معلومات عن الديتوكس الرقمي Digital Detox

معلومات عن الديتوكس الرقمي Digital Detox
شارك هذه المقالة مع أصدقائك!

معلومات عن الديتوكس الرقمي Digital Detox

لا بدَّ أنكَ سمعتَ عن الديتوكس من قبل، سواءً حمية الديتوكس أو مشروبات الديتوكس، إنَ هذا المصطلح الشهير يُقصد بهِ التخلص من أي سمومٍ عالقة داخل جسم الإنسان عن طريق تهيئته من جديد وإعادة توازنه بشكلٍ طبيعي، والديتوكس لا يقتصر على تنظيف الجسد فقط بل حتى العقل يحتاج إليه وخاصةً في ظلّ التطوّر التكنولوجي الذي سيطرَ على حياة الإنسان في الآونة الأخيرة وأصبحَ من أساسيات الحياة لديه بحيث يكون شبيه بالإدمان في شتّى مجالات الحياة سواءً التعلم أو العمل أو حتى في أبسط الأشياء كطلب الطعام أو خدمات التوصيل وغيرها.

ومنَ الجدير بالذكر، أنهُ بالرغم من أهمية وجود التكنولوجيا في حياتنا من حيث تبسيط الحياة وسرعة إنجاز المهام وسهولة التواصل معَ الآخرين في شتّى بقاع الأرض، إلّا أنَ بعض الأفراد أصبحوا مهووسين بها، فهل لكَ أن تتخيل معظمهم تخلّى عن حياته الواقعية واعتمدَ على الافتراضية في كل شيء! فيُنجز أعماله في المنزل عن طريق الإنترنت ويجلس على مدى 24 ساعة يُحدّق في شاشة هاتفه الذكي من أجل انتظار رسالة من شخصٍ يهتم بهِ أو من أجل الهروب من واقعه الحقيقي إلى واقعٍ خيالي ليُشبع رغباته بعيداً عن ضجيج الحياة في الخارج، وبعدَ تفاقم الأمر وازدياد الحالات النفسية لهؤلاء الأشخاص سوءاً، ظهرَ مصطلح يُسمى {بالديتوكس الرقمي}؟ فماذا يُقصد بهِ؟ وما هيَ فوائده على صحة الإنسان النفسية والجسدية؟

ما المقصود بالديتوكس الرقمي Digital Detox؟

إننا مهووسون الآن في شبكة الإنترنت، مهووسون في متابعة التلفاز وآخر الأخبار في العالم، مهووسون في تصفح مواقع التواصل الاجتماعي من أجل مراقبة أفراد تخلّوا عنّا في منتصف الطريق أو خذلونا، مهووسون في متابعة القضايا التي تحتوي على العنف والجرائم والأشياء السيئة التي تحدث في مجتمعاتنا، نعم إننا مهووسون ولكن إلى أين؟ إلى أينَ سيصل الإنسان إذا لم يأخذ استراحةً طويلة معَ نفسه؟ هل لكَ أن تتخيل حجم المأساة والاكتئاب الذي سيشعر بهِ بسبب المتابعة المستمرة للعالم الرقمي؟

نوّد الإشارة، أنهُ من هنا ظهرت الحاجة الماسّة إلى الديتوكس الرقمي، لأنَ شخصيات الأفراد تختلف عن بعضها فأحياناً يكون الإنسان يُعاني منَ الوحدة والخذلان ويتعرّض للتنمر الإلكتروني أو لمتابعة الأخبار المزيفة أو يُقارن نفسه بالآخرين الذينَ يدّعوا المثالية ممّا يُسبب لهُ حالة نفسية متدهورة.

ويُقصد بالديتوكس الرقمي هوَ إغلاق كافة الأجهزة الإلكترونية من حولك سواءً {الهاتف الذكي، الحاسوب، الجهاز اللوحي} وحتى الراديو والتلفاز لفترةٍ زمنية محددة بحيث تبتعد كُليّاً عنهم ومن ثمَ البدء بالانغماس في العالم الحقيقي للتركيز على نفسك وعلى تكوين صداقات واقعية وعلى رؤية الحياة بمنظورٍ آخر يتمثل في إدراك الجمال والتفاصيل التي تتسم بهِ، ويحتاج الفرد إلى الديتوكس أثناءَ إدمانه على التحقق من هاتفه كل عدّة دقائق وأثناءَ قضائه أوقات طويلة على هذه الأجهزة وأثناءَ إهماله لحياته الواقعية وتراجع علاقاته الاجتماعية وأدائه المهني أو الدراسي.

ما هيَ أبرز فوائد الديتوكس الرقمي على الصعيد النفسي والصحيّ؟

إذا قمتَ بهذه التجربة الفريدة في كل مرة تشعر بأنكَ تُدمن على التكنولوجيا، ستُلاحظ الفرق الشاسع في جسدك منَ الخارج وفي نفسيتك وعقلك منَ الداخل، وتتمثل هذه الفوائد في:

التفتح الذهني:

إنَ عقلك مغلق تماماً إذا كنتَ مدمن على العالم الرقمي، فلن تُفكّر إلّا في الأخبار والدردشة والألعاب الحديثة ومشاهدة أفلامك المفضلة، وأثناءَ القيام بالديتوكس الرقمي ستمنح عقلكَ فرصة التحرر منَ القيود الصارمة التي تضعها عليه، ستُلاحظ أنكَ أصبحتَ أكثر تحرراً وإيجابية وخاصةً إذا استثمرتَ وقتك في اكتشاف أشياء جديدة أو القيام بتجاربٍ ممتعة أو قراءة الكتب أو التأمل بجمال وسحر الكون، فهذه الطريقة ستُساعدك على حماية دماغك منَ التلف وتقيك منَ الإصابة بالزهايمر أو الخرف المبكّر.

