صلاح الدين الأيوبي
لا يقل التاريخ أهمية عن الحاضر، حيث يجب دراسة التاريخ بكل تفاصيله لتوظيفه في حاضرنا ولمعرفة طرق بناء مستقبل مشرق يتم فيه تدارك كل الأخطاء التي حدثت في السابق.
ورد في التاريخ ذكر العديد من الأبطال الذين أرخوا بإنجازاتهم العظيمة سطورًا من المجد والانتصارات المتتالية لبلدانهم.
من أهم الشخصيات التاريخية التي لا تزال ذكراها مستمرة ومؤبدة البطل صلاح الدين الأيوبي الذي قدم الكثير من التضحيات والبطولات في معارك كثيرة.
بدأ نجم صلاح الدين الأيوبي يلمع منذ عصور الخلافة الفاطمية في القاهرة والذي تزامن في ذلك الوقت مع بداية عمله العسكري.
سنتحدث اليوم عن نشأته وأصوله وعائلته إضافة إلى أهم الإنجازات التي نفذها.
من هو صلاح الدين الأيوبي
يوسف بن أيوب أو يعرف بلقب الملك الناصر هو البطل صلاح الدين الأيوبي.
ينحدر صلاح الدين الأيوبي إلى عائلة كردية الأصل من العائلات العريقة والكريمة، ولد في بلاد ما بين النهرين في العراق في العام 1138 وتوفي في دمشق عام 1193.
يعتبر يوم ولادته يوم تحول في حياة بني أيوب عمومًا، حيث كان له الفضل في تطور مسيرتهم وازدهار حضارتهم.
هناك بعض الاختلافات بين المؤرخين في نسب عائلة البطل صلاح الدين الأيوبي حيث قال ابن الأثير أن العائلة تعود بأصلها إلى الأكراد الروادية بينما اختلف آخرون معه.
وافق أحمد بن خلكان ابن الأثير حيث قال:
«قال لي رجل فقيه عارف بما يقول، وهو من أهل دوين، إن على باب دوين قرية يُقال لها «أجدانقان» وجميع أهلها أكراد روادية، وكان شاذي قد أخذ ولديه أسد الدين شيركوه ونجم الدين أيوب وخرج بهما إلى بغداد ومن هناك نزلوا تكريت، ومات شاذي بها وعلى قبره قبة داخل البلد.”
ونجد أن بني أيوب يختلفون بين بعضهم أيضًا في نسبهم.
كان نجم الدين والد البطل صلاح الدين واليًا على بعلبك لمدة سبع سنوات قبل أن ينتقل إلى دمشق حيث قضى صلاح الدين معظم طفولته فيها.
لا يوجد الكثير من المعلومات حول حياة صلاح الدين الأيوبي في هذه الفترة ولكنه كان شغوفًا بالعلوم والدراسة، وخصوصًا دراسة فقه الدين الإسلامي وعلومه المتنوعة، ونبغ بالهندسة الإقليدية وعلوم الحساب المختلفة، وأيضًا كان ملمًا بتاريخ العرب والشعر العربي وعلم الأنساب ودراسة السير الذاتية.
لم يبدي اهتمامًا واضحًا بالدراسات العسكرية وعلومها المختلفة، حيث كان مهتمًا أكثر بدراسة بقية أنواع العلوم وإتقانها.
بدايات صلاح الدين الأيوبي
بدأ صلاح الدين الأيوبي بالظهور على المستوى العسكري في أواسط القرن الثاني عشر عندما كان الفاطميون يحكمون مصر، وتحديدًا عندما قام الوزير شاور بن محير السعدي بالفرار من مصر إلى الشام هربًا من الوزير ضرغام ابن عامر بن سوار.
كان وقتها عمر صلاح الدين الأيوبي 26 عام وكان في خدمة عمه نور الدين، وتم إرساله مع الجيش الذي أرسله عمه إلى مصر لمساندة الوزير شاور وأيضًا بغرض الاستعلام عن أحوال مصر.
خرج الجيش من دمشق ودخلوا مصر واستولوا عليها وكان دور صلاح الدين مقتصر على مهام ثانوية فقط ولم تكن ذات دور مهم.
