من هو إبراهيم عليه السلام؟
هو إبراهيم بن تارخ بن ناخور بن ساروغ بن أرغو بن فالغ بن غابر بن شالخ بن قينان بن أرفخشذ ابن سام بن نوح عليه السلام.
قيل بأنه قد ولد في بابل وقيل أيضًا أنه ولد في الأهواز وقيل في دمشق كما قيل في بحران في زمن النمرود وهو الحاكم المستبد.
اصطفى الله عز وجل سيدنا إبراهيم عليه السلام وخصه بالنبوة وتم إرساله إلى قومه لكي يخرجهم من الظلمات إلى النور فقام بأمرهم بترك عبادة الأصنام وعبادة الله عز وجل وحده.
حسب رواية التوراة فإن إبراهيم ولد عام 1900 قبل الميلاد وهي أقدم مصدر تاريخي موجود حتى يومنا هذا.
صفات شخصية إبراهيم عليه السلام
كان له مرتبة عالية جدًا خصه الله تعالى بها، وتم وصفه بصفات كثيرة تميز بها في القرآن الكريم حيث كان:
- سمحًا وحنيفًا حيث قال الله تعالى في كتابه الكريم: (وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَىٰ تَهْتَدُوا ۗ قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ۖ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) حيث وصف الله تعالى من أعرض عن دعوة إبراهيم بأنه سفيه.
- منيب وحليم على من ضره ولا يتعجل على مجازاته بل يعفو عنهم ويسامحهم، كما أنه كان كثير الرجوع إلى الله والإنابة إليه حيث ورد في القرآن الكريم: (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ).
- كريم ومحسن بالضيافة وقد ذكر في القرآن الكريم بأنه كان يبادر إلى إكرام الضيف فقال الله تعالى: (فَرَاغَ إِلَىٰ أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ).
- صادقًا وصديقًا وقد ظهر هذا الأمر بسبب كثرة تصديقه بالحق حتى أصبح شهيرًا به.
- قويًا وبصيرًا حيث كان يمتلك بنية قوية، كما أنه كان بصيرًا بأمور دينه فقال تعالى: (وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ).
- راشدًا ورشيدًا ومنذ أن كان صغيرًا أظهر هذه الصفة حيث كان يندم ندم شديد على ما يفعله من الصغائر المحرمة في الدين، كما كان حليمًا على من يخطئ بحقه، حيث قال الله تعالى في كتابه الكريم: (وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ).
- امتلك قلب سليم، أي أنه كان خالي الشرك بالله تعالى حيث وحده توحيدًا خالصًا فقال الله تعالى: (إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ).
المكانة الكبيرة لإبراهيم عليه السلام
إن إبراهيم عليه السلام هو من أكمل الناس بالتوحيد حيث كان واحدًا من أولي العزم من الرسل، وهم الذين كانوا أصحاب الابتلاء في كل المحن التي تتعلق بشكل مباشر بذات الله سبحانه وتعالى، وهم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم.
خص الله تعالى سيدنا إبراهيم عليه السلام بمهمة إمامة الناس، وهي من المهام الصعبة والشاقة التي لا يستطيع حملها إلا من استحقها واستطاع الصبر عليها.
كما وصف بالأمّة وهي تعني الجامع لكل خصال الخير والمرشد الكبير للناس، وأيضًا هو الشخص الذي يعين على الخير والتقوى.
كانت من أعظم فضائله أنه يوجد في الصلاة ركن مهم يسمى بالصلاة الإبراهيمية التي يدعون له فيها.
وأشهر صيغة للصلاة الإبراهيمية هي:
(اللَّهُمَّ صَلِّ علَى مُحَمَّدٍ وعلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كما صَلَّيْتَ علَى إبْرَاهِيمَ، وعلَى آلِ إبْرَاهِيمَ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ علَى مُحَمَّدٍ وعلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كما بَارَكْتَ علَى إبْرَاهِيمَ، وعلَى آلِ إبْرَاهِيمَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ)
قصة سيدنا إبراهيم مع عبدة الأصنام
كان قوم إبراهيم عليه السلام يعبدون الأصنام، وكان والده تحديدًا من الذين يشاركون بصناعتها ولذلك بدأ إبراهيم الدعوة من أبيه وحاول أن يذكره بأنها أصنام لا تضر ولا تنفع بأسلوب لين ورقيق.
أصر والده على موقفه كما طلب من إبراهيم أن يهجره، وبعدها انتقل سيدنا إبراهيم لدعوة قومه فقام باستنكار عبادتهم للكواكب وحاججهم بها وقد ذكرت هذه المحاججة في سورة الإنعام.
واصل لمدة طويلة دعوة قومه بدون فائدة حيث ظلوا يقابلونه بالصد، لذلك أقسم لهم بأنه سيكيد للأصنام التي يقومون بعبادتها، فانتظرهم حتى خرجوا من القرية وقام بتحطيم كل الأصنام ولم يترك إلا كبيرهم وعندما رجعوا سألوا إبراهيم فقال لهم بأن الصنم الكبير هو الذي حطم بقية الأصنام.
كان سيدنا إبراهيم مثال حقيقي عن الداعية المخلص والصابر الذي بذل الكثير من الجهد والوقت في سبيل الدعوة الإسلامية على الرغم من الصد الذي قابله، وأخيرًا قام قومه بالكيد له حيث جمعوا حطبًا عظيمًا وقاموا بإلقائه بالنار وقال عندها حسبي الله ونعم الوكيل حيث ورد في الحديث:
(عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ” كان آخر كلام إبراهيم حين ألقي في النار : حسبي الله ونعم الوكيل ، وقال نبيكم صلى الله عليه وآله وسلم مثلها : الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم ، فزادهم إيمانا ، وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل)
أنقذه الله تعالى حيث أمر النار أن تصبح برد وسلام على سيدنا إبراهيم حيث قال:
(قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ)
قصة سيدنا إبراهيم عليه السلام مع النمرود
كان سيدنا إبراهيم يعتمد أسلوب نقاش بالمناظرة مع الكفار عندما يريد محاججتهم بالدين الإسلامي، ومن القصص الشهيرة مناظرته مع النمرود الذي كان ملك بابل في ذلك الوقت وكان شخص متمرد مدعي الربوبية ووردت المناظرة في سورة البقرة حيث قال الله تعالى:
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ ۖ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)
نستنتج أن إبراهيم عليه السلام كان يستدل بالمشاهدات الموجودة حول الناس وأدلة الكون من موت وحياة وغيرها، ولكن كان رد النمرود بأنه يستطيع أن يأتي برجلين حكم عليهما بالإعدام فيقتل واحد ويطلق سراح الآخر وبذلك يكون قد تحكم بالحياة والموت.
أجابه سيدنا إبراهيم بأن الشرق تأتي من المشرق كل يوم بأمر الله تعالى فتحداه أن يجعلها تشرق من المغرب إن كان يستطيع ولكن بالطبع كان النمرود أضعف من ذلك فسكت.
إقرأ أيضًا: سيرة الصحابي خالد بن الوليد
في النهاية نجد أن سيرة حياة سيدنا إبراهيم عليه السلام من السير العظيمة التي نتعلم منها الكثير من الصفات الحسنة أهمها الصبر.