فوائد التأمل
كثيرًا ما انتشرت عبارة التأمل في الفترة الأخيرة، وتعددت الأساليب والطرق التي يمكن القيام بها بالتأمل، ولكن وببساطة فالتأمل هو عملية تدريب العقل وحثه على التركيز في أفكار محددة دون غيرها، ووجد العلماء في الآونة الأخيرة العديد من فوائد التأمل الصحية في العديد من الجوانب، ويلجأ العديد من الأشخاص حول العالم للتأمل دون إدراك منهم بأن ما يقومون به هو التأمل، والذي يساعدهم على التفكير بذهن صافٍ لتطوير عادات ومشاعر إيجابية بدلًا من المشاعر السلبية التي تمتلئ بها النفس نتيجة ضغوطات الحياة اليومية، وفي هذا المقال سيتم التركيز على فوائد التأمل في التخفيف من الألم، بالإضافة إلى العديد من فوائد التأمل الأخرى والتي لا تقل أهمية عن تخفيف الألم.
التقليل من التوتر
يلجأ معظم الأشخاص الذين يدركون ماهية التأمل إلى القيام به بهدف التقليل من التوتر، حيث يعد هذا السبب الأكثر شيوعًا، فعادة تتسبب ضغوطات الحياة اليومية الإجهاد المتكرر إلى ارتفاع مستويات هرمون الأجهاد الكورتيزول، والذي يقود الجسم إلى إطلاق مركبات كيميائية يطلق عليها اسم السيتوكينات، والتي عادة ما تفرز نتيجة الإصابة بالتهاب ما.
يقود إطلاق السيتوكينات إلى إضطرابات النوم، تعزيز الاكتئاب، القلق، زيادة ضغط الدم والمسهمة في حدوث ما يسمى بالإرهاق الضبابي.
نتيجة لذلك أجريت دراسة لمدة ثمانية أسابيع على مجموعة من الأشخاص الذين يعانون من التوتر والإجهاد، وطلب منهم التأمل خلال مدة الدراسة لملاحظة النتائج.
وأظهرت نتائج الدراسة تغيرات واضحة في مستويات هرمون الإجهاد، بالإضافة إلى تحسين العديد من الحالات المرتبطة بالتوتر مثل متلازمة الهرمون العصبي.
فوائد التأمل في السيطرة على القلق
كما تتضمن فوائد التأمل التحفيف من التوتر، فيمكن أيضًا للتأمل المساهمة بشكل كبير في تخفيف القلق، وأجريت دراسة في هذا الشأن على 1300 شخص بالغ، وكشفت النتائج عن تأثيرات مذهلة في السيطرة على القلق.
وأجريت دراسة أخرى على مدار ثمانية أسابيع، ولوحظ فيها أن السيطرة على القلق ساهم بشكل كبير في تحسن حالة الأشخاص المصابين باضطراب القلق العام.
ووجدت إحدى الدراسات التي طبقت في نفس المدة على مجموعة من الموظفين، وأظهرت النتائج تحسنًا واضحًا في السيطرة على القلق المرتبط بالعمل، حيث شعر الموظفون براحة وطاقة إيجابية واضحة مقارنة مع زملائهم في المجموعة الضابطة.
تعزيز الصحة النفسية
حيث يمكن أن تؤدي ممارسة التأمل إلى تحسين النظرة الإيجابية للحياة، وجعل الأفكار السلبية تبدو وكأنها كابوس انتهى حين استيقظ الشخص من نومه، ففي إحدى الدراسات التي أجريت على أكثر من 3500 شخص بالغ، أكدت النتائج على أن للتأمل دور فعال في التخفيف من أعراض الاكتئاب لدى الأشخاص المشاركين في التجربة.
تمامًا كما يحدث في حالات التوتر، يمكن أن يؤدي إفراز السيتوكينات إلى سوء المزاج والإصابة بالاكتئاب خصوصًا حين يتكرر الأمر ليصبح مزمنًا، وللتأمل دور واضح في تقليل مستوى هذه المركبات الكيميائية والعديد من الهرمونات الأخرى التي تعتمد على الحالة المزاجية.
فوائد التأمل في تعزيز الوعي الذاتي
يمكن أن تساعد بعض تمارين التأمل على فهم الذات بشكل أفضل، وخصوصًا التأمل الذي يطلق عليه اسم البحث الذاتي، حيث أن الهدف الرئيسي من هذا النوع من تمارين التأمل هو مساعدة الشخص على فهم ذاته والبحث في طرق تطويرها.
ويبدأ الوعي الذاتي من فهم العوامل المدمرة للذات، ويكسب الشخص وعيًا أكثر بعاداته وطريقة تفكيره، وبالتالي يتجه تفكيره إلى البحث عن حل لهذه العوامل بدلًا من البحث عنها ونفضها باستمرار.
يطلق على أحد أساليب التأمل اسم تاي تشي، ويهدف هذا الأسلوب بحسب مراجعة لسبع وعشرين دراسة سابقة إلى تحسين الكفاءة الذاتية ودعم الشخص لمواجهة تحدياته وتخطيها.
