ما هي اليراعة المضيئة، ولماذا تُضيء؟

اليراعة المضيئة
Share this post with friends!

ما هي اليراعة المضيئة، ولماذا تُضيء؟

قبل التطرق إلى ذكر المزيد عن اليراعة المضيئة، تلك التي نراها في برامج التلفاز وهي تقدم عروضًا لا تُنسى بجمال إضاءتها، علينا التطرق إلى مفهوم واسع ومذهل وهو مفهوم الإضاءة الحيوية.

تعني الإضاءة الحيوية (بالإنجليزية: Bioluminescence) قدرة بعض المخلوقات الحية على إصدار ضوء من أجسامها، ومن المذهل معرفة أن المخلوقات الحية المضيئة لا تتضمن فقط الحشرات.

تعيش معظم المخلوقات الحية المضيئة في أعماق البحار، وهذا لا يعني عدم وجود بعض منها في اليابسة.

تتضمن الحيوانات المضيئة قناديل البحر، الحبار المضيء، اليراعة المضيئة، بعض البكتيريا وبعض الفطريات.

تختلف أيضًا ألوان الحيوانات المضيئة حيويًا، فمنها ما يُضيء باللون الأخضر، الأزرق، الأحمر، الأصفر أو حتى مزيج من هذه الألوان.

وحتى عملية الإضاءة الحيوية فهي غير معقدة على الإطلاق، فقط تبعث على الاندهاش لكونها تحدث في مخلوقات حية متناهية الصغر.

تُضيء المخلوقات الحية بتفاعل كيميائي بسيط بين جزيء الأكسجين وجزيء آخر قادر على تحمل الحرارة ودعم الخلايا على إنتاج الضوء.

الحشرات المضيئة

أكثر الأنواع المضيئة حيويًا شهرة هي اليراعة المضيئة (بالإنجليزية: Firefly)، وبحسب اسمها في اللغة الإنجليزية فهو يعني الذبابة المضيئة، ولكن اليراعة تنتمي إلى الخنافس من عائلة Lampyridae، لا إلى الذباب.

يُمكن أيضًا أن تضيء مجموعة من الحشرات الأخرى مثل دودة السكك الحديدية والتي تنتمي إلى عائلة الخنافس الدودية المتوهجة Phengodidae، والدودة السلكية (بالإنجليزية: Click beetles) والتي تنتمي إلى عائلة Elateridae.

موطن اليراعة المضيئة

يمكن العثور على اليراعة المضيئة في كل مكان حول العالم باستثناء القطب الجنوبي، ولكن عمومًا تُفضل اليراعة العيش في الأماكن الرطبة قرب البحار، الأنهار والبحيرات، ولكن هذا لا يعني عدم وجودها في الأماكن الجافة.

تحب اليراعة المضيئة أيضًا العيش بين الأعشاب الطويلة، وخصوصًا أن بعضها لا يستطيع الطيران، فبذلك تختبئ بين الأعشاب وتبحث عن غذائها وشريك حياتها.

تعتبر اليراعة المضيئة من آكلات اللحوم، وبذلك فهي تتغذى على الحشرات والقواقع الصغيرة.

من الجدير بالذكر أن اليراعة المضيئة البالغة لا تتناول الطعام، وبعض الأنواع لا يمتلك حتى أجزاء للفم.

دورة حياة اليراعة المضيئة

تمتلك اليراعة المضيئة دورة حياة كاملة، حيث تضع الأنثى البالغة البيض، والذي يفقس بعد ثلاثة أسابيع تقريبًا، ثم تخرج اليرقة من البيضة لتعيش بين الأعشاب من عام إلى عامين، وبذلك فهي تقضي أطول فترة في حياتها في طور اليرقة.

بعد ذلك تتحول اليرقة إلى شرنقة، وتبقى على هذه الحالة لثلاثة أسابيع حتى تخرج منها الحشرة البالغة، وتعيش الحشرة البالغة فقط لفترة تتراوح ما بين ثلاثة إلى أربعة أسابيع، وهي الفترة الكافية فقط للبحث عن شريك حياتها، التزاوج ووضع البيض فقط.

كيف تُضيء اليراعة المضيئة؟

أول من اكتشف الحيوانات المضيئة كان العالم توماس بارثولين في عام 1647م، وفي وقت لاحق اكتشف عالم آخر يُدعى رافاييل دوبويس أن الحشرات تُضيء حيويًا بالاعتماد على ثلاثة عناصر هامة وهي جزيء الأكسجين، مادة اللوسيفرين الكيميائية وإنزيم اللوسيفيريز.

لنغوص الآن في أعماق جسد اليراعة المضيئة للبحث في كيفية إصدارها للضوء، تحديدًا أسفل هيكلها الخارجي، حيث تقع هناك الأعضاء المضيئة، والتي تحتوي على الخلايا الضوئية (بالإنجليزية: Photocytes).

تتصف الخلايا الضوئية بأنها طويلة الشكل، وتحتوي على عدد كبير من الميتوكندريا، وهذا ما يسمح لها بإنتاج كميات ضخمة من جزيء الطاقة ATP، علاوة على ذلك تُحيط الخلايا الضوئية بالشعيرات التنفسية، وهذا لأنها بحاجة إلى أن تأخذ منها بعض جزيئات الأكسجين.

