ولا ألف ليلة وليلة – الليلة الحادية والعشرون

[faharasbio]

ولا ألف ليلة وليلة – الليلة الحادية والعشرون

ضمن سلسلة قصص ولا ألف ليلة وليلة بالاشتراك مع الأديبة المصرية ربا أحمد

حسنًا يا شهرزاد . . لقد أتى المساء . . وها هي السماء
قد تلحفت عباءتها السوداء . . فهلا تروين لي باقي
الحكاية أيتها الحسناء؟

بابتسامة جميلة، ونظرات عين كحيلة، كانت شهرزاد
تتأمل ملكها وتقول:

أمرك يا ملك الزمان . . لقد بلغني أنه
كان . . من أمر الملك نعمان . . ووزيره الخبيث شعلان . . أن
الأخير قال . . بفحيح من الحقد المكلل بالانتصار ليجيب
عن سؤال الملك المحتار:

جهز نفسك لزفاف ابنة أخيك بعد انتهاء الحداد . . فلا
يصح ابقاءها وحيدة بلا زوج

هنا رفع الملك حاجبيه بدهشة: زفاف … قمر الزمان
… ممن ؟!!

ضحك شعلان بغرور: للحقيقة بحثت لها عن عريس
مناسب فلم أجد أفضل مني ليكون لها زوجًا؛ فتكرمت
ووافقت أن تكون زوجة لي و .. جارية في قصري.

هب الملك من مكانه ثائرًا : تبًا لك ياشعلان . . كيف
تجرؤ؟

فما راعه إلا ورماح حرسه موجهة إليه من كل
الجهات . . وأشار له شعلان بتعال ليجلس والا أمر
الحراس بالإطاحة برأسه ..!

خرج من عند الملك مزهوًا بنفسه يملأ الكبر أعطافه،
ومر في طريقه بالحديقة حيث تجلس قمر الزمان تذرف
دموع الوجد على حب مضى وتولى قبل الأوان؛ فاقترب
منها ملاطفًا وقال: لا تبكي يا أميرتي فقد ولى نوران
وأبدلك الله خيرًا منه . . . بي أنا . . . شعلان.

نظرت إليه قمر بازدراء وقد أصابها من كلامه
الغثيان وقالت: اغرب عن وجهي الآن فما كنت بالتي
تستبدل الغزلان بغربان.

غام وجهه ليصبح قاتمًا، وتظهر منه نظرة الشيطان:
جهزي نفسك بعد فترة الحداد للزفاف يا سيدة الحسان
فلحسن حظك ستكونين زوجتي أنا الوزير شعلان . . الذي
سيصبح عما قريب ملك الزمان – الملك شعلان .. وسوف
تهبينني وليًا للعهد يحمل دماء ملكية.

فغرت فاها وقالت بعدها: هذا ليس بالإمكان . . ستبوء
جهودك بالفشل والخسران يا . . . شعلان.

أمسك بذقنها بين أصابعه بخشونة ثم قال بفحيح
مقزز: سنرى ما أنت فاعلة يا قمر الزمان . . وقد صدر
مني الفرمان ..!

بعد أن أنهى حديثه معها الذي زاد بؤسها أكثر
وتسبب في ذرف دموع الأسى من عينيها، خرج الوزير
شعلان للقاء قائد الجيش الخائن فضلان، واتفقا على
إعلان الحداد في أرجاء البلاد على موت الأمير نوران

ثم بعد ذلك يتم عزل الملك النعمان بحجة عدم قدرته
على الاستمرار في الحكم، ويلي ذلك إعلان زفاف
الوزير إلى صاحبة الصون والعفاف – الأميرة قمر
الزمان، وتقام الأفراح والليالي الملاح، وبذلك يستوليان
على كل مقدرات الحكم وفيها يتصرفان.

بعد يومين أرسل حسين في طلب سيف الدين ورجاله
على عجل لاجتماع لأمر جد خطير، وحين وصولهم
وجدوا رفاقهم قراصنة البحر السابقين، وأمراء البحر
الحاليين موجودين!

