ولا ألف ليلة وليلة – الليلة العشرون

[faharasbio]

ولا ألف ليلة وليلة – الليلة العشرون

ضمن سلسلة قصص ولا ألف ليلة وليلة بالاشتراك مع الأديبة المصرية ربا أحمد

هل مازال مولاي غاضبًا مني؟

ماذا ترين أنت؟

أرى بأنني يجب علي الإعتذار . . فليس لي الحق
برؤية التماع النهار . . دون أن يأذن لي زوجي الملك
شهريار.

اعتدل الملك في جلسته . . وقد استطاعت تلك
الشهرزاد أن ترضي غروره وتُذهب عنه توجسه لذلك
تحدث بابتسامة واثقة:

حين تريدين مراقبة الشروق عليك أن تطلبي مني
أولًا . . ثم أقرر بعدها هل أسمح لك أو لا . . وإن سمحت فمن
المؤكد أنني أنا من سيصحبك في جولة صباحية لم
تحظي بها من قبل.

أمرك يا ملك الزمان . . وللمرة الثانية أكرر الاعتذار.

حسنًا يا شهرزاد . . والآن أكملي حكاية الأمير المقدام.

أمرك مولاي

بلغني أيها الملك السعيد . . ذو الرأي الرشيد . . أن
شعلان قد دخل مزهوًا بنصره إلى قاعة العرش بلا
استئذان . . وكان يتكلم بوقاحة وصفاقة مع الملك
النعمان . . فصرخ فيه الملك: كيف تجرؤ أيها الحقير؟! لقد
عدوت قدرك وحق علينا محاسبتك.

قهقه شعلان ضاحكًا وهو يقول: محاسبتي أنا؟ ومن
ذا سيجرؤ على ذلك يا .. . مولاي؟!
قالها باستهزاء وزاد عليها: لا تنس أنك هنا عندي
أسير . . وأن كل رجالك المخلصين تم التخلص منهم
وأنني لشؤون الحكم الآن أدير.

اللعنة عليك ياشعلان. قريبًا سيعود نوران ويقتص
منك جراء فعلتك الشنعاء

نوران لن يعود يا نعمان قالها بحقد. ستمر على غيابه
الأزمان وبعدها يطويه النسيان .. نوران أيها العجوز
الخرف قد أصبح في خبر كان.

على الجزيرة، وبعد مضي أسبوع على غياب نوران
والشاطر حسن، أمر القبطان سيف الدين بتجهيز
السفينة للإبحار فلم يعد هناك طائل من الإنتظار.

وفردت السفينة أشرعتها وسارت تتهادى وتشق صفحة المياه
والكل واجم وحزين لما آل إليه مصير نوران والشاطر
حسن إلا ذلك الخبيث زهير، فكانت على شفتيه يلوح
شبح ابتسامة انتصار، حتى أنه لم يهتم لإختفاء همام ..!

وصلت السفينة بعد عناء إلى سواحل المملكة
الشرقية وطلب سيف الدين مقابلة الملك لينقل له أخبارًا
غير سارة باختفاء نوران والشاطر حسن
ولكن لفرط دهشته فقد قابله الوزير شعلان بدلًا عنه،
بحجة أن الملك غير قادر على لقائه بسبب مرضه، وأنه
أي شعلان سيقوم بإبلاغه الأخبار ..!

في تلك الأثناء اختفى زهير عن المركب وللحقيقة
فإن غيابه لم يكن بذلك الحدث الكبير، أو الأمر المثير.
عاد القبطان سيف الدين إلى رجاله وثمة ما يشغله
فلما سألوه أخبرهم بأنه لم يلتق الملك بل التقى الوزير
شعلان . . وأنه يشعر أن هناك في الأمر شئ خطير وراء
اختفاء الملك وعدم ظهوره.

عزم سيف الدين في قرارة نفسه على لقاء القبطان
حسين شقيق الشاطر حسن؛ لإبلاغه بما آل إليه مصير
شقيقه والاستعلام منه عن أحوال المملكة طوال الفترة
التي غابوها عنهم.

وفي الصباح الباكر ركب القبطان سيف الدين قاربًا
صغيرًا برفقة اثنين من معاونيه قصد مقابلة القبطان
حسين، وحين وصلوا إليه في عرض البحر وتحقق
منهم أمر رجاله بأن يساعدوهم للصعود إلى السفينة،
استقبلهم ببالغ الحفاوة والترحيب.

وحين حان وقت سؤالهم عن أخيه الشاطر حسن تغيرت وجوههم
ووجموا، فأنكر عليهم حسين وجومهم وصمتهم
وناشدهم الله أن يقولوا له ما الخبر.

