عالم الأحياء 11: الدهون

[faharasbio]

عالم الأحياء 11: الدهون

استكمالًا للمقال السابق من سلسلة عالم الأحياء والذي تطرقنا فيه لشرح معنى الجزيئات الكبيرة، ثم بدأنا بالكربوهيدرات مع القليل من التفاصيل.

في هذا المقال سنكمل رحلتنا في التعرف على بقية الجزيئات الكبيرة، وسيتضمن هذا المقال ما يُمكنك معرفته عن الدهون.

الدهون

تمتلك الدهون سمعة سيئة، حيث ينظر إليها العديد من الأشخاص إلى أنها العدو اللدود الي سيُفسد نظامنا الغذائي.

ولكنها في الحقيقة من الجزيئات الرئيسية التي تتكون منها أجسادنا، وتتألف الدهون من رأس صغير يُطلق عليه اسم الجلسرين، وثلاثة ذيول هيدروكربونية طويلة تتصل بالرأس.

أظهرت العديد من الدراسات أن السكريات المصنعة هي أكثر من تُسبب الضرر لأجسادنا، وليست الدهون كما كنا نظن سابقًا.

تتضمن الدهون نوعًا واحدًا فقط، وتتميز بكونها غير قادرة على الاختلاط بالماء، وهذا يعني أنها تميل إلى أن تكون كارهة للماء وغير قطبية، أي أنها لا تتفاعل مع الماء.

تتكون الدهون من سلاسل هيدروكربونية، وهي مهمة للغاية لتخزين الطاقة، دعم أغشية الخلايا وتشكيل اللبنات الأساسية للعديد من الهرمونات مثل هرمون التستوستيرون.

الدهون والزيوت

يتكون جزيء دهني واحد من جزئين وهما الرأس أو الجلسرين، وثلاثة ذيول يضم كل منها سلسلة من الأحماض الدهنية.

يتألف الجلسرين من ثلاث مجموعات هيدروكسيل ترتبط معًا، ويتألف الذيل من سلسلة هيدروكربونية طويلة تضم من 12 إلى 18 ذرة كربون في المتوسط، وتنتهي السلسلة بمجموعة كربوكسيل.

يُمكن أن تضم بعض الأحماض الدهنية 4 كربونات أو 36 ذرة كربون، ولكن الرقم المذكور أعلاه هو المتوسط.

في الجزيء الدهني، تتفاعل مجموعات الهيدروكسيل الموجودة في الرأس مع مجموعات الكربوكسيل في الذيل عن طريق تفاعل الجفاف أو حذف جزيء الماء.

في الصورة أدناه كيفية تفاعل الرأس أو الجلسرين مع الذيول الثلاثة أو سلاسل الأحماض الدهنية.

مصدر الصورة: OpenStax Biology

نُلاحظ من الصورة أن الجلسرين يفقد جزيء الهيدروجين الموجود في مجموعة الهيدروكسيل، ويفقد الكربوكسيل في الذيل الهيدروجين مع الأكسجين، مما يُكون جزيء ماء وجزيء دهني بثلاثة ذيول.

يُطلق على جزيء الدهون اسم ثلاثي الجلسرين، أو ما يُعرف في عالم التحاليل الطبية باسم الدهون الثلاثية.

يُخزن جسم الإنسان الدهون الثلاثية في الخلايا الدهنية، والتي تتجمع معًا لتُكون الأنسجة الدهنية، وبعض الدهون الثلاثية مرتبطة بداخل الأنسجة الدهنية وبعضها الآخر يتحرك بحرية في الدورة الدموية.

الأحماض الدهنية

كما لاحظنا في المثال أعلاه، لا يُشترط أن تتطابق الذيول في الدهون الثلاثية، وهذا يعني بأنه يُمكن أن تختلف أطوال سلاسل الأحماض الدهنية كما تختلف درجة التشبع.

نتيجة لذلك تنقسم الأحماض الدهنية إلى نوعين وهما:

  • الأحماض الدهنية المشبعة: والتي ترتبط فيها جميع ذرات الكربون روابط أحادية، وكل ذرة كربون مشبعة بالهيدروجين.
  • الأحماض الدهنية غير المشبعة: والتي تتضمن على الأقل رابطة ثنائية واحدة بين ذرتي كربون، وهذا يعني أنها غير مشبعة بالهيدروجين.

في الأحماض الدهنية المشبعة، تكون الدهون مستقيمة، وهذا يسمح بترابط جزيئات الدهون معًا بإحكام ودون أي فراغات.

نتيجة لذلك تكون الدهون المشبعة صلبة في درجة حرارة الغرفة، وهذا يعني أن الزبدة وزيت جوز الهند هما من الدهون المشبعة.

أما في الأحماض الدهنية الغير مشبعة تنحني ذيول جزيئات الدهون، وهذا يزيد من صعوبة تماسكها بإحكام، وبالتالي فالدهون الغير مشبعة سائلة في درجة حرارة الغرفة مثل زيت الزيتون وزيت الطبخ.

الدهون المتحولة

أو الدهون المهدرجة، وهي الدهون التي حذر منها الأطباء، ومن الجدير بالذكر أنها دهون نادرة في الطبيعة، ولكن يُمكن تصنيعها بسهولة في المصانع.

تُصنع الدهون المتحولة عن طريق عملية الهدرجة، وفيها يتم تمرير غاز الهيدروجين عبر الدهون غير المشبعة، فتتحول الروابط بعض الدهون إلى روابط أحادية.