يقود تعزيز الوعي الذاتي بشكل غير مباشر إلى تنمية العديد من الجوانب الشخصية مثل تطوير مهارة حل المشكلات وتحفيز الجانب الإبداعي في ضخ الأفكار.
فوائد التأمل في زيادة التركيز
يؤدي التأمل دائمًا إلى إزالة الغبار عن مركز الانتباه، وبالتالي يتحسن التركيز لدى الأشخاص الذين يقومون بالتأمل باستمرار.
بحسب إحدى الدراسات التي قام بها الخبراء بتشغيل تسجيل صوتي يحفز التأمل، أظهرت النتائج تحسنًا ملحوظًا في قوة الانتباه لدى الأشخاص الذين طبقت التجربة عليهم، وتحسن تركيزهم بوضوح مقارنة مع المجموعة الضابطة التي لم تتعرض إلى هذه التجربة.
ووجدت إحدى الدراسات أن تعزيز التركيز بحاجة فقط إلى ثمانية أسابيع يتخللها 13 دقيقة من التأمل يوميًا، وستكون نتيجة هذا التأمل واضحة.
فوائد التأمل في التخفيف من الألأم
من المعروف دائمًا أن الحالة النفسية والمزاجية الجيدة تساهم بالتأكيد في التخفيف من الألم، وهذا لوجود ارتباط وثيق بين الألم الجسدي والألم النفسي، وتشير بعض الأبحاث الأخيرة إلى الروتين اليومي الذي يتضمن التأمل يمكن أن يكون له دور فعال في التخفيف من الألم.
قام مجموعة من العلماء بمراجعة ثمانية وثلاثين دراسة سابقة في فوائد التأمل في التخفيف من الألأم، وأثبتت ملخصات هذه الدراسات أن للتأمل دورًا هامًا في التخفيف من الألم المزمن.
في إحدى الدراسات التي أجريت على حوالي 3500 شخص، قام العلماء بتجربة درجة الألم لدى مجموعة من الأشخاص الذين يمارسون التأمل باستمرار، مقارنة مع مجموعة لم تمارس التأمل قط، وواجهت المجموعتين مسببات الألم ذاتها، ولكن أظهرت النتائج أن المجموعة التي تمارس التأمل شعرت بألم أقل مقارنة مع المجموعة الأخرى.
التقليل من فقدان الذاكرة المرتبط بالعمر
كلما تقدم الأشخاص في السن، كلما زاد لديهم مستوى النسيان، ولكن وجدت أحدث الدراسات أن للتأمل دور فعال في الحفاظ على الصحة العقلية لأطول فترة ممكنة.
أجريت بعض الدراسات على مجموعة من الأشخاص المصابين بفقدان الذاكرة المرتبط بالعمر، وأظهرت النتائج تحسنًا واضحًا في الاختبارات النفسية العصبية لدى الأشخاص الذين جعلوا التأمل جزء من روتينهم اليومي.
ليس هذا فحسب، حيث يمكن أن يساهم التأمل في تحسين الذاكرة جزئيًا لدى المصابين بالخرف، بالإضافة إلى دعم مرافقي المرضى للتغلب على التوتر وتحسين قابليتهم لعدم التوتر مع الظروف المحيطة.
المساعدة في التغلب على الإدمان
ربما يبدو هذا غريبًا بعض الشيء، ولكن الانضباط والهدوء العقلي الناتج عن تمارين التأمل يمكن أن يكون له دور رئيسي في ضبط النفس والوعي بالسلوكيات التي تحفز اللجوء إلى الإدمان.
وأظهرت الأبحاث أن التأمل يساعد في محاربة الإدمان عن طريق إعادة توجيه الانتباه لدى المدمنين إلى أنفسهم، وإدارة عواطفهم وفهمها، بالإضافة إلى توضيح وفهم الأسباب الكامنة والتي أدت إلى الإصابة بالإدمان.
أجريت دراسة على مجموعة من الأشخاص الذين يرغبون في التخلص من إدمانهم على الكحول، وتلقى جميع الأفراد برنامجًا علاجيًا للتخلص من إدمانهم، وساهم التأمل في دعمهم على التخلص من إدمانهم خلال ثلاثة أشهر.
لا يساهم التأمل فقط من التخلص من إدمان الكحول أو ما شابه، بل يقدم التأمل نتائج مذهلة أيضًا للتخلص من إدمان الطعام، وبالتالي يمكن أن يكون للتأمل دور في دعم عملية انقاص الوزن.
علاج الأرق
يعاني حوالي نصف سكان العالم من الأرق في مرحلة ما من حياتهم، ويمكن أن يعاني البعض منهم من صعوبات متكررة في النوم.
وأجريت حتى اللحظة دراسة واحدة فقط في هذا الشأن، وأظهرت نتائج هذه الدراسة أن جودة النوم لدى الأشخاص الذين يمارسون التأمل باستمرار كجزء من العلاج أفضل بشكل ملحوظ مقارنة مع من لم يتلقوا أي علاج متعلق بالتأمل.
المرجع: