مع مرور السنين قد تتراكم بعض المشاكل الصحية الواحدة تلو الأخرى، وغالبًا ما تبدأ هذه المشكلات بالتراكم بعد أن يقوم الطبيب بتحذير المريض بشأن نسبة سكر الدم المرتفعة لديه أو وزنه الزائد.
يبدأ قلق الطبيب بالتزايد بشكل رسمي في هذه المرحلة حيث يشك بحدوث مرض السكري والسمنة المفرطة خصوصًا عندما تتراكم الدهون الزائدة في محيط خصر المريض. ستترافق هذه المشكلة مع مشاكل أخرى مثل نسب دهون عالية وارتفاع ضغط الدم وأخيرًا الكوليسترول.
كل ما سبق يمثل أعراض متلازمة التمثيل الغذائي التي تعرف أيضًا باسم متلازمة مقاومة الأنسولين، حيث تكون عبارة عن مجموعة حالات مرضية تتفاقم سوية وتكون بدايتها من داء السكري.
تزداد وتيرة انتشار هذه المتلازمة في كل أنحاء العالم، وحاليًا يعاني ثلث عدد سكان الولايات المتحدة الأمريكية من هذه المتلازمة مع تساوي في الحدوث بين الرجال والنساء.
سنتحدث في هذا المقال عن متلازمة التمثيل الغذائي وعن أسبابها وطرق تشخيصها وعلاجها.
أسباب متلازمة التمثيل الغذائي
إن متلازمة التمثيل الغذائي أو متلازمة الأيض ترتبط ارتباط وثيق جدًا مع الوزن الزائد والسمنة المفرطة وغالبًا مع قلة الحركة.
هناك حالة تترافق أيضًا مع هذه المتلازمة وهي مقاومة الأنسولين، حيث يقوم الجهاز الهضمي بتفتيت الأطعمة التي يتناولها ويحولها لسكر في الجسم، وهنا يأتي دور الأنسولين المصنوع في البنكرياس ليساعد في دخول السكر للخلايا وبالتالي يتم استخدامها كمصدر طاقة.
لا تقوم الخلايا بالاستجابة للأنسولين بشكل طبيعي عند المصاب بمقاومة الأنسولين، حيث لا يدخل الغلوكوز بنفس درجة السهولة إليها. تكون نتيجة ما سبق ارتفاع مستوى سكر الدم مع قيام الجسم بإفراز نسب عالية من الأنسولين في محاولة لخفض السكر المتراكم.
“اقرأ أيضًا: متلازمة جولدنهار: الأعراض وطرق العلاج“
كيف يتم تشخيص متلازمة التمثيل الغذائي
ليتم تشخيص المريض بالإصابة بمتلازمة التمثيل الغذائي فإن الأمر يتطلب أكثر بكثير من مجرد ارتفاع في مستوى سكر الدم أو تراكم الدهون على الخصر.
إن هذه المتلازمة يجب أن تكون مترافقة مع مجموعة كبيرة من الاضطرابات الأيضية لذلك يصبح الشخص مصاب بعدة مشاكل صحية متشعبة.
فيما يلي نقدم مجموعة المعايير اللازمة في عملية تشخيص الإصابة بمتلازمة التمثيل الغذائي:
- خلل في الغلوكوز بعد قيام المريض بالصوم حيث تكون نسبة سكر الدم 100 مليجرام/ ديسيلتر أو أكثر.
- زيادة في تراكم دهون البطن مما يجعل قياس مؤشر كتلة الجسم 30 أو أكثر مع قياس خصر يصل لفوق ال40 إنشًا للرجال و35 إنشًا للنساء.
- ارتفاع في مستوى ضغط الدم ليصل فوق 135/80 مليمتر زئبق.
- ارتفاع في مستويات الدهون الثلاثية بحيث تصل لأكثر من 150 مليجرام/ ديسيلتر أو أكثر.
- انخفاض بمعدل البروتين الدهني المرتفع في الكثافة HDL وهو يسمى باسم الكوليسترول الجيد، تكون نسبته أقل من 40 مليجرام/ ديسيلتر لدى الرجال و أقل من 50 مليجرام/ ديسيلتر لدى النساء.
عندما يكون المريض مستوفي لثلاث معايير من المعايير الخمسة السابقة فهو مصاب بمتلازمة التمثيل الغذائي.
