “تيبو” نمر ميسوربطل الحرية والإسلام في تاريخ الهند الزاهر.

[ppc_referral_link]