في الخلايا الضوئية يتم أكسدة مادة كيميائية يُطلق عليها اسم اللوسيفرين (بالإنجليزية: Luciferin) وهذا بمساعدة أيون المغنيسيوم وإنزيم اللوسيفريز (بالإنجليزية: Luciferase)، وتحدث عملية الأكسدة هذه عدة مرات حتى يتم إنتاج الطاقة، ويستخدم جسم الحشرة 98% من هذه الطاقة لإنتاج الضوء.

يختلف الضوء الذي تُصدره الحشرة بناء على العديد من العوامل أهمها البيئة التي تعيش بها اليراعة، الاختلاف في تركيب اللوسيفريز وأخيرًا نوع اليراعة.

تُصدر معظم اليراعات ضوء أخضر مصفر، بينما تُصدر حشرة سراج الليل النيوزلندية الضوء الأزرق، وأما دودة السكك الحديدية فتُصدر ضوء أصفر مزرق في الحلق والبطن، وضوء أحمر في الرأس.

لماذا تُصدر الحشرات المضيئة الضوء؟

غالبًا ما تُصدر الحشرات المضيئة الضوء لثلاثة أهداف رئيسية، وتتبع معظم الحشرات المضيئة هدفًا واحدًا من هذه الأهداف وهي:

  • البحث عن شريك الحياة: وخصوصًا لدى اليراعات المضيئة، فكل نوع من أنواع اليراعات يُصدر نمطًا معينًا من الضوء لا يستطيع النوع الآخر إصداره في الغالب، وبذلك يستطيع الذكر والأنثى العثور على بعضهم بتمييز هذا النمط.
  • الافتراس: وهذا ما تقوم به حشرة سراج الليل النيوزلندي، حيث تعيش هذه الحشرة بداخل الكهوف، وتصدر ضوءًا أزرقًا في نهاية جسدها، وتنتج أيضًا مجموعة من الخيوط اللاصقة، وبذلك تنجذب الفريسة إلى ضوء سراج الليل الأزرق حتى تلتصق بالخيوط اللاصقة، وتتغذى حشرة سراج الليل عليها.
  • الدفاع عن النفس: وهذا ما تقوم به دودة السكك الحديدية، حيث تُضيء بشكل مفاجئ فتهرب المفترسات منها.

أنواع اليراعات المضيئة

ينتمي إلى اليراعات المضيئة أكثر من ألفي نوع، ومن الجدير بالذكر أن ليست جميع اليراعات قادرة على إصدار الضوء، ولكن فيما يلي أشهر هذه الأنواع:

  • اليراعة الشرقية: واسمها العلمي Photinus pyralis، وهي أكثر أنواع اليراعات شيوعًا، والتي تصدر الضوء الأخضر المصفر.
  • يراعة الشبح الأزرق: واسمها العلمي Phausis reticulata، وأنثى هذا النوع غير قادرة على الطيران، ولا تمتلك أجنحة، ولكنها تُصدر ضوءً أبيض أو أصفر باهت لجذب الذكر الذي يطير بحثًا عنها.
  • الفوتوريس متعدد الألوان: واسمها العلمي Photuris Versicolor، وتتصف أنثى هذا النوع بسلوكها العدواني والخادع، حيث أنها تقلد إضاءة اليراعات الأخرى لتجذبها ثم تتغذى عليها.
  • اليراعة متزامنة اللمعان: واسمها العلمي Photuris frontalis، وهي أصغر يراعة على وجه الأرض، حيث يتراوح طولها ما بين 9 – 11 مم.
  • اليراعة المتزامنة: وهي اليراعة التي عُرف عنها ذلك العرض المذهل من الإضاءة المتزامنة معًا في اللحظة ذاتها، وتُقدم هذه اليراعة العديد من العروض في الدول الآسيوية.
  • اليراعة اليابانية: ويمكن العثور عليها في آسيا، أوروبا وأفريقيا، ولكن أطلق عليها اسم اليراعة اليابانية لأهميتها في الثقافة اليابانية، حيث يعتقدون أنها تحمل أرواح الموتى.
  • الدودة المضيئة: وهذا النوع فيه مجموعة من الحشرات المضيئة التي لا تنتمي إلى أي عائلة أو قبيلة أخرى من الحشرات، وفيها تعيش الأنثى غير القادرة على الطيران بين الأعشاب القديمة والطويلة، وتحب التربة الغنية بالحجر الجيري والطباشير، بالإضافة إلى إصدار هذه الأنثى للضوء حتى يستطيع الذكر العثور عليها.

حماية اليراعات المضيئة

لحسن الحظ لا تنتمي اليراعات المضيئة إلى القائمة الحمراء للمخلوقات الحية المهددة بالانقراض، ولكن لاحظ علماء الحشرات بأن أعداد اليراعات المضيئة تتقلص سنويًا بشكل ملحوظ.

لا يزال من غير الواضح تمامًا سبب هذا التناقص، ولكن قدر العلماء أن تطور العمران البشري هو السبب الرئيسي في ذلك، وهذا لأن إضاءة المباني، السيارات والشوارع تؤدي إلى تشويش سلوك البحث عن شريك الحياة، فلا تستطيع اليراعة تمييز الضوء الصادر من شريك حياتها.

علاوة على ذلك تعتبر اليراعة من الحشرات الهادئة، والضجيج الناتج عن العمران البشري سيشتت سلوكها ويقلل من البيوض التي يتم وضعها منها.

المرجع:

  • https://www.researchgate.net/publication/351918774_Fireflies_the_inspiration_insect

0 thoughts