صلاة الحاجة.. أحكامها.. كيف نصليها
إن من فضل الله تعالى على عباده أنه فتح بابًا بينه وبين كل مسلم له حاجة من حوائج الدنيا يريد أن يقضيها أو ضيق يمر به، وإن من مفاتيح هذا الباب الصلاة والدعاء.
فالدعاء يغير الأقدار ويريح القلوب ويبعد الهم والحزن عن حياة المسلم وذلك لما له من شأن عظيم ومكانة عالية عند الله تعالى.
أما الصلاة فهي عماد الدين وركن أساسي من أركان الإسلام.
وكل مسلم له حاجة يتوجه بها إلى الله بالصلاة، ويفتقر إليه بالدعاء حاملًا في قلبه يقينًا تامًا بالإجابة وبقدرة الله تعالى على تلبية حاجته والدليل على ذلك قوله تعالى: “وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186)” سورة البقرة.
دعاء صلاة الحاجة
أوصى نبينا الكريم محمد -صلى الله عليه وسلم- بالصلاة عند الضيق، وأما الصلاة المشهورة بين الناس على أنها صلاة الحاجة فهي مستحبة أجمع الفقهاء على مشروعيتها في عديد من الأحاديث النبوية ولكن اختلفوا في صفتها، ومن الجدير بالذكر أن الأحاديث المشهورة في تخصيص صلاة الحاجة أو دعاء خاص أغلبها ضغيف لا يصح، وأنما المتفق عليه أن يلجأ الإنسان إلى الله في وقت الضيق بالصلاة والدعاء من غير تخصيص. وسنذكر الأحاديث المشهورة في دعاء صلاة الحاجة:
فقد روى ابن أبي أوفى أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ”من كانت له حاجة إلى الله -تعالى- أو إلى أحد من عباده فليتوضأ فليحسن الوضوء، ثم ليصل ركعتين، ثم ليثن على الله، وليصل على النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم ليقل: لا إله إلا الله الحليم الكريم سبحان الله رب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين، اللهم إني أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك والغنيمة من كل بر والسلامة من كل هم، أسألك ألا تدع لي ذنبا إلا غفرته ولا همًا إلا فرجته ولا حاجة هي لك رضى إلا قضيتها لي يا أرحم الراحمين، ثم يسأل الله من أمر الدنيا والآخرة ما شاء فإنه يقدر” حديث ضعيف.
وفي حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- “يا علي! ألا أعلمك دعاء إذا أصابك غم أو هم تدعو به ربك فيستجاب لك بإذن الله ويفرج عنك؟ توضأ و صل ركعتين، واحمد الله، وأثن عليه، وصل على نبيك، واستغفر لنفسك وللمؤمنين والمؤمنات، ثم قل: اللهم أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، لا إله إلا الله العلي العظيم، لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب السماوات السبع ورب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين، اللهم كاشف الغم، مفرج الهم، مجيب دعوة المضطرين إذا دعوك، رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما، فارحمني في حاجتي هذه بقضائها ونجاحها، رحمة تغنيني بها عن رحمة من سواك” حديث ضعيف.
كيفية صلاة الحاجة
البعض من المذاهب مثل المالكية والحنابلة والشافعية قالوا أن صلاة الحاجة هي ركعتان يتوجه فيهما المسلم إلى الله بحسن القراءة والقيام ويقرأ فيها آية الكرسي ثلاث مرات بعد الفاتحة، وفي الركعة الثانية يقرأ الفاتحة وسورة الإخلاص وعند الانتهاء والتسليم يدعي بالدعاء الوارد في الحديث النبوي: “أنَّ رجلًا ضريرَ البَصرِ أتى النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ فقالَ : ادعُ اللَّهَ أن يعافيَني قالَ : إن شئتَ دعوتُ ، وإن شِئتَ صبرتَ فَهوَ خيرٌ لَكَ . قالَ : فادعُهْ ، قالَ : فأمرَهُ أن يتوضَّأَ فيُحْسِنَ وضوءَهُ ويدعوَ بِهَذا الدُّعاءِ : اللَّهمَّ إنِّي أسألُكَ وأتوجَّهُ إليكَ بنبيِّكَ محمَّدٍ نبيِّ الرَّحمةِ ، إنِّي توجَّهتُ بِكَ إلى ربِّي في حاجَتي هذِهِ لتقضى ليَ ، اللَّهمَّ فشفِّعهُ فيَّ” حديث صحيح.
أما المذهب الحنفي فذهب إلى أن هذه الصلاة تؤدى بأربع ركعات بتسليمة واحدة، يقرأ في الركعة الأولى بعد الفاتحة آية الكرسي ثلاث مرات ويقرأ بباقي الركعات سورة الإخلاص والفلق والناس ثم يدعو حاجته.
