كيفية صلاة الخوف

[faharasbio]

إن صلاة الخوف هي عبارة عن حضور وقت الصلاة الأساسية المكتوبة خلال وقت يقاتل فيه المسلمين للعدو أو أثناء قيامهم بمناوبات الحراسة بسبب توقعهم لإمكانية حدوث مكروه ما أو الخوف من وقوعهم بمصيدة نصبها العدو.

لقد ورد ذكر صلاة الخوف في القرآن الكريم وفي السنة النبوية الشريفة على هيئات عديدة، وكل صفة كانت قد ثبتت عن النبي صلى الله عليه وسلم تعتبر سليمة وصائبة بكل ظروفها وسياقها.

سنتحدث في هذا المقال عن صلاة الخوف وعن شروطها وهيئاتها المختلفة.

الهيئات التي وردت بها صلاة الخوف

الهيئة الأولى: وهي ما يوافق ظاهر القرآن الكريم:

يقسم قائد الجيش العساكر إلى فئتين، الأولى تقوم بالحراسة بوجه العدو لكي لا يهجم أثناء قيام المسلمون البقية للصلاة.

يصلي الإمام بكل فئة ركعة وإذا ما قام ليكمل الركعة الثانية يجب أن ينووا الاستمرار ويتموا لوحدهم ركعة أخرى والإمام واقف مع ضرورة التسليم قبل ركوعه.

بعد ذلك يتبادل من أتم الركعة الأولى مع الفئة التي تولت الحراسة وهكذا تصلي الطائفة التي كانت تحرس مع الإمام وتدخل إلى الصلاة وهو ما يزال واقفًا وتصلي معه.

عندما يجلس للتشهد تقوم وتقضي الركعة الأولى وينتظرها حتى تصل للتشهد وبعد أن يتموا كل الأركان يسلم بهم.

الهيئة الثانية: في حال كان العدو يقف في الوسط بين المسلمين وجهة القبلة:

يقف الإمام وخلفه صفين من المصلين، ويكبر ويتبعوه بالتكبير جميعًا ثم يركع ويتبعوه بالركوع جميعًا وبعدها يقوم من الركوع فيقوموا معه، ويسجد أخيرًا فيسجد معه الصف الأول فقط بينما يبقى الصف الثاني للحراسة قائمًا.

بعد أن يصلي بالصف الأول سجدتين ويقوم للركعة الثانية يسجد الصف الثاني الذي كان يحرس أثناء السجدتين الأوليتين.

بعد القيام يتقدم أفراد الصف الثاني إلى مكان الصف الثاني ويركع الإمام فيتبعوه بالركوع ومن ثم يسجد ويسجد معه الصف الأول الذي كان مكان الصف الثاني.

بعد أن يسجد سجدتين ويجلس للتشهد يسجد الصف الثاني ويلحقوه بالتشهد وأخيرًا يسلمون جميعًا.

الهيئة الثالثة: في حال كان جيش المسلمين بمواجهة العدو وقسم الإمام الجيش لفرقتين:

في هذه الحالة تقف إحدى الفرقتين باتجاه العدو والثانية تصلي معه فيصلي بإحدى الطائفتين ركعة قبل أن تتراجع بدون أن تسلم أثناء الصلاة إلى مكان الفرقة الثانية.

تأتي الطائفة التي لم تصلي مكان التي صلت خلف الإمام لتكمل معه فتصلي معه الركعة الثانية، ولكن يسلم لوحده حيث يجب أن تقضي كل طائفة ركعة.

الهيئة الرابعة: أن يقوم الإمام بالصلاة بكل طائفة صلاة منفردة:

وهنا يقوم الإمام بالصلاة بالفئة الأولى ركعتين كاملتين ثم يسلم وتأتي الطائفة الثانية ليصلي بهم أيضًا ركعتين ثم يسلم.

الأصل في مشروعية صلاة الخوف

إن الإسلام قام بتشريع صلاة الخوف بأحوال وكيفيات معينة، والأصل في ذلك ما جاء ضمن كلام الله تعالى بالقرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة.