وقف حسين بينهم يقول: أيها السادة . . نما إلى علمي
وعبر جواسيس أرسلتهم أنه هناك محاولة جارية من
الوزير شعلان لقلب نظام الحكم والاستيلاء على
السلطة . .

وقد بدأ شعلان بالتخلص من الرجال
المخلصين للملك النعمان وأولهم القائد سمحان، إذ
يحتفظ به سجينًا في أحد السجون تحت الأرض، وأخشى
إن بقينا مكتوفي الأيدي أن تدور علينا الدائرة ويتخلص
منا الحقير فلا يخفى على أحد مقدار كرهه لنا وحقده
علينا . . وقد جمعتكم اليوم للتشاور فيما يجب اتخاذه من اجراءات.

وبعد عدة مناقشات علت فيها الأصوات قر قرارهم
على ارسال عدة رجال يعملون على تخليص القائد
سمحان من سجنه وإحضاره إلى إحدى مراكبهم، ومنع
احتكاك القراصنة السابقين مع جند البحرية للمملكة، ثم
بعد ذلك تتحرك سفنهم إلى أعالي البحار ويقومون
بتجهيز أنفسهم جيدًا حتى لا يتم تدمير قوتهم.

تحت جنح الليل، كان هناك مركب صغير يبحر
بهدوء، وعلى متنه ستة رجال متجهين إلى ذلك السجن
تحت الأرض لتحرير القائد سمحان من أسره، معتمدين
على خريطة رسمها لهم أحد جواسيس القبطان حسين.
نزل الرجال إلى الشاطئ بملابسهم السوداء، تغطيهم
عباءة الليل بستارها الحالك.

تركوا أحد الرجال للحراسة عند القارب، وسار
الباقين في اتجاه رسمته لهم تلك الخريطة التي كانت
دقيقة بشكل مدهش وكأنها دليل يمسك بأيديهم عبر
الظلام فيهديهم بلا عناء، حتى وصلوا إلى باب حديدي
صغير يغلق كوة منحوتة في قلب صخرة وكأنها نافذة
فيها.

كانت كما وصفها لهم الجاسوس تمامًا، وكانت
مغلقة بقفل متين قاموا بمعالجته حتى انفتح ومما صعب
مهمتهم أنهم لا يستطيعون اشعال أي ضوء خوفًا من
افتضاح أمرهم.

فتحوا ذلك الباب الذي علاه الصدأ وتعاونوا على
سحبه ليصدر صريرًا مزعجًا خيل إليهم أن كل من في
المملكة قد سمعه. وقفوا يرهفون السمع حتى تأكدوا أنه
لم يسمعهم أحد وليس هناك بوادر لأي تحركات بالجوار.

دخلوا عبر الكوة مسرعين زحفًا على بطونهم حتى
صاروا جميعهم بالداخل، فقاموا باشعال شمعة صغيرة
بداخل اسطوانة كأنها فانوس بالكاد يضئ أمامه.

تم ترك أحد الرجال لحراسة الفتحة كي لا تأتيهم
مفاجاة غير متوقعة من الخلف . . وظلوا يزحفون حتى
اتسعت الكوة فجأة لتكشف عن ممر ضيق فأصبحوا
يستطيعون المشي منتصبي القامة بداخله . . ولاح لهم
ضوء مشاعل من بعيد فأطفأوا ضوءهم وأخذوا ينسلون
متسترين بالجدران بدون إصدار أي صوت.

مولاااي . . الديك صاح والفجر لاح . . ولابد أن ….

تسكتي عن الكلام المباح . . حسنًا يا شهرزاد . . لقد
حفظت جملتك تلك عن ظهر قلب . . ولكن صبرًا فإن غدًا
لناظره قريب.

إقرأ أيضًا: الليلة الأولى من كتاب ولا ألف ليلة وليلة

[ppc_referral_link]