ما هي مضاعفات متلازمة التمثيل الغذائي
كما ذكرنا سابقًا تكون هذه المتلازمة مترافقة مع حالة مقاومة خلوية للأنسولين وبالتالي يصعب تحويل السكر لطاقة تعمل بها الخلايا. من بين الوظائف المهمة الأخرى التي يقوم بها الأنسولين هو أنه يقوم بمساعدة السكر الموجود في مجرى الدم بالدخول إلى الخلايا وبعدها إما أن يتم تخزينه أو يحول لطاقة تستخدم بالعمليات الحيوية.
عندما تكون الخلايا أقل استجابة للأنسولين فإن سكر الدم سيصبح عليه من الصعب جدًا أن يدخل للخلايا.
كما أن نقص الاستجابة لهرمون الأنسولين سيزيد من وتيرة الإصابة بالالتهابات الجهازية المزمنة مع وجود تأثيرات أخرى على بقية الجسم مثل:
- إلحاق أضرار كبيرة بالأوعية الدموية.
- زيادة في الوزن حيث أن زيادة تراكم الدهون الحشوية سيزيد من الالتهابات وبالتالي يرتفع مستوى سكر الدم.
- تفاقم في مستوى مقاومة الأنسولين.
- الإصابة بداء السكري من النوع الثاني.
- العديد من الاضطرابات القلبية.
- السمنة المفرطة وتراكم الدهون.
- أمراض الكبد الدهنية وخلل في عمله.
- ارتفاع في ضغط الدم.
- الإصابة بداء النقرس.
- انقطاع التنفس النومي الإنسدادي.
- متلازمة المبيض متعدد الكيسات PCOS.
- تشكل حصيات المرارة.
“قد يهمك أيضًا: متلازمة القولون العصبي: كل ما تُريد معرفته عنها وعن علاجها“
كيف يتم علاج متلازمة التمثيل الغذائي
من الممكن أن تأتي متلازمة التمثيل الغذائي وحدها بدون أن تترافق مع أي أعراض ولكن تكون هذه الحالات الصحية الصامتة خطيرة جدًا وذلك لأنها تسبب تراكم مضاعفات خطيرة بدون علم المريض.
عندما يتم تشخيص وتأكيد الإصابة بمتلازمة التمثيل الغذائي يجب أن يقوم المريض باتباع بعض الإجراءات الهامة لتخفيض خطورة الأعراض:
- فقدان الوزن الزائد: حيث أنه وفق دراسات تم إجراءها في المعهد الوطني التابع لداء السكري وأمراض الجهاز الهضمي والكلى فإن فقدان القليل من الوزن بنسبة 5 إلى 7% من الوزن الكلي يقلل من خطر الإصابة بالسكري بمعدل يزيد عن النصف تمامًا.
- تناول الأطعمة الصحية: من المهم جدًا أن يقوم المريض باتباع نظام غذائي صحي يساعده في تجنب زيادة نسبة سكر الدم وأيضًا خفض ضغط الدم المرتفع وبنفس الوقت تخفيف الوزن.
يتضمن النظام الغذائي الصحي والمناسب كميات كبيرة من الخضار والفواكه والحبوب الكاملة لأنها غنية بالألياف، مع وجود كميات معتدلة من الدهون الغير المشبعة وبروتينات عديدة خالية من الدهون.
- زيادة في وتيرة الحركة: وذلك لأن قلة النشاط البدني يرتبط بشكل وثيق مع داء السكري ومع متلازمة التمثيل الغذائي.
يتم حساب مستوى النشاط البدني من خلال حساب عدد ساعات الجلوس اليومية.
- معرفة تاريخ العائلة الطبي: حيث أنه قد يوجد أحد أفراد العائلة مصاب بهذه المتلازمة بشكل مسبق مما يعني باحتمال وراثة الجينات التي تزيد من خطورة الإصابة بهذه الحالة.
- الحفاظ على الصحة بشكل عام: عندما يتم تشخيص الإصابة بالمتلازمة سيقوم الطبيب بتحويل المريض لأخصائي غدد صماء وهو عبارة عن متخصص في علاج اضطرابات هذه الغدد وأهمها داء السكري.
من الممكن أن يحتاج الطبيب إحالة المريض لأخصائي أمراض القلب لعلاج الاضطرابات والمشاكل الموجودة.