تعبير عن العمل – المقدمة
إن الله تعالى قام بخلق الإنسان على وجه الأرض لكي يعمرها عبر السعي، لأن الإنسان مأمور بالسعي دائمًا، ويجب أن يرفقه بالتوكل على الله تعالى لكي يرى نتيجة لهذا السعي.
كل إنسان قد قدر له الرزق بحد معين منذ ولادته، ولكن بالطبع بدون تواكل، أي يجلس ويدعي الله تعالى بالرزق الغير مقرون مع أي عمل أو سعي مع انصرافه عن الدنيا منتظرًا استجابة دعائه.
أمر الله تعالى كل عباده بالعمل وأن يسعوا وراء أرزاقهم لكي يعيشوا عيشة كريمة بدون أي تواكل وكسل، لأن التواكل يسبب فراغ كبير في نفوس الناس ويجعلهم ينتظرون المجهول بشكل مستمر بدون سعي وبدون اعتبار أي قيمة لضرورات العمل وأهميته.
إذًا شرط قدوم الرزق هو العمل، وبدون العمل لا يوجد رزق، وبالطبع يجب أن يكون العمل مرضي لله ومبني بصورة أكيدة على مبادئ الحلال وإلا فهو عمل باطل ورزقه حرام.
العرض
يعتبر إتقان العمل من السلوكيات الأخلاقية التي تعزز مستوى الأمانة لدى الإنسان، وقد حث الدين الإسلامي على هذه الخصلة حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم ” إنّ الله يحب إذا عمل أحدكم عملًا أن يتقنه”.
يجب أن يكون الإتقان موجودًا حتى في مبادئ التعامل مع العملاء والزبائن، فالموظف مثلًا يجب أن لا يقوم بتأخير المراجعين وأن ينجز ما يطلب منه بسرعة وبدون تراخي، والمعلم أيضًا يجب أن يحسن التعليم ورعاية الطلاب المسؤول عنهم وهكذا.
هكذا يمكن القول أن إتقان العمل هو تجسيد لمبدأ المسؤولية، حيث يكون كل شخص مسؤول عن موقعه في عمله وفي هذا قال رسول الله: “كلُّكم راعٍ وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيَّتِه فالإمامُ راعٍ ومسؤولٌ عن رعيَّتِه والرَّجلُ راعٍ في أهلِه ومسؤولٌ عن أهلِه والمرأةُ راعيةٌ في بيتِ زوجِها ومسؤولةٌ عن رعيَّتِها والخادمُ راعٍ في مالِ سيِّدِه ومسؤولٌ عن رعيَّتِه وكلُّكم راعٍ ومسؤولٌ عن رعيَّتِه”.
تأتي أهمية إتقان العمل من كونه ضرورة في الحياة لأنه يقضي حوائج الناس ويحقق مصالحهم على أفضل صورة، حيث أن كل تأخير أو تقصير في العمل سيترتب عليه نتائج وخيمة جدًا سواء كان ذلك على المدى البعيد أو المدى القريب.
على سبيل المثال المهندس الذي يعمل بدون دقة بالغة في عمله فإن تقصيره قد يتسبب في انهيار المباني التي أشرف عليها بعد مدة وسينتج عن ذلك أضرار مادية كبيرة جدًا ناهيك عن الأضرار البشرية، حيث قد يتسبب بتفريق عائلات والقضاء على حياة الكثير من الأشخاص الأبرياء وتدمير مصادر رزقهم.
بنفس الطريقة سيكون الطبيب الذي أهمل واجباته ولم يتحرى الدقة في عمله قد مهد الطريق لحصول الكثير من الأخطاء البشرية التي قد تودي بحياة أشخاص أو تصيبهم بإعاقات دائمة تؤثر على كل حياتهم القادمة ومستقبلهم بشكل سلبي.
لا ننسى بالطبع أن هذا الأمر سيؤثر على سمعة مستشفى بأكملها وسمعة المجال الطبي عمومًا، لأن الواجب والأصل هو أن يراعي الطبيب كل المرضى بشكل تام وبدون أي تقصير أو تقاعس، فيقوم بفحصهم بطريقة صحيحة ويحدد لهم كل العلاجات الملائمة.