تعزيز العلاقات:

لا نعلم في أي لحظة ستنتهي حياتنا، أليسَ كذلك؟ أو حياة من نحب من حولنا سواءً والدينا أو أشقائنا أو شركائنا في الحياة، وستشعر في ذلكَ الوقت أنَ الآوان قد فات، لم تستطع التركيز بهم والتغلغل في تفاصيلهم وشمّ رائحتهم وإشباع عينيك بالنظر إليهم والتحدث معهم، ويعود السبب في ذلك إلى أنَ علاقاتنا اهتزت بعدَ ظهور التكنولوجيا، ففي أي اجتماعٍ عائلي أو عاطفي سننشغل في أجهزتنا معظم الوقت، وتكمن فوائد الديتوكس الرقمي في تعزيز علاقاتك الواقعية معَ أطفالك وعائلتك وزوجتك بشكلٍ إيجابي، ستشعر معهم بالحب والمشاعر الحقيقية دونَ الانشغال عنهم بشيء.

حماية الجسم منَ الأرق والسمنة:

أغلب الأشخاص لا ينامون إلّا والتلفاز مفتوح أو جهازهم الذكي يُصدر الموسيقى، ممّا يُعزّز لديهم الشعور باليقظة والأرق والحالة النفسية السيئة معَ الشعور بالتعب والإرهاق، وأغلب المراهقين أيضاً يتناولون وجباتهم أثناءَ الدردشة معَ أصدقائهم أو مشاهدة أفلامهم ولا يُلاحظون كمية الطعام التي يحصلون عليها بسبب إنشغالهم بالمشاهدة، والديتوكس الرقمي يُتيح لكَ فرصة تنظيم ساعتك البيولوجية وتعزيز النوم العميق لديك وتعزيز عادة الطعام الصحيّ والاستمتاع بمذاقه وتجنب الإفراط بهِ.

التصالح معَ الذات:

عليكَ أن تُرّكز على جمالك الداخلي والخارجي وعلى كل نعمة أنعمَ الله عليكَ بها، فأثناءَ التعمّق بوسائل التواصل الاجتماعي ستشعر بقلّة الثقة في نفسك بسبب المثالية الزائدة سواءً في أجسام المشاهير أو أشكالهم، حاول أن تخرج وتنظر إلى الأشخاص وجهاً لوجه ستكتشف أنهم ليسوا مثاليين أبداً فمنَ الطبيعي أن يُعاني الإنسان منَ الحبوب أو بهتان البشرة أو تراكم الدهون، ولكن ليسَ منَ الطبيعي أن يكون مثالياً كما تعتقد، لذلك من فوائد الديتوكس الرقمي أنهُ يمنحكَ السلام الداخلي والتصالح معَ نفسك.

كيفَ أخطط للبدء بالديتوكس الرقمي؟

يجب على كل إنسان أن يُخطط لهذه الفكرة ويُؤمن بها ويعمل عليها لضمان صحتّه النفسية والجسدية، وتوجد عدّة خطوات تُساعدك على البدء مثل:

  • الحصول على استراحة لمدة تصل إلى حوالي 7 أيام كل شهر، والابتعاد بها عن المنزل وعن الأجهزة الرقمية وإغلاق أي مشتتٍ للانتباه، ويُمكنكَ قضاء وقتك في التخييم أو التجوّل في الطبيعة عن طريق رحلة استكشافية أو التركيز على تطوير مهارة لديك.
  • يجب أن تبدأ بالتخفيف بشكلٍ يومي من استخدام الهاتف الذكي عن طريق إبقائه في الغرفة المجاورة أثناءَ نومك ليلاً وعن طريق إغلاقه أثناءَ تناولك للطعام، بالإضافة لضرورة إيقاف تشغيل جميع الإشعارات أثناءَ الدراسة أو الجلوس معَ العائلة.
  • ضرورة تحديد الوقت والتقيّد بهِ أثناءَ استخدام الهاتف، على سبيل المثال يُمكنكَ تخصيص ساعة إلى ساعتين يومياً من أجل الدردشة أو مشاهدة فيلمك المفضل أو التصفح، وباقي الوقت حاول التركيز على عملك المهني وعلى تطوير صحتّك النفسية.

إنَ الديتوكس الرقمي خطوة صعبة جداً وخاصةً على المدمنين، ولكن ستعتاد عليها بعدَ عدّة أيام وتُلاحظ أنَ حياتك أصبحت أجمل ومليئة بالواقعية، فلا تجعل من هذه الأجهزة أن تُسيطر عليك وتسلبكَ لذّة الحياة ولذّة التركيز على ذاتك الداخلية، بل كن أنتَ المتحكم بها ولا تستخدمها إلّا لصالحك أنت من أجل التطوير وزيادة ثقافتك ومعلوماتك بدلاً منَ التركيز على السلبية والتشاؤمية في الأخبار المزيفة والأغاني التي تحتوي على طاقةٍ سلبية لتُؤثر على عمل دماغك وتجعلهُ يشعر باليأس والإحباط.

{{نأمل أن يعجبكم المقال أيها الرائعون}}.

‫0 تعليق