رأس الرجاء الصالح.. معلومات يجب أن تعرفها

[faharasbio]

رأس الرجاء الصالح.. معلومات يجب أن تعرفها

الرأس البحري هو امتداد اليابسة في الماء فهو يشبه شبه الجزيرة الصغيرة، ويتشكل عادةً نتيجة لقوى المد والجزر وتآكل الصخور اللينة، في حين تبقى الصخور الصلبة ممتدة باتجاه الماء، وبعضها يتشكل من تلاقي التيارات البحرية باتجاهات مختلفة بالقرب من الساحل فتدفع الرمال لتكوين الرأس البحري، ولكنها غالبًا لا تدوم لفترة طويلة وتتعرض للتآكل.

وسنقوم في مقالنا بذكر أهم المعلومات عن أهم الرؤوس البحرية والتي كانت سببًا في نهوض الحضارة الغربية وانهيار الاقتصاد الإسلامي، وهو رأس الرجاء الصالح.

ما هو رأس الرجاء الصالح

رأس الرجاء الصالح هو طريق بحري قام الأوروبيون باكتشافه في القرن الخامس عشر الميلادي رغبةً منهم بزيادة قوتهم ونفوذهم، ولإضعاف نفوذ المسلمين في المنطقة، وقلب موازين القوى لصالح الأوروبيين، فكان بدايةً جديدةً لأوروبا ساعدتها في تأسيس حضارتها الجديدة.

أثار تحكم المسلمين في طرق التجارة البحرية لمرحلة زمنية طويلة (تمتد من القرن السابع حتى القرن الخامس عشر الميلادي) رغبة الأوروبيين في إيجاد طريق يسمح لهم بالإبحار والتجارة دون المرور بالأراضي الإسلامية، مما دفعهم إلى البحث عن طريق بحري بديل، فكانت معرفة طريق رأس الرجاء الصالح، أحد أسباب انهيار دولة المماليك عام 1517 م، لأنه حول حركة التجارة العالمية إليه بدلًا من مرورها في أراضيها، فتغيرت أحوال المجتمع الإسلامي الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وتراجع الاقتصاد فيها بشكل ملحوظ.

ما سبب تسمية رأس الرجاء الصالح

كان أول من اكتشف رأس الرجاء الصالح المستكشف البرتغالي بارثولوميو دياز في الخامس من يونيو / حزيران من عام 1488، وأسماه دياز برأس العواصف لكثرة العواصف التي تعرض لها عند اكتشافه للمنطقة، والتي أجبرته إلى الرجوع، بينما أطلق عليه ملك البرتغال جون الثاني اسم رأس الرجاء الصالح ليعبر عن فرحته باكتشاف طريق إلى الهند من خلال البحر للاستغناء عن الطرق البري للقوافل والذي كان غير آمنًا.

كيف اكتشف البرتغاليون رأس الرجاء الصالح

تم اكتشاف رأس الرجاء الصالح من قبل البرتغاليون وذلك عام 1487 م، حيث كانت السفن البحرية تمر من خلاله من وإلى قارة آسيا، وكان أكثر من يستخدمه هم الصينيون والهنود والعرب، فقد كان المكان الذي ترسوا فيه السفن للاستراحة قبل الوصول إلى رأس قولاس.

أرسل ملك البرتغال يوحنا الثاني المكتشف بارثولوميز دياز إلى المنطقة لاكتشاف طريق يصل إلى الهند عن طريق البحر، ونجح دياز بالوصول إلى جنوب أفريقيا، فأرسل إلى الملك يوحنا يبشره باكتشاف رأس الرجاء الصالح، ولكنه اضطر للرجوع بسبب سوء الأحوال الجوية وكثرة العواصف.