وتبوأ بعدها أعماله الرسمية والمهمة بطريقة فصلها لنا ابن الفرات بقوله:
“ولم يزل صلاح الدين في كنف والده؛ حتى ترعرع، فلمَّا تملك الملك العادل نور الدين دمشق؛ لازم الأمير نجم الدين أيوب ولده يوسف بخدمته، وكانت مخايلُ السَّعادة على صلاح الدين لائحةً، ومنه تعلَّم صلاح الدين طريق الخير، وفعل المعروف، والاجتهاد في أمور الجهاد؛ حتى ظهر للسير مع عمِّه أسد الدين شيركوه إلى الدِّيار المصرية، ولم يزل أسد الدين امراً ناهياً بالدِّيار المصرية، وابن أخيه صلاح الدين يباشر الأمور بنفسه بكل عنايةٍ، وحسن رأي وسياسة.
وفي ولاية أبيه على بعلبك درس صلاح الدين العلوم الإسلامية، وفنون القتال، فضلاً عن فنون لعب الكرة، والفروسية، وغيرها من فنون الطبقات الحاكمة إلى جانب براعته في لعبة الجوكان ـ وهي لعبة رياضية أصلها شرقي، يمارسها الَّلاعبون وهم على ظهور الخيل ـ التي ورثها عن أبيه، فضلاً عن اهتمامه بالعلوم الدِّينية.”
تحرير صلاح الدين للقدس
قام صلاح الدين الأيوبي باستعادة القدس من الفرنجة وإعادتها إلى المسلمين حيث كان هذا الهدف هو الأسمى لوالده نور الدين والذي حشد الجيوش الإسلامية من أجله في كل البلدان العربية. ومع الأسف لم يستطع رؤية هذا الحلم يتحقق حيث توفي قبل ذلك الحين.
وقام صلاح الدين الأيوبي بحمل هذه المهمة على عاتقه وكانت النتيجة ظاهرة بعد معركة حطين عام 1187 التي كانت بين المسلمين والفرنجة التم تم من خلالها تحرير القدس وأسر ملكها وهو غي دي لوزينيان والكثير من النتائج الإيجابية الأخرى.
وأظهر صلاح الدين نبل كبير في التعامل مع الصليبين الموجودين في القدس بعد دخوله إليها على الرغم من كون سوء معاملتهم لأهالي القدس فيما مضى.
توحيد صلاح الدين للعالم الإسلامي
بفضل الدبلوماسية التي يتمتع بها صلاح الدين استطاع أن يقوم بتوحيد العالم الإسلامي كله تحت راية واحدة وكانت البداية من مصر وسوريا واليمن.
وبعدها ظلت أنظاره موجهة وطاقاته موحدة في سبيل تحرير القدس وإعادتها إلى الحكم الإسلامي وتخليصها من الصليبيين.
ومن أشهر القصائد التي ذكرت أمجاده في معركة حطين هي ما كتبه الشاعر محمد الأصفهاني حيث قال:
يا يوم حطين والأبطال عابسة
وبالعجاجة وجه الشمس قد عبسا
رأيت فيه عظيم الكفر محتقرًا
معفرًا خده والأنف قد تعسا
يا طهر سيف برى رأس البرنس فقد
أصاب أعظم من بالشرك قد نجسا
كما قال أبو علي الحسن أيضًا:
جُنْدُ السَّماءِ لِهذا المَلْكِ أعوان
مَنْ شَكَّ فيهِم فهذا الفَتْحُ عُنْوانُ
هذي الفُتُوحُ فُتُوحُ الأنبياءِ، وما
لَها سِوى الشُّكرِ بِالأفعالِ أثمانُ
ومن المبتهجين بفتح القدس وعودتها إلى الديار الإسلامية الشاعر الرشيد النابلسي الذي قال:
هذا الذي كانت الآمال تنتظر
فليوف لله أقوام بما نذروا
بمثل هذا الفتح – لا والله ما حُكيت
في سالف الدهر أخبار ولا سير
إقرأ أيضًا: من هو خير الدين بربروس
هكذا نكون قد وصلنا لنهاية مقالنا لليوم نرجو أن نكون قد وفقنا في تقديم معلومات مفيدة وقيمة.