أما الإمام الغزالي فقال بأنها اثنتا عشرة ركعة بتسليمة واحدة، يقرأ في الركعة الأولى بعد الفاتحة آية الكرسي وباقي الركعات سورة الإخلاص ويدعو بالدعاء السابق وفي بعض المذاهب يقرأ الدعاء التالي: “سبحان الذي لبس العز وقال به، سبحان الذي تعطف بالمجد وتكرم به، سبحان الذي أحصى كل شيء بعلمه، سبحان الذي لاينبغي التسبيح إلا له، سبحان ذي المن والفضل، سبحان ذي العز والكرم، سبحان ذي الطول، أسألك بمعاقد العز من عرشك، ومنتهى الرحمة من كتابك، وباسمك الأعظم، وجدك الأعلى، وكلماتك التامات العامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر، أن تصلي على محمد وعلى آل محمد” حديث ضعيف.
ثم يقوم بالدعاء لحاجته مع يقينه بالإجابة.
أحكام صلاة الحاجة
يجوز للمصلي أن يصليها قاعدًا إذا كان لديه عذر ولكنه ينال نصف أجر القائم كما ويمكن أن يصليها مضجعا إذا كان لا يستطيع أن يصليها قائمًا أو قاعدًا.
كما يجوز صلاتها جماعة أو منفردًا وقيل أن النبي إذا أحزنه أمر ما فزع إلى الصلاة منفردًا؛ لقوله تعالى: ”وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ (45)” سورة البقرة.
الأوقات المستحبة لصلاة الحاجة
الأوقات التي لا تجوز فيها صلاة الحاجة هي بعد أداء فريضة الفجر وحتى شروق الشمس أي إلى وقت الضحى وعند استواء الشمس وتوسطها في السماء وتسمى بفترة الزوال، وعند ميلان الشمس إلى الغروب أي بعد صلاة العصر إلى صلاة المغرب.
فيما عدى هذه الأوقات فإن جميع الأوقات مستحبة لصلاة الحاجة وخاصة بعد صلاة العشاء، في الثلث الأخير من الليل تحديدًا وبين الأذان والإقامة.
ومن أكثر الأيام المستحبة لهذه الصلاة هو يوم الجمعة وأيام الصيام والسفر و في الثلث الأخير من الليل.
الأمور الواجب مراعاتها عند صلاة الحاجة
أجمع الفقهاء على أن صلاة الحاجة هي صلاة مشروعة ولكن لكي يضمن المسلم استجابة الله عز وجل لحاجته يجب أن يراعي بعض الأمور ومنها:
- أداء الفروض بشكل صحيح والبعد عن المحرمات.
- ذكر الله تعالى دائمًا في القلب واللسان.
- شكر الله -عز وجل- في الرخاء ومعاهدة النفس بدوام الشكر حتى بعد انقضاء الحاجة.
- الدعاء بأسماء الله الحسنى وصفاته.
- مراعاة آداب الدعاء عند الحاجة وذلك بتسليم الأمر لله -تعالى- والرضى التام بحكمه وقضائه.
- التذلل لله -عز وجل- وقت الدعاء والافتقار له وطلب حاجات حللها الله -تعالى- ورسوله فلا يجوز في صلاة الحاجة طلب أشياء حرمها الله.
- حسن الظن بالله -تعالى- والاستجابة لأوامر الله ورسوله.
وقد أفتى العلماء بجواز الدعاء بأكثر من شيء في صلاة الحاجة لأن الله واسع في فضله، كما ويمكن أن يطلب المسلم حاجات عديدة في صلاة الحاجة منها الزواج والرزق والنجاح والذرية الصالحة والتوفيق وغيرها من الأمور.
وذهب بعض الفقهاء بأنه قد تندرج صلاة التوبة والاستخارة والاستسقاء ضمن صلاة الحاجة والدليل على ذلك، أنه عندما سُئل ابن باز عن صلاة الحاجة فأجاب: “إن كان أراد بذلك صلاة الاستخارة صحيحة، أراد بذلك صلاة التوبة، الذي يذنب ثم يتطهر ويصلي ركعتين ويتوب، فهذا صحيح”.
وبالنهاية فإن علاقة الله -تعالى- بعباده المؤمنين علاقة خاصة تحكمها الشريعة الإسلامية وتضبطها السنة النبوية الشريفة وعلى المؤمن أن يقوي هذه العلاقة بالتقرب من الله بالعبادات والنوافل. وكما ذكرنا فإن اللجوء إلى الصلاة والدعاء خصوصًا عندما يمر الإنسان بضيق هو من الأمور المشروعة بإجماع الفقهاء ولكن الخلاف بتخصيص صلاة خاصة أو دعاء خاص أو عدد معين من الركعات والسور.
اقرأ أيضًا: أسماء الصحابة وعددهم