بعد عدة أعوام قام ملك البرتغال بتكليف القبطان فاسكو دي جاما باستكشاف الطريق البحري الواصل إلى الهند، وفي عام 1497 م قاد دي جاما حملته التي كانت مؤلفة من أربع سفن إلى الهند هاجم خلالها سفن المسلمين، وفي طريقه التقى بالرحالة ابن ماجد الذي ساعده في رحلته من خلال رسم الخرائط اليدوية له، ونجح في الوصول إلى الهند في عام 1498 م، وعندما عاد إلى البرتغال حصل على الكثير من الامتيازات تقديرًا لجهوده، وفي عام 1502 م عاد دي جاما مرة ثانية إلى الهند بأسطول بحري حربي مكون من 20 سفينة أرهبت الساحل الشرقي لإفريقيا، ودمرت الموانئ، ووصل إلى كاليكوت حيث دمر الكثير من السفن التجارية، وأجبر المدينة على التنازل التجاري مقابل السلام، وفي عام 1524 م عاد إلى الهند مرة ثالثة ليتمكن من إدارة أملاك البرتغال هناك.

ما النتائج المترتبة على اكتشاف رأس الرجاء الصالح

كان العرب المسلمون بحكم موقعهم يسيطرون على طرق التجارة التي تصل بين بلدان وسواحل غنية بالموارد الطبيعية المختلفة، في حين كانت البرتغال تفتقر لهذه الموارد، فكانت البضائع تمر إما برًا عن طريق الحرير من الصين والهند إلى أوروبا عبر أراضي المسلمين، أو من خلال المحيط الهندي الذي كان تحت سيطرة المسلمين، أو عبر خليج عدن إلى الموانئ الأوروبية مرورًا بالإسكندرية ليتم بيع البضائع بأسعار عالية لأنها تخضع لرسوم نقل البضائع، الأمر الذي أدى إلى ازدهار الاقتصاد المملوكي، وبالتالي فإن اكتشاف رأس الرجاء الصالح خفف من رسوم نقل البضائع التي كان يدفعها التجار.

كان لاكتشاف رأس الرجاء الصالح أثر كبير على الدولة المملوكية، وخاصةً على حركة التجارة، وكان من أحد أهم أسباب انهيار الدولة آنذاك، حيث أن حركة التجارة العالمية تحولت إلى رأس الرجاء الصالح بعد أن كانت محصورة بيد العرب، فتغيرت موازين القوى، الأمر الذي جعل البرتغال دولة قوية لها مكانتها في العالم.

استطاع البرتغاليون من خلال اكتشاف رأس الرجاء الصالح الحد من مشكلة قلة الموارد الطبيعية، في الوقت الذي كانت فيه الهند تحتوي على الكثير مما تحتاجه البرتغال من التوابل والأعشاب الطبيعية وغيرها، كما أنه قلل من الأخطار والأضرار التي كانت تتعرض لها القوافل التجارية والبضائع التجارية.

أين يقع رأس الرجاء الصالح

الاعتقاد الخاطئ الذي كان سائدًا عند الناس هو أن رأس الرجاء الصالح يقع في أقصى الجنوب من قارة إفريقيا، وأنه يفصل بين المحيطين الهندي والأطلسي، ولكن الحقيقة أن رأس الرجاء الصالح يقع في القارة الأفريقية من الجهة الجنوبية الغربية، ويمتد في المحيط الأطلسي، ويقع على مسافة تبعد حوالي 150 كيلو متر غرب رأس أقولاس الذي يفصل المحيطين الهندي والأطلسي، ويبعد مسافة 170 كيلو متر عن مدينة كيب تاون الواقعة في جنوب إفريقيا، في حين يبعد حوالي 2.3 كيلو متر عن مدينة كيب بوينت.

ومن هنا نجد أن اكتشاف رأس الرجاء الصالح بالنسبة للبرتغاليين كان بدافع الحصول على الاستقرار والقوة، فهو لم يكن طريقًا نحو الهند فقط، وإنما كان طريقًا لبداية الحضارة الغربية الجديدة، وسهل الاتصال بين أوروبا وإفريقيا وبين الشرق.

[ppc_referral_link]