نستعرض الأصول فيما يلي:

  • من آيات القرآن الكريم:

قال الله تعالى في كتابه الكريم: وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِن وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُم مَّرْضَى أَن تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّـهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا.

  • من السنة النبوية الشريفة:

عن صَالِحِ بنِ خَوَّاتٍ، عَمَّنْ شَهِدَ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَومَ ذَاتِ الرِّقَاعِ صَلَّى صَلَاةَ الخَوْفِ: (أنَّ طَائِفَةً صَفَّتْ معهُ، وطَائِفَةٌ وِجَاهَ العَدُوِّ، فَصَلَّى بالَّتي معهُ رَكْعَةً، ثُمَّ ثَبَتَ قَائِمًا، وأَتَمُّوا لأنْفُسِهِمْ ثُمَّ انْصَرَفُوا، فَصَفُّوا وِجَاهَ العَدُوِّ، وجَاءَتِ الطَّائِفَةُ الأُخْرَى فَصَلَّى بهِمُ الرَّكْعَةَ الَّتي بَقِيَتْ مِن صَلَاتِهِ ثُمَّ ثَبَتَ جَالِسًا، وأَتَمُّوا لأنْفُسِهِمْ، ثُمَّ سَلَّمَ بهِمْ).

  • وفق الإجماع:

أجمع جمهور العلماء كلهم على مشروعية صلاة الخوف ولا تعتبر هذه المشروعية خاصة بزمن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم كلهم بل هي عامة أينما حضر سببها.

مشروعية صلاة الخوف بالنسبة للجنود الذي يعملون على بعض الأسلحة

في الحقيقة ليس لهؤلاء صلاة خوف إلا في حال كانوا مصافي العدو أو يخافون هجومه وذلك لقول الله سبحانه وتعالى:

وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً.

كما ورد في الصحيحين عن صالح بن خوات عن الصلاة مع النبي يوم ذات الرقاع صلاة الخوف:

كان هناك طائفة من أصحابه قد صفت معه وطائفة أخرى بقيت لتواجه العدو فقام بالصلاة لكل من معه ركعة واحدة وثبت قائمًا على وضعه وأتموا لوحدهم وانصرفوا ليواجهوا العدو.

بعدها أتت الطائفة الثانية وصلى بهم ركعة أخرى وظل جالسًا مكانه بينما أتموا وسلم بهم.

في الصحيحين ورد أيضًا عن ابن عمر أنه قال:

غزوت مع رسول الله ﷺ قبل نجد فوازينا العدو فصاففناهم فقام رسول الله ﷺ فصلى بنا، فقامت طائفة معه وأقبلت طائفة على العدو، وركع بمن معه وسجد سجدتين ثم انصرفوا مكان الطائفة التي لم تصل فجاءوا فركع بهم ركعة وسجد سجدتين ثم سلم فقام كل واحد منهم فركع لنفسه ركعة وسجد سجدتين…” وهذا اللفظ للبخاري.

عن جابر رضي الله عنه قال:

شهدت مع رسول الله ﷺ صلاة الخوف فصففنا صفين، صف خلف رسول الله ﷺ، والعدو بيننا وبين القبلة، فكبر النبي ﷺ وكبرنا جميعًا، ثم ركع وركعنا جميعًا، ثم رفع رأسه من الركوع ورفعنا جميعًا، ثم انحدر بالسجود والصف الذي يليه، وقام الصف المؤخر في نحر العدو، فلما قضى النبي ﷺ السجود، وقام الصف الذي يليه انحدر الصف المؤخر بالسجود وقاموا، ثم تقدم الصف المؤخر وتأخر الصف المقدم، ثم ركع النبي ﷺ وركعنا جميعًا

ثم رفع رأسه من الركوع ورفعنا جميعًا، ثم انحدر بالسجود والصف الذي يليه الذي كان مؤخرا في الركعة الأولى، وقام الصف المؤخر في نحر العدو، فلما قضى النبي ﷺ السجود والصف الذي يليه انحدر الصف المؤخر بالسجود فسجدوا ثم سلم النبي ﷺ وسلمنا جميعا” رواه مسلم في صحيحه، والله ولي التوفيق.

[ppc_referral_link]