تنهد سيف الدين بأسى وقص عليه أحداث رحلتهم
منذ غادروهم، وما رافقها من حوادث وأهوال.

صرخ فيهم حسين قائلًا: وكيف تركتم الأمير
والشاطر حسن لمصيرهم ولم تتحققوا مما آل إليه
خبرهم؟

هدأ سيف الدين من ثورته قائلًا: أنت تعرف أيها
القبطان أننا لم يكن بوسعنا فعل شئ لهم. ولم يكن
بمقدوري التضحية بالمزيد من الرجال في مغامرة
مشؤومة معروفة العواقب.

ارتج القول على حسين وقال وهو يغالب دموعه:
رحمهما الله … كل ذلك بسبب ذلك الثعبان شعلان . . هو
صاحب تلك الفكرة . . وكنت أشك بأنها مؤامرة ولن يأتي
من ورائها إلا الحسرة ..!

هون عليك يا صديقي . . دعنا نفكر كيف سنأخذ بثأرهم
من ذلك الثعبان.

أطرق حسين برأسه وتحدث بصوت خنقته عبراته:
كنت أخبئ مفاجأة لأخي حسن حين يعود ولكن المنية
كانت أسرع.

أي خبر هذا وأي مفاجأة يا قبطان؟

لقد عثرنا بعد سنوات طويلة من البحث على
القراصنة الذين قتلوا والدينا وأهل بلدتنا وشردونا من
ديارنا، وكنت أنتظر عودته ليكون سندًا لي ولندرك ثأرنا
معًا . . ولكن أرادة الله سبقت إليه.

ربت سيف الدين على كتفه قائلًا: كلنا معك يا صديقي
فثأرك ثأرنا وكلنا حسن.

شكره حسين واعتذر منه لانفعاله وصراخه عليه
فأمسك كتفيه وهزه مواسيًا متفهمًا حزنه وألمه، ثم قال
ليغير مجرى الحديث:

هل من أخبار عن الملك النعمان؟

للحقيقة هناك أخبار متفرقة تصلني منذ فترة تقول
أن الملك ومنذ غادر نوران المملكة وهو معتكف في
قصره لا يبرحه وأن المتصرف في شؤون المملكة ذلك
اللئيم شعلان، وقد وصلتني انباء غير مؤكدة تفيد بأنه
يقوم بعزل رجال الملك النعمان وسجن البعض منهم،
ولم اتأكد بعد من الخبر الذي يقول بأنه قد لفق تهمة
الخيانة للقائد سمحان وزج به في السجن.

انتفض سيف الدين غاضبًا ما الذي تقوله يا حسين
وكيف تسكتون على هذه المهانة؟

اهدأ يا سيف الدين ولا ترع، لقد أرسلت إثنين من
رجالنا لتقصي الحقيقة ولن يلبثا أن يعودا فيجلبان لنا
الأخبار.

في تلك الأثناء دخل شعلان إلى عند الملك النعمان
متشفيًا ينعي له ولده الوحيد نوران قائلًا:
الآن ستذوق ما ذقته أنا قبلك يا نعمان حين مات ولدي
الوحيد مدافعًا عن عرشك ومملكتك.

ولدك مات شهيدًا يا شعلان من أجل وطنه ومن أجل
أمته، لم يمت من أجلي ومدافعًا عني، مات بطلًا.

وها قد اقتصصت منك يا نعمان ومات ابنك أيضًا
بطلًا، هكذا أصبحت المعادلة صحيحة بطل مقابل بطل،
وضحك ضحكة تشف مريرة.

لابد إنك معتوه يا شعلان، معتوه حقًا وقد أصابك
خبال.

لقد انتظرت سنوات طويلة من أجل أن أرى نظرة
الأسى هذه في عينيك ومن أجل أن أحرق قلبك كما
احترق قلبي أنا، ولكن انتقامي منك لم ينته بعد.

نظر إليه نظرة رهيبة وهو يقول: سأجردك من كل
شئ، وسأزج بك في السجن لتبكي ملكك الضائع وابنك
الراحل، وسأجعلك تتمنى الموت في كل لحظة ولن
تناله . . كما أن هناك أمر أهم و … أجمل.

قالها شعلان بابتسامة متشفية ليسأله الملك بنبرة
متحيرة . . ما هو؟!

ما هو هذا الأمر؟!

سأل شهريار فابتسمت شهرزاد وهي تشير إلى
النافذة تنظر إلى انبلاج الصباح والديك بدأ بالصياح
فزفر بغضب ثم قال:

يالهذا الديك كم يغيظني .. . ويقتلني!!

إقرأ أيضًا: الليلة الأولى من كتاب ولا ألف ليلة وليلة

[ppc_referral_link]