بنفس الصورة يجب أن يكون المعلم بالمدرسة متحلي بالجد والصبر ومتفهم لكل احتياجات طلابه مع مراعاة ظروفهم كلها ومحاولة تطويره لمهاراتهم وقدراتهم.
الأسلوب الجيد يجعل الطالب محب للعمل بكل أشكاله مما ينشئه بطريقة حسنة ويساعد على بناء الأجيال بصورة سليمة.
من كل ما سبق نستنتج أن الإتقان هو شرط وأساس العمل وبه يأخذ الإنسان الأجر كله، وإلا فإنه سيكون غير مؤدي للأمانة وقد كسب ماله بصورة غير مشروعة وبغير حق وأدخل نفسه في باب الحرام، فتذهب البركة من ماله وحياته وعياله وينال العقاب في الآخرة وغضب الله وسخطه في الحياة الدنيا.
يقول الشاعر الشهير أحمد شوقي في أهمية إتقان العمل:
أَيُّها العُمّالُ أَفنوا ال
عُمرَ كَدّاً وَاِكتِسابا
وَاِعمُروا الأَرضَ فَلَولا
سَعيُكُم أَمسَت يَبابا
إِنَّ لِلمُتقِنِ عِندَ
اللَهِ وَالناسِ ثَوابا
أَتقِنوا يُحبِبكُمُ اللَ
هُ وَيَرفَعكُم جَنابا
إقرأ أيضًا: موضوع تعبير عن التسامح
يملئ العمل وقت الإنسان بكل ما هو مفيد وبالتالي يمنعه من مشكلة الفراغ القاتل الذي يعتبر المسبب الأول للفساد، حيث يقال أن الفراغ هو مفسدة للإنسان ويحثه على إضاعة الوقت وفعل الأمور الغير مفيدة، على عكس العمل الذي يفتح الطريق لعمل الكثير من الإنجازات اليومية.
خلق الله سبحانه وتعالى الأجساد لتعمل وتسعى في الأرض، لذلك يجب أن نعمل بهذه الوصية ونشغل أنفسنا بالطاعة بصورة دائمة قبل أن نشتغل بالمعصية والمحرمات.
من روائع العمل الكثيرة أنه يفيد في نفعة كل الناس ويساهم بالتطور والتقدم عندما يكون قائمًا على أسس سليمة وصحيحة وعلى علم نافع، فالعلم الذي يكون مرتكز على العمل يكون أقل جهدًا وأكثر إنجازًا وبالتالي موفر للوقت.
يكتسب العمل وإتقانه قيمة كبيرة في كل دول العالم وأيضًا ضمن مختلف المجتمعات لأنه أساس تقدم البلدان وازدهارها، فنلاحظ فورًا أن الجرائم والسرقات قد قلت نسبتها لأن الناس يعيشون في كفاف وسعة كبيرة من الرزق.
كما تختفي ظواهر اجتماعية سيئة كثيرة مثل التسول في الشوارع ووجود المشردين، ويعيش الجميع في أمان وطمأنينة على أنفسهم وأموالهم وأولادهم من أي تهديد سواء بالسرقة أو القتل أو الخطف.
الخاتمة
العمل في الحقيقة هو معيل كافي للإنسان لكي يقضي حوائجه المختلفة من أكل وشراب ولباس ومسكن وغيرها من الاحتياجات الدنيوية مما يغنيه عن السؤال بين الناس واحتياجهم، فيعيش في كثير من الستر والنعمة العظيمة.
لا بد من العمل بصورة منتظمة لكسب المال اللازم لعيش الإنسان حياة كريمة عفيفة، ولكي يستطيع شراء كل ما يلزم من مستلزمات العيش، مع عدم نسيان فكرة أن الإنسان مأجور على العمل والسعي بصورة مستمرة، لأن بعمله يحقق أعلى الغايات من الخلق وهي غاية إعمار الأرض.
إذًا بالعمل والكسب الحلال يصبح الإنسان ذو فائدة عظيمة للمجتمع وليس عالة عليه وبالتالي يزدهر ويتطور.