تهدف هذه العملية إلى منح الدهون خصائص الدهون المشبعة، كالصلابة في درجة حرارة الغرفة، وعلى سبيل المثال تحتوي بعض أنواع السمن على نسبة مرتفعة من الدهون المتحولة.

ربما تبدو هذه الطريقة مفيدة للوهلة الأولى، حيث إنها تسمح لنا بالحصول على مادة بقوام الزبدة وبسعر الزيت.

لكن لسوء الحظ تبين أن للدهون المتحولة آثار سلبية على صحة الإنسان، فهي تزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب، ارتفاع ضغط الدم وتصلب الشرايين.

في عام 2015 منحت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية مهلة للشركات مدتها ثلاثة سنوات لإزالة الدهون المتحولة أو المهدرجة من جميع منتجاتها.

أحماض أوميغا الدهنية

من أنواع الدهون أيضًا أحماض أوميغا الدهنية، ومن أبرز الأمثلة عليها أحماض أوميغا 3 وأوميغا 6 الدهنية.

تتضمن أحماض أوميغا 3 الدهنية حمض دهني يُطلق عليه اسم حمض ألفا لينوليك والذي يُرمز له بالرمز ALA.

أما أحماض أوميغا 6 الدهنية فتتضمن حمض دهني يُطلق عليه اسم حمض اللينوليك والذي يُرمز له بالرمز LA.

لا يستطيع جسم الإنسان تصنيع أحماض أوميغا الدهنية، ولذلك يحتاج للحصول عليها من النظام الغذائي.

ومن الجدير بالذكر أن أبرز مصادر أحماض أوميغا 3 الدهنية تتضمن الأسماك الدهنية كالسلمون، وبعض البذور مثل بذور الشيا أو الكتان.

تمتلك الأحماض الدهنية على الأقل رابطتين ثنائيتين، ونتيجة لذلك تمتلك الأحماض الدهنية شكلًا منحنيًا.

في الشكل أدناه صورة لحمض ألفا لينوليك، ويُمكننا ملاحظة شكله المنحني نتيجة وجود الروابط الثنائية.

حمض ألفا لينوليك

للأحماض الدهنية أدوار رئيسية في جسم الإنسان، فهي حجر البداية لبناء مجموعة من الجزيئات الهامة، وعلى رأسها الهرمونات التي تنظم المزاج، بالإضافة إلى المواد التي تُكافح الالتهاب.

كما تُقلل أحماض أوميغا 3 الدهنية من خطر النوبات القلبية ومن نسبة الدهون الثلاثية في الدم، علاوة على أنها تخفض من ضغط الدم وتمنع الجلطات.

الشمع

وهو نوع من الدهون الطبيعية التي تُغطي ريش بعض الطيور المائية وأوراق بعض النباتات مثل الصبار.

تُساهم طبقة الشمع في منع فقدان السوائل عن طريق التبخر، أو تمنع التصاق الماء بجسم الطائر خلال سباحته في الماء، وهذا هو السبب في عدم تبلل الطيور بالماء خلال الأمطار أو بعد سباحتها.

يتضمن الشمع سلاسل طويلة من الأحماض الدهنية والتي ترتبط بالكحول من خلال رابطة استر.

الدهون المفسفرة

وهي الدهون التي تمنع خروج السيتوبلازم من داخل الخلية إلى خارجها، فالخلايا محاطة بطبقة بلازما تعمل كحاجز بن داخل الخلية وخارجها.

الدهون المفسفرة هي مكون أساسي للبلازما، وتترتب هذه الدهون كسلاسل، ومن الجدير بالذكر أن رأس جزيء الدهون المفسفرة يرتبط بذيلين اثنين فقط، وترتبط ذرة الكربون الثالثة بمجموعة الفوسفات.

يتألف جزيء الدهون المفسفرة من رأس محب للماء ذيول كارهة للماء، وتترتب حول الخلية كطبقتين متعاكستين، فيُقابل ذيل الطبقة الأولى ذيل الطبقة الثانية.

الستيرويدات

الستيرويدات هي نوع من الدهون يتألف أساسًا من أربع حلقات، وعلى الرغم من اختلاف هيكلها عن الدهون الأخرى، ولكنها تُصنف من الدهون لأنها كارهة للماء.

من أبرز الأمثلة على الستيرويدات الكوليسترول والكورتيزول، ويصنع الكبد الكوليسترول الذي يُعد قاعدة أساسية للعديد من الهرمونات مثل الهرمونات الجنسية كالتستوستيرون بالإضافة إلى بعض الفيتامينات مثل فيتامين د.

من الجدير بالذكر أن للكوليسترول نوعين رئيسيين وهما:

  • الكوليسترول منخفض الكثافة أو الكوليسترول الضار.
  • الكوليسترول مرتفع الكثافة أو الكوليسترول النافع.

فوائد الدهون

مع الأسف تحظى الدهون بسمعة سيئة، فالصحيح هو أن تناول الكثير من الأطعمة المقلية يؤدي إلى زيادة لدهون وارتفاع نسبة الكوليسترول والدهون الثلاثية في الدم، وبالتالي زيادة الوزن.

ولكن الدهون ضرورية للغاية لصحة الجسم، وتقود مجموعة من الوظائف الهامة، حيث أن العديد من الفيتامينات قابلة للذوبان في الدهون، وهذا يعني أن الجسم يحتاج للدهون للاستفادة من هذه الفيتامينات.

كما تساعد الدهون على تنظيم درجة حرارة الجسم، ويُمكنها تخزين الطاقة بكفاءة أعلى من الكربوهيدرات، وهذا لأنها تستطيع حمل ضعف الطاقة التي تحملها الكربوهيدرات.

[ppc_referral_link]